عدم توافق بين زوجين أدى إلى اكتئاب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
اسمي أحمد محمد عمري 26 سنة، أدرس في السنة الرابعة كلية تجارة عين شمس، سأحاول أن أسرد كثير من التفاصيل في حياتي قد تكون أو لا تكون لها علاقة بالمشكلة، ولكن لكي لا تحتاجوا أي تفاصيل إضافية.
أمي توفيت وأنا في الخامسة الابتدائية، ولي ثلاث أخوات كلهم أكبر مني وكانوا يحيطوني بالرعاية لأني الولد الوحيد، لم أشعر إطلاقا بفقدان أمي بكيت قليلا وأكملت حياتي.
أبي لم يكن له تواجد كبير في تنشئتي، ومن بداية المرحلة الثانوية وأنا أعمل.
أبي يعطيني ما يكفيني ولكني كنت أحب العمل ولمزيد من الترفيه والمال، عملت مشروع واثنان وإيران ملتزم نوعا ما أدخن وأحادث الفتيات ولم أزد عن ذلك، ثم هداني الله إلى طريق الالتزام في سنة أولى جامعة تقريبا وكنت قبلها بعام قد تعرفت على فتاة لم تكن بالنسبة لي أكثر من مجرد فتاة على قدر من الجمال، أتكلم معها وأحاول أن أثير إعجابها، ولأني عشت فترة كبيرة وحدي حيث أن إخوتي تزوجوا كلهم وأبي كان متزوج من سيدة على خلق عالي كنت في الغالب في غرفتي وحدي، ثم ذهب ليعيش معها في الأرياف بعدما رأى أني أستطيع الاعتماد على نفسي، وكنت في الفترة التي قضيتها وحدي مستمتع ولا أجد أي مشكلة من ناحية الطبخ والغسيل لأني أجيد الطبخ وأجيد معظم شؤوني بحكم تنشأتي، ولكني كنت أتوق إلى العلاقة الجنسية، وكان الجميع يلح علي في الزواج حتى أجد من تقوم على شئوني، ولأني أعتبر بالنسبة لكثير من الشباب ميسور الحال وأملك شقة.
كانت إرث عن أمي، كنت قد تعرفت على هذه الفتاة وظللنا نتحادث خفية طبعا قبل الالتزام الديني، ثم ألحت علي لأتقدم لخطبتها، لم أجد غضاضة في الأمر وذهبت لطلب يدها وتمت الخطبة، تعليقي على الفتاة أنها من مستوى اجتماعي وثقافي أقل مني، لأنها بالكاد استطاعت دخول معهد خدمة اجتماعية وأخوها لم يستطع إكمال الثانوية العامة وأختها الصغرى رسبت هذا العام في الشهادة الإعدادية، أمها ذات شخصية سطحية لا تملك أي منطقية في الحوار وإخوة أمها منهم من يسبون الدين، ومختلفون كثيرا عنا، الوالد من عائلة مرتفعة اجتماعيا ورجل راقي إلى حد كبير في تصرفاته إلا أنه ضعيف الشخصية داخل المنزل.
بعد الخطوبة امتن الله عليّ بالهداية وبدأت أراعي الله في شغلي وحياتي. واضطررنا إلى كتب الكتاب حتى أستطيع أن أقابل خطيبتي، وبعد كتب الكتاب بدأت شخصية زوجتي الحقيقية في الظهور، هستيرية إلى حد كبير، رأيتها بعيني تثور على أمها وتصيح في وجهها لأتفه الأسباب مثل أن تشتكي أمها أنها لا تدخل المطبخ كان هذا كفيلا بحالة ثوران لا تستقر بعدها إلا وهي ملقاة على الأرض، وكل يوم تكلمني وتشتكي من الجحيم الذي تعيش فيه وأنها لا تطيق البيت، وبعد ارتدائها النقاب والتزامها الشرعي بناء على طلبي أصبحت تشتكي من معاصي البيت وأنها تعيش معيشة الصحابة قبل الهجرة..... ووو إلخ، وإن كنت أرى ما يحدث وقتها على أنه غير طبيعي إلا أنني كنت أقول لعل ذلك سببه أن أمها لا تعاملها بصورة جيدة كما تدعي أو لمواجهة الأهل من ناحية الالتزام، وكنت معجب جدا بجمالها وكان يغفر لها كثيرا من الأفعال الغريبة، إلا أننا لم نكن نملك أي حوار مشترك، فلا يوجد لديها أي منطقية في كلامها، جامعتها قبل الدخول، وهذا معناه أنها لم تعد عذراء، وأصبح لزاما علي أني أتزوجها حتى عندما كانت تتحول معي أو تأتي بأفعال غريبة كنت أصبر نفسي أنني بعد الزواج سأغيرها، تزوجنا ومن ثاني أيام الزواج رأيت وجها ثالث مختلف تماما، فهي إن طلبت طلبا أو أمرت أمرا ولم ينفذ تأتي بالعجائب مثل أن تبكي طوال الليل وتصرخ.
