الرجل المازوكي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ بداية أود أن أوضح أني قرأت كل المشاكل والمقالات التي نشرت على موقعكم مجانين، وأحمد الله عز وجل على وجود مثل هذا الموقع الذي يمكن التحدث فيها بطلاقة، وقد علمت بعض الأمراض النفسية والجنسية التي تصيب الإنسان من خلال قرأتي للمشاكل، حيث علمت وبحمد الله أنني مصاب بمرض المازوكية، وبعد قرأتي للحلول والمشاكل ظهر لي أنني مصاب بالمازوكية. لكنني لم أعرف ما هو سبب هذا الشذوذ الجنسي لدي: هل هو وراثي أم بسبب الخلافات التي حدثت بين أبي وأمي أيام طفولتي؟
أنني بحثت في هذا الموضوع وسألت أخوتي عن صور وأشكال الخلافات التي حدثت بين أبي وأمي أيام طفولتي لعدم تذكري إلى البعض القليل منها. فأجابوا بأن تلك الخلافات كانت كلامية بصوت عالي وصراخ شديد وذلك بسبب كراهية أمي لعائلة أبي و كانت تذكر أبي كيف كان عدم احترام عائلة أبي لأمي، و لكن لم يكن هناك أي نوع من أنواع الضرب أو التكسير بين الأبوين (ماعدا أمي، فهي كانت تضربنا أشد الضرب حينما تغضب ولكن بعد الضرب لا يمر 10 دقائق إلا و تحن علينا و تحضنا).. فمثلا يوجد الكثير من العائلات التي تستخدم أسلوب التشاجر العنيف التي يوجد فيها ضرب، تعذيب، وقتل أيضا... فلا أظن أن الخلافات هو السبب الوحيد لإصابتي بالمازوكية.
أنني قد قرأت في بعض المواقع العلمية الموثوقة مثل: The American College of Orgonomy، حيث أن كاتب و مؤلف الموقع يقر بأن الجنس بالنسبة لمريض المازوكية شيء مبهم، فالمصاب بالمازوكية لا يفرق بين الخوف من العقاب الشديد و بين الحب الجنسي العادي، والكاتب يقر بأن مصدر المازوكية ينبع من الخلافات التي جرت بين الأب و الأم أيام طفولة الشخص المصاب بالمازوكية، وقد اهتم الكاتب بأسباب حدوث المازوكية وقال من أهم الأسباب هو اهتمام الأم الشديد بابنها ومراقبة كل حركة صغيرة تصدر من ابنها وكثرة النصائح التي توجهها إلى ذلك الابن. وقام بتعريف المازوكية على أنه الخوف من الوحدة والاحتياج الشديد للحب والعطف والشفقة.
أردت أن أكتب الكثير والكثير لأنكم قلتم كلما أعطانا صاحب المشكلة معلوماتٍ أكثر كلما أصبحنا أقدر على مساعدته... قبل يومين شاهدت بجانبي منظر رجل يصفع أخته كفا ويشد من شعرها.. بطبيعة الحال (كوني شخص مازوكي) تذكرت مثيرات أيام المراهقة وتأثرت وبدأت أفكر لعدة ساعات بتخيلات الاستهانة والتعذيب وبعد مضي يوم تصفحت الإنترنت باحثا عن جميع المواضيع التي تتحدث عن العبيد وكيفية تعامل السيد مع عبده.
فقد علمت الكثير من المعلومات والقصص التي تحدث مع العبيد. وعلمت أيضا أن من أكثر البلدان استخداما للعبيد في وقتنا الحاضر هي فرنسا، حيث يبلغ عدد العبيد 3000 في باريس لوحدها. وقد ظل يراودني قصة حديثة جدا قرأتها في 4 مواقع مختلفة. وهي أن امرأة فرنسية ذهبت إلى عائلة فقيرة في بلد من بلدان أفريقيا, وطلبت من تلك العائلة أن تأخذ أصغر بنت في تلك العائلة الفقيرة إلى فرنسا لتعلمها اللغة الفرنسية وتدخلها إلى المدرسة لتثقيف تلك الصغيرة التي كانت تبلغ من العمر 7 سنوات فقط..
