عمري ضاع بلا زواج
مشكلتي بدأت قبل سنة وعند بداية حصولي على وظيفة، وبعد فترة من البطالة ومشاكل البيت حصلت على وظيفة محترمة وأشكر الله هو الرزاق ذو الفضل العظيم.
المهم أنا من قرية تعتبر من بين قرى جنوب ليبيا المتدنية، وبحصولي على الوظيفة في المدينة وانفتاح النفس على مناظر لم أشاهدها من قبل، ضعفت نفسي وتعلمت بعض الأمور التي أسأل الله أن يعيني علي تركها.
تعلمت إتيان الدبر وعند الشباب. بعد دخولي إلى إحدى الأسواق وإذا بشاب جميل يعرض نفسه وبلا مقدمات. ولا أدري كيف تجاوبت معه. وإذا هو غني وقد تعود على هذه الأمور.
هذه أول مرة أمارس شهوة مع أي بني آدم ذكر أو أنثى. وبعد إصرار منه جامعته.
في البداية قرفت من الموقف، حتى بعد أن وصلت للسكن قرفت من نفسي واستغفرت، وأسأل الله أن يتوب علي. ولكن مع مرور الوقت وكل مرة يأتي فيها أحاول أن أهرب من التفكير في الأمر. يستهويني هو، وبعد فترة بدأ الأمر يأخذ وضعًا طبيعيًا معي.
مشكلتي أني أريد أن أتوب وأقلع عن هذا الأمر أولًا. وكيف أمسك نفسي بعد الزواج الذي أرى أنه بعيد المنال إلا أن يفرج الله علي؟
أفيدوني أثابكم الله والسلام
8/9/2010
رد المستشار
الأخ السيد المحترم، أهلاً وسهلاً بك في موقع الشبكة العربية للصحة النفسية الاجتماعية، وسوف يسعدني أن أجيب على استشارتك اليوم بعد أن أجلت إرسالها إلى الموقع عدة أيام من أجل مراجعتها لكي أصوغ الرد بحيث يقدم لك أفضل الفائدة.
لقد تكررت كلمة (الله) في استشارتك حوالي خمس مرات، وقد شكرته على نعمه وأفضاله عليك، واستغفرته على ذنبك الكبير، وسألته الفرج والتوبة في مواقع متعددة، وأعتقد شخصياً أنك إنسان جيد وطيب وشخص مؤمن، اختلطت عليك الأمور بعد أن تغيرت ظروف حياتك، فضللت الطريق، ومن منا لم يفعل، ونحن نعول دائماً على الجانب الطيب والإيجابي والخير الموجود لدى الإنسان، وهو الجانب الذي أنعكس بشكل واضح في طلب استشارتك وفي رغبتك الصادقة بالعلاج والتوبة التي فتح الله أبوابها لك ولجميع الناس وحتى لأشدهم كفراً وذنباً ومعصية.
من حسن الحظ أنك إنسان مثقف وأنك حاصل على درجة علمية مرموقة، وهذا سوف يتيح لي إمكانية الحفاظ على مستوى الحوار معك دون الحاجة لتبسيطه كما أضطر للقيام في العادة، علني أنجح في تزويدك ببعض المهارات التي يمكن أن تساعدك في التعامل مع بعض الأمور التي ساهمت في عودتك إلى السلوك الشاذ (الذي ترفضه) رغماُ عنك وبعد توبتك.
يحتفظ الإنسان بما يتعلمه من موضوعات وخبرات جديدة في ذاكرة الخبرات الشخصية التي تتوزع في مناطق معينة من الدماغ، وأنت تعلم أن الاحتفاظ بهذه الذكريات يتم ضمن منظومة معقدة (لكن منظمة) من الشبكات المعرفية التي تحتوي في بناها على معلومات محددة تتعلق بالمثيرات والخبرات التي يتعرض لها الإنسان، حيث يتشكل في الدماغ صور عقلية حول الخبرات السابقة، تحضر إلى وعي وخيال الإنسان خلال حياته اليومية، فتحرك رغباته وسلوكه وتشكل عاداته.
