أريد الحياة ولا أستطيع
ها أنا وبعد تردد دام لمدة عام أعرض عليكم مشكلتي، أعتذر عن طولها فهي تقص سنين من عمري، وأعتذر عن ما بها من أخطاء إملائية ولغوية فأنا لا أطيق أن أعيد قرأتها لتصحيحها. وأشهدكم أني أستغفر ربي عن ما سيأتي بها من أحداث تمس والدي بالسوء وأرجو منكم عدم نشرها لما بها من أحداث كثيرة يستدل بها على شخصيتي.
أنا فتاة في 26 من عمري خلوقة جدا ومتدينة جدا منذ الصغر، يعشقني أهلي وعائلتي وبنات العائلة، يعتبرونني قدوة لهم... لم أغضب أحدا مني قط... كل من رآني أحببنى من اللحظة الأولى فالجميع يقول لي إن وجهي مريح...
تعودت منذ صغري على ألا أرفض أمرا من أبي وأمي، لم أناقش قط، فقط كنت أنفذ على عكس باقي إخوتي... كنت دائما أبرر أني أريد أن أرضي والدي مهما أزعجتني الأوامر، تطور معي الأمر عندما كبرت فأصبحت أطيع كل من حولي، أخجل أشد الخجل إذا قصدني أحد في أمر أن أقول لا، حتى ولو كان هذا الأمر تافها، مستعدة لأضحي براحتي وسعادتي كي لا أغضب من حولى. لا أظهر مشاعري أبدا أبدا وبالذات الحزينه منها فقد اعتدت التمثيل، عندما أحزن ترتسم على وجهي ابتسامة وأبدأ في إطلاق النكات والضحكات حتى يظن من حولي أني سعيدة جدا، ذلك فقط لكيلا يشعر بي أحد أو يحزن أحدا لحزني، فأنا أعرف كم هو الحزن قاسيا فأفضل أن أقاسي وحدي معه.
عندما تمر بي ضائقة أنتظر أن أكون وحدي في المنزل حتى أستطيع البكاء أو العبوس... أقضي ليالي في البكاء وأستيقظ صباحا واضعة قناع السعادة... حتى اعتاد من حولي على هذا وإذا ما سيطر على حزني وانطويت قليلا عابسة ينتقدوني ويسخطون علي وعلى كآبتي.
كان هناك دائما تفرقه بينى وبين إخوتي في المعاملة من أبوي فدائما ما كنت ألحظ حسن معاملتهم لهم وهم كثيري المتاعب أما أنا فلا... تعددت المواقف التي تثبت ذلك حتى أن إخوتي قد صرحوا لي بهذا قائلين إن أبي وأمي يحبونهم أكثر ويتضح ذلك من معاملتهم، فإذا مرضت أنا فلا أحد مبالي وإذا مرضت إحدى أخواتي ترى الذعر والقلق والتهويل.
عندما دخلت أختي الكبرى الجامعة كان أبي لا يكف عن شراء الملابس ومستحضرات التجميل وكل ما هو جديد وأنيق لها... أما أنا فلم يحرك ساكنا لدخولي الجامعة... كنت أحيانا ألمح أمي لماذا تثقل علي بالطلبات وقضاء احتياجات للمنزل -كبيرة كانت أو صغيرة- وتتملل إذا ما رفضت على عكس إخوتي!!
فوقت عرس أختي أنا التي كنت أبحث لها عن أثاث بيتها لأعرض على أختي تقريرا مفصلا فقط لتنزل هي وتختار دون تعب! كانت تقول لي أنت الطيبة وأنا أعتمد عليك، ولهذا أثقل عليك وسيأتي يوم سيرد لك إخوتك هذا الجميل...
يؤنبني ضميري كثيرا إذا ما كنت مريضة وطلبت مني أمي أن أقلها إلى مكان ما ورفضت بسبب مرضي... أظل ألوم وأعاتب نفسي على فعلتي، وأرتعب لما قد يحدث لها من حادث على الطريق فحينها سيكون السبب هو عدم طاعتي لها ولن أسامح نفسي يوما...
خرجت قريبا ذات يوم مع إخوتي وكانت أمي في حالة مزاجية سيئة جدا، ولم ترد الخروج معنا أو معي أنا شخصيا لأنها كانت غاضبه علي (لا أنا ولا إخوتي نعلم ما السبب ولكنا فهمنا ذلك من طريقة صب غضبها علي أنا فقط... أعتقد أنها لم تحتمل كوني عابسة ولا أفعل شيئا بسبب ما أمر به من ظروف سألحق ذكرها)... طوال الطريق كنت ألوم نفسي أن تركتها بمفردها حتى كاد عقلي ينفجر، فسألت إخوتي هل يشعرون بما أشعر به فكان الجواب أن (لا)...
لماذا أنا هكذا؟ لماذا دائما أفكر في الآخرين وأشغل بالي بهم وأعكر صفو حياتي بمشكلاتهم؟ لماذا لا أهتم بنفسي فقط؟
فقد حاولت مرارا أن لا ألتفت لأحد وأن أهتم بنفسي، ولكن دون فائدة!! دائما أقول أنا أستطيع التحمل ولكن غيري لا، وغيري لا يشعر بي، غيري يذبحني إذا ما سنحت له الفرصة. منذ أن كنت صغيرة قاسيت مع تلك الدنيا الكثير أو هكذا أظن. أنا من وجهة نظري نشأت بين أختين أتوسطهما أنا سنًا، وأب وأم مفترقين بسبب ظروف عمل والدي بالخارج.
