أكل الطين!!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
سوري بدخل بالموضوع ع طول لأني والله طفشت.
يا دكتور أنا عندي عادة غريبة، ما أدري إذا كانت عند غيري، مع أني سمعت أنه فيه ناس مثلي لكن أنا خايفة من هاالعادة مررره.
أنا مدمنة أكل الطين أو ((الطفل)) من يوم كنت صغيرة لو ما لقيت طين آكل حجارة ما أقدر أتركه آكل فيه بشراااهة.. وإذا تركته فترة وتذكرته أحس لعابي يسيل لحسن حظي أن المدينة اللي كنت ساكنة فيها كنت أدور له عند العطارين ما ألاقيه، بس توني متزوجة وانتقلت لمدينة ثانية ولقيته وصرت كل شوي آكل منه وأنا خايفة أنه يسبب لي شيء، زي حصى بالكلى أو جفاف ببشرتي ((مع العلم أن بشرتي جافة)) وخايفة يزيدها، أنا توني متزوجة ولي شهر، قبل يومين رحت المستشفى أسوي تحليل اكتشفت يا دكتور أنه عندي فقر دم ولا بعد حااد، وهذا زاد خوفي، فما أدري مشكلتي لها حل وهل هي تسبب شيء.
وشكرا.
25/8/2010
رد المستشار
سيدتي؛
هذه العبارات مقتبسة من رسالتك كما وردت دون تغيير:
(أنا مدمنة أكل الطين أو الطفل)
(من يوم كنت صغيرة لو ما لقيت طين آكل حجارة ما أقدر أتركه آكل فيه بشراااهة)
(وإذا تركته فترة وتذكرته أحس لعابي يسيل)
(كنت أدور له عند العطارين ما ألاقيه)
(اكتشفت يا دكتور أنه عندي فقر دم ولا بعد حاد)
عادة أكل الطين هي اضطرب نفسي نسميه العقعقة Pica وشكل من اضطرابات الأكل لمواد غير غذائية وغير مغذيةٍ. تحدث عادة أكل الطين بين الأطفال في السنوات الأولى من العمر وبين الأطفال المعوقين وقد تستمر حتى المراهقة والبلوغ.
وتحدث كذلك عند الرجال النساء وكذا النساء الحوامل من مختلف الأعمار في العالم. وتشير الدراسات القليلة إلى أن سلوك العَقْعَقة أكثرُ انتشارًا في المستويات الاجتماعية الأدنى وفي المناطق الأقل, وأن ما بينَ 10% و20% من الأطفال يسلكونَ سلوك العَقْعَقة في وقتٍ ما أثناءَ طفولتهم وفي النساء الحوامل يختلفُ المعدل بينَ0% و68% حسب المجموعة المدروسة(Parry-Jones & Parry-Jones , 1994).
ورغم غرابة الظاهرة لا يعتبر أكل الطين سلوك مرضيا في بعض الثقافات والمجتمعات. ومنهم من يأكلُ الطينَ أو الثلج ومنهم يأكلُ الفحم، أو الطباشيرَ ومن يشتهي القشَّ أو الفحم أو الصوف أو الرماد أو الدهان أو الحصى أو الشعر أو الورق أو الجص أو الصابون أو مسحوق الغسيل أو غير ذلك من الأوساخ من الأرض, وما هوَ أغربُ من ذلك مثل أكل البراز أو الزجاج.
حسب ترجمة تصنيف منظمة الصحة العالمية العاشر (هيَ اشتهاءُ أكل موادٍ غير غذائي، أو هيَ الأكلُ المستمرُّ لموادٍ غير مغذيةٍ، أو هيَ الأكلُ المتعمدُ والقهريُّ لموادٍ غير مغذيةٍ، أو هيَ اختيارٌ غريبٌ لطعامٍ ما أو لمزيجٍ ما من الأطعمة). وهذا الاضطراب ترجم إلى القطا (بيكا Pica)من قبل منظمة الصحة العالمية العاشر. وأما التصنيف الأمريكي الرابع DSM-IV فيعرفُ العَقْعَـقة بالأكل المستمر لموادٍ غير مغذيةٍ لفترةٍ لا تقلُّ عن شهرٍ، دونَ أن يكونَ مصحوبًا بمقتٍ أو رفضٍ Aversion للطعام بشكل عام، كما يجبُ أن يكونَ هذا السلوكُ غير مناسبٍ للمرحلة العمرية (أي أن لا يكونَ العمرُ أقل من 18 شهراً، لأن من الطبيعي للطفل في السنة الأولى من العمر وحتى منتصف السنة الثانية أن يأخذَ كل ما تمسكهُ يدهُ إلى فمه) وكذلكَ يجبُ ألا يكونَ جزءًا من ممارسة ثقافيةٍ مقبولةٍ، كما يجبُ أن يكونَ شديدَ الوطأة بحيثُ يستدعي العرضَ على الطبيب،.
