مشكلتي هي الرجال ديني وقلبي وأسرتي
أولا: شكرا جزيلا على الاهتمام أستاذ يوسف، ولقد انتظرت هذا الرد لأكثر من شهر لدرجة أنني اعتقدت أن الرد لن يأتي أبداً، مقدرة أن عدد المشكلات لديكم كبير ولكن أرجو ألا تتركوني أنتظر شهرا آخر إذا سمحتم.
ثانيا: اعتقدت أنني غطيت جميع جوانب مشكلتي ولم أظن أن هناك أشياء قد تحتاج لتفسير ولكني أرحب بأسئلتك هذه فهي تدل على أنك أعطيت الأمر اهتماماً حقيقياً ولندخل في المهم: بالنسبة لتعامل والدتي مع حادثة سن الرابعة فهي لم تؤثر في سلباً، لأنها لا تذكرها أساساً، ما قلته إنها ذكرتها مرة وحيدة ، كان والدي يرغب في أن نعيش في هذا المنزل الذي تعرضت لهذه الحادثة بجواره وعندما أصر على ذلك ذكرته أمي بذلك قائلة (ألا تذكر ما أصاب ابنتك هناك؟) فقال لها (كانت وقتها طفلة) فقالت له (فما بالك وهي كبيرة)، ذكرت الحادثة عرضا ولم تتعمد ذكرها أمامي ولكن المشكلة أنني عندما ذكرتها هي تذكرتها أنا بعدما كنت قد نسيتها تماما.
ولكني قد تذكرت شيئا آخر من حديثك عن تعامل أمي مع مثل هذه الأمور، أذكر في مرة من المرات كنت في الثامنة تقريبا أنها طلبت مني أن أشتري لها شيئا وأخذت أبحث عنه وكانت الحرارة مرتفعة ذلك اليوم فعدت دون أن أشتريه ولكي لا تطلب مني أن أبحث ثانية استعملت حيلة طفولية فبكيت وقلت (أصبت بضربة شمس ولن أخرج ثانيةً) رأيت تغيرا في ملامحها وقالت (المسألة ليست ضربة شمس ولكن هل ضايقك احد؟) لا أعرف لماذا أقول هذا الآن، ولكن في وقتها عرفت إنها قد تلمح لإساءة جنسية ما، وقتها لم أربط بين ما حدث في صغري وبين كلامها لأني لم أكن أذكر الحادثة في الأساس ولكن الآن أستطيع ربطها، ربما كانت تخشى من تكرر الأمر. حتى وأنا في المدرسة الابتدائية، كانت تطلب مني ألا ألعب مع الفتية وألا أبقى وحدي في الفصل، بل ألا أبقى وحدي في الفصل مع زميل لي أو مع معلمي، وحينها كنت أعرف أنا تخاف علي من إساءة ما.
للعلم أمي لا تحدثني مطلقا في ما يتعلق بهذه الأمور، أنا لم أعلم شيئا عن غشاء البكارة مثلا إلا وأنا كبيرة نسبيا وفي المدرسة من أحدى المعلمات، مع أنني كان يمكن أن أضر نفسي عن جهالة ولكنها لم تتكلم معي مطلقا في أي شيء.
بالنسبة لتجربة بنت الثانية عشر كما سميتها أنت، والتي قلت حرفيا إنها تعتبر طبيعية في بعض الأحيان ،فهي ليست طبيعية بالنسبة لي مطلقا، بل إن أثرها أشد علي من الحادثة الأولى، فذاكرتها أقوى، كما إن ملامسة هذا الكلب لهذا الجزء مني أشبه بالنسبة لي بالاغتصاب، فقد أخذ شيئا عنوة دون إرادة مني، أتذكر هذه اليد التي كانت تتحرك علي..... وكأنها تريد أن تمزقه وتأخذ منه أقصى شهوة في وقت سريع، أفكر فيما أخذه من شهوة من هذا الفعل وأشعر بأحاسيس سيئة لا أستطيع أن أوضحها.