أب أعلم أنه أفنى عمره بعيدا عنا لنحيا حياة كريمة، وأم أفنت عمرها بعيدا عن زوجها لتربيتنا... ولكن مع كل تلك التضحيات لم أشعر أبدأ بالدفء أو الحنان معهما... الأعوام التي كنا نمضيها مع أبي لا أذكر منها الكثير، لا أذكر غير أنني حتى الصف الثالث الابتدائي كنت أعاني من التبول اللاإرادي. لم أذكر غير مشاحنات أبي وأمي التي كانت أحيانا تنتهي بالضرب، لم أذكر غير تلك الطفلة (أنا) التي كانت تفكر كثيرا بفكرتين: الانتحار والهروب، أجزم بأني لا أذكر ما هو السبب الذي يجعل طفلة بعمر 10 سنوات تفكر بالانتحار، ولكني أذكر أنى طالما حلمت به وفكرت بطرق تنفيذه، مجرد تفكير وأحلام لم أكن أجرؤ على تحقيقها بالطبع.
أذكر أيضا الطفلة ذات الخمس أعوام (أنا أيضا) وهي تمارس العادة السرية للمرة الأولى أمام والدتها لأني حينها لم أعلم أنها محرمة أو عيب، كانت أمي تنهرني دون ذكر أي سبب، وتهددني بأنها سوف تخبر أبي، فأصبحت أختبئ وأنا أمارسها وفي بالي دائما تساؤل: لماذا تمنعني أمي؟ وما الضير في ذلك؟
كانت أمي تكشفني أوقات أثناء ممارستها وتنهرني ولكن يظل السبب مجهول، أدمنت عليها طيلة سنين حياتي مع تغيير بسيط عند البلوغ، فقد تحولت تلك العادة إلى طريقه لإطفاء شهوة، وكنت دائما ما أفكر هل أنا الوحيدة بهذا الكون الذي تمارس فعلة كهذه؟؟؟ أهي محرمة والله غاضب علي؟؟؟ وكم من الصلوات قد أديتها بعد العادة السرية وأنا على جهل تام بوجوبيه الاغتسال، فقط كنت أتوضأ وأذهب لتأدية فرضي!
جدير بالذكر أني تعرضت وأنا في سن الخمس سنوات أيضا لمحاولة تحرش في أحد الأسواق الصغيرة فقد أمسكني هذا الرجل وجعل يعض على شفتي ولم يتركني حتى بكيت. كنت أنا وإخوتي نخجل كثيرا من أبي وأمي فلم نطلب قط أن نشتري لعبا أو عندما نجوع كباقي الأطفال نطالب بالأكل، أذكر أني كنت أخجل فتح ثلاجة منزلنا حتى سن كبيرة جدا، لم أكن أطلب ملابس أو حلوى أو أي شيء، فقط كنت أكتفي بالنظر للأشياء وتمنيها، ولكن لم أكن أبوح برغباتي أبدا أبدا، وإذا خيروني بين أمرين كنت أخجل الاختيار حتى لو أني مولعة بأحدهما لم أجرؤ قط على البوح.
نضجت وكبرت وأصبح لي شخصية، بل اثنتان، تلك الفتاة المتدينة المحترمة التي يشهد لها كل من قابلها بالاحترام والتأدب، وتلك الشخصية التي كنت أخلو بها مع نفسي وعادتي ورغباتي ولطالما حاولت محادثة الشباب في مرحلة الثانوية، ليس بغرض الحب ولكن كنت دائما أريد صديق أو أخ كما كنت أقول، فأذكر أن أحد هؤلاء الشباب كان يقول لي طالما نحن أخوة فلما لا تعرفينى على فلانة، كانت لي صديقة واحدة فقط منذ الثانوية كنت أحبها جدا جدا، وكانت فتاة على خلق ودين أيضا، كنا متشابهتان لدرجة كبيرة جدا، افترقنا فقط في الجامعة ولكن استمرت صلتنا ببعضنا بعد فترة الدراسة بالجامعة.
لم أعلم لماذا كانت ترفض أمي صداقتي لها وكانت دائما ما تضيق علي في خروجي أو تواجدي معها، وكان الكل يلوم أمي ويقول لها إنها فتاة على خلق يجب أن تأمني على ابنتك معها... كنت أزور صديقتي كثيرا في بيتها، فكان بيت يعج بالحنان والدفء والحب... وقد وجدت به شيئا مختلفا عن بيتنا وحياتنا، فقد أحبتني أمها كثيرا وكنت أرى طريقة معاملة صديقتي لأمها والعكس وكيف كانت أمها حانيه وودودة، دوما ما تحتضنها في صدرها وكيف كانت البنت حانية أيضا تقبل يد أمها...
ونحن على عكس ذلك تماما لم أشعر بالحنان يوما، نعم كل طلباتنا كانت مجابة ولكن لم أذكر كم مرة احتضنتني بها أمي، دائما ما نخفي عن بعضنا البعض مشاعرنا، لا أعلم كيف تعلمنا أو مِن مَن تعلمنا أن الحب عيب، وأن أخجل إذا ما أظهرت حبي حتى لأقرب الناس إليّ (أمي وأبي وإخوتي)، حتى أبي لا أذكر يوما احتضني أو ضمني أو تكلم معي، وعلى الرغم من ذلك كان يفضل الموت جهدا لتلبية رغباتنا... كنت أطلق عليه أنا وإخوتي اسم (الشخص) عندما يحين موعد إجازته ويرجع إلى مصر ويعش معنا شهر... كنا لا نشعر تجاهه بأي حب أو عطف، وكنا نعد الأيام حتى يعود إلى عمله ويتركنا... لم يكن يضايقنا ولكن نحن لم نعتد وجوده، ولم يكن يدور بيننا أي حوار.
إذا أردنا شيئا طلبناه من أمي لتخبر أبي وهو إذا أراد أن يقول لنا شيء يبعث أيضا بأمي، كنت أشعر دائما أنا وإخوتي أن هناك خجل متبادل بيننا وبين أبوينا. جدير أيضا بالذكر أني كنت أمارس السحاق مع إحدى صديقاتي، كانت مرات قليلة ولكن لا أعرف لماذا كنت أفعل ذلك، ولما كان لدي هذا الجهل بحرمانية وفحش تلك الأفعال....
أعلم أن السؤال الملح هو أين أمي من كل هذا، كيف تسنى لي وأتيح لي كل هذا الوقت لفعل كل تلك الأفعال!!...
