بعد كل هذا أريد التكيف في حياتي.. ساعدوني..!
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، شكرا على هذه الخدمة الرائعة، جزاكم الله خيراً.
أود عرض مشكلتي وأتمنى الرد من د. وائل أبو هندي. أنا فتاة ترتيبي الوسطى لثلاثة أبناء لأسرة متوسطة الدخل، لدي أخ أكبر مني وأخت أصغر مني.
مشكلتي تبدأ من الصغر عندما تعرضت للتحرش الجنسي من الخال، في ذلك الوقت كنت لا أدري ما يفعله غير أنه بعض المداعبات الجنسية، مثل أن يدخل يده تحت ملابسي ويداعبني. أنا لم أكن أشعر بأي متعة ولكن لم أستطع إدراك ما هذا ولم أحاول الفرار، وكان يظهر عضوه بشكل مقزز ويمسك يدي لأمسك عضوه ويحركه حتى يقذف، وحاول قبل ذلك إدخال عضوه تحت ملابسي ولكن لمجرد المداعبة وعندما يحس بالقذف يخرجه.
مكثت فترة على ذلك ثم قدر الله أن أخبر خالتي ثم أخبرت خالتي جدتي، ولكنني وجدت المعاملة قد تغيرت معي وصارت تنهرني كأنه هو الضحية وليست أنا، علي فكرة الخال كان يدرس في ذلك الوقت في الكلية وأنا كنت في الصف الثالث الابتدائي أو الرابع، وبعد فترة الحمد لله ربنا نجاني ولكنه كان يلاحقني عندما أكون عند جدتي.
طويت الصفحات هذه بداخلي وانتهت التحرشات في ذلك الوقت. أمي لم تكن المرأة التي تجلس مع أبنائها وتسمع مشاكلهم لكن كانت تستيقظ من النوم تجهز الإفطار ثم تجري على العمل وتذهب عند أمها لتضعني كالوديعة. ثم في الساعة الثانية ظهرا تأخذني وبسرعة تجهز الغداء وتقوم بشغل البيت وهكذا. وفي أوقات الفراغ تشاهد التلفاز، حتى في يوم الجمعة لم يكن هناك تواصل بيننا. لم أشعر بها كأم إلا من خلال أنها تطعمني وتذهب بي إلى الطبيب عندما أمرض وهكذا. وأنا لا أجحد فضلها.
أمي عصبية وكانت تشغلني في البيت وترهقني وكانت تقسو علي. جاءت ذات مرة من العمل وكان عندي ألم في بطني من الدورة الشهرية فلم تحنو علي بل بالعكس سبتني ونهرتني وقالت ما المانع أن تعملي لنفسك مشروباً دافئاً وتقومي بالأعمال المطلوبة منك. لم يكن كلامها بصوت منخفض على سبيل النصح ولكنني لم أرد عليها. أنا كنت في ذلك الوقت هادئة ومطيعة ومنطوية لحد ما......
أما أبي فكان مدرساً يعطي دروساً بعد مدرسته ولا أراه في وقت الدراسة إلا آخر اللي وهو يتناول العشاء أمام التلفاز وذلك طوال فترة الدراسة أما في فترة الإجازة فيستيقظ من النوم متأخراً ثم يشاهد التلفاز طوال اليوم. وأمي تشتكي دائما من شغل البيت وأنه لا يساعدها وكانت المشاجرات تحدث أمام عيني وتنتهي بأن يسب أبي أمي أو يصفعها على وجهها أمام عيني بلا حياء وكأنه لم يكن مربيا للأجيال وذلك بسبب أن أمي تطلب منه مالاً لأن أسعار الأكل غالية... أبي لم يكن فقيرا لهذه الدرجة ولكنه كان يحب أن يوفر المال بأية وسيلة.
أما عن معاملته لنا في البيت فكان لا يتدخل في شئون البيت، هو مجرد يعطي المال فقط وأمي تباشر شئون البيت، حتى السباك أمي تحضره عندما يحدث شيء. أما أبي فكان يعمل شيئا واحدا ألا وهو فقط أن يحاسبها كأنهما في محكمة، كم دفعت؟ ولماذا؟ ولا أريد كذا، وهكذا. ولم تكن هذه معاملته لها فقط بل معنا أيضا، فكان يخطط لي في الثانوية أن أختار القسم العلمي حتى أصبح دكتورة من أجل المركز الاجتماعي وأن تقول الناس الدكتورة راحت والدكتورة جاءت. ولم أعرف في حياتي معنى الاختيار ولم أختلط بالناس لأن أبي كان يحضر لي المدرسين في البيت، لم أقل "لا" في حياتي إلا مرة واحدة كان يريد أبي أن نذهب لأحد الأفراح ولم أكن أريد أن أذهب، فصفعني على وجهي. كنت في ذلك الوقت في الصف الخامس الابتدائي.
