استنفذت كل أمل وحلم وطاقه بأن أعيش حياه سعيدة..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ ها أنا أطلب المساعدة بعد ما استنفذت كل أمل وحلم وطاقه بأن أعيش حياه سعيدة!
بداية قصتي بالتسلسل أنني عشت طفولتي الأولى مع (جدتي) الإنسانة الحنووووووونه الرائعة والتي قدمت لي أفضل رعاية وحب وحنان وعوضتني كل شيء وتعلقت بها جدااااا، وبعد مرور 6 أعوام انتقلت للعيش مع والدي –مجبرة- وزوجته ومرت عليَّ مرحلة الطفولة بصعووووبة بالغة وألم لا أستطيع نسيانه، فقد كنت وحيدة، وقد عانيت أشد المعاناة لفراق جدتي ومرت السنوات... كنت ممتازة بالمدرسة، وكنت كثيرة الحركة، وأمتلك أفضل الصديقات والمبدعة بالفن وبعض النشاطات، ولكنني بالبيت وحيدة فوالدي كثير السفر، ولا يهتم بي، وكان لا يحبني، وأتعرض للضرب المبرح منه لأتفه الأسباب، وعلى مر السنين، وأمام الجميع، وكان واضحا كرهه لي ممن هم حولي -سامحه الله- ووالدتي لم أكون أعلم عنها إلا الاسم، وأنها تركتني، وبرغبة منها، و كل الكلام السيئ!!! وزوجته كانت إنسانة محترمة. لم تؤذيني في صغري وهي إنسانة عقلانية، والمحزن أنها كانت ألطف من أبي في معاملتي...
كم من الأيام لم أستطيع النوم من شده الخوف... كم من الأسئلة باغتتني ولم أجد لها إجابة... كم من المرات أُجبرت على الكذب ومخالفة الواقع بأن أمثل أنني سعيدة، وبأن أدعو زوجت أبي بماما، وبأن لا أسال عن لوالدتي أو جدتي!!!
سنوات من القهر والإكراه... كم من المواقف مرت عليَّ لم أفهمها، وعانيت ومازلت أتذكرها، ولم أستطيع البوح بها. فقد حاولت بنت الجيران أن تداعبني ولكن الحمد لله لم تلمسني فقد منعتها. وبإحدى المرات رأيت أحد أقاربي يداعب الخادمة ملتصقا بها -منظر بقمة البشاعة- ولم أتكلم وقد أرعبني ذلك المنظر كثيرا. وقد كنت أهرب وأجلس وحيدة لأيام وسنين لا أجد إجابات ومبررات لما أمر به، ولا أحمل بقلبي لبيتي إلا الكره والحقد، وأتمنى الموت، وكم مرة حاولت الانتحار، ولكنني خفت، وكم عاقبت نفسي بشدة وكرهتها وما أزال أأنبها وأعاقبها على ما لم ترتكبه -بداخلي مجروحة-.
وكنت أعاني (عسر المزاج) الاكتئاب الخفيف (اضطراب النوم_ عدم حضور بعض المناسبات_ عدم الثقة بالآخرين والخوف من أحكامهم_الإحساس بالنقص_اليأس والإحباط_عدم الشعور بالأمان_بطء الحركة _تقلب المزاج_التشاؤم) كنت أعشق الوحدة وأغراضي وغرفتي وأعيش أحلام اليقظة، وأسرح بخيالي أحقق كل ما أتمناه وأعاتب من أعاتب، أبكي إلى ما لا نهاية وأصل لكل ما فقدته وحرمت منه بالرغم من إبداعي وأناقتي وثقافتي وشخصيتي ومشاعري الحنونة وطيبتي وطهري وتحملي لكل المصاعب. محاولة تقويه نفسي وتميزي عن البقية.