ولكن عندما وصلت إلى باريس ثبت أن كل الوعود كانت كاذبة وأنها لم تذهب إلى أي مدرسة بل أصبحوا يستخدمونها كخادمة بيتهم من دون أن يدفعوا لها أي فرنك. كانت تصحو من الساعة السابعة صباحا إلى الواحدة نصف الليل. ومع ذلك لم يمنحوها أي عطلة أسبوعية أو شهرية بل حتى عندما أصيبت بصداع كانوا يجبرونها على أن تنظف البيت وتحضر الطعام وتهتم برعاية أطفالهم وتأكل فقط ما تبقى من طعام كل فرد من أفراد العائلة. وإذا أكلت شيء من الثلاجة فإنها تعاقب لعدم انتظامها بالقوانين....
فيوم من الأيام تأخرت الخادمة لتلقي الأطفال من المدرسة, فلما علموا بذلك ضربوها ضربا لا أستطيع وصفه ولم يهتموا بشفاء تلك الجروح وكأنها عبد أو أمة لهذه العائلة الفرنسية.... فهذه الخادمة العفيفة إستمرت في خدمتهم لمدة 14سنة, حيث كانت حياتها عبارة عن خدمت تلك العائلة بكل ما فيها من جهد وطاقة.......... فانظروا ما أبشع الجرائم التي تحدث في فرنسا التي صنعت تمثال الحرية, وهذا أكبر دليل على سفالتهم ودناءة مستواهم. وهذه القصة واحدة فقط من بين المئات من قصص العبودية التي تحدث فالخفايا في فرنسا.
إنني أتأسف على الإطالة ولكنني وددت أن أشير أن فرنسا يمكن أن تكون دولة متحضرة في التكنولوجيا ولكن منحطة في الأخلاق.. إنني أعتذر مرة أخرى على الإطالة, ولكنني طرحت كل ما لدي من أفكار لكي أرى من حضراتكم الحل الأمثل الذي يشفي غليلي ولكي تعرفوا طبيعة صفات المازوكية التي عندي...
ملخص الأسئلة:
1- ما هو منبع المازوكية؟ وهل المازوكية مرض وراثي أم بسبب الخلافات التي حدثت بين أبي وأمي في أيام طفولتي؟
2- كيف أوقف شهوتي المازوكية عندما أرى شخص يهين شخص آخر بنوع من أنواع التعذيب.
3- ما هي تقريبا نسبة الذكور المصابين بالمازوكية؟
وأخيرا شكرا لكم
وجازاكم الله خيرا
13/02/2004
رد المستشار
عزيزي........ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
كلمة المازوكية مأخوذة من اسم روائي نمساوي عاش في القرن التاسع عشر ويدعى: لوبولد فون ساشر ماسوش وذلك لأن أبطال رواياته كانوا يستمتعون بالألم الجسدي والإهانات والتعذيب، وهى تنطق ماسوشية أو مازوكية أو مازوخية، ولها مستويان:
• المازوكية العامة (أو المازوكية الأخلاقية): وفيها نجد أن الشخص المازوكي يقوم بأشياء (بوعي أو بدون وعى) تعرضه للفشل أو الضياع أو الإهانة أو التحقير أو الإيذاء اللفظي أو البدني، وهو يكرر هذا السلوك ويجد متعة خفية في ذلك على الرغم من شكواه الظاهرية.
ويستمر الشخص في هذا السلوك بشكل شبه قهري مهما تعرض للمشاكل والمتاعب، فهو يعشق دور الضحية والمظلوم والمقهور والمعذب، والمازوكية على هذا المستوى هي نوع من اضطراب الشخصية المصحوب بسلوك هادم للذات Self defeating behavior
• المازوكية الجنسية: وهي تعني الشعور باللذة الجنسية فقط حين يكون الفعل الجنسي مصحوبا بالإهانة اللفظية والعنف الجسدي للشخص المازوكي. ويعتقد فرويد أن الشخص المازوكي لا يستطيع الشعور باللذة الجنسية في الأحوال العادية نظرا لشعوره بالقلق وإحساسه بالذنب لذلك فالإيذاء الجسدي أو المعنوي يخففان من هذه المشاعر ويسمحان بالشعور باللذة الجنسية وكأنهما غطاء لابد منه للوصول إلى هذا الشعور.
