الاسترجاز والانتظار: يوميا وباستمرار
الاسترجاز والانتظار: محبتنا الرائعة
الدكتور أحمد عبد الله الفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
بداية شكراً على كل جهودكم الكريمة في مساعدة الفتيات والشباب والصغار والكبار، وإن شاء الله تعد في ميزان حسناتكم يوم القيامة.
ربما تجد رسالتي هذه سلبية بعض الشيء، فصاحبة المشكلة "سلمى"، كما ذكرت هي: بأنها لم تجد أفضل منكم لتبلغ عن مشكلتها، أي أنكم أول من يتعرف على مشكلتي، وأنها بلغت عن مشكلتها بعد أن يئست من المحاولة ولم تجد من يساعدها، وأظن أن حضرتك قمت بالرد عليها بعدما قمت بالرد على عشرات الحالات المشابهة ويئست من هذا الوضع المحبط، أنا متأكدة من أن هذه الفتاة أو غيرها قد فكرت بالطريقة التي ذكرتها، لماذا أنا هكذا؟ لماذا كل اهتمامي منصب بهذا الأمر؟ لماذا لا أمارس شيئاً آخر، نشاطاً آخر؟، لماذا لا أتقرب إلى الله أكثر، أقرأ القرآن، أدعو؟! وأنا واثقة كل الثقة أنها حاولت عمل كل هذا ولكن مع كثرة محاولاتها وقوتها في النهاية تجد نفسها بلا حيلة، وبعد فترة تجد دموع الندم تحصرها، وكل مرة اشد إيلاماً من الأخرى لأنها تستنزف عمراً، وطاقة، ونفسيةً، ووضعاً إنسانياً، صدقني أستاذي هذه الفتاة لن تستطيع عمل هذا وحدها فهي تحتاج إلى مساعدة، تحتاج إلى شخص بجانبها.
دكتور أحمد، لو كنت مكانها وقرأت الرد لجعلني هذا أشعر بالذنب أكثر، وبالندم وقلة الحيلة أكثر، لأني لا أستطيع هكذا فجأة تغيير نفسي والقيام بأعمال مفيدة، ربما إن كنت مكان إحدى المقبلات على إرسال مشكلاتهن لغيرت رأيي.
آسفة لكلامي هذا، ولكنها وجهة نظر ربما تكون خطأ وقد تحتمل الصواب.
وسلامي إلى سلمى... أرجو أن تحل مشكلتها بأقرب فرصة، كما أتمنى لها حياةً سعيدة ثم زواجاً سعيداً وحياة ً زوجية سعيدةً بإذن الله، وأن تفعل كل ما يرضي الله تعالى، وربما النصيحة التي أقدمها لك بالإضافة لنصائح الدكتور أحمد حفظه الله ^_^ هي تنظيم الوقت وابتكار جدول للأعمال اليومية، وخصوصاً إذا كنت لا تعملين.
22/3/2010
رد المستشار
آخر رسالة وصلتني على هاتفي المحمول تقول: معذرة... إن استفززتك.. أنا أحس أني ومن أحبهم واحد، يعني هم مثل نفسي!!
ومما حفظت من أقوال العرب: "على قدر القرب تكون المحاسبة"، وأنا أشعر بالقرب ممن يسألني مسترشداً حتى كأنه أخ أو ابن، وحين قرأت رسالة "سلمى" تصورت أنني أستمع لابنتي، ولو كان في ردي بعض الشدة فإنما هي صادرة عن قلب محب ينفطر حزناً على أحوالنا، وليس هذا تبريراً لما تقولين أنه كلام قد يصيب السائلة بالندم والشعور بقلة الحيلة، والذنب!!
أكتب إجاباتي بمحبة وتلقيت مشاركتك الرائعة هذه بمحبة، وأعتذر بكل شجاعة ومحبة عن أية كلمة أردتها حكيمة نافذة داعمة ومتواصلة فوصلت إلى مسامع ومشاعر القارئ أو القارئة قاسية أو موجعة أو غير ملائمة!!!
