السلام عليكم؛
أنا صاحبة رسالة "موسوسة تريد السرية وطبيبة مصرية" (كنت بعثتها قبل تجديد الموقع)
أنا باختصار مشكلتي مع والدتي دائمًا في شجار، أنا بطبيعتي لا أحب الصوت العالي أبدًا، وهي دائمًا صوتها عالي، وتتحدث معي بأسلوب أستحي منه، ولا أستطيع حتى ذكر كلمة واحدة من الكلمات التي تسبني بها.
أنا أعلم أن مشاكلي كثيرة، وعندي وسواس، ولا أحب المنزل لأنه يذكرني بمعاناتي، وعندما أكون في المنزل الوسواس يأتي بدوره، لذلك أفضل الجامعة، وأفضل الجلوس مع أصدقائي، وهي دائمًا تقول لي: (أنا زهقت منك) طيب ماذا في يدي؟ أنا أيضًا (زهقت)!!
هي تفضل أختي لأنها تعلم كيف ترضيها، أنا بطبيعتي مشاعري فاترة مع عائلتي، ولا اعلم كيف أرضيهم عندما أتشاجر معهم. الجميع يقول لي: (عيب دي أمك). أنا لا أحس بهذا، لا أستطيع أن أصالحها، لا أستطيع أن أعتذر، وكل يوم يزيد أسلوبها بشاعة، وأحس أني أكرهها عندما نكون في شجار.
قالت لي مرة: إذا لا تستطيعين أن تعتذري فسأكتفي بقبلة. وهذا ما أفعله وأتحدث معها، ولكنها لا ترد. وعندما تحدثني بأسلوب بشع لا أرد عليها، فتزيد هي بدورها الجرعة، وعندما أتحدث معها تقول لي: (دا وش ده تكلميني بيه؟)، مع أن وجهي يكون طبيعيًا. هي التي لا تصدق، وعندما أقول لها هكذا، تضربني.
أعترف أن أسلوبي معها فيه الكثير من اللامبالاة، ولكن هي التي تدفعني إلى هذا. وتقول لي: (لو مبتحبيش حد يزعقلك متغلتطيش)!! كيف؟ لا يوجد إنسان لا يخطئ!! (معظم أخطائي تكون بسبب الوسواس). وعندما تتضايق مني تقول لي: حسنًا إذا لا تستطيعين أن تجلسي في المنزل باحترام فاخرجي منه بالثياب التي عليك. بيني وبينكم أنا فعلًا أود الذهاب! يمكنني الجلوس بمفردي، ويمكنني أن أعمل، وأصرف على نفسي، ولكن لن يتركني لسانها من الدعاء علي ليلًا ونهارًا، (هذا بالإضافة إلى الضرب والإهانات).
وعندما تدعو علي تقول: (يا رب يرزقك ببنت زيّك عشان تعيشي في تعاسة).
أنا أريد أن تكون لي ابنة بنفس صفاتي، على الأقل سأعلم كيف أتعامل معها، ولا أجعلها تعيسة مثلي، ولا أعيّرها بصفاتها السيئة، وأخاف كثيرًا أن تتوفى أمي وهي غاضبة مني، ولكن لا أدري ماذا افعل؟!!
07/01/2011
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا "هديل"، وأهلًا بك مرة أخرى على مجانين.
كيف أحوالك الآن؟ لم تطمئنينا عن وسواسك وعن ذهابك إلى الطبيب للعلاج، على كل مشكلتك الآن لا علاقة لها بالوسواس وإنما هي مشكلة معظم الشباب والشابات.
يا هديل قبل أن أقول لك أي كلمة لا بد أن تضعي في ذهنك هذا: لست أنت الوحيدة التي تعانين من عدم تفهم الأهل، أو من عصبيتهم، غالب الناس هكذا، كم عدد الذين درسوا علم النفس وأصول التربية قبل أن يتزوجوا؟ بل وكم عدد الذين قرؤوا أحكام تربية الأولاد وعرفوا، ما هي شروط التربية؟ وفي أي سن يكون تأديب الولد؟ ومتى يحل توبيخه وضربه؟ ومتى يحرم؟
معظم الناس يربون ويديرون حياتهم الأسرية حسب عواطفهم وما تمليه عليهم أمزجتهم، وحسب ما يرونه صحيحًا من وجهة نظرهم وإن لم يكن كذلك في الواقع، لكن يشفع لهم نيتهم الطيبة وقصدهم الحسن، وإن بنوا تصرفاتهم على الجهل، فما من والدٍ إلا ويبغي الخير لولده فيما يعامله به، وإن قسا عليه، أو جانب الصواب فيما يفعل.