أما عن لوم الذات فأنا لا ألوم نفسي كثيراً على هذه الحادثة أعرف أنني لم أذنب في شيء ولم أشعر وقتها بأي لذة بالعكس أحسست وكأن روحي تسحب مني ولم يكن هذا إحساساً جميلاً بالطبع، لست مذنبة ولكن كنت أتمنى لو كان رد فعلي مختلفا ولا علاقة للأمر بإحساس الاغتراب، تفسيري الشخصي لحالة الاغتراب هي الصدام بين قيمي وقيم الناس، تلك القيم التي أسميها قيم الخامسة عشرة (الفضيلة – الحرية – الصدق – الأمانة – الحق.. إلخ) حيث لا وجود للون الرمادي إما أسود أو أبيض وهي قيم سليمة لم يلوثها شيء ولكن الناس لا تتعامل بها فهناك ألوان كثيرة بين الأبيض والأسود ولذلك أشعر أن قيمي ومبادئي مختلفة ومن حولي يرون ذلك إذ يرونني فتاة تعيش في وقت ليس وقتها، أعتقد أنني حالما اندمج في هذا العالم أكثر ستتشوه معاييري وقيمي أنا أيضا ولن أجد مشكلة في رؤية اللون الرمادي ووقتها لن أشعر بهذا الاغتراب.
نعم لقد أسقطت الرجل من حساباتي، أنا فقط أرفض أن يكون الرجل هو محور حياتي مثل بقية الفتيات ولكن ببساطة أعتبره حادثاُ عارضاُ، قد يحدث وأنا أسير في طريقي ومستقبلي أن أجد رجلاً مناسباً كما أريد ووقتها سأرتبط به (وأغلب الظن لن أجده)، وإن لم أجد فهذه ليست مشكلة أبداً فالحادث العارض لم يحدث وليس مهما أن يحدث، أما عن رغباتي كأنثى فهي ليست أولى اهتماماتي فقبل أن أكون أنثى أنا إنسان وهناك ما هو هام بالنسبة للبشر أكثر من الاهتمام بالناحية العاطفية والعلاقة بين رجل وامرأة، هل تقول إن هذا ليس حقيقياً؟؟ أنا لا أكره الرجال في المطلق، هناك إنسان سيئ وإنسان جيد وقد يكون جنسه ذكرا أو أنثى، أكره بعض تصرفات الرجال وأكره نظرة الناس للفتاة التي لم تتزوج وكأن هناك نقصاً لم تكمله، أو أن أهلها ينتظرون يوم زواجها، ما النصر أو العظمة في ذلك؟، لماذا لا يرون شخصها وإنها كافية بذاتها فإذا تزوجت أضافت لنفسها الأسرة.
لنتحدث عن النقطة التالية، أمي وكلامها، نعم يلعب في حياتي دوراً كبيراً فأنا أرجع كرهي لأفعال الرجال لكلامها في البداية عن أبي ومشاكلها معه لقد صارحتها لأكثر من مرة (أنا لا أريد أن أعرف شيئا عن علاقتك بأبي أرجو ألا تخبريني شيئا) ولكنها لا تجد غيري واضطر أن أسمعها لأني أخشى من أن يرتفع عندها السكر والضغط بسببي، أعرف أنهما زوجان ومن الطبيعي أن يكون بينهما مشكلات ولكن كلامها دائما يحمل الندم لقد تزوجت رجلاً يكبرها بعشرين عاماً وقد تزوج قبلها ثلاثاً، تقول إنها تزوجته لأنه رجل متدين وأنه سيربي أولادهما على الدين وأنها كانت تعتقد أنه تزوج واحدة فقط قبلها وبالطبع اكتشفت بعد الزواج أن كل هذا لم يكن صحيحاً؛
قالت له كثيراً إنها تريد أن تنفصل عنه أو بالأصح تطلق منه وفي النهاية يهدئ أبي غضبها وتسكت، تتحجج بي وبإخوتي من قبلي بل قالتها مسبقا أنني السبب في بقائها معه وكأن الذنب ذنبي، حتى استفزني أسلوبها في إحدى المرات فقلتها صريحة (إن كنت تريدين الطلاق فافعلي فأنا لم أعد طفلة ولا تهمني نظرة المجتمع لي بان أمي مطلقة) فقالت (وأين أذهب؟ أخي لن يقبل بقائي عنده) وتفاجئني بحقيقة جديدة هي أنها لا تستطيع أن تتركه لأنها لن تجد مكانا أو مالا لتعيش منه، وهي مضطرة، اضطرت مسبقا بسبب أولادها ثم بسبب عجزها وقلة حيلتها وكم أكره ضعف المرأة وأصر على أنها ليست ضعيفة، فأنا لست ضعيفة ، وربما كان هذا هو السبب الذي يجعلني متمسكة بحياتي المهنية بل ورغبتي في أن أعمل حتى أشتري شقة في أي مكان وبأي حجم، أريد أن أكون حرة ولن أكون عبدة لأحد بسبب المال ولن أكون (عالة) على أب أو أخ أو زوج.
