أنت على مفترق طرق!! م
متى نظفر بالمنشود..!؟
السلام عليكم أنا صاحب مشكلة "الثقة بالنفس تكتسب ولا تورث" (قبل حوالي 3 سنين) والمتابعة لها بعنوان "على مفترق طرق!! م".
بداية أود أن أشكركم جزيل الشكر على مجهودكم المبارك وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم يوم القيامة. بداية أريد أن أبشركم أنه كان لتعقيباتكم آثارا إيجابية في حياتي، فأنا اليوم على مشارف إنهاء تعليمي الجامعي بحمد الله بتحصيل ممتاز.
من باب التذكير فقط مشكلتي هي مع الثقة بالنفس، فأنا من الناحية العلمية من المتفوقين لكن مقصر في حق تطوير وتقوية شخصيتي. في الحقيقة أنا منذ 5 سنوات أحاول أن أحسن نفسي في هذا الجانب، لكن كل مرة تصيبني انتكاسة وأرجع إلى سابق عهدي. لكن في كل مرة تصيبني انتكاسة أرجع إلى تعقيبكم وأستمد القوة منه لأواصل مشواري الوعر. في النهاية قاربت على الاستسلام والإذعان للقوى السلبية التي تسيطر على تفكيري لذلك أكتب هذه السطور وكلي أمل بالله أولا ثم بكم أن تساعدوني في الخروج من هذا المستنقع الذي أكاد أن أغرق به،؛
من جهتي سأحاول أن أعطيكم كل المعلومات اللازمة لتشخيص حالتي وأنا أفضل أن تبقى كل المعلومات سرية وإذا أمكن أن يكون الرد عن طريق البريد الإلكتروني. فقد نشأت في بيئة خصبة للمشاكل النفسية (أنا لا أحمل الآخرين المسؤولية لكن فقط للتنويه) ففي البيت تكاد كلمة توافق تكون معدومة بيت الأهل سواء بيت أبي وأمي أو بين أبي وأعمامي، أما أخوالي ودار جدتي فعندهم معاملة خاصة مع أبناء الذكور ومعاملة أخرى مع أبناء الأنثى ("َإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ" (النحل:58)).
لكن الأثر الكبير علي كان من التعرض للضرب المبرح على يد ابن عمي الذي يصغرني عمرا بعدة سنوات واستمر على هذه الحال عدة سنوات حتى كبرنا، كنت أحاول أن أدافع عن نفسي لكن كانت أمي من باب عطفها علي تبعدني عن هذا وتقول لي يجب أن يكون الإنسان مسالما ولا يضرب أحدا، للأسف هذه النقطة أثرت علي وكلما تعدى علي أحد لم أكن أدافع عن نفسي حتى لو كان يصغرني سنا فترسخت في ذهني قناعة خطيرة وهي أني جبان ونذل ولا أستحق لقب الرجولة.
نقطة أخرى هي أني كنت أقضي معظم طفولتي في العمل مع أهلي وكنت أتلقى معاملة قاسية من أبي (أبي إنسان طيب لكنه لا يشعرنا بأنه رحيم بها فأغلب همه أن يجلس مع أصحابه واحتساء القهوة ولا يقضي وقتا معنا) مما أثر علي في صغري وأعاني من تبعات هذا الأمر إلى الآن إذ أني أفتقد الحضن الآمن الذي ألجأ إليه وأحتمي به، واستمر هذا الحال عند كبري فكثير من الأشخاص كانوا يستغلون ضعفي وأنا أذعن لهم ليس لأني أريد هذا لكن لقلة حيلتي وصدق القائل (من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام). من ناحية أخرى كنت أنفس عن غضبي بأني كنت أسيئ معاملة إخوتي، فأسقط مشاكلي عليهم، أي كنت أتعامل معهم وكأنهم هم المسئولون عن كل مشاكلي.
وفي الفترة من سن 11 إلى 16 كنت متزمت دينيا يعني كنت من الغلو أني أعتبر أغلب المسلمين كفار وهذا نتيجة ميلي إلى التطرف في كل الأمور. إلى الآن كنت في مرحلة الضياع والتيه من ناحية شخصيتي وعندما بلغت سن ال 16 بدأت بمحاولات تطوير نفسي في الحقيقة هناك تطور حصل في تفكيري حيث فهمت أن سبب قسوة أبي والخلافات مع أهلي هي نتيجة قسوة الحياة وسوء الحالة الاقتصادية، وكنت أتأثر من كلام الناس وأعمل أعمالا لكي يرضوا عني بدل البحث عن رضا الله وقد حسنت نفسي في هذا الجانب.
بقيت بعض الجوانب المستعصية علي : في الجانب النفسي دائما أحاول أن أحسن شعوري لكن دون فائدة فأنا دائما أشعر بالخوف والضعف مما ينغص علي حياتي أنا أحاول أن أقنع نفسي دائما بأن لا يوجد أي سبب للخوف وأن الله يحمي المؤمنين في كل لحظة، لكن للأسف هذا الشعور مسيطر علي حتى النخاع وأنا مللت من هذا فقد بذلت جهدي طوال 7 سنوات لأتخلص من هذا الشعور لكن دون جدوى ففي كل مرة أتحسن فيها تأتيني صور من ذاكرة الطفولة تذكرني كيف كانوا حتى من هم أصغر مني سنا يضربونني ويهينونني إلى جانب أني لا أعرف كيف أحافظ على شعور الثقة بالنفس والقوة لأني لم أنجح حتى الآن في برمجة عقلي الباطني على تقبل هذا الشيء لا أعلم السبب.
