من وساوسي أبكي وأنام لا أصلي؟!
سأكتب ما في بالي ربما قد يطول، وربما سأرسلها على عدة رسائل، لأني أحاول ألا أنسى أي شي يفيد في التشخيص أو العلاج.
أنا عمري 24 سنة حاليًا، بسنة الامتياز بطب الأسنان. وعندنا في جدة الأسنان 7 سنين وليست 5، لا تسألني لماذا؟ لا أعلم أنا من المملكة العربية السعودية في جدة.
أنا مخطوبة لابن عمي. وهو الآن يدرس الماجستير في إيطاليا، ويكبرني بعام.
كيف أو من أين أبدأ؟
أنا الفتاة البكر لوالدي والبنت الوحيدة. بعدي هناك 5 أولاد. ومنذ كنت صغيرة ربتني أمي على الدين والخلق والعلم. صحيح أمي كانت شديدة وحازمة في أمور، لكن كانت طيبة رغم أنهم يقولون إن دمعتها لا تنزل بسهولة وإنها شديدة في المواقف.
على فكرة أمي يتيمة الأب منذ كان عمرها 10 سنين أمها أيضًا حازمة، لكن لا أعلم إن كان هذا مهمًا.
المهم أني منذ كان عمري 8 سنوات كنت أحافظ على صلواتي وديني وصيامي جدًا جدًا. لا أحب الأغاني، أسمعها أحيانًا، وأتركها أحيانًا أكثر. وكنت متفوقة في دراستي كنت دومًا من الثلاث الأوائل. كانوا يسمونني بنت المؤذن لحفاظي على صلواتي. لم أكن أعتقد بأنني جميلة، وكنت أختلط بأولاد خالاتي، ويعتبرونني صبيًا مثلهم.
كنت أميل لابن عمي الذي خطبني الآن، لكن ونحن صغار كانوا بحكم عمل والدهم دومًا خارج البلاد وكان يميل لأحد بنات عمتي، ثم مال لبنت عمتي الأخرى. ونحن كنا في تلك الفترة بعيدًا عن أهل والدي، وأقرب لأهل أمي. لا أقصد مسافات، ولكن من حيث المشاعر رغم أننا نزورهم كلاهما زيارات متساوية عددًا تقريبًا.
المهم أذكر عندما توفي جدي وأنا في ال 8 أو ال9 من عمري، وأذكر ذلك الإحساس كأنه بالأمس في اليوم الذي توفي فيه جدي، أحسست بصوت داخلي يقول: إذا لم تحركي قدمك 3 مرات ستدخلين النار، أو ستموتين أو إذا لم تفعلي كذا، أو تقولي كذا، سيحرق أخوك ويشوه أو غير هذه الأفكار. لا أذكر إن تكررت هذه الأفكار لكن أذكر أكثر شيء الموقف الذي ذكرته لك وأذكره جيدًا.
استمرت حياتي وأنا بين تدين لحد التزمت، وأحيانا أخرى أصبح كالبقية لكن أحافظ على حجابي وصلاتي. أحيانا ألتزم لحد التشدد، والكثير حولي يستنكرون الأمر لأنه فترة من الفترات أصبحت ألبس القفازات والعباءة الطويلة الفضفاضة على الرأس، أحافظ على المحاضرات الدينية، وصحبة الملتزمات دينيًا وأحيانًا أعود للحجاب العادي فقط، أغطي رأسي ولبس فضفاض، وأستمع قليلًا للأغاني وذلك عندما كان عمري 17 سنة.
بدأ معي وسواس الوضوء والطهارة والصلاة وأنا عمري 15 سنة، أعيد الوضوء أو الصلاة أو أجعل أحد أخوتي يراقبني ويسجل صلاتي بكاميرا الفيديو مقابل مبلغ من المال.
أخواني كانوا مثل أولاد هذا الجيل يعني في دراستهم متوسطون التفوق، رغم أنهم يمكن اعتبارهم أنهم متفوقون بالنسبة لمن هم في سنهم في العائلة.
المهم في تلك الفترة كنت أنا وبنت عمتي نشبه بعضنا في الوساوس كانوا يقولون عنا موسوسات. وعلى فكرة الوسوسة أيضًا كانت في فترة من فترات حياة الأخت الكبيرة لبنت عمتي التي تشبهني في حالتي. وأيضا أحد عماتي، لكن ليست والدة بنات عماتي اللواتي هن مثلي. لكنهن استطعن السيطرة عليها جميعهن، وإن كانت استمرت مع ابنة عمتي التي في عمري فترة من الوقت.
آخ يا دكتور، معاناتي الحقيقة؛
دخلت كلية طب الأسنان بناء على رغبة جدتي أم والدي لأنها كانت تحلم أن يصبح أحد أحفادها طبيبًا. وكانت لا ترى أنه سيأتي أحد بنفس نسبتي وتفوقي. رغم أني كنت لا أريد الدخول إلى الطب، كنت أريد دراسة الشريعة الإسلامية، لكن قدر الله وما شاء فعل.
