ساعدوني....
السلام عليكم؛
أنا فتاة أبلغ من العمر 21 سنة، ولقد كنت متفوقة دراسيا، ولكنني لم أعد كذلك.... أعاني حاليا من مشكلتين رئيسيتين:
الأولى: وهي الانغلاق الشديد على نفسي لدرجة أنني لا أستطيع القيام بأي عمل أمام الآخرين بل أبدو بمنتهى الغباء والتلعثم في حديثي بشكل ملحوظ وخاصة مع الجنس الآخر، وما زاد الطين بلة هو قراءتي لبعض الفتاوى التي تحرم التعامل بين الجنسين، ولقد كنت أرغب بشدة في الحصول على صديق أتبادل معه الأفكار غير أنني تراجعت.. وظللت في براثن وحدة تجعل حياتي ليلا حالكا... ناهيك عن أنني حُرمت الحنان في صغري حيث كان أبي -رحمه الله- جد قاسيا..
لذلك أريد أن أخرج من هذه القوقعة.. ولكنني عاجزة عن ذلك. ولا أستطيع الاندماج في أي وسط خارج المنزل، وضميري يؤنبني دائما وبخصوص أشياء لا قيمة لها (إذا رغبت مثلا في الاندماج وسط مجموعة من الفتيان والفتيات في القسم فإنني أتراجع مخافة أن يلمسني أحد الشباب عن غير قصد وأؤنب نفسي بشدة أن حدث ذلك)، وأسمع صوتا يردد في داخلي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له). أما قبل ذلك فقد كنت أتجنب الحديث معهم، وكانت زميلاتي يسخرن مني، ويقلن أنني لدي عقدة مع الجنس الآخر.
المشكلة الثانية التي تؤرقني: وهي الوساوس التي تفتك بي، وتمزق هدوء نفسي بمخالبها الملعونة.. وخاصة أيام الامتحان.. فبعد فشلي السنة الماضية في امتحان لولوج مدارس المهندسين.. وقضائي عطلة صيفية روتينية.. اضطررت للتحضير في البيت رغم أنه كان ذلك شاقا، ولكنني صبّرت نفسي، وجاهدت رغم كل شيء.. ولكن أفكار غريبة تجول ببالي، وهي أنني مستقبلا عندما سأنجح سوف تبتز جدتي أموالي... وهي امرأة متسلطة.. أو بأن الأساتذة الذين سيحرسوننا أثناء الامتحان سوف يصدرون ضجيجا، وسوف يمنعني من التركيز (ذلك ما حدث السنة الماضية)..
وأخاف من أن يتكرر الأمر، وأقول في نفسي إذا حدث ذلك سوف أصرخ في القاعة، وأزمجر طالبة منهم السكوت.. ولكن نفسي تحدثني أنني إذا فعلت ذلك سوف يسخر مني بقية التلاميذ.. وهو مما جعلني السنة الماضية أفقد تركيزي تماما بل انشغل عقلي بفكرة (الأستاذ سوف يتكلم) ووصلت إلى حالة من العصبية لدرجة أنني كنت أستفرغ كل يوم من أيام الامتحان... وفكرت في التخلي عن الأمر.
أرجوكم ساعدوني لأن الامتحان لم يتبق له سوى شهر، وأنا أحاول أن أنجح هذه السنة إن شاء الله، وأتمنى أن تمدوا لي يد العون.... وأشكركم على توفير مثل هذه المواقع التي تؤسس لمبدأ الجدة والابتكار.
وشكراً.
31/03/2011
رد المستشار
الأخت الكريمة؛
أهلا بك في موقع الشبكة العربية للصحة النفسية، وأسأل الله أن تكون ايجابيتك وكتابتك لهذه الاستشارة هي باب خير وبركة ونصر من الله عز وجل.
وسأضع ردي لك في نقاط:
- الاستشارة ليست بديلا عن تلقي العلاج النفسي، لذا عليك وبشكل ملح أن تتواصلي مع مركز نفسي مختص بشكل مستمر حتى يمن الله عليك بالخروج من نفق ما تشكين منه، ولتعلمي أن العلاج النفسي ميسر وفي خلال جلسات معدودة ستشعرين بفارق كبير للأحسن إن شاء الله تعالى..
- إن ما بك من مشاعر سلبية، وقصور في مهارات التواصل وهذه الأفكار الوسواسية هي ابتلاء من الله عز وجل وليس لك دخل في هذا الأمر.. وأنك مأجورة أجراً كبيراً على صبرك على هذا الابتلاء..
