توتر وشيء من العزلة ..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أتذكر أني أرسلت مشكلة لي من قبل، وهي تدور حول (العزلة والبعد عن الأصدقاء والرغبة في البقاء في البيت)، لقد حدث ذلك معي بالفعل بعد أول عام دراسي لي في الجامعة وأثناء الإجازة الصيفية، حيث كنت أعاني طول فترة أول عام دراسي لي في الجامعة بتوتر وعدم راحة مع الأصدقاء والرغبة في الرجوع إلى البيت سريعا لتجنب ظهوري، وأنا سرحان في لا شيء أو أفكر في شيء مجهول أمامهم حيث كنت طيلة هذا العام أعاني من ذلك منذ أول يوم دراسي لي في الجامعة، حيث جعل مني ذلك أجهز لانعزالي بعد هذا العام، وكأنني كنت أنتظر هذه الإجازة الصيفية حتى أهرب إلى البيت ولا أخرج منه ثانيا، وأنغلق علي نفسي (حتى أتغير وأرجع إلى ما كنت عليه ثانيا وهو الأفضل) وهذا ما كنت أتخيل أني سأفعله.
وبالفعل ذهبت إلى البيت حتى أن أحد زملائي كان يوصلني بسيارته إلى منزلي في آخر يوم دراسي وهو يقول لي سوف أمر عليك في الإجازة إن شاء الله لنخرج سويا، وأنا أقول له إن شاء الله (ولكن داخل نفسي أقول لا أظن أني سأخرج من البيت ثانيا)، وبالفعل ذهبت إلى البيت وانغلقت على نفسي وفي غرفتي حتى أن زملائي ظلوا يتصلون بي على هاتفي كثيرا. في اليوم التالي، وتركت الهاتف يرن ولم أرد على أحد... حتى كان يأتي يوم صلاة الجمعة (وأنا معتاد على الصلاة في هذا الجامع القريب من بيتي، وكنا معتادون أنا وأصدقائي أن نصلي في هذا الجامع حتى نتقابل سويا بعد الصلاة جميعا، ونتحدث عن أمورنا أو نخرج بالسيارات).
شعرت أني مازلت مثل ما أنا عليه، وأني أريد المزيد من الوقت في عزلتي حتى أتحسن وأصدقائي كانوا يسألوني ماذا بك؟؟ وأنا أرد لا شيء، حتى تعمدت بعد ذلك أن أذهب مع أبي للصلاة في جامع آخر حتى لا أقابلهم في يوم الجمعة، وصرت أيضا أذهب مع أبي بداعي وبغير داعي في مشاويره حتى أهرب من الخروج مع أصدقائي، وتكون حجة لعدم الخروج معهم.
مر الوقت ومرت الإجازة الصيفية بكاملها، وأنا منعزل عن الناس كلها، ومتخيل أني سأتغير وأحل مشاكل نفسي بنفسي لكن لم يحدث شيء بالطبع!!
وجاء ميعاد دراسة العام الثاني حتى أحسست بشعور ضيق وخوف في نفس الوقت لأني مجبر على الخروج من البيت، والذهاب إلى الجامعة.
كنت أتجنب النزول لكني علمت أني مجبر على ذلك فخرجت وذهبت إلى الجامعة، ولكني كنت أتجنب الدخول من البوابات التي يمكن أن أقابل فيها أصدقائي القدامى الذين هجرتهم.
نزلت وسلمت على بعض الناس، وكل من كنت أعرفه من زملاء العام الأول في الكلية يقابلني بالترحيب والضحك كما كانوا يتعودون الكلام معي، لكنهم يصدموا بأني لم أعد أجيد الكلام الجيد أو الضحك ويلاحظون ذلك علي من أول سلام، وكنت أحاول التقصير في الكلام، والذهاب حتى أني لم أمضي في الجامعة أكثر من ساعة تقريبا في اليوم الأول ثم عدت إلى البيت مرة ثانية.
هذا ما كانت تدور حوله مشكلتي القديمة التي أرسلت طلب لحلها هنا في هذا الموقع ولكن بالتفصيل، أرسل لي الموقع ردا بأن أحاول الخروج من هذه المشكلة بأن أعيد ترتيب غرفتي مثلا أو أشتري ملابس جديدة قد تعيد رغبتي في الحياة، وأن أعاود الرجوع إلى أصدقائي أو أن أحاول عمل صداقات جديدة.
لم أحاول عمل صداقات جديدة بالطبع لأن المشكلة لم تكن في أصدقائي القدامى، هؤلاء الأصدقاء كانوا أصدقائي من قبل دخولي للجامعة ولمدة أكثر من 3 سنين، وكنا نفعل كل شيء معا، كنا أكثر من 15 أو 20 فرد كلنا أصدقاء وكان المقربين لي شخصيا حوالي 5 أو 6 أصدقاء مقربين.
