غيظ وغضب
السلام عليكم ورحمة الله، لم أشعر بحالة الغضب الشديد جداً هذه منذ فترة، لم أشعر بحالة الغيظ الشديدة هذه!.
أنا شاب أبلغ من العمر 25 عاماً، كلما حاولت الارتباط ببنت ما أكتشف أن أكبر غلطة في حياتي أني سمعت نصيحة والدي ووالدتي في صغري "بأن أمشي جنب الحيط، وليس لي دخل بالبنات أبداً"!.
أنا آسف لأني أحس أني غبي جداً، كلما أرتبط ببنت ونجلس معاً بمعرفة الأسرة تطلب أن نتقابل مرة ثانية وثالثة وحدنا بعيداً عن الأهل! الله، أنا حقاً محتار "ماشي صح مش عاجب، ماشي غلط مش عاجب"!.
أنا حانق جداً جداً، يبدو أني لن أجد فتاة يعجبها من لم يعرف بنات من قبل.
وشكراً جداً لحضراتكم.
متغاظ جداً
12/2/2010
رد المستشار
من قال لك أن هناك فتاة تتمنى أن ترتبط بمن كان يعرف فتيات قبلها؟ من قال أن معرفة الفتيات السابق للزواج خبرة "حتمية" وجديرة بالخوض أو بالاحترام؟ من قال أن الفتاة حين تطلب الجلوس معك وحدك بعد جلوسها معكم كأسرة يعني أنها ترفض بذلك شاب لم يسبق له الحديث مع الفتيات؟ كل تلك الارتباطات توجد برأسك فقط، فالفتاة دوماً تتمنى أن تكون أول فتاة في حياة حبيبها وزوجها رغم الاعتراف بصعوبة ذلك في الواقع الذي نعيشه وتعلمه هي شخصياً إلا أنها ما زالت تتمنى ذلك، وأتصور أن المشكلة ليست في أنك لم يسبق لك التعارف أو وجود تواصل ما بينك وبين الفتيات من قبل بقدر أن الفتيات قد تربط بين كونك لم تتواصل مع جنسهن وبين صفات الشخصية التي قد تجدها مقلقة لها؛
بمعنى قد تربط الفتاة بين كونك لم تعرف فتيات بأنك الشخص الخجول الذي لن يستطيع بسهولة أن يدير علاقة، أو سيكون له مردود في كونك شخص غير مبادر عموماً أو أنك لا تعرف شيئاً عن عالم احتياجات الفتيات فتكون هي المبادرة في سير العلاقة من حوار أو محاولات تقرّب أو ردود أفعال أو غيره، لذلك هي تطلب المرة الثانية والثالثة لترى آثار عدم خوضك لأي علاقة على شخصيتك التي ستتعايش معها لا أكثر، فكل ما عليك أن تتقبل عدم نضوجهم في مساحة تلك الارتباطات وتطمئنهن على ما يحتجن له ويبحثن عنه؛ فهن يتمنين رجلاً يستطعن أن يشعرن معه بالأمان؛ لأنه يعرف المسؤولية ويعرف كيف يدير دفة الحياة والعلاقة معها ويعرف متى وكيف يأخذ قرار، ويتحمل نتيجة مسؤولياته واختياراته، يبادر ويحنو ويقول كلمات الغزل التي تحتاج لها الأنثى، فلو كانت تلك حقيقة المشكلة فلنواجهها معاَ، ولا تتصور أن من توهم أنه عرف الفتيات أنه بذلك عرفهن! فقد يعرف شيئاً وتفوته أشياء تجعله يقع في مشكلات وقد يظل الرجل متزوجاً من زوجته العشرين عاماً ولم يصل معها للبوصلة التي تجعل بينهما حوار حقيقي وتفاهم وتقبل، وإلا ما معنى وجود كل تلك حالات الطلاق والخلاف الزوجية ومشكلات البيوت؟ فهذا الحديث حديث ذوو شجون يا ولدي، ولكن تذكر دوماً أن تقول لنفسك هيا أنت لم تتأخر بعد فلتتعلم وتعي الآتي:
* أن الفتاة كائن عاطفي يحتاج لدعم نفسي بالكلمة الحلوة والتقدير، يحتاج لأن يسمعه الآخر ليشعر به ويتعاطف مع مشكلاته، يحب أن تبادره.
* الحوار الخاص بينك وبين الفتاة يكشف عن طريقة التفكير وعن حلو الخصال وسيئها فلا ترفضه أو تتركه ينال منك، ولكن اجعل تلك الجلسات هادئة حنونة قريبة ولا تتكلف فيها وكن أنت لأنك ستظل أنت حتى تقرر أنت أن تغير أنت، وستجد من بين كل تلك الفتيات من يريدك أنت كما أنت.
* لا داعي للحنق فهو لن يفيد، فأهلك مثل ملايين الأهل الذين تصوروا أن الفتيات في حياة الشاب شر نبعد عنه ونغني له، ولكن لم يأتي ديننا بذلك ولم يتحقق الطهر من القطيعة الظاهرة بينهما، بل يكاد يكون بالعكس حيث وجد أن كلما تم القطع بتعمد بين الشباب والفتيات كلما حدثت الظواهر التي نكرهها من تحرشات وزواج عرفي وعلاقات في الظلام أو من خلف شاشات الكمبيوتر، ولكن جاء ديننا بالتوسط والانضباط فلم يكن هناك كعبة للنساء وكعبة للرجال، ولم يكن هناك طرقات للنساء وطرقات أخرى للرجال، وكانت النساء تتشارك مع الرجال في الأعمال والوزارات وشئون الدين والحروب، ولكن كلِ يعمل من خلال الضوابط التي تحمي الطرفين وتوفر التعرف على عالم الآخر دون مغالطات أو تجاوزات وقد كانت حياة الصحابي خير دليل على ذلك، ولم تحدث إلا حالتي زنا فقط خلال ثلاث وعشرين عاما هي حياة دعوة النبي صلوات الله عليه وسلامه.
* الفتاة كائن يتعلق بالآخر فهي تتعلق في بداية حياتها بأمها وأبوها ثم صديقتها ثم زوجها ثم أولادها ثم أحفادها! فلتقدر هذا التعلّق وتحتويه.
* الفتاة تتعرض للكثير من التقلبات البيولوجية على مدار حياتها، فهي تتعرض للحيض الشهري الذي يلعب الهرمون فيه دوراً كبيراً في انفعالاتها ومزاجها وتتعرض للحمل كذلك والولادة وغيره فهي متقلبة المزاج وتحتاج لمن يتفهم معاناتها من خلال مهارة نسميها "مهارة التعاطف" والتي تعني ببساطة أنا أقدر مشاعرك وأقدرها، فتلك المهارة مهمة جداً في حياة الفتاة دون إفراط فتتألم ودون تفريط فتتدلل.
* لا تتصور أن الفتاة تعيش في عالم غامض صعب المرور فيه أو له سيكولوجية تحتاج لدراسة وتوتر، فقط تعي تكوينها لتجد لنفسك طريقاً سلساً معها فتمتلك قلبها وطاقتها التي تعادل أضعاف طاقة الرجل النفسية والعاطفية وستكون حينها طاقة موجهة لراحتك وسعادتك ونقول هنيئاً لك.
ما حدثتك عنه غيض من فيض، ولم أحدثك عن نصف ما أردت حيث لا متسع لذلك مع أسفي، فلتبحث وتقرأ في الاستشارات والمقالات وستجد خبرة جيدة تستطيع أن تكتسبها.