لا أدري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أولى صفحاتي في هذا الموقف الذي أنا فيه, حيث أنني لا أحسد عليه, فتارة أعاني كثيرا, أخرى أحس بفرح شديد يكاد يأخذني إلى الجنة, ما العمل أمام متناقضات تختلط في قلبي هذا, قلبي الذي لا يدري أي طريق يختار وأي ناس يحب وأيهم يكره ومن يصدق ومن يكره ومن يكذب وفيمن يحسن الظن, لا أعلم لحالي علاجا.
ففي بعض المرات أمشي بما يرضي الله عز وجل وأعقد الأيمان على الثبات والحفاظ على هذا الإنجاز العظيم في ظل هذا العالم المليء بالمتناقضات والضبابيات, فلا شفافية في المواقف والغموض هو سيد الموقف في كل المرات.
لقد اختلط الحابل بالنابل عندي وتصورت لوهلة أن علي الاختيار وأخذ قرار واحد الفضيلة أو الخطيئة ولا مجال لحل وسط، فهل هناك حل وسط يا ترى؟
لقد عصفت على قلبي مشاعر غامضة وحبا للظهور وحبا للمال, إن العالم الذي أنا فيه عالم غير العوالم الأخرى, عالم مليء بكل جنسيات العالم وبكل الديانات وبكل الأفكار المختلفة, فلا يدري الواحد متا أي فكرة يتبنى.
إني الآن أكتب وأكتب وصدقوني لا أدري ماذا أكتب وإلى أي شيء تهدف, المهم أنني أخذت القلم وقررت تسطير ما يجول في خاطري لا أريد أن أقنط نفسي من رحمة الله لكن في نفس الوقت, ما العمل؟ هل أمحو صفحة ذكرياتي السيئة في باطنها, الحلوة في مظهرها, أم أستمر على نفس المنوال تاركة الأمور على ما هي عليه بين التقلبات والأحلام المزعجة والرجوع إلى الله والتوبة المؤقتة.
إني أدرك تماما أن الله عز وجل لم يخلقنا ليعذبنا أو ليقيدنا بمنظومة الحلال والحرام, لكن لينعمنا بها, ولكي يعيش الكل في صفاء, حيث أنني أخطأت وأخطأت....إلى ما لانهاية.
إن هذا لا يعني أن الله تعالى لن يقبلني بل العكس, إني أتصوره ينادي في الملأ الأعلى تعالي يا أمتي ارجعي إلي, فهو أحن علينا من الأم بوليدها, تخيل تلك الأم التي تحنو على ذلك الوليد, وتتعهده بالرعاية والمحبة, أترى لو أخطأ ولو ملايين المرات لن تقبله, أتراها ستعرض عنه, فكيف برب الأرباب الذي لا مثيل له فسبحانه ربي كريم ورؤوف بنا رحيم.
إني بحاجة لأن أستعرض رحمة الله تعالى لأني وعزته وجلاله أشفق على كل منغمس في الرذيلة, فلكل واحد أسبابه وظروفه.
مرات كثيرة أتساءل إن العالم مليء بالجرائم, فلماذا يا ترى لم يخسف بنا الله الأرض ولماذا يا ترى ونحن في خضم معاصينا لا يفضحنا بل يستر ويستر ويستر, لماذا يا ترى؟ لكن الجواب الذي أجده في نفسي هي تلك الرحمة والمحبة التي يكنها لعباده فهو المطلع على أسرارهم, العالم بنفوسهم وظروفهم, فلا أحد يريد أن يكون مسيئا ولا أحد يحب نفسه ويفتخر وهو يعرض معاصيه, لا أحد إلا الأحمق المجنون أو شخص قد ختم على قلبه بعد ما تبين أنه لا فائدة ترجى منه.
فالله الله سبحانه الكريم العليم, يا لها من أسماء تزرع كل معاني المحبة والأخلاق الفاضلة في النفس, يا له من إحساس عميق وبالغ ذلك الذي يحسه المؤمن الصادق, فطوبى لمن ملأ الإيمان أركان قلبه.