قد تكون أمك جانبت الصواب في ردة فعلها تجاه تصرفاتك الخاطئة، وقد تكون خالفت أمر ربها لها أثناء تربيتك، لكن حسابها في هذا على الله، ولا شأن لنا في هذا.
المهم الآن هو أنت، هل أفعالك وصفاتك التي تشتكي منها أمك سيئة فعلًا وغير صحيحة؟؟ إذن عليك التصحيح بغض النظر عن الطريقة التي تم تنبيهك بها، كون أمك لا تعرف طريقة النصح، لا يسوغ بقاءك على الخطأ، وأنا على يقين أنك لو قمت بالتصحيح فإن نصف الشجار بينكما سيزول حيث اختفت أسبابه.
أما النصف الثاني من الشجار، والذي مصدره تصرفات أمك وصفاتها وعصبيتها لا أخطاؤك أنت، فغيري نظرتك إليه تتغير حياتك كلها، أنت الآن عاقلة، راشدة، مكلفة، ستتعرضين في حياتك لمواقف كثيرة جدًا، اعتبريها كلها أسئلة، وعليك معرفة الإجابة. والسؤال المطروح عليك الآن: هناك شخص يتعامل معك بشكل غير لبق، ويهينك ويؤذيك، وهذا الشخص هو أمك، كيف تكون ردة فعلك بحيث ترضين الله تعالى؟
ولاحظي، قلت لك: ترضين الله تعالى، وليس أمك، لأن الأصل في العلاقة معها رضى الله، وإلا فهناك من الآباء والأمهات من لا يرضيه شيء، فهل يضيع جهد الولد في الإحسان إليهما؟ وهناك من الآباء والأمهات من لا يرضيه إلا معصية الله، فهل يعصي الولد ليرضيهما؟ بالطبع لا!
أنت الآن تشعرين بالحنق تجاه أمك، بل والكره أثناء الشجار، وتودين الهروب من المنزل لتتخلصي من (زعيقها) في وجهك، أسألك: كم مرة زعقتِ في وجهها في منتصف الليل فمنعتها من النوم؟ على الأقل كان مجموع زعيقك نصف كل يوم في السنة الأولى من عمرك! ثم قل هذا في السنة الثانية والثالثة...؛
ويمكننا أن نقول: إن مجموع زعيقك كان في السنوات الثلاث الأولى من حياتك –فقط- سنة كاملة متواصلة!! هل بلغ زعيق أمك الآن سنة كاملة متواصلة أي على مدى أربع وعشرين ساعة دون أن تسكت ولو للحظة؟ لا أظن! إذن ما زالت هناك ديون، هذا عدا عن زعيق ما بعد سنواتك الثلاث... طيب، ماذا كان ردة فعل أمك تجاهك حينها؟ أليست كانت تحملك وقلبها يفيض نحوك حنوًا وحبًا، فتدور بك في أنحاء المنزل، وتحتار في أمرك، فتهزك تارة، وترضعك أخرى، أو تعطيك دواءً للمغص الذي زعقت في وجهها بسببه من غير ذنب منها؟!
حتى إذا هدأتِ بعد ليلة دامسة نظرت إليك والبسمة تعلو وجهها، وطبعت قبلة على جبينك ووجنتيك!!! إذن ما زال أمامك كثير من ديون الابتسامات والقبلات التي تمنحينها إياها بعد انتهاء زعيقها!
تتألمين من ضربها لك –وهو أمر ما ينبغي أن يكون ولا ريب- أسألك: كم مرة ركلتها برجلك وأنت في بطنها تغذيك من جسدها، ولم تقترف خطيئة في حقك؟؟ وكانت كل ركلة منك أحب إلى قلبها من الدنيا وما فيها!! كم مرة كنت غاضبة فيها فجاءت تراضيك بلعبة تضعها بين يديك، فحملت اللعبة ورميتها في وجهها وضربتها بها؟؟ هل كرهتك حينها؟؟ أم ذهبت وأحضرت لك لعبة أخرى؟!
كم مرة دعت لك أن يطيل الله عمرك ويجعلك أفضل الناس؟ وأنت الآن قلبك يدعو أن تموت وترتاحي منها!!
تتألمين من تحكمها بك، كم مرة تحكمت بها، فمنعتها النوم في الوقت الذي تشتهيه؟
كم مرة تحكمت بها، فمنعتها من الخروج من البيت، وبقيت محبوسة لترعاك؟
كم مرة تحكمت بها، فمنعتها من ترتيب بيتها كما تحب، وجعلتها ترتبه بما يناسب شقاوتك، ويضمن عدم تأذيك، فلا تستطيع وضع تحفة للزينة، ولا تأمن على شيء من أغراضها بسببك؟!! ألا تستحق الآن أن تنزلي وفق رغبتها مرة أو مرتين في الأسبوع، فيما لا يخالف أوامر الله عز وجل؟!
