عن الحب يسألون!
أخي الكريم؛
سؤال يبحث عن جوابه الصائب آلاف الشباب، هل الحب الصادق بين فتاة وشاب بنية الزواج حرام؟ الرجاء مع إثبات لتطمئن القلوب.
نفعنا الله من علمكم وزادكم علماً وشرفاً
جزاك الله خيراً.
15/3/2010
رد المستشار
أهلاً وسهلاً بك أخي الكريم،
وبهذا السؤال المحير المتجدد الذي يسأل عنه كل من ينبض قلبه بمشاعر الحب والميل إلى الجنس الآخر...
تعلم أخي الكريم أن الحب، والكره، والحزن، والفرح، وغيرها من المشاعر... أمور غير إرادية، فالإنسان –مثلاً- ينظر إلى زهرة جميلة فيشعر بالسرور يدخل قلبه دون إرادة منه، ودون أن يضطر للتفكير بأن عليه أن يفرح ويسرّ، ودون أن يأمر قلبه أن يدخله السرور، فيسر!! وكذلك إن فقد شخصاً مقرباً إليه، تجد الحزن يدخل إلى قلبه دون أن يفكر قبل هذا بضرورة حزنه، أو يأمر قلبه إرادياً بذلك...
ومن الأمور المعروفة شرعاً أن التكليف مرتبط بالقدرة، فكل ما لا يقدر الإنسان عليه لا يكلف به، قال تعالى: ((لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا)).
فإذن: الحب كشعور ليس له حكم، ولكن الحكم يتجه إلى الأفعال الإرادية التي تحركه، أو تأتي استجابة إرادية له؛ فمن نظر صدفة إلى فتاة، فخفق قلبه حباً لها، فصرف نظره فوراً لا حكم لحبه لأن خفقان قلبه بالحب ليس بتسبب منه، ولم يتبعه فعل إرادي محرم. أما من أتبع نفسه هواها، فأرسل نظره هنا وهناك، وأخذ يحملق في هذه وتلك، إلى أن اهتاجت مشاعر الحب عنده، فهذا ينسحب على حبه حكم ما هيجه من الأفعال فيكون محرماً... كذلك من وقع في قلبه حب فتاة ما، فأخذ يسير وفقاً لما يأمره ذلك الحبّ به دون رقابة على أفعاله ودون أن ينظر هل يقرّها الشرع أم لا، وأخذ يتكلم معها دون ضوابط، ويختلي بها، وينظر إلى محاسنها... فأفعاله هذه محرمة، ونقول: إنه يحب حباً محرماً...
لهذا: لنفرض أن شاباً أحب فتاة صادفها، وأراد الزواج منها، ماذا عليه أن يفعل ليكون حبه جائزاً؟
الشرع يسمح له أن يسأل عنها، ويكلمها -من غير خلوة بها- إلى أن يطمئن قلبه أنها مناسبة له، وهذا كما هو معروف جيداً لا يحتاج إلا إلى عدداً من المقابلات غالباً لا يتجاوز أصابع اليد. ثم بعد ذلك عليه أن يمتنع عن كلامها ومقابلتها إلى أن يعقد عليها! وذلك لأن هذه الفتاة غريبة بالنسبة له، ولكن حلّ له أن يتواصل معها بالقدر الذي يحقق غرضه في التعرف عليها من أجل الزواج، فإذا تم غرضه عاد الأمر كما كان. إذ الضرورة تقدر بقدرها.
وكل الأحكام السابقة –طبعاً- تنطبق على النساء، كما تنطبق على الرجال.
قد يبدو هذا الكلام غريباً للبعض، ولا يمكن استيعابه في هذا العصر الذي زالت فيه جل الحواجز والقيود، وتغيّرت فيه المفاهيم... لكن صدق رسول الله صلّى الله عليه وسلم لما قال: ((بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيباً وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيباً فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ)).
ولو التفت النبيّ -صلّى الله عليه وسلم- إلى أعراف الجاهلية وما انتشر فيها لما غير وجه العالم، والبطولة أن نصنع زماننا لا أن يصنعنا...
واقرأ أيضاً:
أحبيه لا عيب، ولكن…. مشاركة
أحبيه لاعيب، ولكن... م