تأرجح الوزن ونوبات الدقر
ثقة بالنفس وإرادة قوية؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أرجو من دكتور وائل أبو هندي الذي أثق فيه وأحترمه كثيرا أن يتسع صدره لي ويجيبني على مشكلتي والتي تتلخص في أنني أشعر بفقدان الإرادة أو العزيمة لفعل أي شيء مهما كان مهما وضروريا.
فمثلا أنا أمل بسرعة جداًَ من أي شيء فكثيراً ما قمت بعمل ريجيم لإنقاص وزني ولكني فشلت سريعا فأصبحت أنقص قليلا ثم أزيد مرة أخرى، ثم أحاول من جديد ثم آكل ثانيا وكذا ومازلت مستمرة منذ أربعة سنوات على هذا المنوال.
إن مشكلتي هذه تشمل جميع حياتي فأنا دائما أبدأ متأخر جداً في المذاكرة وأنتظر حتى آخر وقت وأضغط نفسي بشدة حيث أجد نفسي عليّ كثير جداً من المذاكرة والإمتحان مثلاً بعد غد ولم أفتح شيئا بعد.
وهذا والله ليس كسلاً مني أو دلع ولكني والله فعلا أجد نفسي غير قادرة على البدء والأستمرار في المذاكرة حيث أكتئب دائماً وأشعر بثقل شديد يدفعني إلى الهروب مع العلم أني أحب بعض المواد ولكن أيضا أشعر بعدم وجود أي حافز لدي للبدء في المذاكرة حتى ولو كان هذا الحافز هو النجاح بتقدير حيث أمل سريعا جداً جداً من الجلوس ولو حتى لمدة بسيطة.
وهذا طبعا ما يجعلني أظهر بأقل من مستواي بكثير فأنا كنت دائما من الأوائل على مدرستي وأنا في الصف الإعدادي وكانت عندي القدرة على الفهم السريع والمذاكرة لفترات طويلة ثم بدأت معي هذه الحالة منذ الثانوية العامة وحتى الآن وأنا الآن في كلية الهندسة قسم كهرباء وهو من أصعب الأقسام في كليتي أشعر بفتور شديد عند بدء أي شئ وبطء شديد جداً في تنفيذه.
فعندما أشعر بأني لابد أن أذاكر أصاب بالهم والأكتئاب والبكاء الشديد وخصوصا أيام الأمتحانات، وهذا طبعا يؤثر بالسلب على تقديراتي مع العلم أن تقديراتي كانت دائما ما بين الجيد المرتفع والجيد جدا ولكني أنهار بشدة أيام الأمتحانات مما يقلل من تقديراتي.
والمشكلة لا تقتصر فقط على المذاكرة - وإن كانت تمثل جانب كبير - ولكني أيضا أفتقد العزيمة والإرادة في فعل أي شئ أود القيام به فقد خططت للقيام بأشياء كثيرة أثناء الإجازة مثل حفظ القرآن وقراءه كتاب الرحيق المختوم وتعلم إحدى لغات البرمجة ولعب الرياضة بصفة مستمرة ولكني لم أنجز أي شئ حتى الآن فقد بدأت بمراجعة جزء بسيط جداً من القرآن ثم توقفت وقرأت أيضا صفحة واحدة في الكتاب ثم توقفت حيث شعرت أني (ما ليش نفس أعمل أي حاجة).
مع العلم والله أني أحب بشدة دراسة لغات البرمجة وقراءة القرآن ولكن أشعر دائما بشيء داخلي يعوقني ويفقدني حماسي وطاقتي لفعل أي شئ ويجعلني مكتئبة وحزينة بالرغم أني أحاول كثيرا والله أن أقاوم وأقاوم وأخلق الحافز ولكني أفشل وأحبط في النهاية.
قد يكون ذلك أحد أسباب إصابتي بكثير من نوبات الإكتئاب وعسر المزاج فأنا أتعالج عند طبيب نفسي منذ خمس سنوات وأخذت كثير من الأدوية حتى الآن ولا توجد فائدة حتى أني أصبحت أكره الدواء بشده وأكره الذهاب إلى طبيبي لأني أشعر بأن نفسي ضعيفة جداً وغير قادرة على فعل أي شئ.
