الاحمرار المفرط عند التحدث مع الغرباء
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين؛
أما بعد... فمشكلتي تكمن في الاحمرار المفرط عند التحدث مع الناس, مما يسبب لي كثيراً من الإحراج والحزن الشديد والكآبة ليس لها نظير. ولو افترضنا زال هذا الاحمرار المصاحب للإحراج لصرت أسعد إنسان على وجه الأرض قاطبة, أنا في الأصل إنسان حساس للغاية وخجول نوعاً ما، لكني اجتماعيُ أحب الاختلاط والاحتكاك بالناس ولا أخشى التجمعات، ولست بالانطوائي، محدّث جيد أمتاز بالثقافة العامة والمظهر الوسيم ألأنيق والحمد للَّه رب العالمين, إلا أنّ احمرار وجهي يعيقني.
وسؤالي هو: هل تنصحونني بعملية تدبيس العصب السمبثاوي التي تجري في مصر وأوروبا، أم أن بعض الأدوية النفسية والعقاقير كفيلة بتحقيق الشفاء بإذن الله تعالى؟ علماً أني أستعمل السيروكسات Seroxat حالياً حبة واحدة يومياً 20mg ومداوم عليها منذ سنةٍ وثلاثة أشهر، ولا أنكر أني قد استفدت منه فيما يخص التحسن الواضح الجيد في المزاج خاصة وبعضاً من المخاوف والقلق نوعاً ما، إلا أن مشكلتي الأصلية باقية على حالها وهي احمرار الوجه المفرط والمصحوب بسخونة شديدة، وارتفاع في حرارة الجسم كله.
شاكرين لكم على هذا المجهود الرائع وآملينْ أن نجد عندكم الجواب الوافي، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم نوح الزغبي
24/2/2010
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
الأخ العزيز "نوح الزغبي"، أهلاً وسهلاً بك على مجانين وشكراً على ثقتك. أجد ثلاث نقاط في إفادتك جديرات بالتعليق، النقطة الأولى هي أنه من الطبيعي جداً أن يكون تأثير الاستمرار شهوراً على عقَّار الباروكستين Paroxetine (وهو أحد عقَّاقير الم.ا.س.ا SSRIs ) هو فقط تحسين المزاج وبعض التحسن في أعراض القلق، وطبيعي جداً أن تبقى حالتك الأساسية كما هي، ذلك أن علاج حالتك يلزم فيه غالباً علاجاً معرفياً سلوكياً (واختصاراً ع.م.س) Cognitive Behavior Therapy (واختصاراً CBT ).
والنقطة الثانية هي أضيف كذلك أن تشخيص الرهاب الاجتماعي يحتاج إلى ما هو أكثر من احمرار الوجه بكثير، فلابد من التحاشي والذي لا يبدو أنك تفعله بشكل مستمر، وبالتالي فإنني سأذكر لك بعض المعلومات عن احمرار الوجه لعلها تفيد في إيضاح المشكلة لك وللقراء؛ حيث ينتج احمرار الوجهِ عن زيادةِ جريان الدمّ إلى الوجهِ، ويحدث هذا في أغلب الأحيان نتيجة انفعالٍ ما يُمْكِنُ أن تسببه تَشْكِيلة عواملٍ مثل الإحراجِ، الخجل، القلق الاجتماعي، تقدير الذات المنخفض... إلخ. وهناك أيضاً بَعْض الأسبابِ الطبيةِ التي تُسبّبُ احمرار الوجهَ وسنذكرها فيما يلي.
واحمرار الوجهِ قد يكون طبيعياً وهذا يَحْدثُ فقط للبشر، لكِنُه قد يسبب معاناة ربما تكون معيقة للبعض بسبب الخَجَل المفرطِ، ويمكن تخيل موقف الإنسان حين يظهر ارتباكه وشعوره بالتهديد ناصع الاحمرار على وجهِه حيث يستطيع كل الناس رؤيته، وهناك عديد من الأسباب التي قد تتسبب في احمرار الوجه منها ما هو طبي عضوي ومنها ما هو طبي نفسي ومنها ما هو بسيط جداً كتناول طعام عليه كثير من التوابل الحارة! وأهم هذه الأسباب هي:
1- الرهاب الاجتماعي Social Anxiety : وهنا يكون احمرار الوجه أحد أعراض الرهاب الاجتماعي.
2- رهاب الاحمرار Erythrophobia : وهو أحد أنواع الرهاب النوعي يكون الخوف فيه من احمرار الوجه في موقف ما، وهو ما كان يسمى في أدبيات التحليل النفسي قديما بعصاب الإحراج Embarrassment Neurosis .
3- الحُمامَى الوجهية Facial Erythema : وهو احمرر الوجه الناتج عن احتقان الشعيرات الدموية وقد ينتج ذلك عن أسباب عديدة كالعدوى والحساسية والالتهاب لأي سبب بما فيها حروق الشمس.
4- الإحراج Embarrassment : يعتبر احمرار الوجه استجابة شائعة للإحراج في أي موقف يتعرض له الإنسان دون اشتراط أن يكون مصابا بالرهاب الاجتماعي أو رهاب الاحمرار.
5- انخفاض تقدير الذات Low Self-Esteem : الناسُ ذوي تقدير الذات المنخفضِ في أغلب الأحيان يرتبكون وتحمر وجوههم ويُحرجونَ بسهولة.
وأما سؤالك عن عملية تدبيس العصب السمبثاوي أو قطع العصب الودي الصدري Thoracic Sympathecotomy فأجيبك عليه بأنه لابد ألا يسمح بالإقدام على مثل هذا العملية الجراحية إلا بعد التأكد من عدم نجاح تجارب ناجحة لكل وسائل العلاج الأخرى بما فيها العلاج المعرفي السلوكي والتنويم الإيحائي Hypnosis، ولاحظ أن آثاراً جانبية كثيرة قد تنتج عن تلك العملية ومنها فرط تعرق البطن والظهر وإن قيل أنها نادراً ما تصل بالمريض إلى الندم على إجراء العملية الجراحية... إلا أننا ننصح أولاً باستنفاذ سبل العلاج الأخرى.
واقرأ على مجانين:
احمرار الوجه واضطراب الأعصاب ؟؟؟؟؟؟
احمرار الوجه بين الخجل والرهاب
الرهاب الاجتماعي أو اضطراب القلق الاجتماعي
النظريات المعرفية للرهاب الاجتماعي