أيضا تولد لدي شعور بالحسد من الناس الذين يملكون الثقة بالنفس وأيضا شعور بالحقد والكراهية وروح الانتقام لكل من أساء إلي، وهذا كان له إسقاطات على حياتي الاجتماعية فأنا ضعيف أيضا في هذا الجانب وأفضل العزلة عن الاختلاط بالناس فعدد أصحابي لا يكاد بتجاوز 3 أو 4 أصدقاء وهذا كثيرا ما يزعجني لأني مقبل في السنين القليلة الآتية (إن كتب الله لي الحياة) على الزواج فإذا لم يكن لي أصدقاء فمن سيشارك في عرسي.....
أحيانا أشعر أن هذا قدر الله أني ضعيف ولا أملك حيلة وعلي أن أرضى بقدر الله ولكن هناك آية في كتاب الله تقول بعد بسم الله الرحمن الرحيم: "إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً (النساء:97)".
لولا أيماني بالله لكنت قد انتحرت منذ وقت طويل إذ كنت أصل إلى مراحل إحباط ويأس من حالتي فقد بذلت جهدا شاقا وحتى الآن لا أنعم بالشعور بالأمان والطمأنينة، لم أحاول الانتحار ولكن كنت أتمنى من الله أن يقبض روحي لأتخلص من هذا الشعور المقرف.
ولأحصل على لذة للهروب ولو مؤقتا من هذا الشعور لجأت مؤخرا إلى أفلام الجنس مما فاقم في معاناتي وشعوري بالذنب. المشكلة هي انه نفذ صبري وأنا بحاجة ماسة إلى مساعدتكم. مع العلم أني أمارس على نفسي نوعا من جلد الذات ومحاسبة نفسي بصورة مبالغة في بعض الأحيان.
أريد أجوبة من حضرتكم على الأسئلة الآتية:
هل يمكن للإنسان ضعيف الشخصية أن يتحول إلى إنسان قوي الشخصية ومن إنسان عديم الثقة بنفسه إلى إنسان مفعم بالثقة والعزة؟
كيف أستعيد كرامتي وعزة نفسي من الناس الذين أساؤوا إلي فكما يقول المثل "العفو عند المقدرة" لكن المشكلة أني غير قادر على نسيان الجروح والآم الذي سببها لي بعض الناس، لكن بهذا أكون قد أهلكت نفسي فروح الانتقام هذه تحرقني من داخلي قبل أن تحرق الناس الذين أساؤوا إلي. فهل أنتظر حتى أصبح قويا كي أصفح عنهم لكيلا يكون سبب صفحي عنهم هو جبني وضعفي أم أصفح عنهم الآن كي أتخلص من هذا الشعور؟
هل من طريقة أعوض فيها عن إساءتي لإخوتي وهم صغار؟
هل هناك من طريقة لتحسين شعوري؟؟؟
الرجاء أن لا تنشروا كل التفاصيل الشخصية التي سردتها لكم وإذا أمكن أن يكون الرد بواسطة البريد الالكتروني فسأكون ممنونا لكم.
وفي الختام أرجو أن لا تبخلوا علي بنصيحتكم الرشيدة لأنها ممكن أن تخرجني من التيه إلى الرشاد، وأذكركم بقول المولى عز وجل: ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا.