أمي في هذا الوقت (كنت بسن الخامسة عشر من عمري) التهت بالخيانة... نعم فقد كانت تستيقظ من نومها لتضع ثيابها وتذهب لناصية شارعنا حيث محل للبقالة يديره أب وأبناؤه الثلاثة... لم أكن أرضى بملاصقة أمي لهذا المكان فقد كنت أستعجب لفعلها، وكانت أختي الكبيرة دائما ما تتأفف لأن أصدقاءها في الجامعة يتحدثون عنها، ويسألونها لماذا تمضي أمك كل هذا الوقت هناك... حتى جاء يوم كنت أفتش في غرفة أمي (قد اعتدت على هذا الفعل لمعرفه الحقائق فكانت تدخن وكنت أفتش أين تخبئ علبة السجائر) فوجدت في نفس المكان التي اعتادت هي أن تخبئ به السجائر ظرف يفوح منه نفس رائحة العطر التي يضعها ابن صاحب البقالة ذو الثلاثين عاما، وقرأت الخطاب ويا هول ما قرأته عيناي عن أنه هو المخلص من زوج لم تحبه وعاملها بقسوة إلى إنه يحبها وبشدة وإنه يريدها.
وكعادتي وقت الصدمات انتابتني حالة من الذهول وخرجت أجوب الشوارع حتى ذهبت إلى صديقتي وقصصت لها وكعادتها طمأنتني وحفظت سري، وأخبرت أختي الكبرى بشأن هذا الخطاب، وكانت تدور برأسي أفكار كثيرة... لماذا احتفظت أمي به؟؟! هل هي راضية عنه؟؟! هل تخون أبي؟؟!
وها هي ذات يوم تأتي وتخلع ثيابها والعقد الذهبي الخاص بها وتناولني إياه كي أضعه في علبته... وآه على ما أزكم أنفي نفس رائحة العطر ومن الغريب أنها كانت قوية جدا جدا جدا... وظللت أفكر أكان يقبلها؟؟؟ لماذا كان عقدها مشرب بهذا العطر؟؟؟ أين قبلها؟؟؟ في تلك البقالة؟؟؟
ومرة أخرى من نفس العام أمسك بعلبة من علب مساحيق المكياج الخاصة بها، وإذا بها تفلت من يدي وتسقط على الأرض مكسورة أو هكذا ظننت حتى رأيت ورقة مخبأة داخلها تخص أبي، كتبتها امرأة تقول له اتركني واذهب لزوجتك وأولادك والكثير من تلك الأفعال لا تستحق الذكر كان أبي يعامل أمي بطريقة بغيضة فهو يأمر وينهى، وهي تعاند وتنتقد...
أمي ناقدة لاذعة تنتقده أمامنا أو أمام الناس دون أن تراعي مشاعره... يفتعلوا المشكلات على أتفه الأسباب... تطلب الطلاق وتثور ثم يهدأ وليعودا محبين كأن شيئا لم يكن، مخلفين ورائهم أبناء ضاقت نفوسهم بهم ذرعا، طالما منّت أمي علينا بأنها صبرت من أجلنا على حياة مع رجل لا يحترم ولا يقدر الأنثى، رجل عديم المسؤولية تركها لتربي بناتها الثلاث بمفردها فقط ليؤمن لهم حياة كريمة.
رأينا أيام وليالي حالكه من جراء تهديدهم بالطلاق، كنت أقول لإخوتي لو يقدموا على الطلاق لكان خيرا لنا على أن نقاسي تلك التهديدات والوعود كل فترة.
كان جهلي بفعلتي (العادة السرية) يدمرني فلم أكن حتى أعرف اسم هذا الفعل حتى قرأت يوما كتاب في علم النفس (أهوى القراءة كثيرا) وأخيرا علمت أن هناك غيري معتاد عليها، ولكن ما كان يهمني فعلا هو حرمانية هذا الفعل، وللأسف لم يذكر الكتاب هذا... ذهبت يوما للاعتمار ببيت الله ودعوت الله كثيرا أن يبين لي ما تلك العادة التي أفعلها، فكان جواب الله في نفس اليوم أن اشتريت كتابا للفتاوى الدينية، وإذ بي أفتح صفحة عشوائية لأجد تحريم هذا الفعل!
وبالفعل امتنعت عنها تماما بفضل الله، وتغيرت حياتي في تلك الفترة فبلغت من العمر 17 عاما وارتديت الحجاب قبل دخولي الجامعة مباشرة، وازدت قربا من الله، وكنت يوما تلو الآخر يزداد قربي منه حتى أني امتنعت عن الاستماع للأغاني واستبدلتها بشرائط القرآن، وأصبحت أحفظ القرآن، وداومت على قيام الليل، والكثير من الأمور التي جعلتني أتذوق ما يسمى بحلاوة الإيمان.
في الجامعة كنت فتاة محببة إلى الجميع، وكنت مثالا للخلق الكريم والتدين، كنت كما يطلق عليّ أصدقائي أجمل بنت وأشيك بنت في الجامعة، كان الجميع يود مصاحبتي ولكني لم أكن أرغب بذلك، كنت أرهب أن أتقابل مع شاب وأغرم به، دائما ما كنت أحكم عقلي، وأحسب وأحلل تحليلا دقيقا.
كنت أقول: (إن الجميع بعمري) (لا تحبي أحدا بعمرك لأن المشوار طويل وسيأتي يوما ويتركك)... كنت كالفراشة أتنقل من مجموعة أشخاص إلى أخرى، وأحضر محاضراتي وحيدة، واستقل المواصلات رجوعا للبيت، لم أجلس قط مع أصدقائي بكافيتريا، كانوا يتعجبون مني، وكانوا يسألوني إذا ما كنت مرتبطة... كنت أجاوب إني لا أتحمل مسؤولية الارتباط، فأنا فتاة لا أستطيع أن أبوح لوالدي بأني أتحدث إلى شاب وأحبه، وفي نفس الوقت لا أستطيع أن أخون أبويّ، وأن أفعل ذلك سرا لأن ربي سيغضب علي... كنت وقتها نضجت وندمت على مشاعري تجاه أبي، وقررت أن أغير أسلوبي معه، وإذا كان هو لا يستطيع أو يخجل من محادثتنا سوف أفعل أنا، وأحاول أن أحبه وأتقرب إليه، ونصحت إخوتي بـأن يفعلوا مثلي حتى نجحنا بالتقرب منه، ولكن ليس بالشكل المطلوب بالطبع، ولكن فقط كنا نراعي الله في معاملته.