كبرت وعند دخولي الجامعة ابتدأت أستعيد ثقتي، وأصبحت لي كلمة، وإقبال أكثر على الحياة. تقدم لي عرسان، وكان مطلبي الوحيد الرجل الذي يخاف الله، والطيب الحنون الصادق. حتى أتى هذا الإنسان الذي وضعت فيه كل كل كل كل أحلااااااااااااامي، وقد أحبني جدا، وتعلق بي منذ أول لقاء.
ومرت أيام الخطوبة (مكتوب الكتاب) من أجمل وأحلى أيام عمري، عدت فيها طفلة. فعلا تغيرت جدا من الداخل، وهو الأهم بالنسبة لي، وقد أحببته جداااا -سبحان الله هو قد عانى ظروف عائليه سيئة في الطفولة- هذا الإنسان بنظرة منه يجعلني أقول ما بقلبي، وأحسست أنه كل أهلي (الأم و الأب و الأخ و الأخت) أعد الأيام لنجتمع، ويقترب موعد الزفاف وترتيباته وطلباته التي لا نهاية لها.
جاء ذلك اليوم الذي اتصل عليَّ فيه وبدأ بكلام غريب. وقال: ماذا تخفين عني اعترفي؟ وكلام غريب عجيب وأنا ذهبت لساحر وأستطيع معرفه كل شيء... ثم صارحني بأنه يمزح صارحني بأنه يمزح بالعلم من أن أسلوبه لم يكون بمزح!
فقد كان غريب الأطوار ذلك الشهر. وقلت له: إذا لا تريد أن نكمل فاتركني. وبعدها بأسبوع أتى اليوم الذي يمرض فيه مرض شديد ونعرف أنه مصاب بمرض نفسي خفي المعالم، وكان أسبابه ضغط الزواج، وأنه لم يحظى بالمساعدة المادية من الأهل!!!
ومن وقتها علمت أنني الوحيدة المنكووووبة والتي تلاحقها اللعنة الأبدية.
استخرت الله كثيرا، ولكنه تحسن وفسر مرضه بأنها عين أصابته. طبعا خُيرت بأن أتركه أو أبقى ولكن عاطفتي أجبرتني أن أبقى ولعدم رغبتي بالطلاق والعيشة التي أعيشها، بالرغم من إنني كنت أعيش حياة أفضل ماديا، وحرية كبيرة.
تزوجت ومرت علينا 3 أشهر جميلة جدا، وكان فيها شخص طبيعي جدا، وبالشهر الرابع تغير، وبدأ بالغيرة والشك والتصرفات الغريبة جدا!! قلت: يمكن مع ضغوط الحياة تغير. وبأحد الأيام خرج ولم يعد حتى اتصل بي والده، وقال: نحن بالمستشفى. ذهبت إلى هناك وكلي صدمة مما رأيت! شخص أخر فاقد لعقله تمااااااااما لم يعرفني. بقي بالمستشفى شهر، عرفت فيها أنه مصاب بمرض نفسي شُخِّص (اضطراب وجداني) ولم تكن المرة الأولى، فاكتشفت أنها المرة الثالثة، وأنه لم يعالج. وبعد فترة قيل: إنه فصام.
منذ ذلك اليوم وأنا مصابة بأعظم خيبه أمل، ومع ذلك لا أعلم ماذا أفعل، هل أبقى معه لأنني الأمل الوحيد له بالشفاء؟ هل أعود وأعيش حياتي وأكمل تدريس وتحقيق أحلامي؟ أم هل سيشفى؟ أم سنكون كذلك وأسوأ؟
فقد قال الدكتور: إنه سوف يعود فقط 90 بالمائة؟ بالعلم أنه شخص انطوائي، ولا يملك الطموحات مثلي، ولا يبذل مجهود، ولكنه صبور ومحتسب.
عندي اكتئاب حاااااد مدته 6 أشهر أعاني من 15 كيلو زائدة، ووحدة، وفقدان الأمل تماما، ورغبة بالموت، وكل علائم الاكتئاب التي قرأت عنها! ماذا سأفعل فلم أجد الاهتمام أو من يتوقع انهياري أبدًا!