أحتاج إلى زيادة تقديري لنفسي وأحتاج بشدة إلى كلمات التشجيع وأحيانا أشعر بعطش شديد للثناء والمدح عندما أقوم بعمل جيد أو شاق ولكني للأسف لا أجده من أحد, حتى أصبحت ألوم نفسي كثيرا وأحيانا أشعر بالكره تجاه نفسي وأني فاشلة وغير مؤهلة لتحمل المسؤولية,
فهل يوجد عندك دكتور وائل ما تريحني به وتجعلني أستعيد ثقتي بنفسي من جديد؟
وشكرا لك
18/08/2003
رد المستشار
الابنة الكريمة: هل تعلمين أن الإنجاز يعين على المزيد من الإنجاز، وكل ما تحتاجينه أن تشحذي عزيمتك في البداية حتى تبدئي خطوة على الطريق الذي تودين أن تسيري فيه، فإذا سرت خطوة ونظرت خلفك ووجدت أنك قد قطعت شوطا من الطريق فإن هذا يعينك على المزيد من التقدم، والمشكلة أن الإنسان في الأغلب الأعم يستسلم لضعف عزيمته، وخصوصا لو اقترن مع ضعف العزيمة هذه بعضا من الاكتئاب الذي يعيق الإنسان عن فعل أي شيء ويشل إرادته، والمشكلة أن وجود الاكتئاب يمنع الإنسان من الإنجاز، وضعف الإنجاز يصيب الإنسان بمزيد من الإكتئاب، وبالتالي يصبح الفرد المكتئب وكأنه يدور في حلقة مفرغة، ولا خلاص من هذه الدائرة إلا بكسرها بأمرين:
أولهما: علاج الاكتئاب، والحقيقة أنك ذكرت أنك تتابعين مع طبيبك منذ خمس سنوات ولكنك لم تذكري ما وصفه لك من علاج، وجرعات هذه الأدوية ولم تصفي لنا مدى التزامك وانتظامك في تعاطى ما يصفه لك الطبيب من أدوية، فالذهاب للطبيب وحده بدون الانتظام على العلاج لن يفيدك شيئا وقد يضر أكثر مما ينفع،
وثاني: الأمرين هو الحرص على الإنجاز، وذلك بتحديد هدف واحد بسيط وقابل للتحقيق بدون جهد كبير له أولوية مع تحديد موعد زمني معقول للانتهاء من هذا الهدف، فإذا انتهيت من هذا الهدف حددت هدفا أكثر صعوبة وعقدت العزم على تحقيقه وهكذا حتى تكتسبي الثقة في قدرتك على الإنجاز، مع مراعاة ألا يكون الهدف الذي تبغين تحقيقه متعلقا بالحمية المتحفة وأعتقد أن في رد الدكتور وائل أبو هندي السابق عليك بعنوان: "تأرجح الوزن ونوبات الدقر" ما فيه الكفاية حول هذا الأمر.
ابنتي الحبيبة: لابد أن تنظري للجوانب الإيجابية في حياتك لتدركي أنك قادرة على تحقيق الكثير من الأهداف، فلقد استطعت مواصلة مسيرتك الدراسية بتفوق حتى وصلت لكلية الهندسة، وبعون الله ثم بعزيمتك يمكنك أن تواصلي مسيرة التفوق والنجاح في حياتك العلمية والعملية، فلا تجعلي لحظات الضعف التي مرت بحياتك تعيق مسيرة تفوقك، وابحثي فيمن حولك عمن يلبى احتياجك وعطشك الشديد لكلمات التشجيع، وهى حاجة من أشد الحاجات التي لا يستطيع الإنسان الاستغناء عنها رغم أن قليل منا من يدرك أهمية هذه الحاجة، فإذا لم تجدي من يلبى لك حاجتك هذه فراسلينا وأخبرينا بكل إنجاز تحققينه وستجدين منا بعون الله كل دعم وتقدير لإنجازك وكل تشجيع على مزيد من الإنجاز.
سؤال أخير أهمس به في أذنك، وهو هل أخترت مجال دراستك بناءً على رغباتك وميولك الشخصية وقدراتك أم أنه فرض عليك تحت ضغط الأهل أو المجموع، لأن عدم اقتناع الإنسان بما يفعله أو عدم ملاءمته لقدراته قد يكون عائقا وقد يمثل حاجزاً يمنع الإنسان من تحقيق الأهداف المرجوة، وهذا السؤال لابد من أن تجيبي نفسك عليه بكل صراحة قبل اتخاذ أي قرار، وعموما نحن معك دائما وعلى استعداد لمواصلة التفكير معك، وكلنا شوق لسماع أخبار إنجازاتك فلا تبخلي علينا وتابعينا بالتطورات.