كانت تقضي الليالي تبكي وتشتكي إلى أمها مني، كانت إن نقص شيء من مأكولات البيت ترتعب وتظن أنني لن أحضره ثانية وهذا كان أمر غريب، كانت تتهمني بالبخل في كل الأوقات، مرعوبة في كل الأوقات وترى المستقبل مظلم بائس، بالرغم من أننا نأكل جيدا ولله الحمد، وكل هذا في أول شهر وعندما بدأت أفرض رأيي كانت تغضب وتذهب إلى أهلها وأهلها يتهموني بالتقصير وكانت تمنع نفسها عني ولم تكن توافقني أبدا في الذهاب إلى مجالس العلم والدروس، حتى ضربتها وأشهد الله أنني لا أحب ذلك أبدا، بدأت تشتمني بأفظع الألفاظ، وكدت أن أتعارك مع أخوها الذي يصغرني ببضعة أعوام، حتى تركت المنزل وظلت فترة خارج المنزل، وفي يوم اتصل بي الجيران وقالوا لي أن نسايبي كسروا الشقة ويسرقون كامل الأثاث، ذهبت ومعي أمين شرطة أجبرهم على الإتيان بقائمة الأثاث التي تبلغ قيمتها 50 ألف رغم أن الأثاث لا يتعدى 25 ألف، وتم تسليم الأثاث مقابل القائمة، وعندما كنا داخل القسم وكانت جالسة أمامي كانت تضع رجلا على رجل رغم أنها كانت حامل في الشهر الخامس تقريبا، وعندما كلمتها أختي كانت تقول لها أن أخاك الشيخ فلان هو اللي بيمشيه.
ومرة ذهبنا إلى الأزهر واشتكت للشيخ الذي جلسنا معه وقالت بالحرف (جايبلي شيخ يقوللي اسمعي الكلام) راح الشيخ بتاع الأزهر لا يصح أن تأتي لها بشيخ في البيت، وهذه مفارقة لأني أبدا لم أحضر شيخ في البيت بالعكس كنا نستفتيه تلفونيا وهي أقرتني بذلك عند احتدام الخلاف.
تأذت نفسيتي كثيرا من هذا الكلام وهذه الإهانات، وظللنا منفصلين حتى وضعت طفلنا ولم أذهب لأراه لأني في نفسي متيقن أنهم ينتظرون لحظة الضعف هذه لكي يملوا علي شروطا أخرى، كما أنني لا أريدها أصلا, إلا أن كثيرا من عماتها ألحوا علي أن أعيدها إلى البيت لأنها تأدبت وتعلمت الفترة الماضية، كما أن أمها بدأت تضيق بها ذرعا، قمت بإرجاعها وكانت بالفعل قد بدأت تطيعني ولكن بقيت شخصيتها التي أكرهها وأسلوبها في الحوار، ولا تزال لا ترغب في سماع الدروس ولا حتى في الكمبيوتر، كما أنها تدخل في عملي بطريقة صعبة، أكرهها... وأشعر أنها شؤم علي.
المشكلة الأخرى أنه نصحني بعض المشايخ أن أصبر حتى يصبح عمر الطفل عامين وبعدها أفكر، والآن عمر ابني سنتين ونصف ومازلت أكرهها... كما أنني لم أعد أستطيع الخروج للعمل ولأن عملي حر (أعمل سمسار أراضي) فأستطيع أن أتغيب متى شئت، وبدأت أحبس نفسي في غرفتي وبدأت أنتكس دينيا ولا أحضر امتحانات الكلية ولا أفعل شيء، منتظر أن آخذ قرارا بالطلاق حتى أبدأ حياتي، بالمناسبة الطلاق هاجس في عقلي كل يوم وكل ليلة طيلة السنين الماضية، وطلقتها مرتين والقادمة هي الثالثة، ومتردد جدا في اتخاذ القرار، ولا أستطيع العيش معها وفضلا عن عدم التوافق، كلما رأيتها تذكرت ما كان منها...