لم يتحدث معي كأي أب ولم يحاول أن يسألني لماذا؟ ولكن هذا كان الحال دائما أقول نعم "خوفا". لم أستطع دخول كلية الطب لأن مجموعي كان 92%. وهكذا خطط أبي لي مرة أخرى فقد كنت أريد أن أدخل كلية العلوم لكنه رفض بحجة السفر ووعدني عندما تفتح كلية العلوم في محافظتي سيحول لي تسجيلي إليها. وكتب لي كلية تربية حتى أحصل على بكالوريوس العلوم والتربية. واجتهد مرة أخرى من أجل أن أصبح معيدة في الكلية وأحقق حلمه. ولكن ذلك لم يكن اختياري وكنت أكره الكلية ولا أحبها..
أما عن حياتنا فهي بعيدة عن الله، فأبي لا يصلي ويكره الشيوخ والملتزمين. وأما عن أخلاقه فهو أمام الناس الأستاذ المحترم الذي لا يتدخل في شئون أحد ولا يشارك أحدا. أما في المنزل فهو الآمر الناهي ولا يعارضه أحد. وعندما هداني الله وبدأت أصلي ولما أردت أن أرتدي الخمار ولا ألبس بناطيل، رفض لأن مظهري قبيح. ولما خالفته في الأمر بدأ يسبني ويكلم جدتي وخال أمي علي ويقول لهم ما هذا الذي تفعله في نفسها؟ ثم جاء في يوم وضربني بالعصا على جسمي وهكذا تركت لبس الخمار ولكن الله مكنني من أن أرتدي طرحة طويلة وملابس غير ضيقة كالسابق. ولكن أبي كسابق عهده يضطهدني ويسبني ويسخر مني وجعل أمي تشدد علي في شغل المنزل وتسبني دائما، حتى ولو أنهيت العمل المطلوب فتسبني بسبب استيقاظي من النوم متأخرة في الإجازة، أما أخواتي فلا تفعل ذلك معهم.
أما عن الملابس فأمي تذهب معي -وأنا في الكلية- لتختار لي ملابسي والألوان التي أرتديها ومحرم علي لبس الألوان التي يكرهها أبي...
أما عن حالتي النفسية فكنت لا أرد عليهم السيئة وأحسن لهم من أجل إرضاء ربي فقط. فأصابني اكتئاب وألم في جسمي وأتمنى الموت لكي أرتاح من هذا العذاب. وراودتني فكرة الانتحار لكن الله هداني.
أما عن الكلية فبفضل الله كنت مجتهدة والحمد لله نجحت في آخر سنة بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف لكن لم أكن من الأوائل في الكلية، فقد كنت السابعة علي القسم. وصدمت مرة أخرى ولم يتحقق أملي. فحاولت مع أبي أن يفي بوعده وأن أكمل دراستي في كلية العلوم، لكن المفاجأة أنه قال لي أنا لم أعدك بشيء، أنت من تريدين دخول كلية العلوم. وهكذا صفات أبي دائما يقول لنا "كذب مساوي ولا صدق ملخبط". وفوضت أمري إلى الله ولكن زاد اكتئابي وحزني واسودت الدنيا في عيني. لكن الله أكرمني بالتعيين كمعلمة في إحدى المدارس.
أنا عندي إبدال لحرف الراء بالياء منذ صغري ولا أدري لماذا لم يقوم أبي نطقي منذ صغري؟ وهذا عرضني للسخرية طبعا طوال حياتي. أما في هذه المهنة فطبعا بعض الطلبة المشاغبين يسخرون مني وهكذا.... حتى شعرت في أحد الأيام بضيق في التنفس وألم في قلبي عندما أكون في مكان مزدحم أو مغلق. عملت أشعة على القلب لكن الحمد لله القلب سليم والدكتور أعطاني اندرال 40 مليجرام وتربتيزول.