كنا عندما نذهب إلى رحلة مثلا لم نكن بحاجة إلى شركاء معنا في الأتوبيس بل كنا نكفي لملء الرحلة بعددنا: كانت أيام جميلة وكان فيهم وفاء وصدق وحب كثير. خسارة أني لم أكمل مسيرتي مع هؤلاء الأصدقاء أو على الأقل هؤلاء المقربين.. وإلى الآن لا أعرف لماذا!!
المهم أنا الآن قد مر على هذا الوقت أكثر من 8 أعوام، أنا الآن في عمر ال 25 وقد تزوجت، ورزقت ببنت جميلة الحمد لله عمرها عام تقريبا الآن، وهناك مولود جديد أيضا في الطريق إلى الحياة الحمد لله، وأحب زوجتي كثيرا، والآن أعمل خارج مصر في السعودية طبعا لأوفر مطالب هذه الأسرة.
المهم أني أشعر وقد مر كل هذا الوقت أن كل هذا حدث أمس!! ومازلت أشعر وقد مرت كل هذه السنوات أني أيضا وحيد ومنعزل ليس بسبب الغربة فأنا لازلت جديد في الغربة، لكني أشعر بهذا طوال هذه السنوات الماضية أشعر وكأني أصبحت إنسانا آخر أحب السكوت والوحدة، ولا أحب الكلام، وأشعر كثيرا بالتوتر والخوف في كثير من المواقف.
مازلت أحب العزلة والوحدة مع أني في نفس الوقت لا أطيق بالطبع البعد عن زوجتي وابنتي أو عن أبي وأمي وإخوتي، لكني أصبحت لا أحب الكلام بكثرة ولا بالقليل حتى إن كنت أجلس في مجالس الأقارب سواء أقاربي أو أقارب زوجتي، أجلس صامتا ولا أتكلم، فقط أبتسم وأجلس فقط لقضاء الواجب.
لا أحب نفسي هكذا لأني لم أكن هكذا من قبل هذه الأحداث القديمة.. كنت من قبل معظم الناس يحبونني وإن لم يكن الكل، كنا نجلس أنا وأصدقائي أيام زمان في بعض المجالس نناقش عيوب بعضنا البعض، فما كان يذكر اسمي أو يأتي علي الدور إلا إن كانوا يحتارون لوهلة حتى يحددوا ما هو عيبي وأنا أبتسم. بالطبع كان فيّ عيوب، ولكن كانت قليلة، فكنت إنسان ذكي ومحترم وما زلت، ولكني كنت اجتماعيا وأحب التعارف والكلام والضحك بذكاء وموهبة.
للأسف دفن بي كل هذا ولا أشعر الآن أني أمتلك أي موهبة اجتماعية! أمتلك بعضها لكن بخوف وتوتر.
صرت غير اجتماعي بالمرة وصامت لدرجة سيئة.. لا أريد أن أكون بهذا الشكل أمام ابنتي. لو كنت هكذا منذ بدايتي لقلت هذه نفسي، وأنا راضٍ بها، لكني تغيرت عن قبل، فأنا لم أكن هكذا أبدا ومازلت أشعر بنفسي قديما وأحس بما كنت عليه من قبل.
لماذا لا أقدر أن أكون هذا الشخص مرة ثانية؟ وكأنه صار حلم بعيد بالنسبة لي سبحان الله!!
المهم إن هذا التوتر قد يسبب لي بعض المشاكل بيني وبين زوجتي (التي أحبها كثيرا) قد يتسبب هذا في إنشاء الكثير من الخلافات من ناحيتي في الأشياء التي لا تستدعي للشجار بيني وبينها.. أشعر وكأني غير مستقر.
أحيانا أخلق الخلافات بدون داعي ثم أرجع عنها مرة أخرى، وأحيانا تصل بعض الخلافات التي تكون أيضا من ناحيتي إلى حد الحلفان على زوجتي بالطلاق والعياذ بالله حتى أن زوجتي استاءت من هذا الوضع كثيرا، وصارحتني بعد مصالحتها أنها لا تشعر معي بالأمان لأني كثير الشجار معها، وسهل علي أن أستغني عنها، وهي خائفة بالذات بعد أن رزقنا والحمد لله بالأطفال.
أحيانا أشعر بيني وبين نفسي أني بالفعل سهل علي أن أستغني عن أي أحد إذا كنت استغنيت من قبل عن أعز أصدقائي بالفعل، وبدون أي أسباب واضحة فهم لم يسيئوا إليّ أبدا.
