سحر والوسواس والمكان الحساس
بسم الله الرحمن الرحيم أحب أولا أن أشكر أ. رفيف الصباغ لاهتمامها بالرد على مشكلتي وباستفاضة بالغة جزاها الله كل خير فأنا صاحبة المشكلة والتي أعطيتموها عنوان "سحر والوسواس والمكان الحساس" واعذروني في عدم متابعة الرد على الأستاذة الفاضلة حتى تقوم سيادتها بمتابعة حالتي وتأخري في الرد لظروف متعددة منها قد يكون نفسيا وصحيا وانشغالي ببعض الأعمال.
وأنا اليوم بين أيديكم بعد أن استعدت بعضا من قدرتي على التركيز لأشرح لكم حالتي بالضبط:
أولاً: بالنسبة لوسواس الطهارة ما زلت أحاول التغلب عليه وذلك بالتقرب إلى الله وأداء الصلوات بانتظام وأحاول أن أبتعد عن التفكير فيه وإقناع نفسي باستمرار أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها فأنا أحاول تطبيق الطهارة وفقا لمعلوماتي والتي أفدتموني بها أو التي قرأتها في مواقع أخرى وخاصة أني مصاحبة بانفلات الريح وهذا قد يزيد من توتري في بعض الأحيان لأني أصلي بهذا العذر مستعملة الرخصة بأداء الصلاة لمثل هذه الحالة مع عدم إعادة الوضوء مرارا وتكرارا والذي كان يرهقني كثيرا... فأنا أحب أن أكون مثالية في أداء العبادة لكن لا أستطيع أن أفعل أحسن من ذلك وأحاول الانتظام في العلاج للقضاء على الغازات ولكن حالتي غير مستقرة. هذا بجانب محاولتي الانخراط بأعمال مفيدة أشغل بها وقتي لتزيد ثقتي بنفسي.
ثانياً: أعاني من الخوف: خوف من وفاة والدي وتركي وحيدة، خوف من اختيار زوج غير مناسب، خوف من عدم تقبل الآخر "الزوج" وخاصة أني تأخرت في الزواج جدا وحياتي انتظمت على حياة العزوبية "بنام وأصحو وآكل وقت ما أحب" والزواج له متطلبات أخرى كثيرة أخاف ألا أكون على قدر المسئولية، خوف من أن أظلم زوجي وأنا غير مستقرة نفسيا في الوقت الحالي، خوف من رفض عريس وتأخري في الزواج أكثر من ذلك برغم مجموعة التخوفات السابقة!! فأنا بحاجة إلى رجل يحميني بعد والدي وأحلم بالفستان الأبيض كأي فتاة.
مجموعة مشاعر مختلطة لا أقوى على تفسيرها... وأستعين بالله وبكم لمساعدتي وتفسير هذه الأمور لي ووضع خطة عمل لي حتى أقضي على كل تلك المخاوف. شكرا جزيلا.
12/03/2010
رد المستشار
أهلاً بك مرة أخرى يا أخت سحر، وشكرًا على متابعتك...
بالنسبة لوساوسك، ثابري على اتباع خطوات العلاج، وعلى إهمال الأفكار وعدم الاستجابة، وستكون النتائج طيبة بإذن الله تعالى. وأنبهك إلى أمر: وهو أنه لا يوجد مثالية مطلقة عند الإنسان، بل مثالية كل إنسان أن يقوم بأحسن تصرف في وضع معين.
فأنت الآن بالتزامك خطوات العلاج، وأخذك بالرخص الواردة في حقك، تكونين مثالية في وضعك هذا، فلا تخافي ولا تقلقي.
وأسأل الله تعالى أن يشفيك من كل داء.
أما بالنسبة لمخاوفك، أو قلقك من المستقبل، أو ما يسمى -أيضًا- بالهمّ. فتستطيعين التغلب عليها إذا غيّرت نظرتك للأمور. وأنصحك بما يلي:
- ثابري في الصباح والمساء على الدعاء الذي كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ».