لم أعد متفوقة في الجامعة، كنت أحرز تقدير جيد جدًا أو جيد مرتفع، كان يعتبر متوسط الدفعة لكن أحبطت قليلًا بسبب هذا. ورغم استمرار الوساوس التي ذكرت مع الطهارة والصلاة والوضوء والاغتسال من الدورة الشهرية، لكن ذلك لم يكن عبئًا ثقيلًا كالذي أحسه الآن كان صعبًا، لكن أولى معاناتي الحقيقية بدأت عندما كنت سنة رابعة جامعة.... تلك السنة وفي يوم منها عدت للبيت من الجامعة ووجدت أمي تبكي وأحد أخوتي. كان السبب أن والدي كان يريد الزواج بفتاة من المغرب، وهو في تلك الفترة أعتقد كان هناك، لأن أبي يعمل في الخطوط، وهو دائم السفر، يكون خارج البلاد لمدة سنوات، يعود فقط كل عدة أشهر، وكنا نذهب إليه في العطل.
أذكر أني هاتفته وبكيت، وتأثر وقال لأمي أنه تراجع، لكن لا تدعي أولادي يفكرون بالموضوع.
على فكرة لدي اثنان من أعمامي أحدهم متزوج زوجة أخرى من سوريا ولديه أبناء منها. والآخر متزوج من إندونيسيا لكن طلقها، وعاد لزوجته الأولى أم أطفاله. وعمي الأكبر والد خطيبي كان محبًا لزوجته وأولاده ولم يتزوج بأخرى، ولقد توفي عمي هذا رحمه الله عندما كنت في ال 14 أو 15 من عمري.
المهم أني اكتشفت فيما بعد أن أبي لم يتراجع عن قراره، وأنه قال لأمي لا تخبري أحدًا وإلا طلقتك. كانت أمي وقتها في حالة صعبة، نحفت كثيرًا وتغيرت، كان والدي وقتها في سويسرا للعمل وكانت إجازة الصيف كنت نجحت في السنة الرابعة جامعيًا وأمي وأخوتي ال 3 الصغار مع أبي في سويسرا. وظللت أنا في المنزل مع أخواي اللذان هما أصغر مني، أحدهم أصغر مني ب 3 سنوات، والثاني ب 5 سنوات. وظلت جدتي والدة أمي عندنا وهي التي أخبرتني بقرار أبي لأن أمي كانت اشتكت لها. وقلت لها: أعلم هذا، لأني اكتشفته بالصدفة عندما وجدت أمي تبكي أحد الأيام على الهاتف، لكن لم تخبرني.
لا يهم، المعاناة الثانية يا دكتور بل الحدث المهم في حياتي:
أنه في تلك الإجازة و بالذات يوم 7 أو 10 رجب سنة 1429 هجريًا توفي أخي، نعم توفي أخي الذي يصغرني ب 3 سنوات. كان في تلك الفترة متخرج من الثانوية و يريد أن يقدم للجامعة.
أخي عبد الله هذا كان قريبًا مني لدرجة كبيرة، كنت أحبه كان يحملني رغم ضعف جسمه بسبب مرض السكر الذي أصابه وهو في الخامسة من عمره. توفي في حادث سيارة، توفي وتركني في أصعب حالة في حياتي. توفي قبل أن أخبره أن أبي يريد الزواج بأخرى، لأنه أنا وأخي الآخر الأصغر من الذي توفي كنا فقط نعلم. توفي وكنت خائفة لأني كنت أراه يصلي صلوات الجمعة أغلب الأحيان، وكان يريد أن يؤدي عمرة لنجاحه لكن لم يستطع.
أذكر أنه كان يصلي، لكن لا أعلم هل كان محافظًا على الصلاة أم لا؟ هل كان مثل الأولاد في عمره؟ عندما أتوا به لنودعه كانت أحد عيناه مفتوحة كأنه تفاجأ، والأخرى كانت متورمة لأني أذكر أنه قبل الحادث كانت عينه ملتهبة، وقلت له أن يذهب للطبيب حتى لا تتأثر عينه خاصة لأنه مريض بالسكر.
خفت من موقف حصل قبل موته بساعات كنت أصلي العشاء، وقلت له: تعال وصلِّ معي بحيث تكون إمامًا لي، وأنا مأمومة. لكنه ابتسم وقال: صلي صلي. وذهب ولم أعلم هل صلى أم لا، لكن أحد أبناء عمي يقول: إنه كان قبل أن يتوفي بعدة أيام قال له أخي سأنام وأيقظني للعشاء. وكان قد أفطر عدة أيام من رمضان بسبب مرضه، وكان يقول: ذكروني أن أقضيها، لكن لم يستطع. وقضيناها أنا وأمي بعد وفاته. ذهب بعد أن عانى مع مرض السكري 12 سنة. كان يمرض ويعاني، يأخذ إبر الأنسولين يوميًا ليعيش. ورقد في المستشفى لتنظيم السكر أكثر من مرة.
رحل وتركني لم أجد بعده من أضمه كما كنت أضمه، أحس بعظام صدره النحيل، ويحملني ويقول: أنا قوي. ويقبلني على خدي ههههههه، ويقول: أختي الجميلة، أختي الحبيبة.
آهههه كانت فترة صعبة جدًا. بكيت كما لم أبكي، كرهت الحياة، وخفت أن يكون في النار، أو شيء من هذا القبيل. لكن حلمت به وحلم به الآخرون أحلامًا جيدة، أول حلم خفت عليه لأني حلمت أنه نائم ويلبس أبيض، وأن أبي أخذنا لنراه، وقال: إنه في مكان يذهب إليه الناس، ولم يموتوا، وكان أخي في الحلم كأنه حزين أو يبكي، وحينما رآنا فرح جدًا وأخذ يقفز من الفرح. قلت: ربما أعمالنا وصلت له.