أعلم أن الماضي مسيطر علي كثيرا في كلامي، وفي حياتي أيضا، لكنه ليس بإرادتي! وأنا لا أريد بالطبع أن أعذب نفسي.
فإذا كان هناك مجال أن أعود طبيعيا مثل قبل أو حتى بشكل آخر جديد لصرت بدون أن أشكي أو أطلب استشارة، ولكن أشعر أن هناك جبل ضخم يحول بيني وبين ذلك، وليس أمامي إلا أن أعيش هذه الحياة كما أنا. وأنا أعاني وأظل أعاني يوم سعيد ويوم حزين، وبدون أسباب مازلت أسرح وأفكر كثيرا، ولكن أمور الدنيا والعمل والأسرة تشغل بالي قليلا، ولكنها مثل المسكن حتى علاقتي الجنسية مع زوجتي أشعر وكأنها مثل المسكن الذي ينتهي بانتهاء هذه العلاقة...
ابنتي تكبر يوم بعد يوم وناهيك عن ظروفي العملية والمستقبلية الغير مرتبة، والتي أحلم بالكثير فيها، ولكني الذي أحلم به بالفعل أن أرتاح من هذا الهم الذي يطبق علي صدري وأعود لشخصي كما كنت فأنا لا أحب نفسي هكذا، وأشكرك يا من قرأت هذه الرسالة لصبرك عليها حتى تنتهي، وأتمنى أن تكون قرأتها جيدا.
أنتظر الرد وأنا مستعد لفعل النصيحة التي تراها مناسبة لي، إذا قلت لي اتصل بأصدقائك القدامى الآن بعد مرور كل هذا الوقت سوف أتصل إذا كان هذا هو دوائي،
أرجوك انصحني..
وشكرا.
31/03/2011
رد المستشار
للأسف لم أتمكن من قراءة مشكلتك السابقة ولم أعرف من قام بالرد ولا كيف رد، ولكن على أية حال أرى أنك تبحث عن الحل في المكان الخطأ حين تتصور أنه الاتصال بأصدقائك أو أنك تظل تفكر فيما حدث ولماذا حدث وهل ستعود أو تبقى هكذا، والحقيقة لا أعلم لماذا لم تفكر في التواصل مع متخصص نفسي ماهر حتى يتمكن من خلال التواصل معك وضع يده بدقه عما تحتاج له أو على الأقل التشخيص الذي سيعتبر نقطة الانطلاق الصحيحة لما أنت عليه، فاعتبر أن تلك الخطوة خطوة جيدة ومفيدة وستفرق معك كثيراَ ولا تركن لأفكار خاطئة كأن المتخصص النفسي يتعامل مع مجانين أو أن العلاج النفسي حباله طويلة ولن تجدي، فكل تلك الأفكار غير صحيحة فكثيراَ ما نتواصل مع الأشخاص الأسوياء ليتعلموا كيف يرتبوا أفكارهم وكيف يعدلون من طريقة تفكيرهم وكيف يخططون لأنفسهم وغيره؛
وحتى تقوم بتلك الخطوة سأجازف من خلال سطورك التي لم تكشف أي شيء عن نشأتك ولا عن موقف فارق مررت به في حياتك، ولا كيف تعرفت على زوجتك وأحببتها، وأقول: حين تكون الشكوى في العموم عن الشعور بالغربة عن النفس والتغيير الغير منطقي ومحاولات التوصل للشخصية القديمة فلا نتمكن ويصاحبه تغير في السلوك والمشاعر والغرق في الأحلام والاهتمام القليل بالواقع من حولنا فعلينا أن نفتش عما يعرف باسم "تبدد الشخصية"، أو "تبدل الواقع"، ولا تأخذ حديثي على أنه نهائي فلقد اخترت لفظ "جازفت"، ولفظ "فتش"، فالتشخيص الخاص بذلك ليس سهلاَ ولا يمكن التأكد منه من خلال سطورك الغير تفصيلية عما سألت عنه، ولكن في العموم أرى أنك تقترب من هذا الاضطراب بما وصفته حتى يثبت صحته أو ينفى، مع العلم بأن أي اضطراب له درجات من القوة والشدة التي أتصور أنك في بداياتها ولم تتوغل فيها، وبالطبع ما يصاحبه من درجة اكتئاب وتوتر، لذا أقترح بالتواصل مع متخصص نفسي وكذلك يمكنك قراءة ما كتبه دكتور وائل على موقعنا العزيز عن هذا الاضطراب لتقف على مدى قربك أو بعدك عنه أو درجته من خلال فهمه بشكل أكبر، وفقك الله.