إحساس بالفشل والضياع
كيف أبدأ؟ لا أدري! فما تكلمت عن إحساسي مع أحد قط! لكني أشعر بأني أختنق! أحس أني إنسانة فاشلة؛ أنا مطلقة من 10 سنوات بعد زواج كلل قصة حب طويلة، لكن للأسف الإنسان الذي أحببته اختلف بعد الزوج وتغيّر تغيّراً كلياً وانهارت حياتنا بعدما حاولت إنقاذها كثيراً جداً من الفشل لكن لم يكن هناك أي حل إلا الانفصال وهذا بعد أن أصابني الاكتئاب بسببه وانفصلنا وتنازلت عن كل شيء في مقابل احتفاظي بالأولاد (بنتين وولد) هم كل حياتي، كنت أحيا لأجلهم فقط وأعمل ليل نهار لئلا يحتاجون أحد، حتى خطبت ابنتي الكبيرة والحمد لله وصار ابني في الثانوية والصغيرة باتت في الإعدادي...
ياااه، طريق طويلة جداً مشيتها وحدي! لكن حين أختلي بنفسي وأفكر، أجد أن ليس هذا ما أتمنى تحقيقه! فابنتي الكبيرة دخلت كلية خدمة اجتماعية لأن مجموعها قليل، وابني لا يدرس كما يجب وكل همه الخروج مع أصحابه فقط، لست قادرة على السيطرة عليهم وهم لا يسمعون كلامي، أحس أن كل ما افعله لأجلهم هو أن أعمل وفقط، أنا فاشلة وإحساسي بالفشل يدفعني للجنون!
أحس أن كل فائدتي في حياتهم أن أعمل وأكسب النقود وحسب، هذا كل ما يهمهم! المال لأجهز ابنتي، وحتى يخرج ابني ويتنزه ويكون كأصحابه، ولدروس ابنتي الصغرى... تعبت جداً وأحس أني أحمل حملاً ثقيلاً لست قادرة على إنزاله لأرتاح، ولست قادرة على إكمال الطريق به ولا أدري ماذا أفعل؟.
أرجوك خبرني لم تعبت فجأة ومرة واحدة هكذا! لم لم أعد قادرة على الاحتمال؟ أتدري؟! أرغب في البكاء لكني عاجزة عن ذلك، فحتى دموعي لم تعد ملكي،
أحس أني سأموت أي لحظة، أتمنى أن أشعر بأني إنسانة... لكن للأسف، حتى هذه فشلت!.
27/2/2010
رد المستشار
لو نظرت حولك في البيوت المجاورة أو تصفحت موقعنا العزيز دون تحيز ستجدي ما يحدث من أولادك هو الطبيعي في كل البيوت التي يعيش فيها الزوج مع الزوجة ويربيانهم معاً، وستجدين آلاف الآباء الذين يشكون من تمرد الولد -بشكل خاص- حين يصل لمرحلة المراهقة، وأن معظم الأبناء لم يحققوا أحلام أهلهم -الشخصية-. لكن الأمر عندك يرجع لوقوعك في فخ التفكير السلبي الذي يجعل كل شيء أسود ولا يتمكن من رؤية أي شيء جميل أو حقيقي، فأنت بالفعل إنسانة قوية واستطعت أن تقومي بحملك وتمكنت من تحدي ظروف الوحدة وتوفير المال، لذا ستكون كلمة السر في القيام بثلاث نقاط هامة للغاية لا مفر من القيام بها جميعاً وتحت أي ظرف من الظروف، وإن أخذت وقت وجهد وهمّاً:
الأول: أن تأخذي نفساً عميقاً بينك وبين نفسك وتستعيدي نظرتك المحايدة لحياتك ونفسك وتتخلصي من طريقة التفكير السلبية المزيفة والتي قد تكون نشأت لمرورك باكتئاب وضغوط العمل وإيقاع الحياة السريع الذي لا يعطينا فرصة للهدوء والتفكير، وتؤكدي على حقيقة ما بذلته من جهد خلال الأعوام السابقة وأنك نجحت بالفعل في النجاة من أزمات سببت مشكلات خطيرة لمن في مثل وضعك ممن لم يستطعن المواصلة أو أدمن ابنها المخدرات ولم يدمن الخروج مع أصدقائه! وحين فشلت في إكمال تعليم أولادها، وحين تنازلت عن أمومتها أو حين تنازلت عن صون شرفها ولم تتنازل عن كل حقوقها من أجل أبنائها، وهذا لم يحدث معك والحمد لله. فلتقتربي من ذي الجلال والإكرام الذي لا يتركك ولا يملّ من عبده ولا يغدر به كالبشر.
* إن لنا عدة أدوار مع أنفسنا ومع من حولنا، وحين تحدث لنا مشكلة كبيرة يسقط منا عدة أدوار حتى نحل تلك المشكلة فنكتشف للأسف أننا أسقطنا أدواراً أخرى هامة، فأنت إنسانة وأم وموظفة ومسلمة؛ خدمت دور الأم والموظفة وتهاونت في خدمة دورك كإنسانة، ولا أعلم أخبارك مع الله سبحانه وتعالى ولكنني أقصد ألا تنسي أن يكون له مساحة خاصة فيها تقومي ببعض الأعمال التي تحبينها وتهوينها أو بعض الهوايات أو الزيارات الاجتماعية أو حتى النشاط الرياضي وتكوين صدقات تدعمك نفسياً، ولا تتعجبي أو تشعري أنني أحدثك حديثاً نظرياً، ولكنها الحقيقة التي جعلتك تنسين نفسك ولا تقدمين لها بعض ما تحتاجه لتشعر أنها موجودة وليست آلة إنتاج نقود، ولتستمتعي ببعض القراءة أو الهوايات أو أي نشاط كنت تحبين القيام به قبل هذا التحول، وستجدين اختلافاً جيداً، لكن لا تجعلي هذا الدور يتضخم أو تأخذينه بحدة فيتحول لإهمال لأمومتك أو يتحول لمشكلة جديدة!.
* أولادك في هذه السن يحتاجون للصداقة والقرب والحب والحوار أكثر من أي شيء آخر حتى لو كانوا يحتاجون للمال فعلاً ليعرفوا كيف يحيون، لكني أخشى أن تكوني من تلك الأمهات التي تتصور أن الصداقة هي الاطمئنان على الملبس والطعام والتعليم ولا تعرف شيئاً عن أحلامهم أو آلامهم التي قد لا يتحدثون عنها معها، أو أن تكوني من الشخصيات المسيطرة من هذا النوع "الناعم" الذي يكبل أبناءه بفضله ويذكرهم بتضحياته من أجلهم 24 ساعة في اليوم، فتخنقهم بدلاً من أن تسعدهم من حيث لا تدري.
إن أخذت تلك النقاط بجدية وطبقتها بهدوء ولباقة ستتغير الحياة كثيراً، ونحن هنا أصدقاؤك الذين يسمعونك ويقدمون لك كل ما يمكنهم في أي وقت.... هيا لا تتأخري.