خوف الموت المرضي..!؟
السلام عليكم
أنا شابة أبلغ من العمر 23 عام، إنسانة محبة للحياة وأحب أهلي جدا وسعيدة في حياتي بجانب والدي وإخواني، مخطوبة وعلى وشك الزواج، أنهيت دراستي والآن أجلس في المنزل من دون أي عمل مفيد، وأبقى أوقات طويلة في المنزل لوحدي لأنهم جميعا يعملون.
منذ حوالي 5 أشهر أصبحت تراودني أفكار غريبة كالموت، والموت المبكر، وسبب ذلك كثرة الأخبار السيئة التي أسمعها عن الموت وفقدان الأصدقاء وهكذا... ولكن كنت أمارس حياتي بشكل عادي ولا تراودني هذه الأفكار إلا من حين لآخر وكانت عبارة عن خوف من فقدان شخص عزيز،
إلا أنه قبل 5 أيام عند منتصف الليل شعرت بأني سأموت في هذه اللحظة وأني على وشك الموت وذهبت إلى والدتي وأخبرتها بأنني أشعر بالحمى ولم أستطع أن أقف في مكان واحد إلى أن نمت، ثم صحوت باليوم التالي وأنا خائفة ولكن شكرت الله بأنني لم أمت وأني على قيد الحياة، واخترت بأن لا أبقى في المنزل لوحدي فذهبت إلى منزل صديقة لي، ولكن الشعور بالخوف والموت القريب لم يتركني فأخبرتها بما أشعر.
وعندما عدت أخبرت والدتي وكلي حزن وفي داخلي شعور بأنني سأموت قريبا، إلى أن أصبحت أتخيل الموت في كل شيء عندما أرى شيئا أفكر في أنها المرة الأخيرة التي سوف أراه فيها أو أني سأموت قبل يوم زفافي وهكذا...
أنا أشعر بالتعب الشديد من هذا الشعور يراودني التفكير في بعض الأحيان أن الذين يموتون يشعرون بالموت قبل موتهم إلى أن قرأت التعليقات وعرفت أنه نوع من الأمراض النفسية، ولكني بكل أسف لا يمكنني أن أذهب إلى طبيب نفسي لأنهم سيقولون عني مجنونة وأنا على وشك الزواج وأريد أن أعيش بسعادة
ساعدوني أرجوكم، أريد حلا دون اللجوء لطبيب،
وستجدونه في ميزان حساناتكم بأذن الله.
21/6/2010
رد المستشار
الأخت العزيزة "منال"،
أشكرك على الكتابة للموقع، وتأكدي أن طلبك للاستشارة دليل على وعيك وعلى صحتك النفسية، فكما يمرض الجسم، قد تمرض النفس وقد ترهق، ومن المؤسف أن يوصم الإنسان بالجنون بسبب ارتباكه أو ضعفه أمام المشكلات التي يتعرض له، بدلاً من تشجيعه على التعامل معها بوصفها تحديات وتقديم الدعم له لتجاوزها..... أعتقد أنك تتفقين معي على أن وصم الإنسان بمرضه هو مؤشر على تخلف من يقوم بهذا الفعل، وليس على الجنون كما قد يعتقد البعض.
في البداية قد يكون من المفيد أن تزودينا بمعلومات محددة حول ترتيبيك الولادي وعدد الأخوة وأعمارهم، أعمار الوالدين ووضعهم الصحي، والأشخاص المقربين الذين تركزت حولهم الأفكار المقلقة والمتعلقة بفقدانهم ومشاعرك تجاه خطيبك وتصورك لمستقبل علاقتك معه.
وقد ذكرت أن البداية كانت منذ خمسة أشهر عبارة خوف من فقدان شخص عزيز نتيجة كثرة الأخبار السيئة عن الموت وفقدان الأصدقاء، أود أن أعلم أيضاً، هل حدث وراودتك مثل هذه الأفكار خلال طفولتك أو مراهقتك أو قبل سن 18 سنة بشكل عام، بحيث كانت مؤثرة بالنسبة لك، وفي حال وجدت، كيف تصفين هذا التأثير، وهل الأفكار والمشاعر المتعلقة بالموت التي حدثت لديك مؤخراً قد تركزت حول ابتعادك عن هؤلاء الأشخاص الذين تحبينهم ومدى الحزن الذي يمكن أن يعانون منه نتيجة فقدانك، أم أنها تركزت حول خططك الحالية المتعلقة بتحقيق أنجاز ما بعد تخرجك من الجامعة وتطلعاتك المستقبلية نحو تأسيس أسرتك الخاصة مع خطيبك وتصوراتك للمستقبل.
أعتقد أنه من المفيد أن نقوم بتحديد مصادر القلق والخوف وفهما بشكل أفضل، لأن ذلك سوف يساعدنا على التعامل مع القلق والأعراض المزعجة التي تحدث لديك.
لا شك أختي العزيزة أنك تجاوزت مرحلة هامة من مراحل حياتك، فقد أنهيت دراستك بنجاح، ولعل عدم رضاك عن نشاطك في المرحلة الحالية قد سبب لديك بعض القلق نتيجة تحولك من طالبة منتجة على المستوى الأكاديمي إلى إنسانة وصفتها بكلماتك بأنها تجلس في المنزل دون القيام بأي نشاط مفيد، وتشعر بالوحدة وعدم الرضى نتيجة الفراغ الكبير.
