لا أعرف الضحك..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أسأل الله لكم التوفيق وأن يبارك في جهودكم العظيمة. لا أعرف كيف أبدأ وكيف أشرح مشكلتي، ولكني سأخبركم بوضعي قبل المشكلة؛ فقد كنت إنسانة سعيدة جداً ومستمتعة بحياتي بلا حدود، ولا أعرف ما أعانيه الآن إلا الاكتئاب التفاعلي مع المواقف الذي يصيب الأشخاص الطبيعية ويزول بسرعة... لكن في يوم وليلة تغيّر كل شيء!.
الآن لا أعرف الضحك ولا التمتع بتعلم أشياء جديدة! أفكار مسيطرة على عقلي لا أستطيع التخلص منها، ومن فكرة إلى فكرة تدريجياً، ولا يصبّرني إلا إيماني بأنه ابتلاء من الله.
من هذه الأفكار التي تمنعني من الاستمتاع بالحياة والتركيز وتجعلني أنسى كثيراً هي التفكر ببصر وسمع الإنسان وكيف ينطق والدماغ، خصوصاً كيف يفهم؟ وأين قلبه الذي يحب ويكره؟ ومن أنا؟ لا أعرف من أنا وووو... إلخ! وما خفي أعظم من أفكار سابقة، فلا أستطيع أن أكتبها كلها، أحاول تجاهلها ولا أسترسل بالفكرة، ولكن لا فائدة فهي مسيطرة تماماً على العقل فأصبح كل شيء لا قيمة له عندي ولا قيمة للإنسان ولا الحياة!.
لا أعاني من ضيق في صدري ولكنه اكتئاب عقلي، وتزيد حالتي عند اجتماعي بالناس أو الجلوس مع أهلي، وأصبحت لا أحب ذكر الجنة لأنها تزيد من أفكاري.
هل للحمل علاقة في هذا؟ فأنا في الأشهر الأخيرة الآن وهذا هو الحمل الأول لي. والنقطة التي أريد أن تعرفوها، هل لسفر زوجي سبب في ذلك؟ فقد أصابني ما أصابني بعد يوم من سفره لأني عند أهلي الآن وهو في الغربة يكمل ما تبقى من دراسته لكنها مدة بسيطة، وكنا متفقين على ذلك من قبل وأنا التي أردت ذلك، وكنت متشوقة لهذه الأيام لتخطيطي لأعمال كثيرة سأقوم بها لأني متفرغة لها. نعم حزنت يوم وداعه ولكن كنت أعلم أنه سيعود بعد عدة أشهر، هل وداعه هو السبب؟
هل يسهل علاج ما أنا فيه الآن ويزول ما أعاني منه الآن ويرجع فكري الأول؟ ما هي مشكلتي بالضبط؟ وهل هي طبيعية؟ وكيف يتم علاجها؟ أشعر أنها أفكار حقيقية، لكني عرفتها الآن وأشعر أن تفكير الناس كتفكيري ولكن يكتمونه! وهذا يتعبني كثيراً.
آسفة على ركاكة اللغة،
وأرجو أن تكون الفكرة قد وصلت.
14/04/2011
رد المستشار
صديقتي العزيزة،
لقد تجمع عندك الكثير مما يؤثر في قوة مناعة الجهاز النفسي فيسبب ارتباكه أو مرضه.
أنت صاحبة خبرة سابقة استمرت لفترات في الاكتئاب، وتحملين للمرة الأولى في حياتك؛ حيث تكون تجربة عميقة في حياة الأنثى ولها آثارها الإيجابية والسلبية على المرأة بحسب شخصيتها وخبراتها ومعارفها، وكذلك فراقك لزوجك حتى رغم تأييدك له لإنجاز دراسته التي ستسعده وستسعدك بالتأكيد. كما قلت لك: قد يمر الشخص بمثل تلك الأمور ويكون لها أثر عليه، لكن لا تصل للدرجة المرضية التي تعيقه عن ممارسة أدواره وواجباته ومسؤولياته اليومية المطلوبة منه. حين يكون الجهاز النفسي على درجة ضعيفة أو متوسطة من المناعة تظهر الأعراض النفسية التي تعبر عن ذلك؛ فما تتحدثي عنه نعرفه "بالتفكير الاجتراري"، وهو يحدث غالباً عند نوعين من المرضى:
1- مريض الوسواس القهري؛ وفيه تسيطر فكرة بشكل قهري "إلحاح" على رأس المريض بحيث يستحيل عليه مقاومتها فيضطر للاستسلام لها لعلها تخبو، إلا أن العكس هو ما يحدث! وكلما حاول مقاومتها أو الاستسلام لإلحاحها زادت شراسة وتدفقاً فيزداد المريض سوءاً واكتئاباً.
2- مريض الاكتئاب الجسيم؛ وهو درجة عميقة من الاكتئاب تجعله يجتر فكرة وراء فكرة فيما لا طائل منه.
وكلا التشخيصين يحتاج لمتخصص نفسي تتواصلين معه ليتمكن من خلال الحديث معك من التعامل السليم مع أيهما، أو لعله يجد أمراً آخر لم تتحدثي عنه معنا، فمثلاً في الغالب ما نجد الوسواس القهري مجرد "حائل" يتصدر المشهد ليخفي وراءه حقيقة المرض؛ فالمريض لا يتمكن من تحمل أعراض أو ألم المرض الأصلي فيجد أن الوسواس أهون قليلاً كالقلق المرضي مثلاً أو غيره. لذا اقترحت عليك أن تتواصلي بشكل جاد مع متخصص نفسي ماهر يعالج بالعلاج المعرفي السلوكي، فلهذا العلاج دور البطولة في التعامل مع الجزء الخاص بالأفكار والقناعات بجانب الدواء كمساند مهم، والأهم من كل هذا هو أنه سواء هذا أو ذاك فلكل علاج ناجع بإذن الله تعالى، لا تتأخري في طلب التواصل مع متخصص.