ومتى يأتي علي الوقت كي أحيا حياة طيبة, حياة المؤمن, لكنني أتعثر كثيرا, كما أني لا أستطيع التوبة بالشكل الذي يصفه بعض الشيوخ بالبكاء والنحيب وينقض المضجع ويرتعد الشخص وغيرها مما يستدلون عليه من أثر الصحابة الكرام, فأنا أعرف أن الله لا يريد العذاب لعباده, إن التوبة إحساس قلبي وعزم على عدم العودة.
إننا نحتاج إلى إشراقة أمل لا إلى التخويف فهو في كل مكان, الحروب والظلم والهجر والخيانة.......ألا نستحق الأمل.
19/1/2004
رد المستشار
أهلاَ بك ومرحباَ على صفحة استشارات مجانين بموقعنا مجانين. أعجبني في رسالتك أنها أشبه بخواطر أو رصد لحالة وجدانية وفكرية تمرين بها ويمر بها كثير منا!! وأشكرك يا عزيزتي على إحساسك الصادق المرهف، واستشعر أنك تثيرين قضية عامة بكل المقاييس فنحن في فترة زمنية مليئة بالمتناقضات والضبابيات - فترة قد تفوق فيها السلبيات عوامل الجذب نحو الايجابيات بكثير! وأعتقد أن الله سبحانه قد خلق التوازنات بين الخير والشر، وترك للإنسان فرصة الاختيار فقال في كتابه (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) (الكهف: من الآية29)، وانتقد النفس التي تؤثر الدنيا الزائلة (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (الأعلى:16:17)، ومن عدله سبحانه انه أوجب أن من يعمل مثقال ذرة خيراَ يره ومن يعمل مثقال ذرة شراَ يره، ولكن من رحمته أنه جعل الحسنة تكتب عشراَ وقد تضاعف إلى سبعمائة ضعف والسيئة بواحدة فقط!!
ومن فضله الذي يفوق عدله أنه يحب التوابين، وأقصد هنا أن أشير أن الله تعالى لم يقل أحب الذين لا يخطئون ولكنه يحب الذي يتوب، ومن رحمته أنه لم يكره أحداَ على الخطيئة، ومن جانب آخر فالله تعالى هو العدل وأقصد توضيح جانب من هذه الصفة له عز وجل وهى أنه الوحيد الذي يمكن أن يقيم الإنسان الذي يحاول التزام الطريق في عالم لا يلتزم فيه الآخرون بطريقة مختلفة عن الإنسان الملتزم ومعظم أفراد مجتمعه ملتزمون ويساعدونه باستمرار بحيث يكون طريقه أيسر من الأول.
لذلك أرى أن هناك طريقاَ مستقيم يوصلنا إلى الصراط المستقيم في الآخرة، وهذا الطريق يحاول المسلم اقتفاؤه في حياته وكلما تعثر في الطريق -دون إصرار على الخطأ- يعود بفضل التوبة لاستئنافه مرة أخرى، فلا تقنطي يا عزيزتي من رحمة الله لأن الله -كما تفضلت- يناديك في الملأ الأعلى: يا أمتي ارجعي إلى الله.
الأمر يتطلب منا دوماَ البداية من جديد، فالبداية نصف الطريق، والخطوة التي تحتاجين إليها هي أن تختاري العالم الذي يمكن أن تعيشي فيه، ولا أقصد بذلك أن تغيري مكان إقامتك ولكني أعنى أنك يمكن أن تحاولي اختيار أصدقاء يساعدوك على السير في الطريق وأن تبتعدي عمن يزينون لك الخطايا، وتختاري مواقع على الانترنت هادفة وقنوات تليفزيونية مفيدة وتختاري قدوة صالحة وهكذا، وأحيلك إلى قراءة الردود السابقة على صفحتنا تحت العناوين التالية:
مذبذبة ومستعجلة : هندي ومشاكل أخرى !
ويسعدني في الختام أنني شعرت أن توبتك كانت من قلبك مع عزمك على عدم العودة، وتابعينا بأخبارك.