أما رغبتي المتناقضة في أن أكون رجلاً، نعم أنا متناقضة، تقول إنني لا أريد الرجل كجزء مكمل لي لقضاء رغباتي ولكم ضايقني هذا المصطلح جداً والحقيقة أنني أرفض أن أكون أنا الجزء المكمل لقضاء رغبات رجل، تخيلت نفسي أكثر من مرة رجلاً، وكنت أتخيل كل شيء وأنا رجل كان في بداية حياته امرأة.. لم أتخيل أنني ولدت رجلاً ولكن تخيلت أنني بشخصيتي الحالية أتحول إلى رجل، وأعرف تمام المعرفة أنني سأكون رجلاً أفضل من الرجال الأصليين ربما لأنني أفهم المرأة، أو ربما كنت أشعر بأنني إذا كنت رجلا فلن يتحكم رجل بي، أي أكون أنا القوي فلا يستطيع أحد أن يتسلط علي وبهذه الطريقة تحل المشكلة.
أما رغبتي في أن أرى الرجل في وضع يفقده رجولته... ربما كان هذا صحيحاً نسبياً، فعندما كنت أشاهد مشاهد الشذوذ تلك (أحاول أن أقمع هذه الرغبة الآن) كانت أنظاري تلتفت دائما للمفعول به وليس الفاعل إلا إذا كانت أفعاله أنثوية وإن كانوا دائماً أصحاب مظهر رجولي قوي، أو ربما أنا أكره أن أرى امرأة في وضع تكون فيه أداة لرجل ليأخذ شهوته فتكون كالبهيمة، والمرأة تمثلني فاستعضت عن المرأة برجل آخر فأرى الرجلين في علاقتهما على قدم المساواة، ربما، ولكنني لا أنكر أيضاً أنه بعيداً عن كل هذه الأعذار والتفسيرات النفسية، فإن هذه المشاهد تثيرني، ربما أنا لست سوية ولكنني أحب أن أرى الرجل في الوضعين، ربما هذا هو أسوأ جانب في شخصيتي، والأسوأ أن هذه المشاهد تتكرر في الأفلام بصور مختلفة فتذكرني مرة أخرى كلما حاولت الابتعاد، أرجوك لا تعط الأمر تفسيرات نفسية لأني أعرف أنني على خطأ، إما أن تقول لي كيف أتخلص من هذا أو أن تلعنني وتقول أنني مذنبة. هل أفكر بطريقة كارثية؟؟ لا، ليس في المطلق،
أما موضوع الزواج والإنجاب أستطيع شرحه لك وإن كان الأمر معقداً سأحاول ترتيب أفكاري:
أولا: الزواج، يجب أن أوضح أنني لست ضد فكرة الزواج بل أنا من أشد مؤيديها وفي أي عمر، حتى إذا تزوجت امرأة في الـ60 أوالـ70 ووصمها المجتمع بذلك أدافع عنها لأنه حقها.
ثانيا: أنا فتاة متدينة، لا أخالط الرجال إلا في حدود العمل وبالطبع لن أسمح لنفسي بأن تكون لي علاقة بشاب ما، دائما أقول الحب ليس حراماً لأنه إحساس ولكن الأفعال المصاحبة له هي الحرام ولكي لا أقع في الحرام لن أقرب الشجرة. إذا لن يتسنى لي أن أعرف رجلاً عن قرب وسأضطر لأن أتزوج زواج الصالونات وهنا المشكلة، لن أجازف بالزواج من رجل قد يبدو جيدا في البداية وينقلب بعدها سيئاً، (خصوصا أنني لا أثق بأي رجل بل إذا أحسست أن هناك شخصاً قد يكون جيداً أبدأ أفكر في جميع النواحي حتى أخرج بأنه سيئ في شيء ما وكأنني أصر على أن أشوه صورهم جميعاً)، هل مطلوب مني أن أغامر هذه المغامرة؟ ولماذا أفعلها ما دمت أستطيع العيش بدون (وجع قلب)؟.
ثالثا: أخشى حتى من إعجاب الرجال بي، فإذا أحسست برجل يعجب بي سواء شكلاً أو موضوعاً وأسمع لهجته تتحول للهجة رقيقة أتحول أنا لشخصية حادةً صارمة، بل يخيل إلي أنني قد أنقض عليه كذئب وآكله بأسناني.