لكن بعد أن أخذت التربيتيزول صرت أحس بالخمول والرغبة في النوم وكأنني في عالم ثانٍ فتوقفت عن أخذه وأخذت الإندرال فقط........ لكن الآن صفاتي الشخصية تغيرت فلم أعد الشخصية الهادئة فأصبحت عصبية وقوية الشخصية ولي آرائي وأكره الضعف، وأقسو على نفسي في العمل وأحب خارج المنزل أن آخذ حقي من أي أحد يعترضني بفضل الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أبي شخصية ضعيفة أمام الناس لدرجة أنه في أول يوم ذهبت فيه إلي المدرسة لاستلام العمل الجديد جاء معي وتشاجر معي أحد الأشخاص ولكن أبي لم يتكلم وترك رجلاً كبيراً في السن كان يركب معنا في الميكروباص ليدافع عني فأحسست بفقدان الأمان ولم أستطع النوم من الخوف. فأنا خائفة بلا سبب من المجهول سواء من داخل البيت أو مصيبة تحدث لي خارج المنزل....
أما عن رغبتي الجنسية فأنا أنجذب إلى الرجال الكبار في السن (من عمر أبي) ولكن الشخصيات القوية في العمل وفي نفس الوقت الذين أحس بالطيبة فيهم. بفضل الله لم أقم بعلاقة لكنني أحس بالإثارة وخروج المذي. ولكنني لا أعطي اعتبارا للشباب لأنني أحس أنهم أطفال غير متحملين للمسئولية. وأتخيل أنني مع زوج لي بعمر أبي يعطيني الحنان وأحتمي به وأمارس الجنس معه وأتلذذ بذلك فأنا لا أتخيل نفسي مع شاب.
آسفة علي الإطالة لكنني أريد تفسيرا لحالتي وأن تنصحني للتكيف في حياتي وترك الماضي وراء ظهري. وانجذابي للرجال الكبار في السن ماذا أفعل به؟ واللثغة التي أعاني منها ماذا أفعل معها؟ وعندما يسخر أحد من لثغتي بماذا أرد عليه؟ فقد حاولت أن أصلح نطقي فلم أستطع.
11/06/2010
رد المستشار
حين قرأت سطورك تذكرت عالم الطيور الشهير الذي قضى معظم حياته داخل جدران الزنزانة الصغيرة التي أخذت جل عمره، فلقد أخرج للبشرية أعظم ما كتب عن سلوك الطائر بدقة بالغة، فقد كان يقف على جدار نافذته الضيقة طيوراَ تمكن من دراسة سلوكها بشكل أذهل العالم، وتذكرت كذلك اختبارات الذكاء التي فشل في تحقيق معدلات كبيرة فيها أعظم من خدم البشرية مثل، وتذكرت كذلك التعليقات الساخرة التي نالت توماس إديسون الذي أنار الكون في ظلمته من خلال المصباح الكهربائي على مدار سنوات يسخرون من أكثر من ثمانين محاولة فاشلة قبل توصله للمصباح الكهربائي، وتذكرت فترة سجن الإمام ابن حنبل حين قال سجني خلوة بيني وبين ربي، ونفيي سياحة، تذكرت كذلك سقراط وأفلاطون ومعاناتهم الشديدة ليثبتوا نظرياتهم التي يعيش على ضوئها الكثير من علماء عصرنا، تذكرت الفلسطينية التي تخرج وسط نيران العدو وهي تعلم أنها قد لا تعود أو حين تعود قد تجد بيتها وقد هدم واستشهد أغلب أفراد أسرتها؛
هل استنتجت ما أريد قوله؟، فلكل معاناته يا ابنتي، ولكل ظروف لم تكن على هواهم، ونتصور أن كلمة الظروف هي الشماعة التي سنتمكن من تحميل كل معاناتنا ومشكلاتنا عليها وهو زيف، أو نظل نبكي حظنا العاثر ونصيبنا السيئ في آباء لم يحصلوا على درجة الدكتوراه في التربية، فمهما فعلنا ذلك وصدقناه كثيراَ فلن نتمكن من أن نتنصل من مسئوليتنا تجاه أنفسنا بأنفسنا، وليس معنى حديثي أنني لا أدرك معاناتك، أو أهونها، فما أصعب شعور فقدان الأمان خاصة ممن يجب عليهم توفيره، وما أقبح أن