أما عن أسبابها فهي ليست معروفة بالتحديد، ولكن علماء النفس (خاصة التحليليون) يرون أن الشخص المازوكي يتعين (أو يتماهي) بأمه (يتقمص دورها الأنثوي) بدلا من أبيه خاصة إذا كان الطفل قريبا من أمه بدرجة زائدة وشعر أنها مظلومة من أبيه أو من غيره فهنا يتعاطف معها ويحب دائما أن يكون في وضع المظلوم مثلها حتى يخفف من مشاعر الذنب حيالها، والمازوكي لديه شعور عميق بالذنب (ربما لوجود مشاعر عدوانية أو جنسية بداخله) لذلك يحتاج للإيذاء النفسي والجسدي للتخفيف من هذه المشاعر المؤلمة وساعتها يشعر بالراحة أو بالنشوة.
والمازوكي يشعر بالوحدة والخوف من هجر الحبيب لذلك فهو يعشق دور المظلوم والضحية لكي يكسب عطف الناس واهتمامهم.
وبناءا على ما سبق يمكن القول بأن الخلافات بين الوالدين في طفولتك وتعرض والدتك للظلم من أقارب والدك ربما يكونا قد دفعاك في طفولتك المبكرة لكي تتعين بالوالدة وتتعلق بدور المظلوم وتنشد الإهانة والتعذيب للتخفيف من مشاعر الذنب وللتخفيف من مشاعر الوحدة ومخاوفها.
ولا توجد -حسب علمي- دراسات منضبطة في عالمنا العربي تشير إلى نسبة المازوكية بين الذكور أو في الناس عموما ويبدوا أن ذلك صعب منهجيا لأن مجالات السلوكيات المازوكية العامة واسعة جدا ومتنوعة، في حين أن المصابين بالمازوكية الجنسية غالبا ما يفضلون عدم البوح بها.
والعلاج المستخدم في مثل هذه الحالات هو العلاج النفسي المتوجه نحو الاستبصار (Insight oriented psychotherapy) ويتم من خلال عدد من الجلسات النفسية الفردية التي يصل من خلالها الشخص المازوكى (بمساعدة المعالج) إلى جذور مشاعر الذنب وهى غالبا ما تكون دفعات عدائية يريد أن يعاقب نفسه عليها حتى يستريح، أو يرى أسباب تعينه بأمه وفشله في التعين بأبيه في مرحلة الطفولة المبكرة، أو يرى وحدته القاسية وخوفه من الهجر وبالتالي يسعى لاجتذاب الاهتمام والتعاطف من خلال دور المظلوم والمعذب والمحبط.
وهناك وسائل علاج ذاتية إيجابية تخفف من مشاعر الذنب العميقة وهى الصيام والصلاة والحج والصدقات وفعل الخيرات وتحمل المشاق في سبيل أعمال الخير والبر.