- عليك ترتيب أولوياتك، والأولى الآن الانتهاء من الاختبارات ولا شك أن زيارة الطبيب والالتزام بدوائه في هذه الفترة سيفيدك جداً في تخطي ما يقلقك ويخوفك من مواجهة الامتحان.
- تأكدي أن أفكارك التي تعوقك عن الامتحان هي أفكار ضعيفة ولا سلطان لها عليك إلا بامتثالك لها، وعليك مقاومتها وستنجحين في ذلك، وعند النجاح عليك زيادة مساحة النجاح ضد الأفكار التي تأتيك قسراً.
- استعيني بصحبة طيبة صالحة تعينك على تحمل هذه المشاق، وتساعدك في اتخاذ قراراتك وأهمها التركيز في دراستك وتلقى العلاج النفسي.
- تأنيب الضمير هو عبارة عن مشاعر مصاحبة لأعراضك المرضية، وسيختفي تمامً بتلقي العلاج أو مقاومتك لهذه المشاعر السلبية. فلا تؤنبي نفسك زيادة بل تفهمي أن ذلك جزءًا من مرضك ولا تقسي على نفسك، بل اصبري واحتسبي وستؤجرين في الدنيا والآخرة إن شاء الله تعالى.
- عليك بالثقافة النفسية وسيوفرها لك الموقع إن شاء الله، عليك بالقراءة في الاستشارات المتشابهة مع استشاراتك وستجدين كثيرا من الملاحظات المضيئة التي تفيدك، سجليها كلها وستجيد فيها إفادة إن شاء الله. ..تابعينا بأخبارك..
* ويضيف د. وائل أبو هندي الابنة الفاضلة "جيهان" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على الثقة وعذرا على التأخير، ليس لدي ما أضيف بعد ما تفضل به مجيبك أ. عبد الرحيم الريفي فنصحك بأن تطلبي العلاج من وسواسك القهري، فلم يبق لي إلا أن أنبه إلى السبب الذي يجعل أحاديث سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام وكذلك الفتاوى المتعلقة بحدود التعامل بين الجنسين تسبب مشكلات عديدة وتضع قيودا شديدة عليك وعلى تصرفاك مقارنة بزميلاتك... السبب يا "جيهان" هو التعمق والتنطع في فهم وتطبيق الحديث النبوي الشريف أو الفتوى... فتأكدي أن القصد من الحديث ومن الفتوى هو ما تفعلنه زميلاتك الملتزمات وليس ما تفعلين فأنت من طرف خفي تضرين بصورة الفتاة المسلمة وتذكري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون" صدق صلى الله عليه وسلم؛
والحديث رواه مسلمُ والبخاري، والمتنطعون هم المتعمقون المغالون المتجاوزونَ الحدود في أقوالهم وأفعالهم، أو هم المتعمقون المشددون في غير موضع التشديد، وهؤلاء بشكل أو بآخر هم الموسوسون في أمور دينهم، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة: "إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق فإن المُنبتَّ لا أرضًا قطع ولا ظهرا أبقى ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه" صدق صلى الله عليه وسلم، أخرجه البزّار عن جابر في الجامع الصغير للسيوطي....
هناك مفارقة أيضًا في فهمك للحديث نهي الرجل عن أن يمس امرأة لا تحل له فالمقصود هنا هو اللمس المتعمد وليس إطلاقا اللمس عن غير قصد كما تقولين: (مخافة أن يلمسني أحد الشباب عن غير قصد)!.... عليك يا "جيهان" أن تغيري طريقتك في فهم وتطبيق النصوص قدر استطاعتك وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين.
ويتبع........: بين شبح الماضي وقيود الحاضر..
التعليق: هذا هو ما أريد الوصول إليه
طريقتي في فهم النصوص الشرعية، فكنت أفسرها بطريقة شديدة إلى درجة أني أصبحت أعيش هلاكا نفسيا عجيبا، لكني بسبب عدة مقالات قرأتها هنا ( لا تخص حالة الآنسة جيهان) بل كانت تخص أمورا أخرى، ارتحت وتفاءلت وأصبحت أرى فهمي للنصوص الشرعية قد تغير،
وكأن نفسيتي كانت مقيدة بقيود فولاذية وتخلصت منها بدرجة كبيرة جدا، الحمد لله، لا أدري إذا استطعت إيصال الفكرة أم لا،
على العموم شكرا جزيلا، فقد تأكدت أن ما وصلت إليه أنا وتفكيري من ناحية فهم النصوص الشرعية صحيح إن شاء الله سبحانه وتعالى