ويعرفها تصنيفُ منظمة الصحة العالمية (1999) للاضطرابات النفسية والسلوكية العاشر (ICD-10) بأنها الأكلُ المستمرُّ لموادٍ غير مغذية، والقطا نسبة إلى طائر القطا (منظمة الصحة العالمية 1999) ليس صحيحا لأن الترجمة الصحيحة والتي تصف الطائر الآكل لأي شيء ولو قذرا أو منتنا هو العَقْعَق وليس القطا.
يقول الدكتور وائل أبو هندي عن البيكا (فبدأتُ البحثَ في أصل الكلمة الإنجليزية فوجدت أن البيكا اسمٌ محورٌ لطائرٍ اسمه Magpie ، وعندما بحثتُ عن صفات هذا ال Magpie وجدتُ أنهُ طائرٌ سيئُ السمعة يهدمُ أعشاش الطيور ويأكلُ بيضها وفراخها ويأكلُ الطير الجريحَ والمريض ويأكلُ الحشرات ويعتبرونه من الطيور القَـمَّامَةِ التي تقتاتُ بالقمامة، كما أنهُ طائرٌ كبيرٌ يصل طول جسمه إلى نصف متر، وهو طويل الذنب وجسمهُ أسود إلا بطنهُ وبعضُ بقعٍ على جناحيه، وهكذا فتحتُ قاموسَ المورد لمنير البعلبكي (2001)، لأرى كيفَ يترجمُ كلمةَ Magpie فوجدتهُ يترجمها بالعقعق، وعندما بحثتُ عن العقعق في لسان العرب لابن منظور وجدتُ ما يلي: "عقعق الطائر بصوته جاء وذهب والعقعق طائر معروف من ذلك وصوته العقعقة قال ابن بري وروى ثعلب عن إسحق الموصلي أن العقعق يقال له الشججى وفي حديث النخعي يقتل المحرم العقعق قال ابن الأثير هو طائر معروف ذو لونين أبيض وأسود طويل الذنب قال وإنما أجاز قتله لأنه نوع من الغربان"، وأما مختارُ الصحاح فلم أجد فيه إلا العقعقُ طائرٌ معروفٌ وصوتهُ العقعقة ولم يضفْ القاموس المحيط شيئًا عن ما يأكلهُ العقعق). (أحمد عبد الله ووائل أبو هندي، 2003).
والقطا ضرب من الحمام، يمتاز ببصر حاو، لذا فإنه يستطيع تحديد موقع الماء من مسيرة عشرة أيّام، ومن صوته تستدل القوافل على وجود الماء في موضع ما. ويضرب به المثل على الإرشاد والدلالة على الطريق، فيقال: "هو أهدى من القطا، أو هو أصدق من القطا" والقطا طائرٌ حذرٌ ذكيٌّ فهو عندما يهبط بأرض وبها ماء ويجد بها ما يريد من الأكل مثل القمح أو الأعشاب البرية, فإنه يجلس بها ويستوطنها ويتكاثر بها(دليل البواردي، (أحمد عبد الله ووائل أبو هندي 2003). ونخلص هنا إلى أن "أكل الطين"، وهو الاسم العربي لظاهرة العقعقة.
مع ظاهرة الحمل (الوحم) قد تحدث العقعقة عند بعض النساء، وأيضًا في فترةِ ما قبل الحيض وهنا يفسرُ هذا النوعُ من الشهية في الحوامل بأنهُ ناتجٌ عن تغيرات مستويات الهرمونات المصاحبة للحمل أو الحاجة لعناصر معينةٍ (كنقص الكالسيوم مثلاً في الحامل التي تأكلُ دهان الحائط الجيري).
وقد ينتج عنه التسمم في بعض الحالات أو الإصابة بأنواع معينة من التسمم أو الالتهابات أو الديدان أو التقرحات في الجهاز الهضمي، أو الإسهال واضطرابات المعدة.