وفي آخر عام للجامعة تعرفت على شاب يكبرني بأربع سنوات عن طريق الانترنت، وذهبت لأراه، واتفقت معه على أني لا أستطيع أن أبقي هذا الأمر سرا، وطالبته للتقدم إلي إذا كان يريدني، كان شخص محترم ورزين فوافق من فوره، وتعرف إلى أمي لأن أبي لم يكن في مصر وقتها، ورحبت أمي به، وقالت جملتها الشهيرة التي أحفظها من كثره تكرارها عن ظهر قلب (أنا سأنقل الصورة كاملة إلى والدها، وفي أقرب وقت عندما يعود سوف نلقاك ثانية) علمت بمرور الوقت أن بين هذه الجملة التي اعتادت أمي قولها وبين رجوع أبي فترة لا تقل عن العام في كل مرة تقولها، وأظل أنا في هذا العام بائسة لا أعلم ماذا أفعل... فقد حرَّمت على نفسي أن ألتقيه حتى يقول أبي كلمته... كنت صراحه أخشى أن أتعلق به، وأقع في غرامه، ولا يوافق أبي عليه فأجرح...
قابل أبي بعد عام من مقابلة أمي -وكانت هي تلك المرة الثالثة التي رأيته فيها على مدار ثلاث أعوام من معرفتي به- وافق عليه أبي، وأشاد بخلقه، واتفقا على أن يحضر أهله للتقدم... في حين أن والده لم يوافق، لا أعلم لماذا!!
كان أبي وأمي يجهزون أوراق خاصة بي لأسافر إلى ايرلندا حيث يعيش عمي، ونصحوني أن أذهب لأتعلم لغة أو شيء ينفعني، وقام أبي بمقابلة خالد (هكذا كان اسمه) في يوم وداعي على أمل ووعد أن نلتقي مجددا بعد رجوعي من السفر (الذي لم أكن أعلم متى هو) للخطبه...
سافرت لمدة 6 أشهر لا أعلم لماذا قررت بتلك الفترة أني لا أريد الزواج، وأني أريد أن أعيش حياتي. لم يكن فكر جديد تعلمته من العيش في بلد أجنبي، ولكن كان هناك دائما رهبة وخوف من فكرة الزواج... كنت أخاف من أن يقيدني أحد بالزواج، ويعاملني معاملة سيئة، ويقيد حريتي، ويشل فكري...
وعندما عدت صارحته، ولكني وجدته متمسكا بي بدرجة كبيرة، حتى عاودت الموافقة شفقه عليه. وبمنطقي إنه شخص محترم، في الواقع لم أكن أكنّ له مشاعر حب فقط إعجاب وقبول، حتى توفي والده ورفضت أمه أن يتقدم إليّ لأنه رب الأسرة الآن، ومسؤول عن إخوته، وهذا ليس وقتا مناسبا، سألته حينها سؤال واحد، ماذا ستفعل الآن؟؟ أجاب إنه لا يعرف وسألني أن أقترح عليه، وكانت تلك هي الثغرة فقد اندفعت بوجهه صارخة إنه رجل ويجب أن يتمسك بالفتاة التي أحبها، وأن لا يطلب مني أنا المشورة، وانتهزت هذه الفرصة وتخلصت منه على الفور، وكأن جبالا وتلالا وأثقالا أزيحت من على صدري.
كنت سعيدة جدا حينها، لا أعلم حتى الآن لماذا، فأنا أرهب من اتخاذ قرارات، ولا أحب أن أكون في وضع متخذ القرار، فلم أجرؤ على اتخاذ قرار تركه قط طيلة 4 سنوات حتى وجدته عاجزا، ولا يستطيع حل المشكلة إلا بتركي.
ظل يتقدم لي أشخاص كنت دائما ما أعيب بهم، لم أكن أتخيل نفسي مع شخص لا أحبه أو لمجرد كونه محترم وأهله محترمون، وفي ذات الوقت لم أجرؤ على الحب. وكنت دائما بعيدة عن الناس ملاصقة لأمي في كل شيء، كانت هي صديقتي بعدما تزوج أغلب صديقاتي وخاصة صديقتي المقربة لم أكن أخرج إلا برفقتها وحتى هذا الوقت، حتى تعرفت على شخص آخر عن طريق الانترنت أيضا، قابلته أول مرة بمعرفة أمي وطلبت منها أن تقابله فقابلته، وكانت ترفضه لكن لم توضح لي ذلك فنحن كما قلنا لا نبوح لبعضنا البعض بمشاكلنا، وكأنها كانت تعرف أني عاجلا أم آجلا سوف أتركه، فتركت الأيام تفعل ذلك عوضا عنها غير مكترثة لمشاعر ابنتها!!