يضاف إليه أنك إنسانة محبة للحياة وسعيدة في حياتك مع والديك وإخوتك الذين تحبينهم كثير، الحب الذي يصاحبه ذلك القلق القديم المتعلق بفقدان أحد هؤلاء الأعزاء... والقلق نتيجة الابتعاد عنهم، بسبب ظرف قاهر، كالموت، لا سمح الله، ولا شك أن هذا القلق قد برز بشكل قوي بسبب ما يتردد حولك من قصص حول الموت المبكر والأخبار السيئة...... الذي قد يضاف إليه ربما القلق اللاشعوري المستمر والمتعلق بالانفصال عن هؤلاء الأحباء، ومن بينهم خطيبك، لا سيما وأن مرحلة الاستقرار مع شريك حياتك وتأسيس أسرتك الخاصة قد اقتربت.
من الضروري أن تعلمي، أختي العزيزة، أن معظم المخاوف التي يمكن أن تؤثر في الإنسان في الحالات العادية تنخفض عموماً مع التقدم بالعمر، ما عدا الخوف من الموت ومن الأخطار الذين يستمران عموماً على مدى النمو، وهذا أمر طبيعي، ومن الجدير بالذكر أنني أنا نفسي عانيت من أفكار مقلقة متعلقة بالموت لفترة من الزمن، خصوصاً في سنتي الدراسية الأخيرة، وبعد تخرجي، فبعد التعب والإجهاد، قد يتبادر إلى الذهن تساؤلات متعلقة بعبثية الوجود وقد نسأل، هل يعقل بعد هذا التعب والانجازات المهمة أن.... يذهب كل شيء ببساطة... لأننا سوف نموت؟؟ للأسف..... أو ربما.... لحسن الحظ.... لم يقدر لنا الخلود....
وقد يحدث وأن نشعر ببعض الأعراض الجسمية مثل نخزات في الصدر، نفضات عصبية، أو حرارة في الجسم وهو ما حدث معك، فتدفعنا أفكارنا السابقة والمتعلقة بالمرض أو الموت إلى تفسـير هذه الأعراض بشكل مغلوط أو مبالغ به، بما يتفق مع معلوماتنا السابقة عن هذه الأعراض، فتقودنا هذه التفسيرات المغلوطة إلى مشاعر تشبه تماما، المشاعر التي اختبرتها قبل خمسة أيام، والتي جعلتك تعتقدين أنك سوف تموتين في تلك الليلة.
إن هذه تفسيرات المغلوطة للأعراض الجسمية التي قد تحدث بشكل طبيعي لدى جميع البشر، تساهم في زيادة هذه الأعراض الجسمية بسبب المبالغة في التفكير به، وهي المسؤولة عن حدوث نوبة الهلع لديك الأسبوع الماضي، كما أنها مسؤلة عن حدوث نوبات الهلع لدى جميع الناس.
دعيني أسألك، لماذا قمت بتفسير ارتفاع حرارة الجسم التي شعرت بها الأسبوع الماضي بكونها أحساسات متعلقة باقتراب الموت، وليس بكونها نتيجة ارتفاع درجة الحرارة في تلك الليلة في هذا الوقت من السنة مثل، أو بكونها أعراض للزكام؟؟؟...
والجواب هو أن انشغال بالك بفكرة قديمة مغلوطة عبرت عنها بكلماتك "إن الذين يموتون يشعرون بالموت قبل موتهم" وتفسيرك لارتفاع درجة حرارة الجسم من خلال هذه الفكرة، قد ساهم في زيادة إحساسك بهذه الأعراض، وربما قد أدى ذلك زيادة معدل ضربات القلب نتيجة زيادة إفراز الأدرينالين الذي تنشط بسبب إحساسك بالخطر، وهو ما أطلق العنان لنوبة الهلع، ودفعك إلى اللجوء إلى والدتك وارتباكك في تلك الليلة.
وأكبر دليل على عدم صحة هذه الأفكار المتعلقة بالموت هو أنك استيقظت في اليوم التالي بحمد الله دون أن تصابي بأي بمكروه.
من المثير للإعجاب قدرتك على تقدير أبعاد الموضوع وطلبك للاستشارة بهذه بسرعة، وهذا فعلاً يستحق التقدير الاحترام، ويميزك عن سواك ممن قد يستمرون بالاعتقاد بصحة الأفكار المغلوطة، ولعل ثقافتك ووعيك هما السبب وراء ذلك.
لا أعتقد أنك بحاجة لتدخل علاجي في المرحلة الحالية، وأقترح أن تشغلي نفسك بالقراءة حول نوبات الهلع وآلية حدوثها وإعادة توجيه طاقتك في أنشطة منتجة خلال الأسابيع الثلاثة القادمة، والتحضير للمرحلة القادمة مع خطبيك من أجل أسرة المستقبل. وفي حال استمرار نوبات الهلع والأفكار المقلقة بالحدوث خلال هذه الفترة، أرجو الكتابة إلينا حولها مع المعلومات التي طلبتها منك.
مع أطيب تمنياتي لك بالتوفيق والنجاح
ويتبع ........: خوف الموت المرضي م. مشاركة