ولا شك أن خبرتك الجنسية الأولى مع الشاب الذي صادفته في السوق، قد راكمت في ذاكرتك معلومات حول العلاقات الجنسية، وشكلت في دماغك صور عقلية عن هذه الخبرة الجنسية، بحيث أصبحت تحرك رغباتك وتؤثر في سلوكك وفي خيالك الجنسي، فأصبحت تدفعك باتجاه طلب هذه الخبرة مجدداً، لأنها الوحيدة التي تعلمتها ولأنها الوحيدة التي كانت وما تزال متوفرة في ساحة وعيك.
يضاف إليه عدم وجود أي خبرة سابقة مع أنثى من الجنس الأخر، وهذا يعني عدم توفر أي معلومات حول هذا النوع من العلاقات، وبالتالي عدم وجود أي صور عقلية (مدعومة بمعلومات حسية وشمية ولمسية.. إلخ.) تتعلق بهذا النوع من العلاقات بحيث تكون قوية بشكل كافي لتنافس أو تبطل تأثير الصور العقلية المتعلقة بالعلاقة سابقة الذكر.
بل أعتقد أن انجذابك لذلك الشاب الذي عرض نفسه عليك في السوق، قد أتى أساساً من حاجتك للأنثى ورغبتك بها التي كبتت لوقت طويل جداً والتي كانت (وربما مازالت) صعبة التحقق في واقع وضوابط مجتمعاتنا المحافظة، وأكبر دليل على ذلك وصفك الصريح لهذا الشاب بأنه (جميل)، دعني أسألك... هو جميل لأنه يشبه الإناث ويتحدث مثلهن.. أليس كذلك؟؟ يسلك سلوك الأغنياء.. مستهتر.. متكلف... سالب... يطلب (المصاحبة) بدون خجل أو حياء... هو شخص قبيح.. ربما مريض... لا يوجد فيه أي شيء جميل...!! إلا كونه وسيلة لإشباع رغبة قوية كبتت لديك لوقت طويل... مارست معه الجنس، وعزاؤك الوحيد أنه يشبه الإناث، وقرفته بعد ذلك..... إلا أن الصور العقلية الجنسية عادت لاحقاً... وعادت معها الخيالات الجنسية والرغبة التي تطلب إشباعا، والوسيلة الوحيدة المتوفرة مجدداً، هي ذلك الشاب الجميل و(القبيح) في نفس الوقت، وهلم جرا...
ومثالك مثال الآلاف في عالمنا العربي الذين أصبحوا تحت وطأة ظروفهم (الصعبة) لا يمنعون أنفسهم عن شاب أو طفل أو عجوز، أو حتى بناتهم وإخوانهم وأخواتهم... ومن حسن حظك، أنك إنسان واع وأنك طلبت الاستشارة قبل أن يتأخر الوقت ويصبح الحل أصعب.
أعتقد أن التعامل مع الأفكار التي تأتيك وتحرك لديك الرغبة الجنسية بكونها صور عقلية مصدرها العملية التي شرحتها لك بالتفصيل، سوف يساعدك على إعادة هذه الأفكار والصور إلى أصلها، ويحد من قوة تأثيرها عليك، كما قد يكون من الأهمية أن تتطلع على بعض موضوعات الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي حول الشذوذ الجنسي الغير منسجم مع الأنا، حيث ستساعدك هذه الموضوعات على فهم طبيعة الإحساسات التي تصاحب بالضرورة هذه الصور العقلية الجنسية، وتفيدك في ردها إلى أصلها وفي التعامل معها.
وأخيراً، فقد يكون الزواج بعيد المنال، وقد يكون قريب، هذا رهن بالظروف و(النصيب) كما يقال، أما كيف تمسك نفسك سواء قبل الزواج... أو بعد الزواج.. فإن هذه مشكلتك وحدك، وأنت الوحيد القادر على حلها، وأنت الوحيد القادر على ضبط سلوكك والتحكم في انفعالتك واندفاعاتك، لقد حاولت جاهداً توضيح بعض الجوانب التي يمكن أن تكون مجهولة بالنسبة لك، ويبقى عليك (أنت) أن تعمل بإرادة وتصميم على تقويم مسار حياتك، وتستطيع (كما يستطيع المئات غيرك) أن تفعل ذلك وحدك، ولست أرى مانعاً من طلب المساعدة من قبل أخصائي من ذوي الخبرة في العلاج السلوكي المعرفي في حال عجزت عن ذلك وحدك، وأعتقد أنك لن تحتاج لذلك.
والسلام عليك أخي العزيز، ورحمة الله وبركاته