يقهر الإنسان على فعل كل شيء ضد رغبته، وما أسوأ أن يظل بلا شخصية ولا قدرة على اتخاذ قرار حتى لو خطأ ليتعلم أن يتحمل مسئولية قراره، هل تصدقينني لو قلت لك أن ما عانيته في بيتك تكاد تكون المعاناة العادية الموجودة في معظم بيوتنا رغم بشاعتها وأثرها السلبي، ولكن حين لا نكون في حالة اختيار تجاه الأقدار فإننا نكون في اختيار لرد فعلنا تجاهها، ولقد سردت لك الكثير ممن كانوا يعانون معاناة من العيار الثقيل ومع ذلك رفضوا أن يتبعوا فريق الاستسلام والعويل على ما كان وفات، واختاروا الانضمام للفريق الفائز حين قرروا أن يدفعوا ثمن النجاح رغم كل الإحباطات، لذا أرجو أن تعي هذه النقاط:
* تعلمي من تجربة والديك الحية بين يديك، وافهمي أن الزواج ليس فراشاَ وليس فرحاَ ولا فستاناً، وأنه ليس المتعة الخالصة ولا المشكلات الخالصة، وإنما هو حياة شراكة فيها رسالة وقدرة على العطاء والبذل، وأنه ليس مهمة ثقيلة الظل ولكنه متعة بناء إنسان ورعايته رغم تحمل همومه ومتطلبات الحياة وكأنه عملة ذات وجهين أحدهما المتعة والثاني المسئولية، فلتختاري من يفهم تلك المسؤولية ويتمكن من القيام بها ويتقبل تحديات الحياة بما يقدمه من عطاء وود..
* مشاعرك تجاه الرجال الكبار واضحة وضوح الشمس فهي مجرد احتياجات تأخذ الشكل الجنسي، فأنت في احتياج لحضن أب ورعاية رجل حكيم تعودين له في القرارات وتطمئنين لوجوده حين تداهمك المشكلات ولكنك تضعينها في شكل جنسي لا أكثر، والمفاجأة أن أبجديات الرجولة والأبوة ليست مشروطة بالسن فكم من تافه مراهق ووضيع بل وأبله لا يتحمل مسؤوليات اتخاذ قرار شراء جوارب في هذه السن التي تبهرك، وكم من شاب تعلم فن الحياة وفهم قاموس الرجولة منذ نعومة أظافره...
* قصة الأمان قصة عميقة، فكثير من تصور أن الأمان في وفرة المال الذي يجعلهم قادرين على ممارسة حياتهم دون معاناة وببذخ دون خوف ولا عمل حسابات وضرب أخماس في أسداس، وكثير من ظن أنه في وجود الأب والأم والإخوة والعزوة، وآخرون ظنوا أنه في الصحة أو الزواج والعمل والكثير الكثير، ولكن أرتنا الحياة عكس كل ذلك، فالأمان شعور داخلي في نفوسنا، نستمده من التوكل الحقيقي على من خلقنا فلا نجزع ولا نتكدر لأنه موجود ولا يتخلى عنا أبداَ، وكلما أخذنا بأسباب النجاح مع توكلنا لنحقق العلم والزواج والمال بطريقة سليمة كلما كان الأمان أعلى والتوكل أعمق...
* موضوع اللثغة ما هو إلا ظلال لفقدك لثقتك بنفسك، فليس منا من لا يحمل عيوبا أو قصورا وليس بيننا أيضا من يتمتع بكل المميزات، ولكن بعضنا قصوره ظهر على شكله الخارجي والآخر من الداخل وكلما كنا في حالة استقرار وثبات كلما طغى الداخل على الخارج، فلو وقف كل شخص على مثل ذلك لفقدنا الكثير من العطاء، فسيدنا علي بن أبي طالب كان قصيراَ أصلعاَ، وكان صلاح الدين الأيوبي أعرجا، وكان عبد الله بن مسعود دقيق القدمين، فلا تحرمي طلابك من عطاء يا ابنتي...
* اقرئي الكثير في الثقة بالنفس، وتدربي على مواقف تخدمها بشكل مستمر ومتدرج وانظري لنفسك نظرة منصفة، واستحضري عناية الله لك وستجدي عجباَ، فما أجمل وما أعذب مذاق الانتصار على المشكلات بعد جهد وعناء..
ويتبع>>>>> : الحياة دروس وعبر مشاركة