السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طيب، أنا عرفت أن عندي خجل اجتماعي أو فوبيا اجتماعية وأخذت أدوية مختلفة مرتين بعدما زرت أطباء عدّة، ثم توقفت، ولكن:
أنا متعب جداً الآن أكثر مما سبق بكثير جداً، وكنت أود أن أسأل لكن أريد إجابة حقيقية حتى وإن كانت قاسية:
أولاً: هل لهذا المرض المزعج علاج نهائي، وما نسبة نجاحه، وكم من الوقت يلزم لإتمامه؟ لقد سمعت أنه حتى لو تعالجت منه فقد يرجع ثانية، وخصوصاً بعد الأربعين، وهذه مصيبة؟.
ثانياً: هل العلاج محدد بسن معين لا يجدي بعدها (العشرين مثلاً أو نهاية المراهقة)، أو تكون نتائجه غير مرضية؟.
ثالثاً: ما هو العلاج السلوكي المعرفي؟ لقد قال لي الطبيب بعد 6 شهور من العلاج أني محتاج لعلاج سلوكي معرفي! هل هو جلسات محادثة مع الطبيب أم محاضرات جماعية أم هي معلومات من قبيل أن يجب على الإنسان أن يكون قويّاً ويثق بنفسه... أم ماذا بالضبط؟.
حاولت مساعدة نفسي كثيراً دون اللجوء لأطباء لكن لأني لم ألمس فائدة من ذلك أفكر في معاودة استخدام العلاج الذي ارتحت عليه سابقاً، فليس هناك من فرصة الآن لرؤية الطبيب.
قرأت أنه من العلاج السلوكي المعرفي أن تحدد المواقف التي لا تستطيع التعامل معها وتفكر كيف كان من الممكن أن تفعل لتتعامل معها. طيّب، كيف يمكنني على موقعكم أن أحدد بعض المواقف مثلاً وتقولوا لي كيف أتعامل معها؟.
09/04/2010
رد المستشار
الابن العزيز "ahmed" أهلاً وسهلاً بك على مجانين، وشكراً على ثقتك.
من الواضح أنك كنت متضايقاً جداً حين كتبت لنا هذه السطور، وتبدو وكأنك تقول من فضلكم "من الآخر....." ماشي يا سيد "ahmed" أفندي..... أجيب على تساؤلاتك واحداً واحداً وعلى قدر معرفتي:
أولاً: هل لهذا المرض المزعج علاج نهائي، وما نسبة نجاحه، وكم من الوقت يلزم لإتمامه؟
نعم يا ولدي لهذا المرض المزعج علاج نهائي إن أنت أكملته مع المعالج المعرفي السلوكي، وأما عن نسبة نجاحه فليست لدي الآن نتائج دراسات في الموضوع لكنني من خبرتي الإكلينيكية في السنوات الأخيرة أرى أن نسبة النجاح تقارب الثمانين بالمائة، والعشرون الآخرون لا يكملون العلاج لأسباب متعددة، لكن هذا بالنسبة للعلاج المعرفي السلوكي مدعماً بالعلاج العقاري؛
أما العلاج العقاري وحده فليست النتائج طيبة ولا تزيد ربما عن ثلث من يتناول العقار حيث يقرون بتحسن محسوس في أعراض القلق الاجتماعي لديهم بما يمكنهم أحياناً من عدم الانتباه لأفكار أو أعراض القلق المبدئية، لكن التحسن على العقار غالباً يبقى مرهوناً بالاستمرار عليه وكذب من يعدك بفترة فقط على العقار وبعدها تستطيع وقفه دون خشية الانتكاس، فالانتكاس بعد ترك العقار عند من تحسن فقط على العقار هو القاعدة وليس الاستثناء!.
ثانياً: هل العلاج محدد بسن معين لا يجدي بعدها (العشرين مثلاً أو نهاية المراهقة)، أو تكون نتائجه غير مرضية؟.
معظم من يطلبون العلاج من الرهاب الاجتماعي طلبة جامعة أو في بداية حياتهم العملية ولا أذكر أنني قابلت مرضى رهاب اجتماعي أكبر من 30 سنة.... وليس هناك بالتأكيد سن يستحيل العلاج بعده وإن بدا منطقياً أن استمرار الأعراض دون علاج غالباً ما يسبب مشكلات متراكمة للشخص بما يجعل علاجه من أي اضطراب نفسي مسألة صعبة.
