وسواس نظافة أم طهارة؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا أعاني وسواس في النظافة لا أذكر متى بدأت في هذه الحالة لكن بنات خالاتي يقولن أني كنت موسوسة جداً منذ صغري، كنت أتشاجر معهم لأنهن وسخن فستاني! وتحولت هذه الحالة إلى أن أصبحت أتأخر تقريباً ساعة في الحمام وبعدها آتي إلى المغسلة ولا أخلع نعلي، بل أرفع قدمي من بعيد وأغسله ثم أرفع الأخرى، وأغسل وجهي وعنقي وصدري! ثم تطورت إلى أن أصبحت اغسل نصفي السفلي بعد كل دخول للحمام، وأصبحت أستحم في الحمام.
بت لا أخرج، منعزلة حتى عن أهلي، لا أخرج خوفاً من أن أشعر برغبة في الذهاب إلى الحمام لا أذهب إلا إلى حمام بيتنا وحمام معين، وأستحم خوفاً من أن أصابني شيء من النجاسة! صرت أضع غيارات خوفاً من أن يخرج أي شيء. أنا أعاني من الالتهابات لكنني تعبت وعزمت أن أتكلم، تعبت كثيراً، نفسيتي تدمرت.
شكراً لكم أتمنى أن تجدوا لي الحل، وشكراً مرة أخرى لهذا الموقع الرائع.
14/2/2010
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا نوره،
يبدو أن وسواسك ليس وسواس نظافة فحسب، وإنما هو وسواس طهارة أيضاً.
ولا أعلم يا نوره إن كنت اطلعت على البرامج العلاجية الموجودة على هذا الموقع –أو غيره- أو لا، أو ثقفت نفسك في الموضوع، أو ذهبت إلى الطبيب.
على كل، إن علاج الوسواس ذو شقين:
الأول: دوائي،
والثاني معرفي سلوكي.
فأما الدوائي فلا بد من ذهابك إلى الطبيب لتناوله. وأما المعرفي السلوكي: فعليك أولاً أن تثقفي نفسك عن مرضك وطرق علاجه بشكل جيد، حتى تصلي إلى يقين تام أن ما تفعلينه غير سديد، وأن فعل سائر الناس هو الصحيح. ثم بعد ذلك تدربين نفسك على تصحيح السلوك بحيث يصبح كسلوك غير الموسوسين، بأن تصنعي مثلهم في الموقف التي أنت فيه، دون استجابة لوساوسك في التكرار أو المبالغة، وإن شعرت أن قلبك سيخرج من مكانه بسبب القلق الذي تحسين به. وهو ما يطلق عليه (التعرض مع منع الاستجابة).
وهذا البرنامج: أمره في وساوس النظافة أيسر من وساوس الطهارة! إذ لا بدّ لهذه الأخيرة من فتوى شرعية تبرهن للموسوس أن الله تعالى راضٍ عن فعله، وإن تابع أعماله مع الشك بصحتها....
هذا ما يمكن أن أقوله لك باختصار وأجيب به عن رسالتك المختصرة...
غير أني أنبهك إلى أمرين: بالنسبة لرشاش النجاسة، فإن القاعدة فيها أننا لا نطهر الجسم والثياب إلا إذا رأينا النجاسة بأم أعيننا، فحينها نطهر الجزء المتنجس فقط، أما ما لا يرى بالعين فمعفوٌ عنه... وهناك أيضًا تيسيرات أخرى في المذاهب تجيز الصلاة مع وجود شيء من النجاسة، وقد قدرها الحنفية بمساحة مقعر الكف (وهو مبسوط). ويقين الطهارة لا يزول بالشك في وجود النجاسة (وارجعي في شرح ذلك إلى: منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري 5).
وأما بالنسبة للمفرزات النسائية والغيارات التي تضعينها، فهو وإن كان المعتمد عند الفقهاء نجاسة غالب هذه المفرزات، ونقضها للوضوء، إلا أنني والحمد لله قد تأكدت من صحة قول قرأته للإمام أبي حنيفة، وهو: أن هذه المفرزات التي تخرج من المرأة طاهرة ولا تنقض الوضوء. ورغم أن هذا القول ليس هو المفتى به في المذهب، وإنما الفتوى على قول صاحبيه (أبي يوسف ومحمد، وفتواهما: أن تلك المفرزات نجسة وناقضة للوضوء)، إلا أنه يجوز العمل بها عند الضرورة، ولا ضرورة أشد من وضع الموسوس، وحاجته للعلاج ولإهمال وساوسه...
فيمكنك وبكل اطمئنان أن تقلدي هذا القول –بل عليك أن تفعلي-، وأن تهملي فكرة: ماذا لو أصاب ثيابي شيء من تلك المفرزات، وماذا لو كانت صلاتي غير صحيحة. فحتى لو أصابها شيء فعلاً فهي صحيحة حتمًا وفقًا لقول الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان -رحمه الله تعالى وسائر العلماء- الذين منّ الله تعالى علينا بهم، وباجتهاداتهم التي تشعرنا برحمته بنا وبسعة دينه وعظمته.
بادري فورًا للعلاج يا بنتي، وإن أردت تفصيلاً عن بعض ما يصادفك ويضايقك، فأهلاً وسهلاً بك وبأسئلتك... عافاك الله.