سفيان في دوامة المراهقة..!؟
السلام عليكم أستاذ حسام الشريف؛ أكتب لك اليوم ردا على رسالتك: "سفيان في دوامة المراهقة!"، أشكرك جزيل الشكر على رسالتك التي أحترمها كثيرا لأنها كانت ستساعدني كثيرا إن بقيت في تلك المدرسة الداخلية. ولكن المشكلة لا تكمن الآن في المدرسة الداخلية لأنني قد انتقلت إلى مؤسسة أخرى تكون ضباط المغرب المستقبليون وتعجبني هذه المدرسة كثيرا وستكون صدمتي قوية إذا تخليت عنها لا سيما أنني وجدت فيها راحتي.
ولكن المشكلة الآن أستاذ حسام تتجلى في أنني لا أستطيع التكلم مع أسرتي لأن الماضي اللئيم يطاردني وكلما حاولت النسيان أحس بأن أفكارا متسلطة لا أرغب فيها تراودني. ربما يكون وسواسا قهريا. ولكن صدقني أن الأمر يزداد خطورة. أحترم اقتراحك بمصارحة والدي بالأمر, ولكنني لا أعتقد أن الأمر سينجح لأن كبريائي وعزة نفسي قويين جدا لدرجة أنني قد أتخلى على كل شيء للمحافظة عليهما.
إنني الآن أترجاك أستاذ حسام لتساعدني بحل يريحني من معاناتي لأنني أتعذب كثيرا في الآونة الأخيرة خاصة في هذا الشهر المبارك الذي لا أستطيع فيه مشاركة الإفطار مع عائلتي حيث أنني أفطر بمفردي ودموع الحزن لا تفارقني لأنني لا أتحمل الكذب على نفسي.
بعد أن راسلتكم المرة الأولى تأخر ردكم كثيرا وأحسست باليأس وقررت أن أتمسك بعزلتي لدرجة أنني نطقت وسببت أمي وقلت لها كلاما جارحا لأنها حاولت ممازحتي وإحراجي مع العلم أنني لا أتحمل الإحراج. وبالرغم من ذلك فإنها تحول جاهدة إصلاح غلطتها القديمة التي وصفتها أنت بأنها باعتني ولكنني لا أعطيها أية فرصة. والسبب؟ لا أعرف. السبب مجهول وغامض.
صدقني أخي حسام بأنني لم أرد أن تتعقد الأمور لتصل إلى هذه الدرجة. فكل ما أريده هو عودة المياه إلى مجاريها ونسيان الماضي. وأنت هو الوحيد الذي يمكنه مساعدتي لأنني لا أستطيع مصارحة أحد بمشكلتي. وكل ما أنتظره منك هو حل منطقي يتماشى مع كبريائي وعزة نفسي ويخلصني من الهم الذي أعانيه والذي ربما قد يكون انتقاما من الله عز وجل لأنني قد أخطأت كثيرا.
شكرا لك أستاذ حسام على تفهمك. رافقتك السلامة.
أرجوك ساعدنـي
26/8/2010
رد المستشار
أخي العزيز السيد "سفيان" المحترم؛ إنك ما زلت تفكر بشكل مطلق وهذا أمر طبيعي نظراً لأن هذا النمط من التفكير يعد من خصائص المرحلة التي تتجاوزها اليوم, ويتوقع أن يميل هذا التفكير لأن يتخذ طابعاُ نسبياً خلال السنوات القادمة مع استقرار مسار النمو ودخولك في مرحلة الرشد.
وإن ما تصفه اليوم بالكبرياء وعزة النفس قد ينفعك في المستقبل كإنسان حر وكريم ومستقل، ضابط من ضباط المستقبل الذين سوف يفخر المغرب بهم يوماً, ولكن: مع الأهل... مع الأب والأم، مع الكائنان اللذان حملاك وأنت ضعيف وذليل وعاجز، حتى عن الحصول على الغذاء أو تنظيف نفسك، لن تستطيع أن تضع بينك وبين أهلك حواجز وجدران... من عزة النفس والكرامة... الآن، بعد أن كبرت وأصبحت قادر على الأكل وحدك... وتنظيف نفسك لوحدك.
دعني أذكرك يا سفيان... وأنت لا تحتاج لمن يذكرك... "اخفض لهما جناح الذل من الرحمة".. "قل لهما قولاً كريماً"... مهما بلغت من العمر وحتى ولو كانوا على خطأ، فاخفض لهما جناح الذل وتذلل لهما رحمة بهما..., وذلك بأمر وترخيص من الله عز وجل نفسه, لا يوجد شيء أسمه عزة نفس أو كرامة أمام هذين الكائنين, بل أن تذللك لهما هو حفظ لكرامتك وصون زة نفسك... أقول لك هذا وأنا لست بصدد تقديم الوعظ الديني لك، أردت أن أذكرك فقط.
اتخذ القرار بينك وبين نفسك... وسامحهما، ولا تدفعهما إلي إذلال نفسيهما طلباً لرضاك، توجه إلى طاولة الطعام وكأن شيئاً لم يكن على الإطلاق، شاركهما وجبة الإفطار ولا توفر أي فرصة تتاح لك لتقبل رأسيهما ويديهما، وهما سوف ينسيان كل شيء عندما يشعران بطيبة قلبك، التي تحاول أن تخفيها... بسبب ما تفترض أنه كرامة وعزة نفس وهذا لا يجوز... وحتى لو أستغرب تصرفك من قبلهم، تجاهل ملامح الدهشة... واستمر بالتصرف بشكل طبيعي... ابتسم في وجهيهما يا سفيان... فالبسمة والقبلة أقوى بكثير من الصفعة والصراخ. ولا تنسى أن حب الوالدين لولدهما هو حب مطلق وغير محدود, وهو حب بدون مقابل, وسوف لن تجد مثيل لهذا الحب الصادق في قلب أي كائن على وجه الأرض إلا في قلبيهما.
وأريدك أن تنتبه لمسألة مهمة أخي سفيان, وأنت إنسان متعلم ومثقف, ليس كل ما تقرأه قد ينطبق عليك, فالأفكار الوسواسية قد توجد لدى جميع البشر وهي أفكار طبيعية وقد تكون مفيدة في بعض الأحيان, وحتى تصبح أفكاراً وسواسية متسلطة ذات طابع مرضي, ينبغي توفر شروط محددة ومعروفة بالنسبة لنا, وهي بعيدة كل البعد عن حالتك.
ومجددا... نحن بانتظار سماع الأخبار الطيبة عنك وعن أهلك.
ويتبع>>>>>>: سفيان في دوامة المراهقة م1