أحببت هذا الشخص (أسامة هكذا كان اسمه) كان ناضجا، ويكبرني بخمس سنوات، ولكنه كان فقيرا يسكن هو وأمه بالقاهرة، بحي فقير، وكان يقول لي إنه يستطيع الزواج، ويوهمني بوجود شقة قد قام بحجزها والخ... حتى أمنت له، وبدأت قصة حبي معه عبر الهاتف طبعا لأني لم أكن أستطيع رؤيته دون وجود رابط رسمي وشرعي، وكالعادة قالت أمي قولها الشهير! وعاد أبي بعدها بعام... تركتني أتعلق بهذا الشخص لمدة عام، وهي تعرف أنه غير مناسب، وأن أبي لن يوافق، وأنها شخصيا لا توافق، حتى ظهرت المشاكل بيني وبينه، وطارت وعوده في الهواء، وقال لي إنه لا يستطيع إيجاد شقه للزواج، ولا يستطيع تحمل أي تكلفة، وطلب مني أن نتزوج في شقة أمه، وهذا ما لم يوافق عليه أحد، وحتى أنا ولكنه استطاع أن يقنعني، وظل أسامة يتنصل من مقابلة أبي حتى سافر أبي، وتركته لأنه لم يتحمل مسؤولية وعوده لي... (هكذا هي ظروفي، وأنا شخص فقير، ولا أملك غير أمي في هذه الدنيا، إما أن تتحملي أو لا). كان يقول لي ذلك.
تركته وأنا غير مبالية، اكتشفت بعدها أني لم أكن أحبه لأني سرعان ما نسيته، وعرفت أني لا أستطيع أن أعيش في مستوى أقل مما أنا فيه، وأن أحدا لا يستحق التضحية، لأنه تخلى عني لأني لا أستحق أن يضحي بإيجار شقة يدفعها من راتبه لأجلي... هكذا صرح لي!
كنت أعمل حينها، كنت مجتهدة بعملي كعادتي في كل شيء، سريعة ونشيطة ولا تقف أمامي الصعاب في العمل ما جعل مديري يستغل مهاراتي الاستغلال الأمثل ودون مقابل بالطبع لأني أخجل أن أتكلم في أمور ماديه، حتى انضم إلى فريق العمل بالشركة شاب أعجبني للوهلة الأولى التي دخل الشركة فيها، ولكن بعد ذلك وجدته ثرثارا يريد أن يظهر بأي شكل، بأن عائلته عريقة وأن لديه أملاك وأطيان وووو.....
فلم أكن أحب التظاهر أبدا أبدا فلطالما ارتديت من أفضل الماركات، وكان عندي دائما الأفضل في كل شيء، ولكني لم أتظاهر قط، وأكره هذا الفعل.
لم يكن محبوبا من الجميع بالشركة فالكل يكره التظاهر، ولكن سرعان ما أصبح صديق الجميع، واختلفت فكرتهم عنه بعدما عرفوه جيدا، وأصبحوا يلجئوا إليه في كل كبيرة وصغيرة... عرفت بعدها أنه متزوج ولديه ابنه، وأنه على وشك الطلاق على الرغم من أنه لم يتجاوز 28 عاما... ومرت به أيام عصيبة وقت طلاقه كنت أنا أبعد شخص عنه على عكس باقي زميلاتي في الشركة...
كنت أرى دائما معه أحد زميلاتي بالشركة، وتطورت العلاقة معهما حتى ظن الجميع أن بينهما قصة حب... حتى جاء وصرّح لي بحبه لي منذ أن خطت قدماه تلك الشركة ورآني... بالطبع كنت أرى منه شاب مستهتر مطلق ولديه بنت ويرافق زميلة لي... بالطبع رفضته وبكل قسوة... أصبح يذهب لزميلاتي بالعمل ويصرح لهم بحبه لي وأنه سيفعل المستحيل من أجلي لأنه يقدرني، ولن يترك شخص مثلي يضيع من يده.
صددته بكل الطرق حتى فقد الأمل في أن أوافق عليه، وأصبحت تغار مني كثيرا صديقته المقربة وذلك بعد ما صارحها بحبه لي، وأنها مجرد صديقه له يعتز بها، وهي من وقفت بجانبه وقت محنته، أصبحت تكيد لي المكائد، وتبغضني بشدة، وقامت بتسجيل مكالمة لي أنا وأسامة حتى تثبت له أني مرتبطة بالفعل، وأنه يجب أن لا يفكر بي أبدا حتى مرضت يوما فقام بالاتصال بي للاطمئنان علي وسألني عن مكان تواجدي فإذا بي أفاجأ بوجوده أمام مركز للتحاليل حيث كنت أحضر نتائجي منه (آخر نتائج تحليل الغدة الدرقية: TSH 5.9 uiu/ml .4 - 4.5 T4 FREE 1.07 NG/DL .8-1.8) وقف أمامي قلقا علي!
أبعدت عيني عنه كنت أقول لنفسي لا تنظري إليه إياك أن تفعلي إياك أن تلتقي عينيك عينيه إياك أن تفكري بالحب من هذا الشخص، وقتها سرنا معا، وأخذته معي إلى معرض للوحات فنية، لا أستطيع أن أنسى هذا الوقت، لم أسعد قط كما سعدت حينها!... ضحكت من كل قلبي، استطاع أن ينسيني همومي ومرضي وهذا الشخص (.....) واستمتعت بوقتي جدا، حينها تقربت منه، وحكيت له عن....... وكان (.... هكذا كان اسمه) هو الذي ساعدني في أن أترك ..... على اقتناع تام بعد مقابلة معه، أحكي له ويحلل هو حتى توصلت في النهاية أني لا أريد ...... فعلا...
عرض علي بعدها أن يساعد عن طريق معارفه في أن يحصل على راتب أفضل في عمله، كان حقا صادقا في عرضه. قال لي: أنا أحبك وسأفعل أي شيء من أجل سعادتك حتى لو ابتعدت عني، وكنت مع غيري.
أصبحنا قريبين من بعضنا البعض نتحادث في الهاتف ونلتقي في العمل وتلدغنا نظرات صديقته، قص لي عن زواجه وكيف تخلت عنه زوجته (بنت تاجر غني جدا) بعدما فقد عمله الخاص خوفا من أن يصيبها الفقر وطاوعها والديها على هذا الفعل وألحوا على الطلاق، هو لم يكن يحبها بعدما أهملت بيتها أشد الإهمال وجعلته يقاطع أهله من سلاطة لسانها، ولكنه ألح عليها في مسألة الطلاق فلم يكن ليريد أن يخرب حياته وبيته وحياة ابنته التي لم يرها سوى مرات ضئيلة (فمنذ أن وضعتها أمها لازمت بيت أبويها) وباءت محاولاته بالفشل، وكان الطلاق.