أبي حلم أنه سعيد. وأمي وابن عمي وابن عمتي أيضًا، حلموا إن شاء الله أظنها خيرًا. وفي رمضان الفائت أحد الليالي توضأت وصليت وبكيت ورجوت الله أن أراه، ورأيته في تلك الليلة عاد صغيرًا وكان مستحمًا، وقد غطى نفسه بمنشفة بيضاء ويسأل أمي عن الثياب الجديدة، وكان في هذه الرؤيا ابن عمي الذي خطبني قبل أن يخطبني. وقتها استيقظت وقلت: هل هذا خير أم لا؟ وبدأت أشك هل عاد صغيرًا لأن أعماله صغرته؟ أم هو مستحم، ويلبس أبيضًا، ويبحث عن الثياب الجديدة لأنه بحال جيدة؟
لقد أخبرتني طبيبة نفسية أنه بسبب الاكتئاب والوسواس أرى فقط الجانب السيئ وأني بسبب الوسواس أريد الكمالية في كل شيء وأظن هذا صحيحًا.
ظللت فترة طويلة بعد أن توفي أرى في الحلم أنه لم يمت وأرى أننا جميعًا سويًا وأفرح وأقول: الحمد لله لم يمت كان كابوسًا. لكن حينما استيقظ أجد الكابوس واقعًا وحلمي مجرد حلم.
المهم في رمضان 1429 بدأت المعاناة الثالثة والكبرى، بدأ وسواسي وخوفي من الصلاة ووساوس العقيدة، لدرجة كنت أتمنى الموت، وذهبت لأول مرة لطبيب نفسي وصف لي دواء واستمريت في الأدوية حتى ذات يوم في أثناء اختبارات سنة خامسة جامعيًا اختبارات نصف العام حيث لم أحل جيدًا، وبكيت كثيرًا وذهبت للطبيب ووصف لي يومها دواء نسيت اسمه، كان عبارة عن مثلثات حمراء صغيرة، ووصفها لي أن آخذها 3 مرات يوميًا، كان ذلك يوم السبت أخذت منها -لا أذكر- ربما السبت والأحد أو بدأت الأحد وذهبت للاختبار الاثنين وأحسست يومها بأحاسيس غريبة حسبت أنها من عدم النوم، وبعد الاختبار عدت للمنزل حاولت النوم نمت وبعدما استيقظت لم تذهب الأعراض، كنت أحس بشعور غريب، وصليت يومها لكن عندما استيقظت لم أستطع صلاة العشاء، وكانت عيناي تتوجه للأعلى ورقبتي لليمين، وكلما حاولت تعود مرة أخرى للأعلى واليمين. أمي خافت وظنت أني أمزح، أخذت تهزني وتضربني بقوة لأنتبه، لكن كنت أجيبها فقط: هااا لا أدري لا أعلم.
نقلت للمستشفى وقضيت ليلتي هناك بعد أن أصبت بأثر جانبي من الدواء، ذهبت لمستشفى غير التي كنت أراجع فيها وقال لي الطبيب فيها: إنه أصبت بعرض جانبي من الدواء وأصبت بـ SEVER OBSESSIVE DEPRESSIVE CRISIS أزمة وسواسية اكتئابية شديدة، وضعوا لي محاليل ونصحني الطبيب بأن أشرب قهوة لتساعد على طرد الدواء من جسمي، ونصحني أن أتحضر للاختبار الذي يليه، وكان الاختبار في اليوم الذي يليه، وقتها جدتي أم والدتي أخبرت الجميع أني أتناول أدوية نفسية، وعلم جميع أهل أمي بهذا، وكانت أعين الشفقة والاستفسار تتوجه لي. لكن أهل أبي أخفينا عنهم رغم أني أشك أن والدي أخبرهم أم لا؟ لا أعلم، لكن سمعت بعض الشائعات أنهم يعلمون. لا يهم أنا غير مهتمة، ولا أرى المريض النفسي مجنونا، رغم أن نظراتهم و شكوكي بما يقولونه عني يخنقني أحيانًا.
هددني أبي بترك الأدوية خاصة أن أبي لا يعترف بفائدة الطب النفسي ويقول: هذا كله يعتمد عليك، وأنك يجب أن تصبحي أقوى ولا أدوية نفسية، خوفًا أن يخسرني مع العلم أن أبي يحبني جدًا جدًا، وأخوتي ويدللني كثيرًا، رغم حرصه علي بزيادة كان يمنعني الخروج لوحدي مع صديقاتي أو غيره. لكن ظللت أستخدم الأدوية فترة. وذهبت للمستشفى الأخيرة التي نمت فيها عدة مرات فقط عندما كنت أحس بدوار وبكاء شديد، لكن كانت هناك طبيبة نفسية هزأتني وقالت: هذه هستيريا، وكفي عن هذا. رغم أنها عندما وجدت تلك الليلة التي نمت فيها عندهم بالمستشفى كانت لطيفة أيضًا.
