أنا بحاجة للإجابة
أرجو الرد على سؤالي شخصيًا يا شيخ، وأرجو التدقيق في كل ما يحدث لي، فأنا في أشد الحاجة إلى إجابتكم، خصوصًا في هذه الأيام. وأستحلفكم بالله أن تدعوا لي بالشفاء العاجل.
فضيلة الشيخ أنا فتاة على قدر جيد من الالتزام أصبت منذ سنوات عديدة بمرض الوسواس القهري الخاص بالسب في الذات الإلهية (استغفر الله), والبعض يقول: إن هذا مرض يسمى الوسواس القهري.
أرجوك يا شيخ أن تجيبيني بما يفرج همي. سأشرح حالتي بالتفصيل:
أكثر ما يقلقني أن معظم هذا السب يأتي عندما أكون في حالة غضب، فأجد أن الشيطان يوسوس لي بأن ما حدث وضايقني بأن الله عز وجل هو السبب في ذلك، ثم يأتي السب. وهذا كله يحدث في لحظة بل أقل من الثانية، ولكني أقسم بالله أني أعلم أن هذه الأفكار خاطئة، ولا أشك في ذلك أبدًا ولكني أجد أن السب مسيطر على عقلي، ولا أستطيع دفعه، وعندما أحاول إقناع نفسي بأن هذا نتيجة المرض لا أقتنع، وأشعر أن ما حدث بكامل إرادتي، وأني إنسانة سيئة، ولذلك فعندما ابتلاني ربي حدث هذا السب.
فمثلا عندما أصاب فجأة بأي شيء مؤلم تأتي في عقلي هذه الفكرة بأن ما حدث لي من عند الله وعندها يأتي السب في عقلي. رغم أني أعرف أنه ابتلاء وأنا مؤمنة بذلك ولكن الفكرة والسب يأتيان في لحظة ولا أستطيع دفعهما، وأنا أخشى أن يكون هذا بيدي، وأني فقط أبرر لنفسي ما أفعله. وأخشى أن يكون هذا يوافق هواي في هذه اللحظة التي أشعر فيها بالألم أو الضيق.
وهكذا فإن أي أمر صعب يحدث لي أو حتى لغيري أفكر بأنه من عند الله، ورغم أني أعلم أنه ابتلاء، ورغم أني راضية به، إلا أنني في لحظة وقوعه أجد ما يأتي في عقلي من سب الذات الإلهية -والعياذ بالله- رغم محاولتي جاهدة لطردها لكني لا أستطيع. أخاف جدًا أن يكون هذا ما أريد، وأخاف أن أكون أنا من يقنع نفسي بأني أحاول طردها لأبرر لنفسي ما يحدث.
وعندما يحدث هذا أشعر أني كافرة فأصاب بحالة يأس شديدة، وهذا يحدث أكثر من مرة في اليوم، ومع ذلك لا أجد حلًا إلا أن أتمسك بالصلاة والنوافل، مع أني أشعر أن كل ما أفعله هباءً منثورًا.
أحيانًا أيضًا -وهذا قليل جدًا- عندما أسمع أي من دروس الدين لأي شيخ، ويذكر فيها بعض تعاليم الإسلام التي تحتاج إلى مشقة، تأتي في عقلي أيضًا هذا السب لله والإسلام، ولكني والله غير راضية به ولست سعيدة بذلك. أخاف أيضًا أن أكون أدعي ذلك الرفض لأبرر لنفسي ما افعله.
يا شيخ بالله دلني على الطريق الصحيح. هذا الأمر أفسد علي حياتي، حتى إني متزوجة حديثًا ولا أستطيع القيام بأعباء الزوج أحيانًا، ولا طلباته من شدة هذا الأمر علي.
يا شيخ رد علي وفرج همي -جزاك الله الجنة- ودلني على أي شيء أفعله حتى أنقذ نفسي من النار، وهل أنا الآن كافرة ماذا أفعللللل؟؟؟؟
3/10/2010
رد المستشار
السلام عليكم؛
أهلًا بك أختي الكريمة، وشفاك الله وعافاك، شفاءً عاجل غير آجل، وأنزل السكينة والطمأنينة في قلبك...