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، الأخ العزيز أهلا وسهلا بك، أولا نعتذر عن تأخرنا في الرد عليك ولعل الرد الذي نقدمه لك الآن من أخي الأكبر وزميلي الدكتور محمد المهدي، وهو أنشط المستشارين الكبار لصفحتنا استشارات مجانين يشفع لنا، وأما تأخرنا فقد كان تأخرنا بسبب ظروف تقنية تعرض لها الموقع، وأما ما أود إضافته فهو:
أولا لست أدري من قال لك بأن الموقع الذي أشرت إليه عن الأورجونومي هو من المواقع الطبية الموثوقة؟ (والأورجونومي هي أحد النظريات التحليلية الخارجة من عباءة فرويد والتي تفترض وجود طاقة تسمى بالأورجون في الكيان البشري وأن اضطراب مسارات هذه الطاقة هو سبب المرض)، ولا أدري لماذا اعتبرته أنت موقعا طبيا موثوقا؟ هل لأنه موقع الكلية الأمريكية؟ ألا تعرف يا أخي الفاضل أن بإمكان أي شخص أن ينشئ ما يشاء من كليات ويسميها بالأكاديمية أو الكلية الأمريكية ما دام في أمريكا وما دام الاسم غير مستخدم من قبل، وليس هناك مانع من أن ننشئ الكلية الأمريكية للتقاليع مثلا أو للاشيء وننشئ لها موقعا محترما على الإنترنت لكنه لن يكون موقعا علميا! ولا موثوقا!، إلا إن كان كل ما هو أمريكي يصبح علميا موثوقا في الحال؟
إن الإخبار عن الغيب النفسي للإنسان يا أخي مثلما يفعل التحليليون في علم النفس، أمثال فرويد ويونج وصاحب الموقع (الموثوق من وجهة نظرك) الذي أشرت إليه، فما يفعلون في نظرياتهم إلا محاولةً للإخبار عن الغيب النفسي، وهو نوع من المغامرة التي قد تصبح تجديفا أصلا من وجهة النظر الدينية، وكل ما يقولونه لا يعدو كونه نوعا من أنواع الافتراضات التي يحاول الإنسان الفهم من خلالها، ولا يقوم على صحتها دليل علمي أصلا، ولا نستطيع الثقة بما لا يقوم عليه دليل!، خاصةً عندما يكونُ لدينا فهم مغاير، وذلك لأننا نتحدثُ عن علم بشري يعترفُ أصحابه بأنهم يخطئون أثناء تعاملهم مع الموجود في دائرة حواس الإنسان الخمس، ويعترفون أيضًا أنهم قد يتفقون جميعا على خطأ لأن حواسهم خدعت، فما بالك بما لا يعتمد أصلا على حاسة من الحواس الخمس؟
لن أطيل في نقد ما جاء في نظرية صاحب الأورجونومي عند تعرضه للمازوخية، ولكنني فقط سأقول لك أنه لن يقنع إلا المؤمنين بالأورجون أصلا، لأنه تفسير من أضعف التفسيرات التي جاءت في نظريته، ولو قسنا بمقياس مستمد منه فإن المفترض أن الجميع رجالا ونساء في مجتمعاتنا سيصبحون (أو هم بالفعل مازوخيون)، فمن منا لم يتعرض لمثل ما تعرض له المازوخي حسب تلك النظرية؟ من منا لم تحتضنه أمه بذلك الشكل ولدا كان أو بنتا؟ ثم من قال لك أن الجنس مبهم فقط لمريض المازوخية؟ إنه مبهم لكل الصادقين من العلماء والباحثين يا أخي، من يقول أصلا بأنه يفهمه؟ إلا أن يكونَ سطحي النظرة والمشاعر؟ أو حتى محروما من الشعور بما يفارق الحواس!
ولا أدري في الحقيقة معنى تعريف المازوخية على أنها "الخوف من الوحدة والاحتياج الشديد للحب والعطف والشفقة"، هل الخوف من الوحدة والاحتياج الشديد للحب والعطف والشفقة مرض أصلا؟ إن كل طفل في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان، وما خفي، كل طفل هو تجسد لما تقول! فهل كلهم مازوخيون في الأورجونومي أو سيصبحون؟
وأقف بعد ذلك عند عرضك لقصة الخادمة السوداء في قصر الفرنسية، لأقول لك شكرا على استعراضك، ولولا أننا نفترضُ أن المازوخيين قليلون في مجتمعنا -رغم عدم دراسة الأمر دراسة علمية- لولا ذلك لما نشرنا استعراضك هذا، ولا أدري هل يثيرك أيضًا ما يحدثُ في أسرى المسلمين في معسكر جوانتا ناموا أم أنك من أصحاب الذوق الفرنسي فقط في مازوخيتك؟
ويتبع>>>>>>: الرجل المازوكي أم الاستعراض المازوكي؟ م