السلام عليكم؛
في البداية أرجو السرية التامة لهذا الموضوع نظرا للحساسية الشديدة.
أنا مهندس حديث التخرج متفوق دراسيا إلى حد كبير, طولي فارع جدا وهذا لا يسبب لي مشكلة ولكن المشكلة أن لدي عيبا خلقيا في أذني (أذن خفاشية) تجعلني معظم الوقت في حالة نفسية سيئة وفي إحباط شديد، فلقد كان الأطفال يعايرونني بذلك عندما كنت صغيرا مما تسبب في عدوانيتي تجاههم ولقد كنت أتشاجر مع أي طفل يعايرني بها, وهذا جعلني أخشى الشجار في معظم الأحيان حتى لا يعايرني أحد بها.
ثم تطور الأمر بعد ذلك إلى أن صرت منطويا عندما كبرت وإذا تحدثت مع أحد أما يكون بحدة أو بخجل مما جعل الناس تأخذ عني أني إما مغرور أو خجول ولكني عندما أتكلم بحدة يكون هذا رغبة مني في إثبات نفسي وأني شخص طبيعي مثلهم وليس لدي أي مشكلة.
أنا قليل الكلام وأحاول دائما أن أظهر أمام الناس أني طبيعي، كنت في الصغر أكره الأفراح والتجمعات مع الأقارب وكانت أمي تجبرني أحيانا كثيرة على الذهاب معها. فلقد كنت أشعر أني أقل منهم قدرا. وعندما كبرت صرت ملزما أن أذهب لهذه الأفراح لكي أؤدي الواجب فتأتيني حالة من القلق قبل الفرح بثلاث أو أربع أيام فأقوم بممارسة الرياضة والضغط حتى تهدأ أعصابي.
وللعلم فإن القلق هذا ينتابني عندما حتى أريد أن أخرج من المنزل لشراء أي شيء فأستغرق وقت طويل في النظر إلى ملابسي ووجهي مما يثير حفيظة أبي وأمي, وفي فترات كثيرة أتأخر عن موعدي, وفي الامتحانات أذهب دائما في الوقت المحدد (بالضبط) مما يسبب لي مشكلة دائمة مع أبي.
دائما أسير في الشارع عابسا وهذا ينتقده الناس في.
علاقتي مع الجنس الآخر دائما متوترة منذ الصغر.
صارحت أمي بما في نفسي عندما دخلت الجامعة فقالت أني أتوهم ذلك وأنه ليس لدي أي مشكلة مع العلم أنها تعلم أني متأثر بذلك ولقد عايرتني بها من قبل أثناء شجار حدث معها, ونفس الشيء حدث مع أختي التي جعلت أخي الصغير يعايرني هو الآخر.
المهم أني أصريت على أن عندي مشكلة وذهب أبي معي إلى مستشفى القوات المسلحة لكي أعرض نفسي على خبير تجميل أجنبي وأجريت العملية ولكنها فشلت لخطأ من الخبير، وبعدها حاولت أن أرضى بالأمر الواقع ورضيت لفترة لأني أيضا كنت مترددا في إجراء العملية خوفا من مواجهة الناس بعد ذلك خصوصا الذين كانوا يعايرونني بها لأني دائما كنت أحاول أن أظهر أنه لا مشكلة لدي، وقلت لنفسي أن أتحمل حتى أنتهي من الدراسة وأسافر وأجري العملية هناك وأعيش حياة جديدة ولا أعود نهائيا، مع العلم أني سأتواصل مع أهلي ولن أنقطع عنهم بأي حال من الأحوال.
والآن لقد أنهيت دراستي وأفكر في الأمر بشدة, ولكني ما زلت مترددا ليس من إجراء العملية فلقد أكد لي أحد الأطباء أنها سهلة جدا وليس فيها مشكلة, ولكني أخشى أن يعاقبني الله بشيء آخر لأني لم أرض بقضائه.
فعندما أشاهد حالات كثيرة أكثر سوءا بكثير من حالتي أعدل عن الفكرة وأحاول أن أرضى, وإذا حدثت لي مشكلة من نظرات الناس سواء بالشفقة أو الاشمئزاز أفكر في الأمر مرة أخرى..
وأحيانا كثيرة أعتقد أني لن أستطيع العمل أو التكيف خارجيا مع العمال والفنيين خشية من استهزائهم بي مما يدفعني للشجار دائما... وهذا ما يدفعني للاكتئاب....