ثالثاً: ما هو العلاج السلوكي المعرفي؟ لقد قال لي الطبيب بعد 6 شهور من العلاج أني محتاج لعلاج سلوكي معرفي! هل هو جلسات محادثة مع الطبيب أم محاضرات جماعية أم هي معلومات من قبيل أن يجب على الإنسان أن يكون قويّاً ويثق بنفسه.... أم ماذا بالضبط؟.
العلاج السلوكي المعرفي يمكنك أن تقرأ عنه وتعرف من مقال: العلاج المعرفي، وأيضاً من مقال: ما تود أن تعرفه عن العلاج المعرفي السلوكي.
بعد ذلك أقول أن معنى أن يقول لك طبيبك النفساني بعد 6 أشهر من العلاج أنك تحتاج علاج معرفي سلوكي هو أنه غير راضٍ عما وصلت إليه من تحسن.... وبالمناسبة فإن النظريات المعرفية تقدم أفضل الشروح لكيفية حدوث أعراض الرهاب الاجتماعي واستمرارها؛ فحسب النظريات المعرفية فإن هناك عدة حلقات مفرغة تعتبر مسؤولة عن إدامة الرهاب الاجتماعي:
-1- شعور المريض بالتهديد بوقوع الخطر في موقف اجتماعي ما يؤدي إلى "استجابة القلق" وهذه الأخيرة تصبح مصدراً لتزايد الشعور بالتهديد بالخطر.
-2- يلجأ المريض لاحتياطات (سلوكيات) الأمان بقصد تقليل القلق لكنها تزيد القلق.
-3- معالجة الذات Self-processing تعظم القلق والشعور بالخطر.
وهناك كذلك تحيزات "تحريفات" معرفية في معالجة الذات ومعالجة استجابات الآخرين مسؤولة أيضاً عن إدامة الرهاب الاجتماعي:
1- الانشغال بالاستجابات الجسدية والتقييم السلبي تقليل الوعي بالمعلومات الموضوعية في الموقف.
2- افتراض أن الآخرين يرونه على الصورة التي يتخيلها هو لنفسه وهي صورة مشوهة للذات.
ويمكننا استنتاج عدة عمليات معرفية سلوكية في مرضى الرهاب الاجتماعي تعتبر مسؤولة عن استمرار المشكلة وهي:
1- الانتباه المركز على الذات Self-focused attention : ويعني تركيز المريض على المراقبة والتفحص المفصل للذات مع قلة الانتباه للمحيط الخارجي.
2- المعالجة المعرفية المحرفة لما قبل وبعد الحدث: وتتميز بأنها سلبية واجترارية Negative & Ruminative كما أنها تركز على المشاعر والصور العقلية الذاتية للشكل الاجتماعي المتخيل مع تذكر انتقائي لمواقف الفشل الاجتماعي الماضية.
3- التحاشي (التجنب): ومن أهم عيوبه ونتائجه السلبية أنه يمنع نفي القناعات Prevent Disconfirmation المغلوطة فيما يتعلق بوجود خطر اجتماعي وذلك لأن القناعات لا تختبر، كذلك يمنع التحاشي حدوث التعلم من الموقف.
4- احتياطات الأمان Safety Behaviors: ومن بين عيوب اللجوء لاحتياطات الأمان أنها تمنع نفي القناعات الخاطئة، لأن عدم وقوع ما يخشاه المريض بعد التعرض للموقف يعزى إلى فاعلية تلك الاحتياطات، كذلك تزيد احتياطات الأمان من مراقبة وتفحص الذات، وتقلل الانتباه للمحيط الخارجي فيبدو الشخص أقل تفاعلاً مع الآخرين... وإضافة لذلك ربما تتسبب احتياطات الأمان في جذب انتباه الآخرين، وربما تتسبب احتياطات الأمان في وقوع الحدث المخشي منه بزيادة الأعراض، فمثلاً خوفاً من ظهور العرق يضم الشخص طرفيه العلويين إلى جسده فيزداد تعرقاً!
5- نقائص الأداء الناتجة عن القلق مثل الرعشة وتهدج الصوت وجفاف الحلق...إلخ.
لست أدري إن كنت تجد قراءة ما سبق مفيدة أم لا لكنني أنصحك بتنفيذ ما نصحك به معالجك.
أهلاً وسهلاً بك دائماً على مجانين.