رابعاً: شيء آخر يبعدني بقوة عن فكرة الزواج (لا أريد أن أفقد عذريتي) ولماذا أفقدها؟؟ وبسبب من؟؟ أعرف أنه سيكون زوجي وهذا حق له ولكني أكره الفكرة وبشكل أكثر صراحة أكره أن أكون تحت طلب رجل يفعل بي ما يريد، هل من الصعب أن أبقى كما أنا حتى الممات؟؟ هل هي مصيبة أن أرغب في الاحتفاظ ببراءتي لأطول فترة ممكنة؟ ربما أفكر أحياناً في حياة هادئة بجوار رجل أشعر معه أنني أقوى ويحميني و أشعر بالدفء والهدوء النفسي، ثم أعود وأقرر أنني لن أخضع، لقد قمت بالمفاضلة واخترت.
خامسا: يزعجني جدا أن يطلب شخص الزواج بي ولا أشعر بأي سعادة أو فرح، بل إنني أشعر بالخوف أحيانا، لا أريد أن أترك بيتي ولا أتخيل أن يغلق علي باب مع رجل، أو أنني سأكون مضطرة لقضاء كل سنين عمري مع شخص لا علاقة له بي سوى أنه كتب معي عقداً (أعرف أنها علاقة قوية وميثاق غليظ ولكن يظل إحساسي بأنه رجل غريب لا تربطني به صلة قائماً)، هذا ليس جيداً أبداً، أفضل العيش وحيدة على ذلك.
أصبحت المشكلة تتفاقم معي أيضاً فمع اقتناعي بأن الزواج شرع الله وسنة سيد الخلق أجمعين (ومن رغب عن سنته فليس منه) إلا أن نظرتي لأي متزوج سواء امرأة أو رجل اختلفت، وكأنني أصمهم بهذا الفعل، وأرى أن من لم يتزوجوا أشخاص أنقى وأطهر، أنا من يشهد لي الجميع برجاحة العقل، أفكر بهذه الطريقة السخيفة التي ليس لها علاقة بأي عقل أو دين، ولكن حالما أعود لعقلي أرفض هذه الأفكار الطارئة.
بالنسبة للإنجاب:
1- لكي أنجب يجب أن أمارس علاقة لا أريدها.
2- سيكون لي أولاد، وسيصبحون نقطة ضعف ولن أسمح بأن تكون لي نقطة ضعف، لا أريد أن يتعلق برقبتي أحد وهذه حرية شخصية.
3- حتى إذا أنجبت كيف أربي أطفالي في هذه الدنيا؟ هل أستطيع أن أربي أفراداً صالحين في مجتمع لا أرضى عنه وأراه مليئاً بالفساد والظلم والجهل و... و... و... و... ؟؟؟ هل أستطيع أن أمنع عن أطفالي أن يشاهدوا ويعرفوا أشياء أكبر من سنهم؟؟
هل أنا -نفسياً- صالحة بما فيه الكفاية لأكون أماً؟؟ لدي قانون (لكي نربي أبناءنا يجب أن نربي أنفسنا أولاً) وأنا لم أرب نفسي بعد. هل ترى أني أبالغ في إحساسي وأعمل من الحبة قبة الآن؟؟؟؟ ربما أكون كذلك وربما لا، أم أن قيمي مشوهة؟؟
أحياناً أشعر بأنني أشبه بدكتور جيكل ومستر هايد ولكن لدي العديد من مستر هايد، أعرف أن الأمر لن يسبب مشكلة لأنه في حيز الإدراك وليس في حيز اللاوعي، لكن أتعرف عندما يتشاجر بعض الأشخاص في منزل فيصرخون ويكسرون؟؟
إنهم يسببون الأذى للمنزل وتتهدم حوائطه وهو لا يعلم من يحارب من، ولا يعلم السبب، أنا هذا المنزل وبداخلي من يتصارع وأنا لا أعرف من يصارع من؟ ولا لماذا؟ ولا أستطيع أن أضع حدا للصراع، أنا متعبة فعلا، أنا في شدة الإرهاق النفسي.
أتمنى أحيانا أن أفقد القدرة على الكلام فلا أؤذي أحدا، وأحيانا أتمنى أن أفقد بصري فلا أرى أي شيء، أحياناً أريد أن أفقد القدرة على السمع لأعيش في هدوء. أعتقد أنني أوضحت كل شيء وبمنتهى الصراحة بل بمنتهى الجرأة لأنني فعلاً بحاجة للمساعدة، وأعتذر عن بعض ألفاظي ربما لا أجيد الانتقاء أحياناً ولكنني حاولت قدر المستطاع،
أرجو أن أجد عندك رداً، لا أعرف ماذا أريد تحديداً، ربما أريد تفسيراً لأفكاري ولا أريد منك تغييرها، حقا لا أعلم، أنا خائفة جداً، دوما انا خائفة أرجوك ساعدني، وأياً كان ردك أرجو ألا يتأخر.. أرجوو ووووووك.
