السلام عليكم وجزاكم الله خيرا؛
R03;
مشكلتي التي نتألم منها –ولا نزال- هي أنه كنا نسكن في إحدى القرى منشأ والدي الأصل حتى حدثت خلافات شديدة بين والدتي وجدتي (أم والدي) طالبت بعدها والدتي بالانتقال إلى سكن جديد ويعلم الله أن والدتي كان عندها حق لما عانته من سوء معاملة جدتي، ومع كثرة المشاكل والضغوط على والدي من جميع الأفراد اضطر لشراء قطعة أرض في إحدى البلاد المجاورة لبلدتنا ومن هنا كانت النقطة الفارقة حيث بدأت الديون تكثر على والدي وباع كل ما يملك (حتى أنه استدان من جميع خلق الله) هذه واحدة وأثر هذا على ملبسنا ومأكلنا ومشربنا نتيجة قلة المال والديون وكثرة المترددين على المنزل المطالبين بسداد الديون وغيرها من العواقب التي أثرت- ولا تزال- تؤثر على الحالة النفسية لي ولأخواتي وظللنا على هذه الحال حتى جاء وقت الانتقال للمسكن الجديد حتى بدأت المشاكل بين والدي ووالدتي وبدأ يتهمها بأنها سبب إبعاده عن أمه وأخذ يسبها بأفظع الألفاظ وبعد كل مشكلة ينخرط والدي في البكاء (بل ويلطم خديه في بعض الأحيان) وبدت عليه علامات كره المنزل بل إنه يتشوق إلى كل ما يخص سيرة قريته ووالدته وأخواته رغم أن أخواته هؤلاء هم أول من استغلوا ضيقه المادي حتى اشتروا ميراثه بأبخس الأثمان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وكانت المصيبة الكبرى وهي انتقال والدي إلى إدمان المشروبات الكحولية لا إدمانا أو كيفا كما يقولون بل هروبا من الواقع حتى بدأ الناس يتكلمون عليه في الشارع عندنا (بيت الجيران) وغيرها وغيرها من العواقب والمصائب التي توالت علي وعلى أخواتي البنات ولا ندري ماذا نفعل فما زالت المشكلة قائمه، ولعلم حضراتكم فجدتي قد هداها الله وأصبحت تعاملنا ووالدتي أفضل معامله ولكن بعد فوات الأوان فلم يعد لوالدي أي ميراث في القرية التي يعشقها وأعمامي (ما صدقوا) علما بأننا جميعا وأولهم والدي حاصلين على مؤهلات عليا ووظائف مرموقة ولكن والدي يغمض عينيه عن كل هذا ولا يعيش سوى في الماضي والميراث الضائع وقريته التي تركها وحنينه لأمه بصورة غريبة جدا جدا جدا رغم أنه يتجاوز الخمسين من عمره فماذا نفعل وشبح الماضي يطاردنا ووالدي ما زال على حالته ووالدتي صابرة حتى يأتي الله بالفرج والحمد لله رب العالمين على كل حل وجزاكم الله خيرا.
13/4/2011
رد المستشار
الحنين Nostalgia
من أقوى الغرائز عند كل المخلوقات، ما الذي يجعل الطيور تهاجر من الشمال للجنوب ثم تعود؟؟ ما الذي يجعل الطائر يعود لعشه مهما طار مبتعدا عنه؟ ما الذي يجعل المسافرين للعمل خارج البلاد يعودون رغم ظروف الرفاهية والنظافة والاحترام والراتب المرتفع، ما الذي يجعلهم يعودون إلى الزحام والتلوث والمياه المعكرة (قبل يناير 25 )؟؟
ما الذي يدعوهم لذلك كله؟؟ أنه الحنين يا صديقي، الحنين إلى الأم، تراب الوطن رغم أنه يخنق رئتي إلا أن الهواء النقي يؤلمني لو كنت بعيدا عن الوطن، الأمان الذي نشعر به في أحضان أمهاتنا، مهما ابتعدنا، إنه الأمان، الذي ينعدم بجواره أي إحساس آخر، إنه الحنين لحضن الأم، لحضن الوطن وترابه، إنه وجع يشابه أن تعانق الشوك أن تنتزع من أحضان أمك، إنك تشعر وقتها وكأنك طفل صغير باكي، ولن يشعرك شيئا بعدها بالأمان.
أتدري أن الإنسان يشعر أنه كبير فقط عندما يموت الأب أو الأم، لا تلم أباك على ضعفه..لقد انتزع انتزاعا من كل ما يشعره بالأمان مما تضائل بجانبه أي فرحة أخرى في الحياة، لم تعد الأموال ولا الأرض ولا نجاحك أنت وأخوتك يعني شيئا أمام خسارة الأم، لا تلمه إن بكى، لا تلمه إن تمنى الموت، ما الدنيا بعد خسارة الأم، بعد خسارة الوطن؟؟
والدك يعاني من اكتئاب حاد، وما إدمان الكحوليات إلا طريقته في تسكين ذلك الوجع، إنه طفل باكي لديه خمسين عاما ولا يجد من يشعره بالأمان، والمشكلة أن إدمان الكحول المزمن يؤدي إلى تفاقم الاكتئاب وقد يؤدي به إلى الانتحار، ولا أعتقد أن حالته ستتحسن إلا عندما يستعيد توازنه ويحل صراعه مع والدته وإخوته.
هو بلا جدال يحتاج إلى علاج نفسي، وربما إدخاله إلى مستشفى نفسي حتى يستعيد توازنه ويلملم شتاته ويرتب أوراقه.... لا تلم والدك يا أخي على ضعفه، فليس منا إلا هذا الرجل ولكن لكل منا امتحانه أو ابتلاؤه..... والسلام.