اضطراب تغير الذات والشخصية الوسواسية
الأستاذ الفاضل صاحب المشكلة،
أنا معك في الرأي من العلاج النفسي لا جدوى منه فهو مسكن مؤقت يقلل من الأعراض لكنه لا يشفي، وأتحدى أي طبيب نفسي أو حتى مريض نفسي أن يقول أنه شفي تماماً من مرضه بعد محافظته على العلاج اللازم. وأنا مثلك جربت كل أنواع العلاجات الأدوية الجلسات النفسية والجلسات الكهربية وتابعت مع أكبر الأطباء دون جدوى ولا أقول لك ذلك لأحبط عزيمتك، لكن لتعرف الحقيقة وتواجه بها نفسك مرضك ومرضي وكل مرض نفسي ليس له علاج، ولكننا نحتاج إليه ليهدأ قليلاً من معاناتنا أو يزيدها أحياناً، لكن حتى نظل خارج أسوار المستشفيات النفسية الرهيبة -سلمنا الله وعافانا منها-، وأطلب من الله فقط أن يرحمك ويخفف معاناتك فأنا أشعر بك كثيراً لأني أشعر بكثير مما تشعر به، لكن صدقني لا علاج! وارحم جسمك من سموم الأدوية النفسية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
27/2/2010
رد المستشار
مداخلة سريعة وفائدة مرجوة.... الأخت الفاضلة "سوزي"؛
أشكر لك رد فعلك المتأخر، لكن أريد أن أوضح لك بعض الأمور:
1- نظرتك سلبية بدرجة كبيرة تجاه الطب النفسي! وقد لا تعلمين أنه فرع من فروع الطب البشري وتتعدد فيه الأمراض كأي مرض عضوي، فيضم حوالي 340 مرض منها ما هو حاد ومنها ما هو مزمن. ونحن لسنا في موقف تحدٍ تجاه بعضنا الآخر بقدر ما نحن في حالة اجتهاد لتحدي ما يعيق حياتنا من أمراض. وبهذا فبعض الأمراض النفسية ما يشفى تماماً بقليل من الاجتهاد -من كلا الطرفين الطبيب والمريض- وبكثير من الصبر. وبعض الأمراض ما هو مزمن وغير قابل للشفاء مثل بعض الأمراض العضوية كالروماتويد أو الذئبة الحمراء أو بعض أمراض الجهاز الدوري (كفشل القلب أو الضغط) أو الهضمي (كأمراض الكبد)... إلخ، فهل يتوقف أصحاب هذه الأمراض عن التداوي أو العلاج رغم أن درجة سمية هذه الأدوية أعلى بدرجة أكبر من الأدوية النفسية؟.
2- ونظرتك سلبية أيضاً ناحية العلاجات النفسية المتعددة رغم أنك لو تعلمين النعمة التي أنعم الله بها على العلم والعلماء والمرضى لاستمريت في تناول الأدوية النفسية المناسبة لحالتك وسجدت لله شكراً على نعمائه عليك، ولشكرت لأطبائك اهتمامهم بك وسهرهم على راحتك، ولاجتهادهم لإيجاد طريقة لحل مشاكلك!. لكن عذراً، فعلت كالطفل عندما يتمرد على أمه عندما لا تستطيع تنفيذ رغباته فيثور ويلعن ويغضب ويعلن كراهيته لها. فلو تعلمين أن من الأطباء طبيب فرنسي اسمه "بانيل" هو من أنقذ المرضى النفسيين من المعاملة السيئة وطالب بعلاجهم على أنهم بشر، وطالب باحترامهم واحترام مشاعرهم. وأنه لولا العلاجات النفسية لوجدت مئات الآلاف من المرضى النفسيين يجوبون الشوارع بلا هدف ولا هوية... ما رأيك بعد ذلك؟.
3- أما المستشفيات أو المصحات النفسية فليست كما تصورت. فإن الخدمة بها على أعلى درجة من الإنسانية واحترام المرضى، ولا يودع بها إلا المرضى الذين يحتاجون لرعاية أكثر وهناك من الدواعي الطبية لدخولهم مثل هذه المستشفيات خدمة لهم وليس لإيذائهم أو إيذاء مشاعرهم أو اعتقالهم. كما توجد قوانين منظمة لإيداعهم حماية لبعضهم أو حماية للمجتمع من أمراضهم. وعندما يمنّ الله عليهم بالشفاء ينطلقون مرة أخرى إلى المجتمع للمشاركة في رفعة أو تقدم بلادهم. أليس هذا هو المنطق العقلاني؟.
4- ولي عتب عليك أنك لم تكتبي شيئاً عمّا تعانيه من مرض أو أعراض مما دفع كبار الأطباء لوصف العلاجات التي عولجت بها، هل كان لك دور في عملية العلاج أم لا؟ وهل قمت فعلاً بالدور المطلوب منك أم كان موقفك سلبياً وانتظرت أن يأتي الميلاد (الشفاء) دون معاناة (ألم). وأعتب عليك استخدام عملية عقلية غير ناضجة وهي (التبرير) ومن ثم قمت بدور الناصح الأمين للأخ صاحب المشكلة السابقة؛ فبدلاً من أن تدعميه وتشجعيه على أن يجتهد لإيجاد حل لمشكلته فإذا بك تحبطينه وتعطلينه! فإن لم تستفيدي أنت دعيه وغيره قد يستفيد... وبهذا الصدد ما زلت أدعي أننا دائماً في حالة جهل مرحلي ولسنا آلهة ولا سحرة فنجد لكل سؤال جواب ولكل مرض ترياق، وعلى الله العزم وتدبير الأمور.
أخيراً أدعو الله لك ولي وللجميع دوام الصحة والخير.