إحدى المرات الطبيب الذي عالجني عندما أصبت بالأزمة مرة عندما عدت إليه أبكي قال لي بقسوة: ما دمت لا تتحملين الطب لماذا دخلت فيه؟ وكان قاسيًا قليلًا رغم ابتسامته وطيبته لكن بعد أن قاس حرارتي وجدها مرتفعة، وقال لي: أوقفي الأدوية النفسية وخذي خافض حرارة، عندما تخف عودي إليها. لكن أيضًا تلك الفترة أصبت في أكواعي وركبي بحساسية شديدة، وقالت لي الطبيبة الجلدية: أوقفي أدوية الحرارة والأنفلونزا وأعطتني مضاد للحساسية وقالت: إن لم تذهب تعالي لنعطيك إبرًا. لكنها الحمد لله توقفت بعدها ثم أبي ألقى جميع أدويتي في الزبالة خوفا علي وتركت العلاج حتى آخر السنة الدراسية لكن انتكست آخر السنة مع الخوف من الدراسة وكلما أردت تقديم عرض تقديمي للجامعة كنت أخاف أن أقدمه وأشعر بارتباك وخفقان وخوف وارتجاف وكانت لدي معاناة أيضا مع إبر البنج فأنا كما أخبرتك أني أدرس طب الأسنان حيث كنت أرتجف من هذه الإبر خاصة وأخافها كثيرا وأنا صغيرة وأبكي منها وعانيت كثيرا حتى بدأت أتعود أن أعطي الإبر رغم أنه توجد أحيانا هذه الرعشة وخفقان القلب.
المهم عدت للطبيب النفسي كان الثالث على التوالي هذه المرة في عيادة فاخرة وليست مستشفى، قاس نبضاتي من يدي ورجلي لا أعلم ما هو الجهاز لكن قال لي أنه من كلامي وقياسات الجهاز أني أعاني من وسواس واكتئاب شديد وأنه سهل العلاج، تابعت الأدوية مع هذا الطبيب فقط بالبروزاك، وعندما لم أحس بنتيجة كنت أرجوها بل ظللت أتذبذب بين حال وسواس خفيف وشديد.
عدت للطبيب الثاني الذي عالجني من الأزمة لأني أحببته وأحسسته منقذي رغم شدته علي قليلا وقت سخونتي لكن نفس النتيجة وكانت هذه في السنة السادسة جامعيا.
أخيرا انتقلت لطبيبة مشهورة في نفس المستشفى لأني أردت أنثى فربما تفهمني أكثر، واستمريت في الأدوية مع العلم أنه لم يكن هناك علاج سلوكي مع أيٍ من هؤلاء الأطباء فقط أقضي 10 دقائق إلى ربع ساعة عندهم بعد انتظار يدوم لأكتر من ساعتين في العيادة أو المستشفى أبكي عندهم ويهدئونني ويرفعون معنوياتي ثم أعود لما كنت عليه. مع انشغالي بالسنة السادسة آخر سنة قبل الامتياز ثم خطوبتي في نفس السنة وكتب كتابي وخوفي من السنة الأخيرة ومن كثرة المرضى المتعالجين وكثرت الضغوط كنت قبلها طلبت تأجيل السنة الدراسية حتى أتحسن من الخوف القلق الاضطراب والوسواس لكن قوبل طلبي بالرفض من أمي وأبي وخطيبي مع العلم أن خطيبي طيب جدا وبعد موت والده تولى مسؤولية أسرته ورضي بأمه وأبيه ومحبوب من العائلة وأخي رحمه الله كان متعلقا به وأيضا أخي الذي يصغرني ب 5 سنين من المقربين له.
وافقت عليه لأنه لا يفوت لم أحبه كالماضي لأني كنت أعلم أنه يحب بنت عمتي لكنت بعد أن خُطبت وفي إحدى السفرات رآني وكانت أول مرة يعرفني عن كثب وأعجب بي جدا خاصة أني عندما كبرت زالت اعتقاداتي التي كنت أعتقدها وأنا صغيرة بأني غير جميلة وتقدم لي خطاب حتى أولاد خالاتي الذين كانوا يسخرون مني في الصغر أراد منهم أكثر من شخص التقدم لخطبتي.
المهم ابن عمي خطيبي كان صبورا معي رغم اتهاماتي وشكي به بدأت أميل إليه لتحمله لي وصبره رغم أن أخبرته أني لازلت أتعالج نفسيا وقال لي أنا صابر ومستعد وقد أخبرني مرارا أن ما كان من قبل من مشاعر لبنات عمتي كان طفولة ومراهقة وأنه كبر وتغير وعرف معي الحب الحقيقي وأن الزواج هو الرباط الصحيح وأن الحلال ليس مثله شيء وأنه لا يريد سواي ويحبني كثيرا. هو ملتزم بصلاته وصيامه وبره لكن مرة قال لي كلمة سببت لي خوفا يومها، قال لي أحبك كثيرا لدرجة أستغفر الله لو قلت اكفر سأفعل، وقتها فزعت ونهرته وقلت الكثير، قال لي لم أقصد هل تعتقدين صدقا أني سأكفر بأي حال أريد أن أوصل حبي فقط، لكني زجرته وندم ولم يعد لها مرة أخرى أقصد الكلمة بل أخذني للعمرة ودائما يسألني أن أدعو الله لنا، وسافر بعدها للخارج وهناك حافظ على غض بصره ما شاء الله وصلواته وصيامه والتراويح في المسجد يكلمني كأنه طفل صغير يقص علي جميع الحكايات بكل أحاسيسه وكل شيء.