أرجو منكم مساعدتي.
ولكم كل الشكر
05/02/2011
رد المستشار
حين استشهد معظم حافظي القرآن في غزوة اليمامة وجد المسلمون أنفسهم في حالة "ضياع" و"رعب" شديد؛ فالقرآن كان محفوظاَ فقط في الصدور، وباستشهاد حافظيه حدثت "مأساة كبرى"، وحين اعتقل الإمام بن تيميه صار وحيداَ تماماَ لا يتعامل إلا مع سجانيه، فلا مجالس علم، ولا تزاور، ولا شيء، وحين توفى عم الرسول اليتيم والذي كان حاميا له وسنداَ له، قدر الله أن تتوفى في نفس العام الشخص الوحيد الذي كان يمثل له نبع الحنان والدعم زوجته أمنا خديجة، فكان وحيدا مضطهدا ضعيفاَ، والأمثلة من الحاضر أكثر بكثير فيكاد لا يوجد أي مبدع أو مغير للتاريخ من غير أن يكون ورائه معاناة من الوزن الثقيل، هل ننكر على الصحابة مشاعر الخوف؟، أو ننكر على الإمام بن تيميه مشاعر الوحدة؟، أو ننكر على رسولنا العظيم مشاعر الألم ولوعة الفقد؟، فالفارق بينك وبينهم في "الرؤية" و"القرار" فحين رأى الصحابة إن استشهاد الصحابة "فرصة" وليست "محنة" قرروا كتابة المصحف الذي بين يدي ويدك حتى يأذن الله بأمر، وحين رأى بن تيمية أن وحدته خلوة بينه وبين ربه، وأن منفاه سياحة وحين اجتهد رسولنا الكريم في دعوته وارتكانه على الله عز وجل وخلق دوائر من التواصل مع الآخرين كان البدء في بناء الدولة الإسلامية كلها؛ فكلهم قرروا أن يروا الوضع بشكل مختلف، وكلهم تعاملوا مع الظروف الخارجة عن إرادتهم بأفضل طريقة تساعدهم على تخطيها،
أما أنت فأراك لا تقوين إلا على النحيب عما كان من عمرك طوال 20 عاماَ، منذ كنت طفلة صغيرة بين أحضان جدتك، وتنسي أن الحياة اختيارات ولكل اختيار "ثمن" ولكننا "نضحك" على أنفسنا ونتصور أننا لا نختار!، فلقد اخترت ألا تصادقين زوجة أبيك، فلقد ذكرت أنها طيبة ومحترمة بل أحن عليك من أبيك واخترت أن تكوني وحيدة بعيدة لا تسألين ولا تصادقين، على مدار حياتك معها لماذا؟، هل الكبار فقط هم من يبذلون الجهد للتقرب من الآخرين؟، ولقد اخترت ألا تري في خطيبك أي شيء سلبي وفضلت أنت تعيشي في حالة الحب دون أن تتفقدي بنضج الشخص الذي يطلب الاقتران بك وأتحداك لو جلست بصدق وهدوء مع نفسك ستجدي ألف دليل على عدم استقراره نفسيا َ(تذكري مكالمته) كزوج وشريك وأب، والآن تختارين حالة "الضياع"، لا تتصوري أبداَ أنني لم أشعر بما قلتيه منذ طفولتك، ولا ما اكتشفته عن زوجك ولكنني أذكرك بأن ما عشته رغم صعوبته قد عاش غيرك مثله وأسوأ ولكنهم لم يهزموا أو يستسلموا، بل قرروا أن يكونوا كما يريدوا أو يرجوا لأنفسهم أن يكونوا، فلتتعاملي مع الحقائق لتتلمسي الطريق الصحيح وسأساعدك في ذلك قدر المستطاع:
* أنت فتاة متفوقة ذات طموح، وأي شخص متفوق طموح يحفر لنفسه مكانه جيدة لنفسه أمام نفسه وأمام غيره وأمام المجتمع حين يقرر ذلك بصدق.