لا تخافي ولا تقلقي، فما يحصل معك قد حصل مع الصحابة رضوان الله عليهم، فقد كانوا يجدون في صدورهم أفكارًا ووساوس يعظم عليهم أن يتكلموا بها، ولا يرضونها أن توجد منهم، ولما جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتكون شدة هذا الأمر عليهم، وخوفهم من أن يكونوا خرجوا عن الإسلام، طمأنهم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وقال لهم: ((ذاك صريح الإيمان)).
إنه نبيك يا أخية الذي يقول لك، ولست أنا!! نعم، ما تجدينه هو صريح الإيمان! بدليل أنك تخافين الكفر، ولو كنت تريدين الكفر لما خفت منه. الذي يريد الشيء لا يخافه، ولا يستنكر حصوله.
إن ما يصيبك فعلًا هو الوسواس القهري، وهو مرض خارج عن الإرادة فلا تؤاخذين عليه، ولا تؤاخذين على ما يلقيه إليك، لكن انتبهي! لو أنك تركت معالجة نفسك وبذل ما تقدرين عليه للخلاص منه فهنا المؤاخذة! لا على ذات الأفكار، وإنما على ترك العلاج الذي يؤدي إلى زيادة مرضك...
أقول لك شيئًا: لا داعي لأن تشعري بالاقتناع أن ما يصيبك وسواس!! هو في الحقيقة وسواس، ولو سألت الأطباء، والمشايخ، فسيقولون لك: هو وسواس. لكن لما كان الوسواس يشكك في كل شيء، فإنه يجعلك تشكين أيضًا أنه وسواس!!!
لهذا ماذا تفعلين؟ الحل الوحيد والعلاج الأفضل، هو ألا تفكري بالأمر!! أكملي حياتك رغم الأفكار، ولا تناقشيها، حتى لو أحسست دماغك تغلي من القلق! وبقليل من الصبر على هذا سيخف القلق، وتذهب الفكرة.
قد تقولين: وكيف لا أفكر؟ كيف أعرف أني غير كافرة؟ وكيف أعرف أني لكثرة التفكير بما يرد على ذهني كفرت أم لا؟
قلت لك:
1- سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال لك: إن ورود ذلك على ذهنك، واستنكارك له وتضايقك منه، هو صريح الإيمان، أي هو دليل على إيمانك الخالص.
وسأبرهن لك أن حالتك هي نفسها الحالة المقصودة في الحديث، أقول: إن الفكرة العابرة لا يمكن أن تضايق صاحبها، لكن الفكرة التي تقيم في الرأس، ويجترها صاحبها، ويطيل التفكر فيها وهو لا يريدها، هذه الفكرة التي تضايق. إذن مجيء الصحابة وشكواهم وضيقهم، دليل على أنهم كانوا قد عانوا من إقامة الأفكار في رؤوسهم، وكانوا قد فكروا فيها، وظنوا أنهم قد كفروا بسببها، لكثرة ما أقامت في رؤوسهم، أي كما يحصل معك تمامًا، وهذه الحالة التي حصلت معهم، وتحصل معك الآن، سماها سيد الخلق عليه أفضل الصلاة السلام: صريح الإيمان!! فارتاحي، واسترخي، فإيمانك لم يذهب إذن.
قد تسألين: ولكني أقولها ساعة غضب! لا فرق، طالما الفكرة تأتي بغير اختيارك، فكل ما لا اختيار فيه، لا مؤاخذة عليه، ومن بديهيات الشريعة أن التكليف مرتبط بالقدرة، قال تعالى: ((لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها)).
والأفكار التي ترد على الإنسان على درجات: أولها الهاجس: وهو ما يلقى في الذهن: أي ألقي في ذهنك ألفاظ السب خلال أقل من ثانية، وهذا الهاجس لا مؤاخذة به لأنه خارج عن القدرة.
ثم يأتي من بعده الخاطر: وهو جريان هذه الفكرة في الذهن، أي تنتبهين للفكرة وتستمر لفترة أطول.