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ –رضي الله عنه- قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو أُمَامَةَ، فَقَالَ: «يَا أَبَا أُمَامَةَ، مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاَةِ؟». قَالَ: هُمُومٌ لَزِمتْني، وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «أَفَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلاَمًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ؟». قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ». قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي وَقَضَى عَنِّى دَيْنِي.
فالهم: ناتج عما يتوقعه العقل من المكروه. والحَزَن: لما وقع في الماضي. والعجز: عدم القدرة على الشيء. والكسل: التثاقل عن الأمر المحمود مع القدرة عليه. والجبن: ضد الشجاعة. والبخل: ضد الكرم. وغلبة الدَّين: كثرته وثقله. وقهر الرِّجال: شدة تسلّطهم على غيرهم بغير حق.
- توضئي وصلّي ركعتين، ووجهي قلبك إلى الله تعالى فيهما ما استطعت. ثم اجلسي في مكان هادئ، وتفكري في أمور:
كيف ولدت، ولم يكن لك قدرة على الحراك والتفكير: هل أهملك الله تعالى؟ أم أرسل إليك من يرعاك؟
هل من المعقول أن يتركك الله تعالى الآن بعد أن رعاك كل هذا العمر؟
هل أثَّر عدم تفكيرك بالمستقبل حينها على حياتك فيما بعد؟
هل يغير الهم من الأحداث السيئة في المستقبل؟ أم هو استنزاف للجهد النفسي فقط؟
أليس النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك))؟ فلماذا ضياع الوقت فيما لا يغير من القدر شيئًا؟
ألا يدل الهمّ على سوء الظن بالله الكريم وعلى عدم الثقة به؟
ثم عودي لمخاوفك:
(أخشى أن يتوفى والدي): وما أدراك أنك لن تموتي قبله؟ ومن هذا الذي لا يموت؟ أليس الأولى أن تتمتعي بحياتك معه الآن، بدل أن تحزني قبل وقوع المصيبة؟ ومن قال إن معاناتك حينها حتميّة؟ وهل سندك في هذه الحياة المخلوق، أم الخالق؟
(أخشى من اختيار زوج غير مناسب): لنفرض أنك اخترت الزوج المناسب، هل ستنتهي مصائب الدنيا؟؟ هل من المعقول أن تفكري في كل احتمالات المصائب الموجودة في الدنيا؟؟ وماذا لو جاءك زوج جيد؟ ألا يكون تفكيرك هذا ألمٌ أدخلته إلى قلبك بلا مسوغ؟
(أخشى من عدم تقبل الآخر): الذي يريد أن يتزوج لا بدّ أن يتقبل!! فإما أن تقرري الزواج على ما فيه، وإما أن تؤثري راحتك على المسؤولية الزوجية، أما أن تجمعي الحسنين فهذا لا يكون في الدنيا، فحددي أولوياتك واختاري ما هو أهم بنظرك.
(أخاف ألا أكون على قدر المسؤولية): إن كنت قررت خوض الحياة الزوجية فعًلا، فتثقفي في مسؤوليات الزوجة والأم، وعندما يكرمك الله تعالى، فابذلي ما تستطيعينه، ثم لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها. أما أن تخافي وتجلسي في مكانك فهذا لا يعقل!
(أخاف أن أظلم زوجي وأنا غير مستقرة نفسيًا): عندما يأتي أخبريه بكل شيء، فإن رضي فهو المسئول، وإن لم يرضَى، فقد أراحك الله منه.
(أخاف أن أرفض الزوج، وأبقى بلا زواج): مهما فكرت وفعلت فلن يغير هذا من قدرك شيئًا، ففكري ما شئت! واحزني ما شئت! ثم لن يكون إلا ما قدره الله تعالى!!!
ناقشت معك مخاوفك، لأريك أنها لا مسوّغ لها، فتوكلي على الله، وأكثري من ذكره، وانشغلي بحاضرك وما ينبغي لك أن تفعليه في الحال. واتركي المستقبل لما يختاره الله تعالى، واعلمي أن الذي حفظك إلى اليوم، سيحفظك في غدك... وفقك الله، وألقى السكينة في قلبك.
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> سحر الوسواس والمكان الحساس م1