أحيانا أضجر وأحيانا أحبه ورأيت منه الكثير من حسن الخلق والدين والعلم والبر بالجميع.
مشكلتي أني الآن في رمضان وتقريبا منذ آخر شهر ربيع الأول وبالتحديد 23 بدأت أتخبط بصلاتي خاصة أني أقضي في الجامعة من 8 صباحا ل 6 قبيل المغرب ومع انشغالي أريد تأدية الصلاة لكن لخوفي ووساوسي وتوتري كنت لا أستطيع فقط أبكي أبكي وأنام على سجادتي، ثم أقوم لأصلي قضاء وهكذا حتى تعبت وتركت الصلاة وقلت عندما تأتي الإجازة أعود لها وأقضيها.
كنت أتعذب وأخفيت الأمر عن أمي لأنه عندما كنت أخبرها بمعاناتي كانت تتحمل لكن في مرة في تلك الفترة وجدتها تبكي وقالت لي أنا أبكي على حالك.
تأثرت كثيرا وقتها ولم أعد أخبرها أو أخبر أحدا بشيء.
انتهيت من اختباراتي وأنا لا أصلي وجدت الأجازة وكل مرة أقول غدا أو عندما تأتيني الدورة الشهرية وذهبت للطبيبة عدت مرات طلبت منها علاج سلوكي وكنت أبكي وأشهق، كرهت الحياة تمنيت الموت لكن أي موت وخوفي من النار موجود. فكرت كثيرا أنه ليس بيني وبين إنهاء هذا العذاب ورؤيتي لأخي رحمه الله إلا الموت، لكن أعود وأستغفر ربي وأقول ربي يعطيني فرص وأنا أضيعها وأذهب للنار بنفسي.
قبل رمضان بأسبوعين حاولت العودة للصلاة كنت أصلي يوما وأفرح واليوم الذي يليه أصلي فقط فرض ثم بعده أصلي كل الفروض ثم يوم فقط فرض أو اثنين مع العلم أني بعد الصلاة أفرح جدا جدا. استمريت في التخبط حتى يومي هذا الذي أكتب لك فيه قصتي وقد أغفلت كثيرا من الأحداث وذكرت ما أعتقد أنه مهم لي رغم طول سردي.
حقيقة أشعر بالذنب أحب مشاهدة المسلسلات ولا أحب الأغاني، تركت المسلسلات التركية أتفرج على مسلسل خليجي وباب الحارة.
أحيانا أعصب على أمي وأبي لكن بدأت أكبح جماحي لأني أقول لعل هذا ما يجب أن أغيره بنفسي ليغيرني الله وأعود للصلاة، أحاول ترك المسلسلات لكنها والأكل الذي زاد وزني بسببه آخر الأشهر 10 كيلو أجد فيهم التسلية.
أنا أتناول الآن انفرانيل 25 ملجم 3 مرات يوميا ولوستيرال 50 ملجم أتناوله مرتين يوميا، كنت في السابق قد أخذت بروزاك وفافرين وزانكس.
أنا سعيدة لأني عدت أصلي حتى لو فرض في اليوم أو فرض كل عدة أيام لكن خائفة أموت وأنا لم أعد للمحافظة على الصلوات.
نسيت أن أقول أني لم أعد أشعر بوساوس عقيدة لكن أحيانا عندما أفكر ماذا لو كان أخي لا قدر الله في النار كيف أستمر في عبادتي رغم أني مقتنعة أن الله حق وعدل، وأقول كيف كان الرسول قويا واستمر في حب الله وعمه في النار؟
أتساءل كثيرا وأوقف التفكير حينما أشك أنه في نفسي على الله ما لا يجب... تنزه الله عز وجل وتعالى علوا كبيرا.......... أنا مؤمنة ومتيقنة أن الله حق الجنة حق والنار حق، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، لكن أريد الحياة بشكل يرضي الله عني أريد الصلاة وأن أكون كما يحب الله أن أكون.
أرى الناس يصلون ويعبدون ويحبون الله حتى لو فعلوا بعض الذنوب التي ليست من الكبائر لكن يستطيعون الحياة ويأملون من الله الرحمة، أمي وأبي يصلون واستطاعا الحياة بشكل طبيعي بعد وفاة أخي رغم حزنهم لم يفعلوا مثلي أغبطهم على إيمانهم أخ
أنا أعلم رحمة ربي وعظمته وقوته، وإلى الآن لم أقنط من عفو الله، لكن أقول دائما يمكن بسبب المسلسلات والأكل وأحاول تركها وأتراجع مع أني إذا تيقنت أنها سبب بعدي عن الصلاة سأتركها وأتحمل بعدها لكن بما أني في شك فقط أتمنى أن أصلي وأستمتع بالحياة فيما لا يغضب الله وفيما يرضيه عني ويرحمني، طبعا هذا بالنسبة لنا نحن البشر وأنا لا أصلي مستحيل رغم انه لا يوجد مستحيل على من جعل لنفسه 99 رحمة وأعطانا واحدة نتراحم بها آه يا رب ما أعظمك أدعو الله أن لا يحرمني من أعظم نعمة أعطانيها وهي الإسلام.