أرجو مساعدتي، واسألوني عن شيء تريدون، ولكم جزيل الشكر،
R03;وجزاكم الله كل خير
03/03/2011
رد المستشار
حضرة الأستاذ "أحمد" حفظك الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
قصتك حزينة، كواحدة من قصص الحياة بالطبع. فالزوجين المثاليين موجودَين حتماً.. بكل تأكيد في الجنة! أما على الأرض؛ فقد يوجد بعضهم ولكن ليس بالشكل المثالي.
لو سألتَ كل زملاءك المتزوجين لوجدتَ أن معظمهم أو أكثرهم لا بد أنه عانى أو يعاني من قضايا عائلية مماثلة للتي تعيش. ولربما يكون طبيبك الذي يرد عليك الآن هو بدوره عايَشَ الحياة الزوجية المعقدة ووجد حلاً ملائماً وليس مثالياً.
هذا للتخفيف عنك. وفقط لكي لا تشعر بأنك غريب في هذا العالم الغريب، بل أنت طبيعي، وحياتك طبيعية، وزوجتك امرأة شرقية لها ما لها من الحسنات، ولو شئتَ أن تخبرنا عن بعضها لوجدنا أهمها أنها اهتدت على يديك إلى الصراط المستقيم، وقد تدخل بذلك الجنة، كما أنها محصنة أي تجيد حصانة نفسها وبيتها أمام الغير. وقد تكون أيضاً كريمة، متوكلة على الله، غير آبهة بغدرات الزمان، بل موقنة بتتابع الرحمة الإلهية لكم، وهذه طريقة أخرى في التفكير غير الطريقة المنطقية التي تتعامل بها أنت، والتي قد تكون هي أيضاً صحيحة ولا لُبس فيها.
خُلِقْنا لنتكامل، الرجل والمرأة. وليس لكي نكون متطابقَين في التفكير. وبما أن هذا العصر، عصر الإنترنيت، والساتلايت، والغزو الثقافي، خاصة الثقافة المهترئة للثقافة الإنسانية الحقيقية، وعصر هجوم الشيطان بكل قواه على العناصر الرحمانية الجيدة. لذلك يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "أنه في آخر الزمان مَن أتى بعُشر دينه فهو إلى الجنة"...
لكل هذه الأسباب نعتبر أن ليس فقط الحياة الزوجية، بل الحياة العائلية، والحياة العامة، السياسية والاقتصادية، كلها في قمة من الصعوبة في هذا العصر. ولا عجب بأن تكون قصتك هي واحدة من قصص الحياة العديدة التي نلتقي بها عشرات المرات في كل يوم.
وقد قال الباري عزّ وجلّ: "بشّر الصابرين"، "وإن تصبروا خيرٌ لكم"، "أيحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون"، "ولَنَبلوَنّكم..." أي أن هذه الحياة كلها امتحانات وابتلاءات خاصة للمؤمن. أما الكافر؛ فلا حاجة للشيطان به، فيساعده على أن تكون له عيشة هنيئة خالية من المشاكل والعقبات.
يا أحمد! الآن أصبح عندك ولد! ولو سألته لأجابك بأنه بحاجة إلى أمه كما حاجته لأبيه. وقد قيل لك بأنهم سيتحدثون معك بمشكلتك بعد عامين من عمر الولد.
وبالمناسبة أريد أن أخبرك قصة السيدة "أم كلود" التي تزوجت أحدهم من عائلة "الحايك" والذين يعرفون بالعصبية الزائدة. أتت إليها إحدى الفتيات وقالت لها أريدك أن تخبريني كيف فعلتِ لتصبري طوال هذا العمر على أحدهم من عائلة الحايك، حيث أن شاباً من هذه العائلة أتى لخطبتي؟
أجابتها أم كلود الأمر سهل! هل تستطيعين أن تصبري لمدة سنة واحدة من الحياة معه؟
أجابتها الفتاة: لمدة سنة واحدة نعم أستطيع أن أصبر! وبعدها؟
أجابتها أم كلود: بعدها.. تكوني قد تعوّدتِ!
وأنت يا سيدي الكريم؛ بعدها يجب أن تكون قد تعوّدت على فن الحياة بصعوبتها ومرارتها على فن الانتصار في تعليم زوجتك فقرة من فقرات الزواج. وكما أعود لأذكّرك بأن جمال الحياة هو في فن حل العقد وليس في فن التلذذ بالعسل والحلوى.
وبعدها...
افعل ما شئت!
اقرأ على مجانين:
الحياة الزوجية حقوق وواجبات(4) مشاركة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته