ثقل النوم والكآبة...
السلام عليكم ورحمة الله, أولا أريد أن أشكركم جزيل الشكر على هذا المعروف الذي تقدمونه للناس بالمجان فما أحوج الناس لمعرفة أمراضهم في زمان كثر فيه القلق والمؤثرات الخارجية، فلكم من الشكر أجزله ومن التقدير أوفره ومن الأجر إن شاء الله أكرمه وأزال كل شائبة من أعمالكم تشوب إخلاصكم, وطمأن الله نفوسكم، أود من حضرتكم أن تشخصوا حالتي إذا سمحتم: أشكوا من ثقل في النوم فربما أنام 10 ساعات أو أكثر وعندما أستيقظ أقوم مرهقا مكسّر العنق كأنني لم أنم إلا 4 ساعات, وعندما تدق ساعة المنبه وأفتح عيني لا أكاد أجد عزما في قلبي وجسدي كأنه مخدر وحتى إن قمت أبقى مرهقا اليوم كله في غالب الأحيان, وإذا سمعت ضوضاء أثناء نومي أستيقظ وربما لا أذوق النوم إلا بعد ساعة أو ساعتين وهذا يحدث لي إن نمت باكرا، وهذا مما يؤثر في ديني ودنياي.
وأعاني ربما من الكآبة فلا أجدني أحب أن أفعل شيئا وفي نفس الوقت لا أكره فعله, وقد يزيد من هذه الكآبة الفشل وقلة المال الذي به أقوم بهواياتي وأحب أن أحسن إلى الناس بالهدايا، أفتقد للحيوية والمتعة في الحياة وإذا سمعت خبرا سيئا كموت أحد أو مرضه مرضا خطيرا لا أتأثر من الداخل كبقية الناس هذا لا يعني أنني قاس, فلقد أتفهم ذلك ولكن أتعامل ببرود مع الموقف وأيضا قد لا أستشعر خطورة موقف ما أو عِظمه (مثلا قد تكون الامتحانات قد اقتربت وأنا غير مستعد لها فلا أستشعر بجدية الموقف بالرغم من علمي أنني قد أرسب إن لم أتحرك) أظن أنني بارد وعقلاني أكثر من كوني عاطفيا, على الأقل هذا يمنعني من فقدان صوابي خلاف كثير من الناس وهذا ايجابي جدا ههههها.
لا أتذكر إنجازاتي أو ذكرياتي الجيدة والجميلة وأتذكر دائما المواقف السيئة بالرغم من أن الناس قد نسوها تماما بعد مرور 5 أو حتى 10 سنين فأنا حساس في المواقف الاجتماعية وفي بعض الأحيان وذلك قليل ولله الحمد عندما أتذكر موقفا محرجا (على الأقل بالنسبة لي) أحس بحرقة وضيق في صدري كأنني أؤنب ضميري وقد أرفع صوتي فجأة بلا وعي (لا أصرخ ولكن إذا كنت أقرأ كتابا مثلا بصوت منخفض، الكلمة التي تزامن الخاطرة أقولها بصوت أعلى) أو أحرك ملامح وجهي كأن عقلي يريد أن يلهي نفسه لكي لا يتعمق في الخاطرة، ولدي تأنيب للضمير بعد تضييعي مثلا لصلاة الصبح أو عدم إنجاز شيء ذي بال في السنوات الماضية.
وقد تمر علي أيام بدون أن أشعر بالسعادة برغم أنني مفضل على كثير من الناس بذكائي وحسن فهمي وملاحظاتي الجيدة ولي مواهب كثيرة وسمعتي حسنة بين الناس وقد آتاني الله وقارا وسمتا حسنا ومع ذلك فإنني أشعر أنني لا أستحق أن يحبني الناس مع أنني بشوش ومرح مع من أعرف وأفكاري مثيرة أيضا لذلك أستغرب إذا سمعت أن أحدا يحبني أو يشتاق إلي وأتأثر في نفس الوقت, وكأنني أعتقد أني لست أهلا للمحبة أو أن يشتاق لي إنسان.
نشأت في أسرة غير مستقرة عاطفيا لكون أبي قاسيا لا يهمه إلا المال، وقد تزوج أمي صغيرة ولم يعاشرها معاشرة طيبة، دائم الانتقاد لنا حتى بعد أن أصبحنا كبارا، كل أخوتي تقريبا وأنا أصغرهم ليس لديهم ثقة بأنفسهم والكل كان مشغولا بنفسه ونتج عن ذلك غياب التلاحم في الأسرة، كنت متفوقا في دراستي منذ صغري ومرتبتي بين الثاني والأول في المدرسة كلها، ولكن تدهورت دراستي في سن المراهقة ولم أستطع إكمال الثانوية، لا أذكر أنني كنت أتلقى تشجيعا من أهلي ولا امتيازا لتفوقي في البيت، وكنت أعاني من مضايقات زملائي الأشقياء لأنني كنت مهذبا ولطيفا لا أحب العنف، وإذا تعرضت للعنف لم يكن أهلي ينتصرون لي ولعدم اهتمامي أبي بتلك المسائل.
لما بلغت الإعدادية تكوّن عندي رهاب اجتماعي غير حاد ولا زال عندي فأنا أحس بالضيق في الأماكن المزدحمة وأشعر أن الناس يراقبونني مع علمي بأن هذا الشعور ليس بمنطقي، لو حصل خطأ في موقف ما أول المتهمين هي نفسي، لدي ضعف طفيف في ثقتي بنفسي وعندما أعمل عملا مع شخص لا يثق فيَ تتأثر قدراتي بانتقاده، أنظر لمستقبلي نظرة ضبابية ومشوشة ويقلقني وضعي الاجتماعي في المستقبل، كيف سأكون هل فقير ينظر الناس إلي بشفقة أو غني، وماذا سأفعل لأصير غنيا وفي نفس الوقت مبادئي لا تسمح لي بالحرام أو خداع الناس، هل سأكون مثقفا راقيا وهل سأستطيع أن أستمر في الدراسة (التي عزمت على الرجوع إليها لكي أستثمر طاقتي الفكرية الهائلة) لا أعلم ماذا يجب أن أفعل كمهنة مع أن مواهبي كثيرة كما ذكرت وعدم ثقتي بنفسي تبدد قدراتي ومواهبي.
عندي شيء من عدم الرضى عن جسدي كوني نحيفا وكأنني أرى أن الجمال والوسامة هي رفعة المرء، ولا أتذكر اللحظات السعيدة في طفولتي، تدينت لله الحمد قبل سن 18 فكان تحولا كبيرا في حياتي وجنبني مهالك كثيرة وجهالات ووساوس ولله الحمد وحده، لذلك أعتقد أنني أقوى مما أظن وأجد نفسي اتجاه مشاكل الحياة أكثر صلابة ممن هم أكبر مني، ولدي حكمة في التعامل مع الأمور حتى أن أصحاب 40 سنة من معارفي يشاورونني ويأخذون برأيي، ليس لدي وساوس أو وأخيرا, ليست عندي مشكلة طعام فالحمد لله شهيتي طبيعية وأنا نحيف نوعا ما فطولي 190سم ووزني 73 كلغ، ومهما أكلت لا يزيد وزني مع أني أريد أن يزداد وزني، وأظن أن ثقل النوم والإرهاق هو المهم لأنه يقض مضجعي فانه يضعف همتي ويبعدني عن طريق النجاح، وأيضا الإحساس بالذنب مع نفسي والضيق مع الناس، وأنا أعي تماما هذه النقاط التي ذكَرتُ آنفا ولكن قوة التفكير وحدها لا تفي بالغرض أعتقد, فلعل هناك أدوية نافعة فجزاكم الله وأجزل لكم العطاء في الدنيا والآخرة. وآسف جدا جدا على الإطالة. وأسألكم الدعاء. دمتم في حفظ الله مع حبي وتقديري.
28/04/2011
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة الأخ "بن آدم" حفظك الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكراً لشكرك! ولصراحتك في عرض مشكلة تعاني منها في حياتك اليومية. لقد أسهبتَ في وصف حالة من حالات الكآبة النفسية والتي نشاهدها في كل يوم. فمن ثِقَل بالنوم، إلى النوم الخفيف، إلى الإرهاق الدائم، ثم الشعور بالكآبة، تذكّر المواقف السيئة ولو كانت قديمة، إلى اتهام المحيطين بكونهم السبب في كل ما يعتريك... كل هذه عوارض للكآبة النفسية والمرض واضح، وعندها العلاج يصبح أوضح.
أما بالنسبة للرُهاب الاجتماعي منذ الإعدادية، والشعور بالضيق في الأماكن المزدحمة فهذه عوارض لعُصاب الرُهاب وهو من الأمراض العُصابية والتي تحتاج إلى نوعين من العلاج:
1- العلاج بالعقاقير المهدئة الخفيفة
2- العلاج النفسي بتذكر قول الإمام علي عليه السلام: "إذا خفتَ من شيء فقع فيه"
أما الكآبة النفسية؛ فعلاجها أيضاً بطريقتين:
1- أدوية الكآبة النفسية، ولا نفضل هنا أن نكتب لك اسم دواء لكي لا تقوم بمعالجة نفسك بنفسك، بل ننصح بأن تذهب إلى طبيب نفساني أخصائي، وتشرح له ما ينتابك، ونطمئنك بأنه يوجد العديد من العقاقير في هذا العصر، تعطي فعالية كبيرة في هذا المجال.
2- العلاج النفسي، ومختصره أن تنظر إلى كمية العطايا التي خصك بها الله سبحانه، لا إلى ما ينقصك، فتجد أنه إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها، بدؤها بذكائك الحاد، ومستواك العلمي، ومستوى الإيمان، وانتهاءً بالحالة المادية المعقولة التي تتمتع بها.
لك منا أفضل التمنيات بالنجاح والسعادة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ويضيف د. وائل أبو هندي ضيفنا الفاضل "بن آدم" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على شكرك مثلما قدم أخي الفاضل ابن كسروان .... اخترت تصنيف استشارتك هذه كما ترى : اكتئاب مضاعف Double Depression ويقصد به الاكتئابُ الشديد Major Depression الحادث على خلفية من اكتئابٍ قديمٍ خفيف مزمن نسميه عسر المزاج Dysthymia ... وذلك لأنني تشكل لدي هكذا انطباع.... والله تعالى أعلى وأعلم.
حقيقة تميزت بالرشاقة في سردك مشكلتك يا "بن آدم".... ثم رد عليك د. قاسم برشاقته المعهودة .... وليس لدي بعد الترحيب سوى بعض الروابط التي فيها ما رمى إليه مجيبك وما أرمي إليه عن علاج الرهاب واحتياطات الأمان Safety Behaviors وحلقات الإدامة Maintenance Cycles وعن فخ الصورة وعدم الرضا عن الجسد وعن علاج الاكتئاب ..... فاقرأ على مجانين:
إذا هبت أمرًا فقع فيه !
مدرس وألوذ بالصمت: احتياطات الأمان!
الرهاب الاجتماعي حلقات الإدامة والعلاج
كلنا في فخ الصورة : توهم النحافة !
النحافة صفة قد لا تكون مرضاً
نحيف مرة... أهلا بك في مجانين
توهم النحافة والكي والحرج
لعلاج الاكتئاب: برنامج بديل
علاج الاكتئاب المعرفي : فتح الكلام :
العلاج المعرفي للاكتئاب قد لا يكفي
بما أنك تسأل، أذن أنت موجود
وأهلا وسهلا بك دائما معنا على مجانين.
ويتبع >>>>>: حالة اكتئاب كالتي في الكتاب م