ثم يأتي من بعده حديث النفس، وهو التردد هل يفعل الإنسان أم لا؟ وفي حالتك: هل سببت أم لا؟ وهل ستسبين مرة أخرى أم لا؟ ويا ترى هل قلت هذه الكلمة بإرادتك أم لا؟ ثم تجدين نفسك تكررين الكلمات لتثبتي أنها جرت وحدها لا بإرادتك، ولتعايني الفرق بين ما تقولينه الآن، وما جرى أولًا...، وهنا تقولين: لكني قلتها الآن بإرادتي، إلى آخر هذه الدوامة... كل هذا يسمى بحديث النفس وحديث النفس معفوٌ عنه بنص الحديث المتفق عليه: ((إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ)). ومن باب أولى أن يعفى على ما دون حديث النفس من الهاجس والخاطر.
مرة أخرى تسألين: لكن الإيمان عقيدة، وهو في القلب، فكيف أفرق بين حديث النفس واعتقاد القلب؟ وكيف أعرف أني لم أصل إلى مرحلة العزم التي أكفر بسببها؟
الجواب: إن للقلب عملًا كسائر الأعضاء، فقيسي على هذا: إذا كان العزم بالنسبة للأعضاء، هو قوة قصدك للفعل، ولم يبق إلا أن تتحركي إليه. فإن العزم بالنسبة للقلب هو قوة القصد للكفر أو السب –والعياذ بالله- بحيث إن القلب توجه إليه بكامل الإرادة، واطمأن إلى توجهه هذا، بعد أن فكر في كلمات السب، وجرت فيه مطمئنة دون إنكار، ولم يبق إلا أن يعاود الإنسان إجراءها وتكرارها بكامل إرادته وهو مرتاح الضمير لا يحرك لهذا ساكنًا، بل على العكس يكون مسرورًا بما يفعل، إذ فرغ غضبه بالطريقة التي تقنعه وتريحه!! والعياذ بالله من هذا كله...،
أما أن تجري الأفكار غير راضٍ بها، وقد اشتد خوفه منها، فهذا ليس بقصد، وشدة الخوف تشل الإرادة، وتجعل الإنسان يتصرف بغير روية، وتفقد القدرة على التحكم بالأفعال...، لهذا كلما خفت، جرت الأفكار وفقدت السيطرة، وكلما فقدت السيطرة خفت، فازداد ورود الأفكار وهكذا...
فخير حل، أن تطمئني بداية أن هذا مما لا مؤاخذة به، ثم تتركي البرهنة على هذا، لأنه لا داعي لإضاعة العمر في البرهنة على البديهيات...، أنت مؤمنة وهذا أمر بديهي وانتهى الأمر!!! وإن أبت نفسك إلا الشك، فقولي لها: كما تريدين، لا تصدقي..، واشعري بما شئت..، فأنا أصدق ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكذب فكري ومشاعري!!
ثم أنا أجد أن عليك أن تفرحي لحالك، لا أن تحزني... فهل هناك أقوى من إيمان من ابتلي بهذا، وهجم عليه إبليس بهذه القوة، ثم هو مع هذا ما زال متمسكًا بشرائع دينه، قائمًا بفرائضه، لسانه حاله يقول: أنا على العهد، وباق على الإيمان مهما جرى؟ وها أنا يارب لن أفارق بابك، ولا دينك، رغم كل ما يحصل معي؟!
أرى أن عليك أن تفخري بنفسك، وتفرحي عند ورود هذه الأفكار، لأنها ترفع من قدرك عند الله تعالى من حيث لا تشعرين...
أخيرًا: أنصحك بالذهاب إلى الطبيب إن لم تكوني فعلت، فقد تحتاجين إلى العلاج الدوائي، وهذا سيعينك كثيرًا على تطبيق ما نصحتك به، والاقتناع به.
دعواتي لك بالشفاء، وأتركك في أمان الله تعالى وحفظه.
التعليق: أنا عندي كل الأعراض دي بالضبط، بس أنا ساعات أغير السب إلى مدح، وساعات أعود أختبر نفسي، بس ما بتنجح وبحس إني كافر،
فأنا أريد أن أعرف إذا كان حراما أو لا وفي أسرع وقت لو سمحتم .