السبب الحقيقي لهذه الظاهرة غير معروف وأهم هذه الأسباب عند الأطفال:
1. عواملَ أسريةٍ كالحرمان من الأمومة وإهمال الأب وضرب الطفل
2. النقص في بعض المعادن في الجسم، كالحديد والزنك والكالسيوم وفيتامين د و س، مع أن بعض الدراسات تشير إلى عدم توقف الأطفال عن ممارسة هذه العادة بعد تعويض النقص في هذه المعادن، مما جعل البعض يدعي بأن أكل التراب هو ما يسبب الأنيميا لدى الأطفال والحوامل وليس العكس.
3. أمراض الطفولة مثل: التخلف العقلي, مرضى الصرع, الفصام عند الطفل, حالات التوحد:
4. سوء التغذية عند الطفل والإهمال من قبل الأهل.
5. عند الحوامل (خاصة عند وجود سوابق تناول مثل هذه المواد في الطفولة أو العائلة).
قديما فسر أكل الطين عند الأطفال بأن الطفل يشتهي مادةً تحتوي على العنصر الذي يحتاجُ إليه جسده وأن أكل الطين ينتجُ عن فقر الدم من نقص عنصر الحديد أو نقص عنصر الزنك, وكذلك فسر أكل الجير والطباشير بنقص عنصر الكالسيوم (والموجود في الطباشير وفي الجير)، إلا أن الأبحاثَ الحديثة بينت أن أكل الطين في أطفالٍ غير مصابين بفقر الدم، حتى بعد علاجهم من نقص الحديد ومن فقر الدم استمر سلوك أكل الطين في الكثيرين من الأطفال.
وأما المضاعفاتُ المحتملة للعقعقة التي تنجم عن تناول المواد الغريبة من الأرض الإصابة بفقر الدم والأمراض الطفيلية والتسمم (بسبب محتوى المادة المأكولة من العناصر السامة كالرصاص مثلا في دهان الحوائط, أو بسبب ما يحدثه أحد محتويات المادة المأكولة من نقصٍ في مادةٍ هامة للجسم كنقص الحديد أو الكالسيوم أو أي من الفيتامينات) والانسداد المعوي (حالات أكل الشعر حيث يُكَوِّن الشعرُ كتلةً تتسببُ في انسداد الأمعاء) والعدوى بالأخماج الطفيلية (زحار, جيارديا, ديدان معوية).
ونعود بك الآن إلى مشكلتك أنت وهي أكل الطين، واضح من الرسالة انك منذ الطفولة (من يوم كنت صغيرة لو ما لقيت طين آكل حجارة ما أقدر أتركه آكل فيه بشراااهة) ومدمنة على تعاطيه (أنا مدمنة أكل الطين أو الطفل). يا سيدتي لم تذكرِي شيئا عن وضعك النفسي أو سبب عدم قدرتك على التوقف عن هذا السلوك نريدُ أن نعرفَ معلومات أكثر.
وتبين من الكشف الطبي أنك تعانين من فقر دم حاد. وهذا قد يفسر بسبب ما يحدثه أحد محتويات المادة المأكولة أو الطين من نقصٍ في مادةٍ الحديد (اكتشفت يا دكتور أنه عندي فقر دم ولا بعد حاد). فإذا كان أكلَ الثلج الذي ما زال يبدو مرتبطا بنقص عنصر الحديد في الجسم ومستجيبًا للعلاج بإصلاح ذلك النقص، لكنَّ ذلك غير صحيحٍ بالنسبةِ لأشكال العَقْعَقة الأخرى التي قد لا تستجيب لا للعلاج بالحديد ولا بغيره من العناصر.
ومن الرسالة أستشف إن هناك دافع قهري وهو البحث عن الطين أو الطفل (كنت أدور له عند العطارين ما ألاقيه), برغم أن الرسالة لا تحوي الكثير من التفاصيل, وأنك مهما حاولتِ فأن هناك قوةً قهريةً عليك تجبرك للبحث عنه. أما التعبير (وإذا تركته فترة وتذكرته أحس لعابي يسيل), قد يدل على أن الفكرة التي تسيطر على عقلك ملحة ومستمرة لا تستطيعِين التخلص منها, وهذا هو حال مرضى العقعقة من ذلك النوع الوسواسي القهري. وعلاج الحالة ممكن يحتاج أحيانا إلى علاج سلوكي مع العلاجٍ العقاري وقد يتضمن جلسات تحليلية.
أنصح بالذهاب إلى طبيبٍ نفسي.
اقرأ أيضا:
أكل التراب عقعقة Pica
ماذا نفعل مع الطعام في الأوقات الحرجة؟
أكل الثلج : عقعقةٌ ، ربما
اضطرابُ العقعقة Pica من أين جاءَ الاسم؟