الغيرة
أنا أغار على زوجي كثيرًا من كل الذي حوله حتى أمه وأخته.
لا أريد من أحد يتحدث معه أو أن يصاحب أي شخص.
أحس أحيانا أني أريد أن أتملكه ولا أريد حتى أن يراه أحد.
3/9/2010
رد المستشار
أهلًا وسهلًا بك يا أماني، وأعانك الله!
أي نارٍ هذه التي تعيشين فيها؟!! ارحمي نفسك رحمك الله...
الغيرة في أصلها يا أماني شيء فطر الله تعالى النساء عليه، فلا تسلم منها امرأة، حتى نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وقد جرى بينهن قصص طريفة نتيجة ذلك!
مما يروى في ذلك: الحديث الصحيح، عن أنس –رضي الله عنه- قال: ((كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ [أي طبق] فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ [والخادم يطلق على الذكر والأنثى] فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ: «غَارَتْ أُمُّكُمْ». ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ [أي أبقاه] حَتَّى أُتِىَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ)).
ومن يرجع إلى شرح هذا الحديث يجد أن هذا المشهد قد تكرر أكثر من مرة في بيوت النبي صلى الله عليه وسلم!!
لكن وكأي خُلُق أو طبع يطبع عليه الإنسان، ينبغي للمرأة أن تراقب غيرتها وألا تُفْرِط فيها، ولها في ذلك عظيم الأجر والثواب، ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله كتب الغيرة على النساء، فمن صبر منهن كان لها أجر شهيد))!!
فانظري -رحمك الله- كيف أنك أول وأكثر من يعاني. وأنك إن لم تتداركي نفسك قد تجرك الغيرة إلى التعدي على الآخرين وظلمهم، وهذا تؤاخذين عليه. لهذا نجد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رغم عدم تعنيفه لمن كسرت الطبق لعذرها بما جبلت عليه، إلا أنه جعلها تضمنه لضرتها.
فكم ستكسرين وكم ستضمنين طوال حياتك؟ قد تكسرين أطباقًا... وقد تكسرين قلوبًا... وقد تكسرين علاقات اجتماعية، بل قد تكسرين عشك –لا قدر الله-! فهل عندك قدرة على الضمان؟
أنصحك نصح الأخت لأختها أن تروضي نفسك على التخفيف لأن غيرتك هذه تهدد حياتك. الغيرة الطبيعية جميلة لأنها تشعر الزوج بمحبة زوجته له. أما الغيرة المفرطة التي تعيشينها فهي تخنق الزوج، وتجعله يشعر بالأسر، ويكره الجلوس إلى زوجته.
أعلم واحدة كانت في مثل سنك تقريبًا، وكانت تكثر من قولها لزوجها: أريد قلبك لي، أريدك لي وحدي، لا أريد أمك ولا أخواتك... الخ من الكلام المعروف...، فما كان منه أخيرًا بعد أن ضاق ذرعًا بها إلا أن أجابها: أنت لك ربعي فقط، فمن أين تطالبين بقلبي كله؟! يعني أن باقي قلبه لثلاثة نساء أخريات!! فهل ترضين أن تسمعي غدًا مثل هذا الكلام الجارح؟
ثم انتبهي لقضية أمه وأخواته، واذكري أن أمه تعبت في تربيته لتعطيه لك شابًا مكتمل القوة والشباب، فهل تقابلينها بأن تغاري منها، وتستكثرين عليها أن تعيش مشاعر أمومتها لهذا الولد الذي كحلت ناظريها -أخيرًا بعد تعب وعذاب- برؤيته ربًا لأسرة؟ وهل تحرمينه مكافأتها بالإحسان وبرها؟
هل ترضين غدًا أن تشعر زوجة ابنك تجاهك هكذا؟ ماذا ستكون مشاعرك وأنت على هذا القدر من الغيرة؟
وتأكدي أن الحياة مهما فعلتِ ومهما عانيت ستستمر هكذا...، الزوج له أهله الذين لن تنقطع صلته بهم مهما فعل، وله أصدقاؤه الذين عاش عمرًا معهم فأحبهم وأحبوه، وله عمله الذي يعمل فيه لأجل تأمين احتياجاتك، وسوف يقابل فيه كل من هب ودب من الرجال والنساء...
ولاحظي أنك أتيت إلى حياته بعد هؤلاء كلهم، فكيف تحريمنهم منه وتحرمينه منهم؟!!
وإذا أبيت إلا الغيرة منهم جميعًا، فلن يتغير من الوضع شيئًا لأنه مستحيل!! وستموتين غمًا وكمدًا..
فأرجو منك بين الفينة والأخرى أن تجلسي مع نفسك لتذكريها بهذه الحقائق، حتى يكون لها سلطان في ضبط مشاعرك عند فورة الغيرة والغضب. واحتسبي الأجر عند الله تعالى في ذلك، ولا تفوتي على نفسك أجر الشهداء، واستعيني على نفسك بكثرة الدعاء أن يخفف الله تعالى من غيرتك، وهو القادر على كل شيء.
وأنا بدوري أدعو لك أن يخفف الله عنك، ويحييك الحياة الهانئة الرغيدة في الدارين
واقرئي أيضًا على مجانين:
التعلق والغيرة وحب التملك والشك, هل لها من حل؟؟
من غيرتي عليه أصبحت لا أطاق!
بغير عليه....طيب أعمل أيه؟؟
اللفافة السوداء