السلام عليكم؛
{يا أيها الملأ أفتوني في أمري}
يقال: أعظم الرزية, الرزية في الدين، ورزيتي يا أحبتي في ديني.
من فضلكم التمسوا لي العذر, فأنا أعلم أني تافهة وسخيفة وساذجة, وشحاذة عطف واهتمام, ولا جدوى مني؛ بل إن البهائم أكثر نفعًا مني؛ فلم يعذبني الله بفكرة الانتحار والرغبة فيه؟...
سئمت التفكير في الموت والرغبة فيه، وسئمت زنازين الطب النفسي، وسئمت نفسي... وسئمت الحياة, وأود الرحيل؛ لأني أشعر بتفاهة الحياة ولا معنى لها فأنا لا أدرك فلسفة الحياة. ولا معنى لوجودنا فيها؛ لكن الله يقول:{.... وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً * وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً} (النساء:29،30) وحين أقرر الرحيل عن هذه الحياة التافهة يتوعدني الله بالعذاب.
ثم ماذا لو كان القرآن محرفًا؟
لكن الله يقول: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}. ثم ماذا لو كانت هذه الآية محرفة أيضًا....، فلم أعد أثق في شيء. فالشك والوساوس تقض مضجعي وتسلب حلاوة الإيمان من قلبي.
أغبط كثيرًا المطمئنين بالإيمان.
آه.. وألف آه.. قاتل الله هذه الوساوس التي تسلب حلاوة الإيمان من قلوبنا، وتلوث عقولنا، وتخل بموازين الحكمة والمنطق لدينا.
(أسأل الله ألا يؤاخذني عما قصر عقلي عن بلوغه)..
هذا غيض من فيض من وساوسي وشكوكي.
التقارير الطبية ذكرت: وسواس قهري+اكتئاب+اضطراب في الشخصية.
إني أوشك على الكفر, فوساوسي كثيرة، لكن ماذا لو كنت لست مريضة وسواس، وكنت نبتة سوء؟
لقد نجوت منها بالأمس واليوم، فهل سأنجو منها غدًا؟..
أرجوكم ادعوا بأن الله يعجل بموتي.. والسلام.
23/9/2010
رد المستشار
وعليكم السلام أختي الغالية؛
معاناتك صعبة ولا ريب، بل في غاية الصعوبة والألم، وأنت فعلًا تتحملين الكثير، فأعانك الله...
ذكرت أن التشخيص كان وسواسًا، واكتئابًا، واضطراب شخصية، صحيح؟ إذًا أنا لا أجد في التشخيص أن مصيبتك في دينك!
مصيبتك صحية يا أخيتي... وكل الناس لهم مصائب صحية! فأرجو ألا تتهمي نفسك بشيء لم تفعله..
لا تقولي: ماذا لو كنت سيئة ولست مريضة وسواس، هذا الأمر ليس لك، وإنما للأطباء، وإذا حكموا بأنك مريضة وسواس فأنت كذلك، شاءت نفسك أن تقتنع أم لا، وحينها فالشرع يقول للموسوس: إنك لا تكفر بما يرد على ذهنك، ولا تحاسب عليه.
وإن لم تقتنعي بهذا فلا يوجد مشكلة، لأنك غدًا ستقابلين الله تعالى حسب الواقع لا حسب قناعاتك! يعني إن اقتنعت أم لم تقتنعي، أنت في حكم الشرع مؤمنة، ولن تكفري بهذه الوساوس، وستقابلين الله تعالى على الإيمان. وأنصحك بالاقتناع، وبأن تريحي نفسك من العذاب...
ثم من أكبر الدلائل على أن مصيبتك صحية وليست في دينك: شعورك بتفاهتك، وقلة قيمتك، وبتفاهة الحياة، وبرغبتك في الرحيل عنها.... هذه كلها أعراض الاكتئاب، والاكتئاب مرض في الصحة لا في الدين. وتعلمين أن المرض الصحي يجعل الإنسان غير قادر على أن يتصرف تصرف الأصحاء، ولا أن يفكر كالأصحاء، وبالتالي تكون له طريقته الخاصة في الحياة، وأحكامه الخاصة في الدين، وغير ذلك مما يخصه...
رغبتك هذه في الانتحار لم تأتِ إليك بإرادة منك، هي تزورك وترتع في ذهنك بلا استئذان، واحمدي الله تعالى على الإيمان فلولاه لكنت صدقتها وأنهيت حياتك....
لن أجادلك كثيرًا في قضية تحريف الآيات...، أنا شاهدت بأم عيني نسخة مصورة لمصحف سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكانت الآيات الموجودة هي هي لم تتبدل ولم تتغير!
لا تقولي لي: لكني أريد أن أموت. ولا تستعجلي كثيرًا، فكلنا سيأتي علينا يوم ونموت فيه، لكن ألست معي أن قليلًا من الصبر سيجعل الموت بالنسبة لك راحة من كل شر، وسيفتح عليك بابًا من النعيم الأبدي؟ ما يدريك أن الله يبقيك ليصب لك الحسنات بغير حساب أجرًا لهذا العذاب؟ وحينها ماذا يضرك فقدك للشعور بحلاوة الإيمان؟ أو قلة عملك؟ أو قلة وساوسك؟
إذا كانت النهاية هي الجنة، فلا فرق سواء وصلنا إليها، بالصبر على البلاء، أو بالصبر على مشقة الطاعة، أو بالصبر على ترك المحرمات ومخالفة الشهوات..
اعلمي أن الله تعالى لا يختار لعبده إلا ما هو خير له، وإن خفي على العبد وجه الخير، لهذا أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نفوض أمرنا إليه عند المصائب ونترك له الاختيار إن شاء أماتنا، وإن شاء أحيانا، ففي الحديث المتفق عليه، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوتَ لضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فاعلاً، فَليَقُلْ: اللَّهُمَّ أحْيني مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيراً لِي، وَتَوفّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيراً لي)).
قولي هذا، فإذا بقيت على قيد الحياة، فتيقني أن هذا خير لك، واحتسبي الأجر الجزيل الذي ينتظرك على الرضا والصبر.
ما يدريك؟ لعل الناس يوم القيامة يتمنون لو كانوا مكانك لما يرون من أجرك وصبرك! وآلام الدنيا تزول بلحظة، ولا يبقى إلا نعيم الآخرة، وافرضي أنك أشقى الناس، وأنك تابعت حياتك بهذا الشقاء، كلها أيام وتنتهي، ثم كما في الحديث الصحيح: ((يُؤْتَى بِأشَدِّ النَّاسِ بُؤسَاً في الدُّنْيَا مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأيْتَ بُؤساً قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فيَقُولُ: لاَ وَاللهِ، مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلاَ رَأيْتُ شِدَّةً قَطُّ))!
فأسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك، وأن يحينا وإياك ما كانت الحياة خيرًا لنا، وأن يتوفانا إن كانت الوفاة خيرًا لنا، وأن يرفع درجاتنا جميعًا جنات النعيم، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.
ويتبع >>>>>>>>>: وسواس واكتئاب وفي الشخصية اضطراب م