قبل الانفجار: تأخر الزواج..فضفضة
أرسلت سالي (21 سنة، مصر) تقول:
قبل الانفجار: تأخر الزواج.... فضفضة موجعة
أعطيك أمثلة: بعض الفتيات يضعن أنفسهن ضمن شبكات اجتماعية تتعارف على أسلوب الزواج بالترشيح الذي شرحته لك تواً، حيث تنتشر الدروس الدينية من كل نوع، ومجالس القرآن وغيرها، وحيث تتقابل النساء ويتعارفن، ويكون الترشيح بعد ذلك، فأين أنتن من ذلك؟! وأين علاقاتكن الاجتماعية؟!
طبعاً أنا شخصياً عندي تحفظات على أسلوب كهذا، ولكنني أقلب معك الأمور بحثاً عن كسر لوضع "لم يتقدم أحد"!! الذي تشيرين إليه!! لماذا دكتور أحمد لديك تحفظات على هذا الأسلوب، هل يمكنك أن توضح لنا أكثر حتى نستفيد؟
25/4/2010
كما أرسل عمر تيسير (29 سنة، موظف مشتريات، الأردن) يقول:
السلام عليكم أختي المسلمة لابد أن نؤمن بما كتبه الله لنا، فكل ما يحدث لنا مقدر ومكتوب وهذا يسهل علينا تقبل حياتنا رغم كل المصاعب التي نواجهها فالفقير والمريض حاله مثل حالك ولولا الأمل لما سعى كل منهما إلى تحسين وضعه.
أختي العنوسة مشكلة عامة في المجتمعات العربية يتحمل وزرها أولاً الحكام العرب، وعلماء السلاطين الذين غيروا فطرة الإنسان، فأصبحت المرأة تخرج للعمل، والرجل يبحث عن عمل فلا يجد تحت مسمى المساواة وغيره وهذا فعلاً ما حصدناه من تقليد أعمى للغرب، وبدلاً من أن نأخذ الإيجابيات أخذنا سلبيات مجتمعاتهم بالتالي وجدنا الكثير من البنات وهن يتقدمن بالعمر ولا يتزوجن بسبب عملهن أو بسبب مطالبهن الكثيرة، وفي المقابل الشباب يعزفون عن الزواج بسبب التكاليف المادية المرهقة.مشكلتنا كأمة عندما نفكر في حلول بشكل فردي لمشاكل جماعية، فلو توفر البيت مثلاً لكل مقبل على الزواج لأصبح سهلاً أن يتزوج الشاب، ولو توفر العلاج الصحي والتعليم لكل الناس لأصبح سهلاً أن يتزوج الشباب؛
فليفكر كل منا كيف يمكن أن نتخلص من الحكام الجاثمين على صدورنا وإلى أن نجد الطريقة لابد لكل منا أن يجهز نفسه لذلك اليوم ويعد العدة. وبالحاكم المخلص تسهل كل المشاكل ونجد حلولاً لمعظمها لأنه سوف يستعين بذوي الاختصاص كل في مجاله طبعاً، مع تحكيم الشريعة الإسلامية وشكرا لكم.
26/4/2010
رد المستشار
أهلاً بكما... أكتب رداً عليكما بعد أن نشرت الصحف عندنا عن حادث انتحار لامرأة وصلت إلى الأربعين دون أن تحقق رغبتها بالزواج والإنجاب، إضافة إلى ضغوط اقتصادية ومعيشية أخرى تكاثرت عليها.
بعض المعلقين على الخبر أسموها "شهيدة العنوسة"، وأنا ما زلت أهتف وأحلل وأقول بأن تأخر سن الزواج هو بعض حصاد لما نعيشه من اختلال في العقل والتدبير والقيم، وأرى أننا نملك اختيارات كثيرة أخرى غير هذا الانغلاق الذهني، والأفق المسدود بسبب الغباء، وبؤس الإدراك للإنسان واحتياجاته، والشرعي وأولوياته، والواقع وإمكاناته.