* أهلك قصروا في السؤال عن المتقدم لك، فلا يحق لهم أن يتدخلوا في قرارك.
* أهل زوجك كاذبون مدلسون لا يراعون حقوق الناس ولا يملكون أي ذرة من الأمانة، فقرارك لو سيكون الفراق فهو قرار لا يلومك عليه أي شخص.
* الزواج من فصامي ليس سهلاَ، فهو يتطلب متابعه دقيقة وتحمل لتقلباته وهواجسه وتفاصيل الحياة معه بشكوكه التي قد تصل لضلالات وأوهام خاصة لو لم يتم علاجه بشكل جيد.
* وجدنا أن معظم الفصاميين ينتمون لعائلة فصامية وأكيد سيكون له أثر كذلك على الأبناء فيما بعد.
* ما نعجز عن تقديمه لأنفسنا لن يعطيه لنا أي آخر، فلو تحتاجين للحب والرعاية وعجزت عن أن تقدميهما لنفسك بصيانتها وتطويرها والرفق معها وتشجيعها وحبها لن تحصلي على أي منها من أي كائن ما كان.
* قرار بقائك معه أو فراقك له قرار يخصك وحدك، ولكن من المهم ألا يرتبط قرارك بفكرة الخوف من الوحدة أو الضياع، فالأمان ينبع من الداخل حين نستقر ونفكر جيداَ ونثق في أنفسنا ونطورها ونزكيها ونتوكل على الله، فلا أمان في زواج، ولا مال، ولا أهل ولا أبناء، فكم من بيوت خربة رغم الزواج، وكم من منتحر لخسارته لماله في لحظة، وكم من أهل آذوا أبنائهم سواء بوعي أو بدون، وكم من أهل قتلوا على يد أبنائهم، فكل ما يأتي من خارجنا لا يمثل أكثر من 30%من الأمان والباقي ينبع من الداخل.
* الزواج ليس "نزهة" ولا قرار لمن لا يجد ما يقرر، ولا مجال لمن لا هدف له في الحياة، فالزواج شراكة ورعاية وود ورسالة متبادلة بين زوجين محبين.
وأخيراَ، لم أقصد أبداَ أن أقول لك اتركيه أو ابقي معه، ولكن قصدت أن تري كل الأمور لتقرري ما الذي يمكنك القيام به مع علمك بتبعات كل قرار، وفقك الله لما فيه الخير لك.
التعليق: لقد أجابت الدكتورة شكواك بمنتهى المنطقيه والترتيب والوضوح وأعتقد أن في إجابتها مساعدة كبيرة لك على تخطي هذه الأزمة لا أريد أن أزيد على كلماتها شيئا ولكني ظننت أن من الممكن أن أواسيك فأنا أعلم وأشعر ما هي الوحدة وأنا أعلم وأشعر ما هو الكره والحب والحسرة وخيبة الأمل... جميعها مشاعر سيئة جدا ولكن للأسف لن ينجو أحد منها طالما يعيش هذه الدنيا أعلم رغم أن ذكرياتك الأليمة مر عليها أعوام وأعوام إلا أنها لا تزال تدمي قلبك كلما تذكرتها أعلم أن مصيبتك بعد زواج دام فقط 3 أشهر ما بعدها مصيبة ولكن صدقيني الكون والمصائب والحلول والمشاكل والأمراض وأنفسنا ملك لبارئنا فاصبري واستخيري وتوكلي واعقدي وفوضي أمرك لرب الخلائق عسى ربي أن يفرج همك وكربك عاجلا غير آجل ويهديك إلى الصواب والرشاد ويجعل أيامك من بعد عسر يسرا