أحيانا يا دكتور أحس بشعور غريب أني عندما مثلا أصلي 4 صلوات في اليوم وبقي العشاء أتكاسل وأعجب بما فعلت أستغفر الله وأقول خلاص فعلت كثير رغم حالتي وصعوبة ما أفعل ويكفيني، وأحيانا أشعر أني أريد هذا العذاب. أستغفر الله كأني لا أريد الخروج مع أني أبكي وأبكي وأخاف الله.
هل أنا فتاة شريرة أو سيئة لا أعلم آه لا أعلم تعبت صرت أفكر خلاص هذا قدري استمتعي بالحياة والله سيحكم لك نارا أو جنة لأنك فعلت ما بوسعك لكن لا أقتنع، حتى وأنا أكتب لك الآن أي كلمة أحيانا أمسحها لأني أشعر أنك لو ذكرتها في ردك لي أنه يعني أنها رسالة من الله أني غير جيدة وأنه يجب أن لا أصلي وأيضا أشعر أني أكتب لك وأملي قليل بالعلاج وأقول جربي.
لا أعلم قرأت الكثير في موقعكم لكن لا أعرف كيف أطبقه؟؟
تقولون تجاهلي الفكرة لكن أظل أحاول وأحاول وفي الأخير أبكي ألف فكرة وفكرة تأتي بمجرد النية للصلاة، لم أعد أشك في الوضوء كثيرا لكن أشك أحيانا بنجاسة في أخي الصغير عندما يدخل الحمام صرت لا أفارق أكرمك الله التحفظ يوميا منذ فترة طويلة أستحم كثيرا وأغير يوميا ملابسي أكثر من مرة لكن الآن صرت أقتصر على مرتين يوميا قبل الفجر وقبل العصر عندما أستيقظ.
أحاول أن أقلل أكلي ومشاهدتي للتلفاز والعودة للصلاة والنوم مبكرا لكني لا أستطيع خاصة في رمضان. تعبت نفسي أعيش زي الناس أراهم يضحكون ويستعدون للصلاة بسهولة ويصلون ويقرؤون القرآن.
أحس أحيانا أني مرائية أصبحت لا أعلم ما هي الأفكار التي مني أو ما هو من شيطاني أو وساوسي، أقول إبليس استحق مكانته رغم أنه كان من الملائكة ماذا عني هل أنا أسوأ منه؟؟
الآن أقول في نفسي أنت تخبرين الدكتور بهذا لكي يشفق عليك دكتور وائل ويقول لا أنت طيبة وجيدة.
آه الله وحده العالم بمرضي وحالي وكل شيء. ماذا أفعل وإذا كان الواجب أن أفعل شيئا أستصعبه كثيييييييييييرا ماذا أفعل؟ كل يوم أقرأ عن الوسواس والحالات التي مثلي والفتاوى لكن لا أحد يعلم ما نشعر به يقولون اتقوا الله عودوا للصلاة أنا أعرف قدر الصلاة وقدر ما أفعله لكن أريد الحل.
يحزنني أنني لا أشعر بحرقة كل الوقت على تهاوني في صلاتي كالسابق ولم تعد الصلاة كما كانت تعني لي زمان أتمني أن أعود طفلة كما كنت أنتظر الأذان بوضوئي وشرشف صلاتي، أخ هل ماتت تلك الفتاة بموت أخيها لا أعلم. أرجوكم أعيدوا لي حبي للصلاة ندمي وخشوعي.
الآن أكتب لك ولم أصلي اليوم إلا الظهر حاولت الصلاة للمغرب لكن كبرت وأصبت بإحباط كبير وقلت ما الفائدة أنا أحاول من قبل رمضان بأسبوعين ولا زلت أحاول إلى اليوم 21 من رمضان. هل ساجد ما أريد عندكم لا أعلم لكن أرجو من الله عز وجل أن أجد الحل، أرجوه أن أعود لحبي لصلاتي لسجودي له لأن أكون عبدة له.
لا أعلم مقدار تناقضي فلكي أزيل حزني الآن أنا ذاهبة لمشاهدة مسلسل ولآكل للترفيه عن نفسي. أستغفر الله ماذا أفعل هل هو خطأ؟؟ من أصدق: الناس الذين يقولون إن الله غفور رحيم أم الشيوخ الذين يقولون الله شديد العقاب.
أخخخ يا رب أريد العيش طبيعية طبيعية، أرجوك لا تقل لي مثل دكتورتي صلي حتى لو من غير تكبير، لا أريد أن تفتي لأني سأقول أنت عالم نفسي لست عالم ديني.
هذا ما يتردد في بالي، أرجوك دكتور وائل سامحني على أسلوبي، وادعُ الله لي ربما لا تملك لي غير هذا الدعاء وربما كان هو حلي الوحيد وينقذني. أرجوك فكرت أن أكلمك بالهاتف نسيت أقول لك أنه أنا عارفة أن الله غني عني وعن عبادتي وعن عذابي وأنا في حاجة له
لك شكري وتقديري.