أمارس أحيانا رياضة كمال الأجسام لأن فيها تحديا كبيرا مما يهدئ من نفسي قليلا, فأنا أتوتر دائما عندما تتركز العيون حولي...
أشعر كثيرا أني لن أستطيع الزواج لأني لا أثق أن أجد من ترضى بي, وإن رضيت فإني أخشى أن أعذبها معي, وكذلك أولادي لأن العيب فيّ أنا وليس فيهم.
نظرا لطولي الفارع يطالبني الناس بلعب السلة, لكني أخشى ذلك لأني أتوقع أن يحدث شجار بيني وبين زملائي...
أنا لا أشك أن عمليات التجميل عندما تكون لغرض عضوي حراما, ولكن أليس هناك المرض النفسي أيضا الذي من الممكن أن يكون أشد وطأة من المرض العضوي.
R03;الآن أريد منكم أن تساعدوني على اتخاذ قرار هل أجري العملية وأسافر وأعيش حياة جديدة أم أرضى بالأمر الواقع وأظل كما أنا؟؟؟. أرجو الرد السريع لأني منهار جدا
23/7/2010
رد المستشار
حضرة الأخ "محمد" حفظك الله،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي أرضى الناس بعقولها! وإن كان لم يرضهم بجمالهم، بأموالهم، وبكل ما يملكون من مقدرات اجتماعية كانت أو مادية.
يا أستاذ "محمد"، ويا باش مهندس، لم نسمع منك أية كلمة شكر أو حمد لله، ولجلاله على كل النعم التي أفاضها عليك سبحانه. لم تنظر إلى كل الصفحة الجميلة التي ملأها لك، بل نظرت إلى النقطة السوداء التي امتحنك بها، وكأنما الحياة يجب أن تكون بدون امتحانات، بل كمالاً مطلقاً، تُكافأ عليه بدون جهد وكأنما الجنة يجب أن تكون الآن وما لنا في الآخرة من خلاق.
"محمد"! أنت طويل وذكي وابن عائلة مرموقة، تستطيع أن تعمل حتى عمليات التجميل، وذو بطن ملآن، وجيب مشابه. فهناك من الناس مَن لا يجد كسرة الخبز لسد رمقه، أو مَن لا يستطيع أن يجري عملية "الزائدة الدودية" أو "اللوزتين" بالرغم من ضرورتها...
فكم "شكراً" لله عليك أن تقول؟ وكم "حمداً" فاتك حتى اليوم، فقد أعميت بصرك عن كل الإيجابيات التي وهبك إياها سبحانه وتعالى.
قد كنت أتوقع منك أن تشتكي بساطة نظرتك للأمور، أو اكتئابك بدون سبب يستحق، أو ربما قلة إيمانك وتمسكك بالعروة الوثقى...
نعم قد كنت لأتفهمك، لأتمنى لك حصول ما تصبو إليه، أما شكل الأذن فهذا ما لا يدخلك إلى النار، ولا يمنعك من دخول الجنة... وللآخرة خير لك من الأولى، ولسوف يعطيك ربك فترضى.
لا تشغل بالك بأذنيك يا "محمد"، بل في ما بينهما. وهل أن عقلك امتلأ، وروحك بلغت الرشد، فهذا ما قد يشغل البال. وقل لي هل أن شكل أذنيك قد منع أهلك من أن يحبوك الحب الكافي، ويقدموا لك كل خير وعافية وحنان، لتكبر وتصير ما أنت عليه؟
ننصحك بأن تبدأ بالعمل أولاً، وتجدّ وتسعى وتمضي أسمك تحت كل مشروع تنجزه، فهذا ما قد يبقى منك للمجتمع، بالإضافة إلى حبك وحنانك، وتعاونك مع الجميع.
أفعل الخير بقدر ما تستطيع، فقد يميزك هذا عن باقي الناس، وقد يدخلك جنان النعيم.
R03;تزوج وبأسرع وقت، ولا ترضى بالتي تنظر إلى جمالك الخارجي، بل إلى التي تبصر جمالك الروحي والإنساني "وفي العتم لا يبقى منك إلا الأنت الروحي، والنصف الذي يتفاعل مع نصفه الآخر".
حاول أن يكون عندك المزيد من الأولاد، لكي لا يبقى لديك الوقت الكافي للتفكير بأذنيك.
أخيراً أُشْكُرْ الله على كل ما أنعم، واستغفره على كل ما يعلم، واعبده... فلن تندم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ويتبع >>>>>>: الأذن الخفاشية: الآثار النفسية م