11/11/2010
رد المستشار
نعم يا ولدي تستطيع، تستطيع أن تكون أقوى في شخصيتك، وتستطيع أن تحسن من علاقتك بإخوتك، وتستطيع أن تحسن شعورك، ولكن حتى يحدث ذلك عليك أن تعرف أن التغير سيحدث من عندك أنت وحدك، وتعدّل جهدك؛ لأنه يزال يحتاج لتعديل، وتغير بعض المفاهيم التي تعشش برأسك، وتتدرب على عدة مهارات وأدوات تستخدمها، وأخيراَ تستطيع أن تقهر شعور الصعق والجبن والتخاذل، وسأبدأ بالمفاهيم التي تتصورها خطأ، فأنت تتصور أن الشخص القوي هو الذي لا يهزم، وأن الشخص الواثق في نفسه هو الشخص الذي لا يتردد أو يقول دائماَ كلاماَ سليماَ ولا يخجل، والحقيقة أن الجرأة والثقة بالنفس تحتاج لتعلم وتدريب!، فعليك أولاَ أن تغير نظرتك هذه، وبدلاَ من أن تحقد على الواثقين من أنفسهم تعلم واستفد منهم وركز في هذا وستجد الأمر يختلف من الشعور بالهوان والضعف لشعور الطالب المجتهد الذي يسمع ويرى ويقيم، فستجد من البشر الواثقين هؤلاء من يخجل أو يتحدث بكلام غير سليم أو تافه أحياناَ فستعرف حينها أن الثقة بالنفس تأتي من نظرتنا لأنفسنا وتعاملنا مع الحياة بالفشل مرة ومرات لنعرف ونتعلم كيف ننجح فتسير نفس الطريق من المحاولات والفشل حتى تنجح لأن كل من سبقوك كانوا مثلك ولكنهم لم يستسلموا؛
الثقة بالنفس كذلك تحتاج لتتابع الانجازات المرة تلو الأخرى، حتى لو كانت انجازات صغيرة، فاجعلها متنوعة وصغيرة؛ كأن تمارس رياضة بسيطة وتنجح فيها، أو تهتم بتطوير هواية لديك وتنجح فيها، أو تتطوع في عمل وتنجح فيه وأضف كل ذلك لنجاحاتك الدراسية وستجد تغييراَ على مستواك النفسي والاجتماعي لأن كل ما ذكرته لك فيه علاقات وتعامل، تذكر كذلك أن فكرة انك لا تسحق شيئاَ ويكفي أن فلان يتحدث معك فكرة تضخمت بداخلك وتركتها حتى جعلتها كالغول الضخم، فهناك من ينظر لك على انك شخص تفوق دراسياَ ويراك ضخم عليه تصور أو من الصعب أن يكون مثلك؟،
وهناك لعبة نفسية يقوم بها الإنسان مع نفسه قد يدمر بها نفسه دون أن يدري وهي ما تعرف باسم صورة الذات، فالمخ لدينا مثل جهاز الكمبيوتر؛ حين نعطيه بيانات معينة تصبح بالنسبة له هدف يجب الوصول إليه، فلو عملت بحث عن حديث نبوي كان هدفه وعملياته الداخلية كلها تعمل للوصول لهذا الحديث، ولو قمت بالبحث عن صور عارية سيفعل نفس الأمر، وهكذا حديث نفسك لنفسك، فحديثك ونظرتك لنفسك هي البيانات التي يشتغل عليها مخك فيحولها لمشاعر ثم تتحول لتصرفات ثم تتحول لنتائج، فحين تفكر أنك ضعيف تتحول الفكرة لشعور بالهوان والخذلان والكره، فتخرج تصرفاتك فيها درجة كبيرة من المداهنة والرغبة في رضاء الناس كلها، فتتحول لنتائج مؤلمة من فقد للعلاقات وللاحترام وغيره ويكون بذلك حقق مخك الهدف الذي أدخلته له بجدارة!؛
لذا بدايتك ستكون من حديثك لنفسك، حين تقول لها، سأتمكن وسأتحسن وسأتعلم، وسيمكنني أن أحنو على إخوتي وافعل لهم بعض الخدمات وأضحك في وجههم، وأتذكر مناسبات خاصة بهم وأقدم لهم هدايا يحبونها، حين تقول لنفسك الحمد لله لقد نجحت في الرياضة هذه، أو أن العطاء في العمل التطوعي يفيدني، وهكذا ستتغير مشاعرك وتتغير تصرفاتك وتتغير النتائج، ولا تتصور أن هذا سيحدث بسهولة، فأنت أدمنت تشريحك لنفسك والسخرية منها وكراهيتها لسنوات كثيرة، فالتغيير سيحدث خلاله سقوط وضعف وفشل ولكن لو ظللت على الحديث الإيجابي لنفسك، وتحقيقي انجازات صغيرة متتالية سيكون التغيير أعمق وأسرع، سأكتفي بذلك حتى تتدرب على ما قلته لك لتوافيني بالتطورات أو التساؤلات لو أردت، وأرجو من الموقع ألا ينشر رسالتك كما طلبت.
ويتبع>>>>>>>: أنت على مفترق طرق م2
التعليق: أشكرك أخي العزيز على مشاركتك، وأرى أنك بمشيئة الله تعالى سوف يكون لك شأن عظيم، فكل ما مررت به وستمر به لابد أن يكون طاقة بداخلك تحول إلى دافع للإنجاز والتقدم وإثبات الذات، أولا: لأنك ستثبت لنفسك أنك غير ضعيف، ثانيا: أنت تعرف أنك تريد أن يكون لك شأن عظيم لتستعيد كرامتك وستحاول إثبات ذلك من خلال إجبار من أمامك على احترامك وتقديرك بعلمك وأدبك وإحترامك لذاتك، ولن يتم ذلك إلا بسعيك وجهدك . تلك الآيه التى ذكرتها ابحث عن تفسيرها وستجدها لا تنطبق عليك تماما، ولمَ الإنتحار، فهل حققت كل ما تتمناه لكى تبحث عن الموت، لم تثبت ذاتك لم تحقق ما تتمناه، فأنت تحتاج إلى مكانة اجتماعية مرموقة والشعور باحترام الآخرين لك والإحساس بالثقة والقوة، وأنت تحتاج الآن إلى تحقيق ذاتك من خلال تعظيم استخدام قدراتك ومهاراتك الحالية والمحتملة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الإنجازات