سامحني؛ نسيت أن أقول أبي لم يذكر عن زواجه بالأخرى بعد موت أخي وكان جيدا مع أمي لكن سبحان الله يا دكتور أول ما رجع استقر في جدة وقبل أن يبدأ سلسلة من السفرات حلمت أنه قال أنه سيذهب لمكان ما وأننا اكتشفنا أنه ذهب لغيره وغضبت منه جدا أنا وأخي رحمه الله وعندما استيقظت قلت ربما فقط حلم لأن أبي استقر عندنا و يومها فوجئت بأنه سيعود لسلسلة من الرحلات والآن هو في المغرب ذهب مع جروب من العمل لم يكن معهم لكنه انضم إليهم باختياره ولقد أحسست من أمي برودا تجاهه.
أخ لا أعلم أيضا لم يعد الموضوع يغضبني كما في السابق، أمممم هناك الكثير لم أخبرك به أريد إخبارك فيه كنوع من الفضفضة لكن بعد أن أعود كما كنت
مع تحياتي
الحائرة عبدة الله الفقيرة
5/9/2010
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله؛
الأخت الكريمة، عافاك الله وشفاك شرح صدرك...
لكل شيء نهاية فلا تقلقي ولا تجزعي، وإنما هي حالة تمرين فيها غلبك فيها الاكتئاب والوسواس، وستزول بإذن الله تعالى وتعودين إلى صلاتك قريبًا، ولكن اصبري واعزمي على متابعة العلاج، واستمري في إهمال الوساوس مهما ألحت عليك، ومهما وجدت إقامتها طويلة في رأسك.
أختي الغالية، لكل إنسان بلاؤه في هذه الدنيا، ولا يخلو أحد من ابتلاء ومعاناة، فالدنيا كلها ابتلاء. لهذا إن حصر الإنسان نفسه بالتفكير بأنه يريد أن يعيش بلا ابتلاء، فإنه سيحيا عمره في شقاء جراء أحلامه التي لن تتحقق.
إذن كيف السبيل إلى أن نعيش مطمئنين؟ بعد الرضا بقضاء الله تعالى، علينا أن نتعلم كيف نتعامل مع ابتلائنا، ونتعلم كيف ندير حياتنا بوجوده. استمتعي بحياتك كما هي يا أخية، ولا تحاولي أن تنتظري تغيير الوضع لتسعدي، وتهنئي بالًا.
هناك من ابتلي بالشلل، فهو يصلي قاعدًا مستمتعًا بصلاته متذوقًا حلاوة الإيمان كما هو، يعلم أن هذا هو الواجب عليه، وأنه أدى فرضه وبرئت ذمته عند الله. وهناك من ابتلي بسلس البول فهو يصلي بوضوء دائم الحدث، ويستمتع بصلاته كما هو، وقد أدى واجبه تجاه الله تعالى...
وهناك من ابتلي بالوسوسة، فعليه أن يصلي كما هو، يصلي ثلاثًا بدل أربع، واثنين بدل ثلاث، وينسى الركوع والسجود، ويؤدي رغم هذا ما عليه، وتبرأ ذمته عند الله تعالى. هو لا يستطيع أكثر من هذا، فعليه أن يستمتع بصلاته على هذا النحو، كما يستمتع بها غيره من المرضى وهي ناقصة.
وهناك من ابتلي بالاكتئاب، فهو يستثقل الأعمال ويجد القيام بها كحمل الجبال، وعليه أن يخفف من هذا الجبل، فيختصر ويصلي ما تتحمله نفسه من الصلوات، ويقتصر على الأركان إن صعبت عليه السنن، فهو لا يتحمل أكثر من ذلك، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها...، وعليه أن يقبل نفسه على هذا النحو ريثما يشفى...
وهناك من ابتلي بالوسواس والاكتئاب كما هو حالك –أعانك الله- فعليه أن يخفف، وأن يقبل الوضع ويستمتع بحياته كما هو!
اقبلي الوضع كما هو، فالأسف لن نستطيع أن نكون كاملين دائمًا، غالب أعمالنا يلحقها النقص، فإذا كنا لن نعمل إلا إذا كان عملنا كاملًا فلن نعمل أبدًا، وهذا ما حصل معك.
ترفضين نصائح الأطباء بأن تصلي بغير تكبير، فهل ترفضين الأحاديث وكلام كبار العلماء والفقهاء؟
انظري هذا الحديث: روى مالك في "الموطأ" [1/100]: ((أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ فَقَالَ: إِنِّي أَهِمُ فِي صَلاَتِي فَيَكْثُرُ ذَلِكَ عَلَيَّ. فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: امْضِ فِي صَلاَتِكَ، فَإِنَّهُ لَنْ يَذْهَبَ عَنْكَ حَتَّى تَنْصَرِفَ وَأَنْتَ تَقُولُ: مَا أَتْمَمْتُ صَلاَتِي)). [القاسم بن محمد بن أبي بكر تابعي أحد الفقهاء السبعة المشهورين في المدينة المنورة].
قال في مرقاة المفاتيح [1/256]: (والمعنى: لا يذهب عنك تلك الخطرات الشيطانية (حتى تنصرف)، أي تفرغ من الصلاة، (وأنت تقول) للشيطان: صدقت! (ما أتممت صلاتي)، لكن ما أقبل قولك، ولا أتمها إرغاماً لك، ونقضًا لما أردته مني. وهذا أصل عظيم لدفع الوساوس وقمع هواجس الشيطان في سائر الطاعات. والحاصل: أن الخلاص من الشيطان إنما هو بعون الرحمن، والاعتصام بظواهر الشريعة، وعدم الالتفات إلى الخطرات والوساوس الذميمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم).
