هل هذا وسواس أم هذه نجاسة؟
القصة: دخلت الحمام واتسبحت، وعندما خرجت وضعت سروالي الداخلي وبه على ما أعتقد قطرات صغيرة جدًا جدًا جدًا من البول، ووضعته جانبًا ومشيت وآثار أقدامي من الماء في الأرض، وجاءت أمي وداست على الآثار، ثم داست على السجادة، وداست على السروال، وحملته برجلها ثم مشت وداست على البقع ثانيةً ومشت.
هل هذا وسواس أم هذه نجاسة؟
الرد بسرعة على Email
20/12/2010
رد المستشار
أهلا بك يا ولدي؛
ما تعاني منه وسواس، وأرجو أن يكون مصدره الجهل فحسب بحيث تتركه فور معرفتك للحكم....
كما أرجو أن تسارع في علاج وسواسك قبل أن يستحكم فيك، وهذه فرصتك فعمرك ما زال صغيرًا...
لا أعلم يا ولدي ما الذي جعلك تعتقد بنجاسة رجلك؟
وكلامك كله أدلة على أن النجاسة لم تنتقل إلى رجلك فضلا عن أن تنتقل إلى سائر المنزل...
إذا كنت اغتسلت بسروالك فالقضية منتهية، قد طهر السروال بجريان ماء الاغتسال عليه!!
وإذا كنت لم تغتسل به فالأمر يسير أيضًا، وأشرح لك:
أولاً: قلت: (وبه على ما أعتقد قطرات صغيرة جدًا جدًا جدًا من البول)، وقولك على ما أعتقد يفهم منه أنك غير متأكد من هذا 100% أي غير متيقن، ولو كنت تظن أن ثيابك نجسة بنسبة أقل من 100% فالثوب يبقى طاهرًا، أعني لو أنك تقول: ربما هو نجس، غالبًا هو نجس... فالثوب طاهر، ولا يصبح نجسًا إلا إذا كنت تعلم أنه نجس 100%.
لماذا هذا الكلام؟
لأن هناك قاعدة معروفة في الشريعة الإسلامية أن (اليقين لا يزول بالشك)، وهناك قاعدة أخرى تقول: (لا تنجيس بالشك)، وسأشرحهما لك:
أخذت ثوبك النظيف من خزانتك وكنت تعلم أنه طاهر 100%، فلبسته...، الآن لا بد لهذه ال 100 من الطهارة لكي تزول من 100 مثلها من النجاسة لأن 99 مثلًا أقل من 100 والقليل لا يتغلب على الكثير، إذن لا تستطيع (99% نجس) -ولا عدد أقل منها-، أن تتغلب على (100% طاهر) ولا أن تزيل الطهارة من ثيابك، فلا ينجس الثوب بمجرد قولك (أحتمل أو أشك أو يغلب على ظني أنه نجس)... هل أصبح هذا مفهومًا لديك الآن؟
ثانيًا: قولك: (قطرات صغيرة جدًا جدًا جدًا)، مثل هذا المقدار يعفى عنه في كل المذاهب لأن الإنسان لا يمكنه أن يتجنب هذه القطرات في جميع أوقاته إلا بصعوبة ومشقة، والله لا يريد أن يشق على الناس، فجعل هذا المقدار لا يضرهم، وسمح لهم أن يصلوا بثيابهم، وإن كان فيها قطرات صغيرة جدًا من البول. وخاصة إذا كنت لا تستطيع رؤيتها لصغرها....
ثالثًا: إذا كانت النجاسة جافة، ورجلك جافة، فإن النجاسة لن تنتقل إلى رجلك ولو وقفت فوقها ألف عام! فالقاعدة الفقهية تقول: (الجاف على الجاف طاهر بلا خلاف).
رابعًا: لنفرض أن رجلك كانت مبللة عندما خلعت سروالك قبل الاغتسال، هل تأكدت تمامًا أن رجلك المبتلة لامست النجاسة؟ إنه لو كانت النجاسة كثيرة (وليست قطرات)، ولم تتأكد أنك عندما خلعته لمست الموضع النجس برجلك، فرجلك ما زالت طاهرة، لماذا؟ لأني شرحت لك قبل قليل أنه لا تنجيس بالشك، وأنت تشك وتقول: هل لمست رجلي النجاسة أم لا؟ إذن رجلك غير نجسة...
والنتيجة؛
رجلك طاهرة، وبالتالي: الماء الذي عليها طاهر، وبالتالي: آثار الماء التي على الأرض طاهرة، وبالتالي: أمك داست على ماء طاهر، وبالتالي: لم تنجس السجادة ولا السروال، ثم لم تتنجس رجلها مرة أخرى عندما داست على البقع مرة ثانية ومشت!
هل أصبح هذا واضحًا ومفهومًا الآن؟؟؟
ما قلته لك من القواعد والأحكام لا ينطبق فقط على الثياب بل على جميع الأشياء، الأرض، والأثاث، والسيارة، والجدران.... فذكر نفسك بها دائمًا....
شرحت لك وفصلت وأرجو أن يكون كلامي مفهومًا، فإن كان هناك أي استفسار آخر فلا تتردد في إرساله....
لا بأس أن تسأل عن دقائق أمور النجاسات، لكني أطمئنك سلفًا بأنك لن تجد أحدًا يقول لك: إنها تضر!
وفقك الله...