تشتكين من عدم انتباهها للنظافة والطهارة، ومن أنها توسخ أو تنجس (في معيار وسواسك)، كم مرة قمت بتوسيخ ثياب أمك أو تنجيسها حقيقة وليس شكًا ووسوسة؟!! ماذا كانت تفعل بك؟ كانت تذهب بكل رحابة صدر، فتنظفك وتنظف نفسها، وتغير ثيابك وتغسلها، ثم بعد أن تعطرك تشم رائحتك الجميلة وتضمك إلى صدرها!!!
ما زال هناك ديون أخرى إذن، من الصبر والابتسام والرضى بعد كل مرة يصدر منها شيء يوسخ أو ينجس حقًا... فما بالك إذا كان الأمر مجرد وسواس منك فقط؟؟
كل هذا الكلام لأذكرك أنك كنت ضعيفة، وكان يصدر منك تصرفات غير لائقة، وكانت أمك تتحملك، فهلا رددت الجميل إذ بدأت أمك تضعف وبدأت تصدر منها تصرفات غير لائقة؟ وهلا كسبت رضى الله تعالى بذلك؟ الانكسار للوالدين يا هديل عز ما بعده عزّ، والحنو عليهما إنسانية ما بعدها إنسانية، وحبهما وفاء ما بعده وفاء.
لنفرض أنك أخطأت، فغضبت وبدأت بالصراخ، اتركيها لتفرغ ما بداخلها، ثم قولي لها بكل هدوء: نعم أنا أخطأت، سأحاول التصحيح في المرة القادمة، ثم ابتسمي في وجهها وقولي: شكرًا لك لأنك تحملتني هذه المرة! قد تهدأ فورًا وهذا المتوقع... وقد تكون من النوع الذي لا يهدأ، لا بأس، هلا عاملتها كما كانت تعاملك وأنت طفلة صغيرة غاضبة...، اتركيها حتى تهدأ...
أعلم رجلًا كثير العصبية، صاحب شخصية وسواسية نموذجية، إذا دخل إلى البيت لا يترك أحدًا وشأنه، طوال اليوم: لم فعلت ولم لم تفعل؟ ولم لم تضع هذه هنا؟ وأنتم دائمًا لا تحسنون شيئًا... إلخ. وكان له ثلاث بنات، اثنتان منهما كانتا تتصرفان مثلك، فيزداد غضبه، وتوبيخه، وبالتالي يزداد غضبهما هما وعبوسهما، ونكدهما.... ودائمًا ينعتهما بأنهما ليستا جيدتين!!
أما الثالثة –وهي الصغرى- فكانت تتقدم إليه مبتسمة تربت على كتفه وهو يصرخ، فتقول: يا حبيبي يا بابا، لماذا أنت غاضب؟ من أغضبك يا روحي؟ الحق معك!! كانت تفعل هذا ولم تتجاوز العاشرة... وتمتص من غضبه الكثير الكثير، فيهدأ شاء أم أبى.
النتيجة، هو يحبها وينعتها بأنها ذكية وشاطرة، وهي لا تحمل في قلبها شيء من الألم أو الحقد، وما الذي خسرته؟ هل خسرت كبرياءها؟ لا طبعًا، بل كسبت إعجاب كل من حولها!!
لماذا لا نكون أذكياء دائمًا؟ لماذا لا تعرفين مفتاح أمك؟ متى تحبك أن تتكلمي؟ ومتى تحبك أن تسكتي؟ ومتى تحب منك كلمة حلوة؟ لماذا لا تعرفين هذا كما كانت تعرف مفتاحك من كلمة (وااااع) فتعطيك ما يرضيك؟!
تأكدي أنك إن صححت أخطاءك ابتغاء رضى الله تعالى، ودون النظر لطريقة التنبيه، وإن عاملت أمك على النحو الذي قلته لك، فإن الله سيرضى عنك حتى إن لم تتلفظ أمك برضاها عنك بلسانها...، حتى إن دعت عليك!!!! أما إذا أصررت على أخطائك، وبقيت تقابلين غضبها بالعبوس، والنكد، فلن يرضى الله عنك، وإن تلفظتْ بالرضا بلسانها لتطيب خاطرك بعد انتهاء الشجار!!
إن أخطأت هي فلم تراعي سنك في تعاملها معك، فلا تخطئي أنت وراعي سنها ومكانتها في تعاملك معها إلى آخر عمرها –أطال الله بقاءها-، هذا هو واجبك الآن، وهو ما ينبغي أن تشغلي نفسك به، فإن أتقنته وداومت عليه، تعالي بعدها لنتكلم عن واجبات الآخرين وتقصيرهم فيها.
وفقك الله وأعانك على التطبيق...
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>> موسوسة تطلب السرية وطبيبة مصرية م1