والأصل العقلي والشرعي والإنساني يقول بأن الزواج إنما هو تتويج لمسيرة تعارف وتواصل بين طرفين ينتقلان من دائرة التعامل العام بين الناس إلى دائرة علاقة وصال خاصة يخلص فيها كل طرف، ويفضي إلى شريكه، وهذا المسار يحتاج إلى وجود دوائر المجال والتعامل العام ابتداء، وهي في واقعنا إما غائبة/ مغيبة، وإما متلعثمة متعثرة كما شرحت مرارا من قبل، وهنا يأتي أسلوب الترشيح الذي يقفز فوق المسار الإنساني (الغائب) ليقدم بديلا خائبا يقوم على رمية نرد أخرى تفترض أن الأم أو الأخت ستختار للابن أو الأخ العروس التي يناسبه أن يدخل بها دون أن يعرفها، وهذا لعمري تخريف وتخريب وتهريج، وظلم نظلمه لأنفسنا باسم الدين أو التقاليد، والعقل والشرع والإنسانية منه براء، لكنه يظل اختيارا متاحا، وربما أقل سوءا من البقاء في سجن العنوسة، وأنا لا أحب هذا الكلمة، ويظل الأصل والأولى أن نوقف هذا الخبل، ونعود للرشد والهدى ومبادئ الفطرة الإنسانية!!
أما أخي الذي يربط الزواج بفساد أولي الأمر فمن الممكن أن نربط سوء الحال بغياب الحاكم الصالح، ونعيد التذكير ببديهية تبدو غائبة وهي أن السكوت على خبل وخلل وخطأ أسلوب إدارة مجتمعاتنا قد أوصلنا إلى ما نحن فيه، ولكن أخشى أن خروج المرأة للعمل قد صار اضطرارا وليس قرارا ولا اختيارا في حالات كثيرة، إلا إذا كنا نتحدث أو نفكر أو نحلم بمجتمعات خارج النظام الاقتصادي الحالي في كل الدنيا!!!
من الناحية التأملية والاقتراحية البحتة يمكن لهذا الخيال أن ينطلق، لكن أخشى أن تحقيقه يحتاج لأكثر من مجرد حاكم صالح، وما تسميه ذوي الاختصاص كل في مجاله، وذوو الاختصاص هؤلاء يملئون دنيانا لغوا، وحياتنا تخلفا!!
قصدت أن أصحاب الاختصاص من أبناء التوجه الرأسمالي مثلا، وحتى من أصحاب التوجه الاشتراكي سيجدونه غريبا، وربما مستحيلا، أن نقيم اقتصادا على أكتاف الرجال وحدهم، وفي التجارب التي تسمي نفسها إسلامية ما زالت المرأة تخرج للعمل، وما زالت العنوسة ظاهرة تزيد أو تنقص هنا وهناك!!
وحتى فكرة توفير مسكن وعلاج وتعليم، وهي تبدو جميلة لكنها تطرح عدة أسئلة فمن يوفر لمن؟! وكيف؟!
هل توفر الدولة نفسها للموظفين؟! ومقابل ماذا؟!
في هذا الموضوع تجارب وخبرات طويلة وعريضة في العالم كله، وتعديلات وتحسينات تحقق بعض النتائج هنا وهناك أيضا، وتجعلنا نهرب من جحيم مجتمعات الفقر إلى حيث أحلام الوفرة، والرفاه، أو حتى الحد الأدنى من العيش الكري.
قصدت إجمالا أن أشير إلى أننا أحيانا في مواجهة واقعنا القاسي إما نكتئب ونحبط، أو نهرب، وأحيانا نستسهل تصور الحلول مثل على طريقة: حاكم صالح وذوى الاختصاص، ومنزل وعلاج وتعليم لكل مواطن، ونغض الطرف عن فجوات أخرى، ومشكلات هامة ينبغي أن نبدأ بها فورا مثل تعميق حاسة وأهمية وقيمة العمل والإنتاج والتغيير النفسي والاجتماعي في نفوسنا، وهي مهمة يمكن أن يفشل فيها أي حاكم صالح، ولو استعان بذوي الخبرة، بل إن فشل الإصلاح من أعلى هو باب واسع في التاريخ يجعلنا نتمهل كثيرا قبل أن نظن الحلول سهلة، وهي ليست كذلك، وهو ما يطرح بدوره المزيد من الأسئلة منها: هل تنحصر فرص انعتاقنا في تغيير حكامنا؟! وهل تغيير أنظمة الحكم تاريخيا نجح في تغيير أنظمة الحياة اجتماعيا، وذهنيا؟!
وسعدت بالمشاركات.