28/04/2011
رد المستشار
الأخت الفاضلة، مع شديد الاعتذار للتأخر القسري في الرد بسبب السفر الاضطراري، فكم يبدو فعلاً الخوف جاثم أمام كل كلمة نطقتي بها، وسأحاول قدر الإمكان أن أرفق تفسيراً أو إرشاداً ما أمكن ذلك من خلال الرد.
كم يبدو جلياً تأثرك بشخصية أمك، وكم يبدو واضحاً أثر كل كلمة سمعتها من قبل أمك، خصوصاً عن والدك، وكيف حفرت هذه الكلمات في أفكارك معالماً واضحة، ففي بعض الأوصاف رأيت ما تكتبيه عن نفسك وأفكارك، هو نفس ما وصفتِ سابقاً أنكِ كنتِ تسمعينه من شكوى أمكِ، فلاحظِي كلامك "أريد أن أكون حرة ولن أكون عبدة لأحد بسبب المال ولن أكون (عالة) على أب أو أخ أو زوج" وكأن الزواج هو فقط ما كانت تتحدث عنه أمك من سلب لحريتها، واضطرارها للعيش قسراً بسبب الحاجة فلا مكان أخر تذهب إليه، "أو أنني سأكون مضطرة لقضاء كل سنين عمري مع شخص لا علاقة له بى سوى أنه كتب معي عقدا" وكأن ما يقال هنا أنك متأكدة أن شريك حياتك –إذا قدر الله لك الزواج قريباً- سيكون بالضرورة كما كان والدك مع أمك، "سيكون لي أولاد، وسيصبحون نقطة ضعف ولن أسمح بأن تكون لي نقطة ضعف، لا أريد أن يتعلق برقبتي أحد وهذه حرية شخصية" وكأنك تصرين على أن تجعلي تجربة أمك وكلامها الذي قيل لك حول أنها لولاكم، ولولاكِ أنتِ تحديداً لكانت تركت البيت، فكان أن تكونت لديكِ فكرة بأن الأولاد قد يكونون نقطة الضعف، كم يبدو واضحاً تبنيكِ لكثير مما قالته أمكِ، ولكل ما شكت منه أمكِ، فهل أصبحتِ ترين العالم بعيون أمكِ؟؟
أم ما ترينه هو الضعف، وهذا الضعف هو ما يتعلق بالأنثى؟
وأعود لأذكركِ بما قلتِ "أرجع كرهي لأفعال الرجال لكلامها في البداية عن أبى ومشاكلها معه لقد صارحتها لأكثر من مرة (أنا لا أريد أن أعرف شيئا عن علاقتك بأبي ارجو ألا تخبريني شيئا)"
فكم يصبح الأمر صعباً حين يسجننا أحد ما في وجهة نظره فلا نرى العالم إلا من قضبان عينيه، فلو كان من الواجب التحرر، فالأولى أن نتحرر من هذا السجن الناعم الذي فرضته علينا نظرة أحدهم للحياة وظروفها، لذلك أدعوكِ لتحرري نفسكِ من نظرة أمكِ للحياة وتجربتها قبل أن تتحرري من قيد الرجال ونفوذهم كما تتصورين الأمر بشكل أو بآخر.
وهذا صميم خوفك الذي لا مبرر له إلا أنك محجوزة في نظرة أمك للحياة، ولا ترين العالم إلا من خلال تجربة أمك وخبرتها (وسأضطر لأن أتزوج زواج الصالونات وهنا المشكلة، لن أجازف بالزواج من رجل قد يبدو جيدا في البداية وينقلب بعدها سيئاً، خصوصاً أنني لا أثق بأي رجل بل إذا أحسست أن هناك شخصا قد يكون جيداً أبدأ أفكر في جميع النواحي حتى أخرج بأنه سيئ في شيء ما وكأنني أصر على أن أشوه صورهم جميعا).