نعم... أنا ناقم -ولست محبطاً- على مجتمعاتنا البائسة، وحزين على شباب وصبايا في عمر الزهور، أن تكون هذه هي أحوالهم وأحوالهن: لا حب ولا زواج ولا هوايات ولا اهتمامات ولا معنى ولا جدوى ولا راحة ولا سكن ولا قضية للحياة أو في الحياة!!
وأنا أيضاً أشعر بقلة الحيلة من جهة أنني لا أملك إزاء هذه المعاناة غير كلمات أرسلها راجياً أن ترسم خارطة الوصول إلى مخارج بما لا يغني عن حاجتنا الماسة إلى الاندراج الجماعي والتعاون الفوري في سبيل التغيير الاجتماعي!!
لا حل ولا بديل لهذه الأوضاع غير أن تتضافر جهودنا، ولا ننتظر أن يتحرك أحد لإنصافنا إلا إذا تحركت جهودنا في تغيير هذه الأحوال التعيسة المستقرة. من حقنا ومن واجبنا أن ننادي ونطالب، وأن نسعى ونبني مجتمعاً مختلفاً عن هذا الركام الغارق في الفوضى والجهالة والتعاسة.
وأتفق معك أن من خطواتنا الأولى أن ندعم بعضنا بعضاً، ولو بالحوار والفهم، والتشجيع والتأييد، وأن نتداول تصورات تفصيلية عما تسمينه تنظيم الوقت، وابتكار جدول للأعمال اليومية، فضلاً عن دحض جبال من المفاهيم المغلوطة والملغومة عن موقف مشبوه تقفه ثقافتنا من الاحتياج الفطري الإنساني لطاقة الحب، والتواصل الجنسي كجزء من العلاقة بين طرفي معادلة إعمار الأرض: الرجال والنساء!!
إن هذا الاستهبال العام، والتغاضي والتواطؤ على تهميش واستقذار الرغبة الجنسية التي صارت تلبيتها المشروعة والمقبولة اجتماعياً تتأخر في حياة المرء لعقود، ليس لأي سبب غير الغباء، والاستسلام لتصورات وأعراف بالية... جملة الأوضاع المعوجة هذه، والأدمغة المعتلة تلك، والمجتمعات الساكتة عن إنكار المنكر في العلن، والمتورطة فيه خلف الأستار.. هذه الأوضاع تحتاج منا لوقفة، والإعداد الفكري والاحتشاد الفقهي، والقدرة على النقد والتمحيص، وبدء الحوار المفتوح لملايين من أهلنا الذين يحسبون أنفسهم على شيء، وهم يرددون محض أساطير شائعة ومتداولة، وتأويلات فاسدة، وأفهام سقيمة يظنون أنها مراد الله، وهدي الله، ودين الله، وما هي غير خبل منتشر، ودين مزور يروج في فوضى فكرية، وينطلي على عقول متواضعة القدرة على الفهم والنقد والوعي، بسبب تعليم قاصر وتربية مشوهة!!
هذه هي الصورة كما أراها، فهل هذا يسمى تشاؤماً، وهل صرختي في الموتى أن يقوموا للحياة الرحبة، وبأن يخرجوا من ظلمات تلك القبور الحياتية والذهنية، وتلك الأفخاخ التي وقعنا فيها بين عجز الداخل، وبريق القادم من الخارج... هل كلمتنا، ونحن نتحاور عن أوضاعنا يمكن أن تكون بطعم آخر غير النار والرماد والدم والوجع... وهل القضية هي قسوة الألفاظ أم صعوبة الواقع الذي علينا جميعا أن نتواصل، ونتبادل الدعم للخروج منه؟!!
تحياتي وشكراً لك، وأهلاً بالمزيد.
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>> استرجاز وانتظار: محبتنا.. نقد وحوار، مشاركة1