كنت ألوم عليه تركه ابنته دون رؤيتها، كان يجاوبني إنه لم يرها إلا مرتين، ولم يتعلق بها، وهو يكره زوجته ولا يستطيع أن يراها إذا ما طلب أن يرى ابنته فقد كانت السبب في دمار حياته وعمله وعاش معها سنتين من العذاب.
تطورت علاقتي به وجذبني إليه حبه الشديد لي، وكان يفخر بي دائما أمام الناس جميعا، تلك المرة نويت ألا أخبر أهلي حتى أتحقق أنا من حقيقة مشاعري، فطالما لم أرد التعرف على أحد عن قرب حتى وجود رابط رسمي وكان ذلك يؤدي إلى طول العلاقة بالسنين، وأكتشف في آخر الأمر أنه غير مناسب لي.
وقتها قررت أن أعرفه جيدا، عرفته حنونا جدا محبا لي بجنون، يخاف على مشاعري، لا يستطيع أن يغضبني، لم يأمرني قط بأمر، كان يناقشني ويتحاور معي ويستمع إلى، كان يخفف عني عندما أضيق ذرعا بأهلي أو يجرحني أحدهم.
كنت دائما ما أساله لماذا هو جاحد على ابنته وفي نفس الوقت يعشق الأطفال وخاصة بنات أخته، كان يجاوبني أنه لا يريد أن يعاود فتح تلك الصفحات المطوية، وأنه يريد يكمل معي أنا حياته، كنت دائما أحثه على ملاقاة ابنته، ولكنه كان يعدني أنه سيفعل، ولكن بعد زواجنا حتى لا تحدث مشاكل تفرقنا، وحتى تكبر ابنته فيستطيع أن يراها بمفردها دون أمها التي كان يبغض حتى أن أذكر له اسمها!
نسي معي تماما حياته الأولى، عرّفني على أمه السيدة الفاضلة وعلى أخته، ولم يخفي عني سرا أبدا، كنا نصارح بعضنا البعض بكل شيء فقد صارحته بموضوع عادتي السرية، وأنى من الممكن ألا أكون عذراء، تبسم في وجهي، وقال لي: أنا لا أريد إلا أنت... أريد بيتا يجمعنا وأطفالا تكوني أنت أمهم...
هو أيضا صارحني بغرامياته ونزواته وكيف كان شابا طائشا، هديته بفضل ربي إلى الصلاة وأصبح مختلفا عن سابق عهدي به، كان يريد فترة حتى يستطيع أن يجد وظيفة تليق به وبي على الرغم من أنه يملك أملاك كثيرة ورثها عن أبيه إلا أنه كان دائما يقول لي لن أطرق بيتك إلا إذا كنت مشرّفا لك ولنفسي.
انتظرته عام حتى وجد بالفعل وظيفة جدا حسنة، وجاء الوقت لأفاتح أهلي.... أمي كانت تعرفه فقد رأته عدة مرات وأبدت إعجابها به على الفور، وقالت لي: إنه لا يوجد مشكلة من وجود ابنة له أو أنه مطلق. لكنها خافت من رد فعل أبي الذي رفض على الفور، وظلت أمي تقنعه حتى وافق على أن يقابله... بعد مقابلته تشبث أبي برأيه غير أني أصريت عليه، فوافق وتركني أبي لمدة عام على أن يتم التعارف بين العائلتين، وظللت هذا العام بين موافقة أبي تارة ورفضه تارة أخرى.
وبعد هذا العام جاء أبي ليتمم الاتفاقات، ظهر لأبي في تلك أن أمه جدا متسلطة، كنت أعارض أبي في هذا بشدة فهي تعاملني معاملة جيدة جدا جدا. وتمت الخطبة بعد تحذير من أبي أن تلك المرأة (أمه) متسلطة، وأني لن أحتملها....
علاقتي معه كانت عاقلة فهو يحترمني كثيرا، ويعاملني بحنان، ولكن أنا من كان سليط اللسان أفعل معه تماما ما تفعله أمي مع أبي وأتوقع منه دائما السيئ... كلما فكرت في أمر أتهمه به، فاتهمته بالبخل، فأنا أخشى البخل، وقمت بإحضار دلائل على بخله (لم أكن مقتنعة بها ولكن كانت مخاوفي أكبر)... اتهمته أنه لن يقوم بإعالتي ماديا (وقمت بالاستدلال بأنه قام بأخذ مبلغ من المال مني ولم يرده)...
كان دائما يقول لي أنا لا أرى حرج معك، ولا يوجد فرق بيننا، وهكذا تجرأت وطلبت منك المال عندما احتجته، وأنا لم أنسى أن أرده!! فقط أنا أحتاج مهلة من الوقت كي أرده لك بعد أن زادت مسؤولياتي (لا أعلم لماذا لم أصدقه وكنت واثقة أنه لن يرده)... كنت شديدة الانتقاد، فأنا أحب أن يكون كل شيء كما يجب، أنتقد مشيته ووقفته وطريقته في التحدث، إذا سارع الخطى وتقدمني أنتقده، إذا لم يتصل بي في يوم مشحون بالعمل انتقدته، كنت دائما انتقده، كنت أعامله عكس ما أعامل الناس، فأنا الرقيقة الضاحكة المحبة التي تغفر وتصفح وتعفو عن الناس جميعا لم أكن هكذا معه، وكان دائما ما يسألني لماذا تعامليني بهذا الأسلوب فأنا لم أعتد منك أن تحادثي وتعاملي الناس بهذا الأسلوب؟؟!!...
كنت دائما ما أرد قائلة إن الناس جميعا لا يهمونني بشيء إذا ما كانوا صالحين أو لا، أما أنت فسوف أعيش معك، ويجب أن تكون وأن تكون وأن تكون، مرددة أوامري وشروطي... على العكس تماما لم أقبل منه نقدا أو أمرا...