ما رأيك؟ وارجعي إلى منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري 9 وما بعده، وستجدين كثيرًا من النصوص تؤكد هذا المعنى، أفلا تقبلين قول العلماء؟
قال الإمام ابن تيمية –رحمه الله تعالى في درء التعارض: (3/318): (وهذا الوسواس يزول بالاستعاذة، وانتهاء العبد، وأن يقول إذا قال: لم تغسل وجهك؟ بلى، قد غسلت وجهي. وإذا خطر له أنه لم ينوِ، ولم يكبر يقول بقلبه: بلى، قد نويت وكبرت. فيثبت على الحق ويدفع ما يعارضه من الوسواس، فيرى الشيطان قوته وثباته على الحق، فيندفع عنه، وإلا فمتى رآه قابلًا للشكوك والشبهات، مستجيبًا إلى الوسواس والخطرات، أورد عليه من ذلك ما يعجز عن دفعه، وصار قلبه موردًا لما توحيه شياطين الإنس والجن من زخرف القول، وانتقل من ذلك إلى غيره إلى أن يسوقه الشيطان إلى الهلكة).
ما رأيك الآن؟ أليس كلام الأطباء صحيحًا؟ كما قلت لك، ارجعي إلى مقال منهج الفقهاء في علاج الوسواس القهري (5)، ومقال منهج الفقهاء في علاج قي علاج الوسواس القهري (6) وستجدين أدلة كثيرة لا تخطر على البال في معنى هذا الكلام.
إذن قومي، وارجعي إلى صلاتك، وخففي منها فاقتصري على الفروض، وصلي بلا تكبير ولا ركوع ولا سجود، وتمتعي بالوقوف بين يدي الله تعالى كما أنت، فهذا هو الذي طلبه الله تعالى منك لا أكثر.
صحيح أن الله تعالى شديد العقاب، ولكن لمن عاند وجحد وكابر وأصر على الذنوب، أما من لا يستطيع وتغلبه نفسه فيندم، فإن الله تعالى له غفور رحيم، ولو لم يكن الأمر كذلك لهلكنا أجمعين. فثقي بالله، فالله سيرحمك، وإذا عدت إلى صلاتك، فالله واسع المغفرة، ولن يهلكك بما فعلت، وبتقصيرك السابق الذي قصرته.
ثم انظري أختي الكريمة، إنك الآن في مرحلة تحيط بك الضغوط من كل جانب، فلن تستطيعي أن تضغطي على نفسك أكثر بترك المسلسلات، أو ترك الأكل وخاصة أنك تتناولين الأدوية. لابد لك من متنفس، ولا بد لك من ترفيه، إن أردت التخفيف من مشاهدة المسلسلات والأكل، فعليك أولًا أن تجدي شيئًا آخر تحبينه ولا يسبب لك تأنيب الضمير، ثم بعد هذا تتركي ما يزعجك وتنتقلي إلى وسيلة الترويح الجديدة.
فلا تحزني كثيرًا ولا تتعمقي في محاسبة نفسك، حساب النفس وسيلة تحثنا على التقدم وطاعة الله، فإذا شغلتنا عن ذكر الله، وسببت لنا الحزن الذي يعيقنا عن العمل فليست محاسبة مشروعة، اتركي التفكير بأن سبب تقصيرك هو المسلسلات، ولكن اعزمي أنك ستصبحين أحسن عندما يتاح لك وتملكين القدرة على هذا. ثم إن الأكل مباح فكيف تعدينه ذنبًا يبعدك عن الله تعالى؟!!!
أرجو ألا تصدقي ما يخطر في بالك من أفكار سوداء مصدرها الاكتئاب، وإذا شعرت أنك شريرة، أو مرائية، أو سيئة...، فارجعي إلى نفسك فورًا وقولي: هذه ليست الحقيقة، وإنما مصدرها حالة نفسية، فلا داعي لأن أتفاعل معها، وستذهب. جربي وانظري النتيجة!
أعلم أن حالتك ستجعلك، تفقدين الأمل، وتشكين في جدوى كل ما أقوله لك، ولكن صدقيني هو دواؤك، فاصبري وحاولي التطبيق جهد استطاعتك، ومهما طال الزمن سيأتي يوم تصبح فيه هذه المشاعر ذكريات بالية.
أعيد نصيحتي لك: اقبلي نفسك كما أنت، وافهمي مرضك جيدًا، وتابعي حياتك على نحو يتماشى مع هذا المرض، بحيث لا تشقين على نفسك.
وتوجهي إلى الله بالدعاء فبيده مفاتيح كل شيء، ويكفيك نعمة تشكرين الله عليها رغم ما أنت عليه، أن هذا البلاء يعينك على الوقوف بين يدي الله تعالى بانكسار وفقر، وهذا الانكسار يرفع قدرك عنده أكثر من سنوات وسنوات من العبادة التي يؤديها صاحبها معتقدًا أنه أحسن وأدى ما عليه.
أسأل الله تعالى لك الشفاء، وأتركك في أمان الله تعالى وحفظه.