خوف الموت المرضي
خوف الموت المرضي مشاركة
جزاك الله ألف خير يا أخي حسام الشريف لا يمكنني أن أفسر لك كم شعرت بالراحة بعد ما قرأت عباراتك.... أشكرك جزيل الشكر وجعله الله في ميزان حسناتك أخي الكريم.
دعني أخبرك أولاً عن عائلتي؛ أنا الأخت الوحيدة لأخوين اثنين، والدتي من دولة أخرى وهي إنسانة شفافة وطيبة ومضحّية بالدرجة الأولى، فوالدتي يمكنني أن أجزم لك بأنها أكثر أم ضحت بحياتها وبكل ما لديها من أجل أبنائها وما زالت تضحي من أجلنا إلى يومنا هذا.. بما أنني البنت الوحيدة وليس لدي أخوات بنات فأنا قريبة جداً من والدتي، لا يمكنني وصف المسافة بيننا لأننا روح واحدة في جسدين مختلفين... والدتي تبلغ من العمر 50 عاماً، ووالدي 59 سنة، وهما بحال جيدة والحمد لله لا يشكوان من أي مرض حفظهما الله وراعاهما.. كذلك علاقتي مع والدي وإخواني جداً قريبة.
لأكون صريحة معك، لم تراودني مثل هذه الأفكار من قبل فقد كنت إنسانة محبة جداً للحياة وأدعو الله دائماً أن يطيل في عمري لأرضيه وأرعى والدي وأردّ لهما ولو جزءاً بسيطاً من جميلهما عليّ... كذلك دائماً أدعو الله أن أرضي زوجي لأكسب رضا الله، وهذا هو السبب الذي دعاني للكتابة لكم لأني بحاجة كبيرة لأن أشفى من هذا الوسواس لأقوم بواجباتي نحو والدي وزوجي على أتمّ وجه.
أكثر ما يجول في ذهني هو: ماذا ستفعل والدتي إن مت؟ فهي ليس لديها شخص آخر في الدنيا بعدي! نحن دائماً معاً... كذلك أفكر في أنني أود أن أعيش حياتي مع زوجي وأنجب أولاداً وأربيهم على الصراط المستقيم ليكونوا صالحين من بعدي... حين أفكر في الموت أرى كل هذه الأشياء من حولي!
في الحقيقة زاد عندي هذا الشعور -شعور الخوف- منذ 3 أشهر عندما توفيت جدتي والدة أمي.. وأمي كانت جداً حزينه لأنها لم ترها منذ حوالي 10 سنوات!.
لقد أرسلت لكم الرسالة الأولى قبل حوالي 6 أيام، ومنذ ذلك الحين وأنا أدرس هذه الحالة وأريد أن أعرف الكثير عنها... عندما وجدت الكثيرين ممن هم في عمري يشكون من نفس الحالة أحسست بقليل من الاطمئنان.. واليوم أشعر أنني أحسن لأني أحاول إقناع نفسي بأنها حالة وستمر على خير.. كذلك أخرج للناس وأتحدث كثيراً كي لا تراودني هذه الأفكار مجدداً... لا أنكر أنني أشعر براحة أكثر وإنما ما أشكو منه هو أنني أفكر في الموت ولو بنسبة 20%، إنما ما زالت تراودني هذه الأفكار.. لم أعد أشكو من أعراض شديدة كما في البداية ولكني ما زلت أشعر بالخوف من هذه الحالة لأنني مقبلة على الزواج بإذن الله العظيم بعد 3 أشهر وأريد أن أبدأ حياتي الزوجية وأنا لا أشكو من شيء.. هل يمكنك مساعدتي؟.
جعله الله في ميزان حسناتك وأبعد عنك كل السوء..
جزاك الله خيراً يا أخي الكريم.
29/6/2010
رد المستشار
الأخت العزيزة "منال"،
يسعدني أنك تشعرين بحال أفضل، ولا شك أن ذلك يعود لوعيك وثقافتك وهو ما ساعدك على تقدير ما يقلقك بشكل صحيح وعلى إعطاء الأمور التي تربكك الوزن المناسب دون مبالغة أو إفراط في تقدير أبعاد ما حدث ويحدث معك، وأشكرك على المعلومات التي ساعدتني على وضع تصور واضح حول موقعك في الأسرة ودور الابنة الحنون والمسؤولة في أسرة محبة، والحمد لله على صحة الوالدين وأسأل الله أن يطيل في عمرهما حتى يريانك وأنت تقومين بتربية ورعاية أولادك، وهو أقل ما تستطيعين مكافأتهم به لرد جميلهم عليك.
إنك عزيزتي منال، إنسانة مؤمنة وتعلمين أن الموت قدر على الإنسان، وحيث أن الموت خبرة مجهولة الأبعاد والملامح بالنسبة لنا فمن الطبيعي أن يثير هذا الموت خوفنا جمعياً، إلا أن الخوف من الموت قد يسيطر على حياة بعضهم، فيأخذ هذا الخوف لديهم طابعاُ مرضياً، ولحسن الحظ فإن ثقافتك ووعيك قد حالا دون وقوعك في دائرة الاضطراب، وأنا سعيد بأنك قدّرت شدة هذه الأفكار بنسبة 20% فقط، وأريدك أن تعلمي بأن هذه النسبة في حال كانت تمثل درجتك المئوية الحقيقية على مقياس مخصص لتقدير شدة قلق الموت مثلاً فسيتم التعامل معها على أنها درجة سويّة، أو نتيجة طبيعية لاحقة لوفاة جدتك رحمها الله، وما صاحب هذا الحدث من حزن وقلق وأسى نفسي.
وعلى الرغم من أني قلت أن هذا القلق قد يبقى في دائرة السواء، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ماذا بعد؟؟ هل نهرب من هذه الأفكار والمخاوف.. أم نواجهها؟؟ هل نسمح لها بالسيطرة على حياتنا... أم نسيطر عليها ونتحكم بها؟؟ وبفرض كانت الدرجة المقدرة لتوارد الأفكار المقلقة 20% فقط، هل يمكننا أن نتحكم بهذه الدرجة بحيث نخفضها.. أو نجعلها لا شيء.. عندما نريد ذلك؟؟
في الواقع، يستطيع الإنسان عادة مواجهة مثل هذه الأفكار والسيطرة عليها والتحكم بها وتوجيهها، وأعتقد أنك قادرة أكثر من غيرك على القيام بذلك، ويمكنك اختبار ذلك من خلال تعريض نفسك لهذه الأفكار وأنت في حالة استرخاء من خلال استدعائك لها ومواجهتها لمدة 15 إلى 20 دقيقة... ويمكنك عندما تتوارد إلى ذهنك هذه الأفكار بشكل غير مرغوب اتخاذ قرار قاطع بإيقافها وإبعادها عن دائرة انتباهك.
وأقترح عليك مطالعة أحد المراجع من التي تتوفر فيها بعض تمارين الاسترخاء والتي يمكنك الاستفادة منها في مواجهة هذه الأفكار وغيرها من المواقف التي تثير قلقك، كما أقترح أن تستمري بالتحضير لزفافك المنتظر دون السماح لهذه الأفكار باعتراض طريقك والتعامل معها كما سبق وأخبرتك.
مع أطيب تمنياتي،