لا أعلم لماذا كنت نسخة مكررة من أمي على الرغم من أني أنتقد بشدة تصرفاتها وأفعالها، وطالما دعوت ربي ألا أصبح مثلها، ولكني وجدت نفسي لا شعوريا مثلها، واعتقدت أن خطيبي مثل أبي واتهمته بكل فعل فاحش وطبع سيء، ولكن على الرغم من ذلك وعلى الرغم من كل المشكلات التي كنت أفتعلها (كنت على حق ولكني كنت أفتعل الكثير منها على أصغر الأمور) كنا نعرف كيف نتفاهم ونتناقش ونتحاور وكيف نصفو إلى بعضنا البعض ناهين حديثنا بوعودي له أن أحاول ألا أكون سليطة اللسان مرة أخرى (ولكن دون جدوى) كنت اختلق دائما أني مريضة -عندما تحدث بيننا مشكلة- حتى يتعاطف معي أو كنت أمثل البكاء لأني أعلم أنه لا يطيق أن يسمعني باكية... على الرغم من أني أكره الكذب، ولم أفعل مثل هذا الفعل أبدا طيله حياتي، كنت أرغب بشدة في منزل وزوج صالح وأطفال.
كنت مولعة بالأطفال حتى إني تركت عملي كمحاسبة بشركة كبرى بعد ثلاث أعوام من العمل الشاق إلى العمل معلمة بروضة للأطفال... كنت أجد نفسي في مثل عمرهم، أتحدث مثلهم وألعب معهم، وأعملهم الصفات الحسنة... مرضت يوما بعادتي الشهرية، وصاحبتني آلام مبرحة لم أعتد عليها، لم تجدي معها نفعا المسكنات، وكنت بمفردي بالبيت حتى اشتد بي الألم ليلا وأصر خطيبي أن يقلني إلى المشفى، وهناك علمت أني أعاني من وجود كيس دموي على المبيض بحجم كبير (10سم) يجب أن أخضع لجراحة لإزالته... لن أنسى وقتها وجهه الشاحب من القلق علي، ولن أنسى شغفه أمام الطبيبة أن يعرف ما بي، وما يجب أن أفعل، ولن أنسى لمسته الحانيه على رأسي ويدي مخففا عني أي ألم أحسست به، لم أنسى هول الصدمة بعد نتائج تحاليل معملية لي وقول الطبيب إني لن أنجب إلى إذا لجأت لأطفال الأنابيب. لن أنسى ما قاله لى حينها... قال لي أنت طفلتي، وأنا أعلم أن الله سيرزقنا بأطفال، وإذا لم يرد الله فأنت طفلتي...
ذابت كل همومي معه فكان قادرا على أن يجعل الكبير في نظري تافه وصغير، ومنذ ذلك الحين ذابت كل الحواجز بيننا فبدأنا نتحدث عن حياتنا الجنسية المقبلة، وعن ما يحبه ويرغبه ويفضله وعن رغباتي وأمنياتي، كنت جدا سعيدة لأني علمت وأيقنت أن هذا هو الشخص الذي سيطفئ نار شهوتي بأفضل الطرق وأمتعها ويعشقني ويعشق إمتاعي بشتى الطرق ويعشق جرأتي في تلك المواضيع، لم تخلو مقابلتنا بعدها من ملامسته لي بأماكن حساسة وتقبيلي عدة مرات، كنت أندم أشد الندم على فعلتي ولكنه أقسم لي أننا على وشك الزواج وأني له، حتى أني نهرته مرة من المرات وعاتبته على الجرم الذي نفعل بحق الله، فتحدث إلى شيخ بدار الإفتاء سائلا له عن حرمانيه هذا الفعل وهو عاهدني أمام الله أني زوجته وهي بضعة أشهر وسنكون معا ببيت واحد... فجاء رد المفتى (إن الإعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى).
بعد أربعة أشهر من خطبتي وبعد عودتي من فريضة الحج بدأت المشاكل بالفعل مع والدته، فوجتها توقع بيني وبينه بالباطل، ووجدتها تدخل في كل شيء، ووجدته مطاوعا لها وضاغطا علي بحجة أني يجب أن أرضيها فقط حتى نتزوج.
لم أكن أعلم لماذا يخشى منها هكذا ويتركها تتحكم بنا، حتى صارت المشاكل كبيرة على أشياء جدا تافهه تختلقها والدته، واتهمتني أني أهنتها وشتمتها وافترت ظلما وبهتانا، وبالطبع صدقها الجميع وظللت أحلف لخطيبي أني لم أفعل ذلك. وصدقني وحتى أرضيها واسترضيها ذهبت للاعتذار منها فقابلتني بالإهانة، ولم تقبل مني أي اعتذار، وخرجت من بيتها منهارة بكل معنى الكلمة، قامت هي بعد ذلك برفض زواجنا تماما وأساءت إلى سمعتي في عائلتهم ونصحها الجميع ألا تكمل الخطبة خوفا عليها وعلى ولدها من سيئة الخلق (أنا)!!
هو حاول أن يدافع عني ويوسط جميع أهله، ولكن ما رضخت وكلما دافع هو عني كلما زاد عنادها، وحينها صرح لي أن أمه قاسية وكانت أحد أسباب طلاقه وأنها قاطعته هو وزوجته مدة عام كامل ومن جراء معاملتها لزوجته الأولى قامت بسبها بالفعل.
أصبح يلومني كثيرا لأني لم أستمع إليه. كان يقول لي دائما: تحملي، وأنا سأعوضك. وهو الآن يقول لي: إنه لا يستطيع فعل شيء حيال هذا الأمر لأنها وبموجب توكيل قامت بسلبه جميع أملاكه، وحتى شقة الزوجية وأصبح هو لا يملك سوى وظيفته، ولا يستطيع تحمل تكاليف الزواج!!
هذا كله بعدما اشتريت مفروشات منزلي، وفستان عرسي، وحجزنا لحفلة عرسنا، وجهزنا كل شيء. وهو الآن يتخلى عني لأني أنا السبب. أنا التي لم سمع نصائحه، وهو لن يغضب أمه ويتركها، وهو لا يستطيع تحمل تكاليف الزواج الآن.
نحن مازلنا على اتصال ببعضنا البعض فأنا لا أستطيع أن أمنع نفسي عنه... فنحن نحب بعضنا جدا، ولا يوجد أي مشاكل بيننا.
لا أطيق فكرة أنه سيتخلى عني من أجل أمه كما فعل السابقون، لا أطيق فكرة أني أمنته على نفسي وجسدي وهو خان تلك الأمانة، قلت له: إني لن أسامحه أبدا. فرد علي مجاوبا: إنه هو أيضا لن يسامحني لأني لم أستمع إلى نصائحه، وأنا من تسبب بتلك المشكلات التي أفضت بنا إلى الانفصال.
أصبحت شخصا آخر غير الذي عهدته، أحمل مشاعر الغيرة مِن مَن حولي فجميع صديقاتي ومن هم بسني أو أصغر مني لديهم طفل وأكثر، وأنا حتى لا أعلم إذا كان مقدرا لي أن أنجب أو لا.
أصبحت حاقدة غيورة ضيقة الخلق، لقد ضقت ذرعا بتلك الحياة فأنا لم أبغ إلا حياة كريمة وزوج صالح وأطفال، أرى فستان عرسي يوميا أمامي وشقة الزوجية في نفس شارعنا الذي أسكن به، ضاعت أحلامي كلها، ضاع بيتي وأولادي، أشتاق خطيبي كثيرا وأرغم نفسي عن الابتعاد، ولكن لا أستطيع التحدث إليه باكية، أستمع إلى صوته المشتاق، ولكن يخبرني أن لا مجال للعودة لقد ضاقت به دنياه ولن يستطيع بعد كل تلك المشاكل وتشويه سمعتي داخل عائلته الرجوع إلي لأن أمه لا تزال ترفض وبشدة.
يحدثني أني قد خسرته، ولكن كسبت أهلا محبين، ولكنه هو خسر كل شيء. تلومني أمي إني مكتئبة إذا ما لمحتني شاردة فأمي تعتقد أني سوف أكبس على هذا الزر اللعين في رأسي لأنسى، ألمح أحيانا نظرات أرتاح ولم لا! فهي إذا كانت تريد مساعدتي لفعلت، فلم تتدخل أبدا أمي لتهدئة الوضع معللة أنها تنتظر أبي حتى يعود من سفره ليتخذ هو الإجراء المناسب، لقد سئمت تلك الجملة وسئمت تصرفهم معي وعدم مبالاتهم بمشاعري، وكأن ليس لي قلبا ينبض.
أعلم إن من الممكن أن يكون هذا خيرا لي لأني استخرت ربي كثيرا في الحج، ولكن مشكلتي أني لا أجني إلا الألم. لم أتعلم درسا من تلك التجربة. لم أتعلم شيئا، أضعت سنين عمري مع أشخاص غير مناسبين، أضعت سنين عمري منتظرة عودة أبي ليقابلهم، ومنتظرة عودتي من السفر، ومنتظرة ومنتظرة، أكره نفسي وأكره شخصيتي المذبذبة، وأنتقد نفسي بشدة على أفعالي وتصرفاتي أكره ضعفي واعتمادي على الآخرين في قراراتي التي أرتعب من اتخاذها.
جدير بالذكر أني اعتدت على تقطيع شعري، أفكر كثيرا وأقوم بتقطيع شعري حتى تؤلمني فروة رأسي أشد الألم، يمكنني أن أفعل ذلك لساعات وساعات، أفكر وأحلل وأنتقد وأقطع شعر رأسي.
كنت محترمة فلم يجدي ذلك نفعا وكنت غير ذلك فلم يجدي أيضا نفعا، أحس أني ابتعدت عن الله وذبلت ملامحي، أريد الزواج من أي شخص، أريد أطفال، أريد استرجاع خطيبي، أريد السعادة. فأنا أستحقها ولم لا أستحق السعادة، ولم لا أستحق الحنان، وأن يعيش شخص واحد فقط لي. أنا فقد اعتدت أن أعيش للناس جميعا، أريد الحياة.
قد ذهبت من ثلاث سنوات إلى معالج نفسي، فقال لي: إن مشكلتي تتلخص في طموحي إلى الكمال، وأني بحاجة إلى جلسات نفسية.لا أستطيع التأقلم مع ذاتي والمجتمع،
ولكني لم أذهب إليه مجددا، خفت أن يغير شخصيتي إلى الأسوأ فالناس تحبني لشخصيتي ولتضحيتي.
31/03/2011
رد المستشار
أهلا ومرحبا بك؛
عزيزتي لقد لخص لك الطبيب النفساني حالتك وعلاجك ولكنك لم تستجيبي وتطلبين منا الآن في بضع كلمات أن ننقذك مما أنت فيه من فهم خاطئ لمفاهيم عدة علاوة على مشكلة نتف الشعر التي تتطلب علاجا نفسيا ودوائيا، إن كنت تريدين التخلص من آلامك فعليك أولا: الإيمان بقسمة الله والرضا بقضائه والقناعة بأنه وحده مصرف الأمور،
ثانيا: مباشرة جلسات العلاج النفسي بانتظام
وفقك الله لما يحبه ويرضاه ورزقك الزوج الصالح وخلف عليك بالذرية الصالحة وحده إنه سميع الدعاء
واقرئي على مجانين:
نزوع إلى الكمالية وتفكير وسواسي
مين كمال؟؟ حد يعرفه؟ متابعة
الكمالية والتخزين القهري: هل هو إدمان؟
الكمالية والإتقان بين السواء والمرض متابعة
نتف الشعر القهري
اضطراب نتف الشعر التشخيص Trichollomania Diagnosis