أما فيما ووصفتِ في النص "ملامسة هذا الكلب لهذا الجزء مني أشبه بالنسبة لي بالاغتصاب، فقد أخذ شيئاً عنوة دون إرادةٍ مني، أتذكر هذه اليد التي كانت تتحرك عليّ.... وكأنها تريد أن تمزقه وتأخذ منه أقصى شهوة في وقت سريع، أفكر فيما أخذه من شهوة من هذا الفعل وأشعر بأحاسيس سيئة لا أستطيع أن أوضحها" فيبدو أنكِ ما زلتِ تعانين من مشاعر متضاربة وعنيفة بسبب هذه التجربة، حتى وصفك للتجربة يدل على مقدار أثرها فيكِ، فهل تتحرك فيكِ عقدة الذنب؟ لكن لحظة! ألم تكوني أنتِ ضحية لفعل طائش؟ لو كان عندك أدنى معرفة بالأمر لما ذهبت لذاك المكان من الأصل، فمن منا يعلم الغيب؟
ثم، ألم تتصرفي بشكل ما كما يتصرف غالبية من يتعرضون لبعض المواقف، وقلنا سابقاً هذا الموقف ليس بالعادي الذي تكون به ردود فعل جاهزة، فهو ليس متوقعاً، وإن كنا اليوم نعرف ما هي ردة الفعل التي كان من الممكن فعلها، فهذا بسبب أننا تعلمنا من تلك التجربة، ونضجنا، فهل سنبقى نقسو على بنت الثانية عشرة؟ ألم يكفها أنها تعرضت لما تعرضت له، أم يجب أن نلومها؟ لقد تصرفت بالموقف بما كانت مستعدة للتصرف به، والآن فهي أكثر نضجاً، وإن كانت تذكر الحادثة، فهذه الحادثة انتهت وما تشعره من مشاعر سلبية هو تراكم الكثير من المشاعر بعد تلك الحادثة التي انتهت، فالحادثة فعلاً قد انتهت، لكننا نفكر فيها وما زلنا نعيش مشاعر تلك اللحظة وتراكم المشاعر السلبية لطول سنوات من اللوم والحزن والغضب بسبب تلك اللحظة حتى الآن، أنتِ في أمان الآن، لم يعد لأحد القدرة على أن يمسسك أو أن يستغلك، لم تعودي بنت الثانية عشرة.
وتقولين أيضا ً"الاغتراب هي الصدام بين قيمي وقيم الناس، تلك القيم التي أسميها قيم الخامسة عشرة (الفضيلة – الحرية – الصدق – الأمانة – الحق.. إلخ) حيث لا وجود للون الرمادي إما أسود أو أبيض وهي قيم سليمة لم يلوثها شيء ولكن الناس لا تتعامل بها".
الحياة كما هي، لا كما نريد، والناس كما هم، لا كما نريد، ونحن لسنا محور العالم، نحن أحد الناس الذين سيمرون في هذا العالم مع الكثيرين غيرهم، وحتى لو كنتِ تؤمنين أنه لا حلول وسطى، ولا مناطق وسطى، فإما أبيض أو أسود، فهذا معناه على الأقل أن هنالك أبيض، هنالك أهل الخير، وهنالك الطيبون، تذكري أختي، على الأقل كنتِ أنتِ من يؤمن بهذه القيم، فكيف من الممكن أن نحكم بأنه لا أحد يؤمن بها؟؟
وتقولين "(لا أريد أن أفقد عذريتي) ولماذا أفقدها؟؟ وبسبب من؟؟"، "هل هي مصيبة أن أرغب في الاحتفاظ ببراءتي لأطول فترة ممكنة؟" فما علاقة البراءة بالعذرية؟ فهل كل من تزوجت فقدت براءتها؟
فإن كان قدر الله لنا أننا في كل مرحلة ينضج بنا حاجة، فمن الرضاعة للوليد، حتى الأكل والشرب للطفل كحاجة للحفاظ على الحياة، ثم اللعب كحاجة لبناء الذات والتعلم، ثم العاطفة كحاجة للإتلاف والتجمع واستمرار الحياة، فهل سألتِ نفسكِ مرة أخرى ما بالنا نضع البراءة والعذرية ضدين؟
أما عن الميل لمشاهدة الرجال في أوضاع جنسية، فأعتذر عن إجابة قد تكون مسطحة لخصوصية الموضوع ودقته، ولكن أفضل أن تتواصلي مع اختصاصي بشكل مباشر للقدرة على تحديد وتشخيص هذه المشكلة بدقة.
وتذكري ما قلتِ "أنا لا أكره الرجال في المطلق"، وحتى لو كرهنا أمراً ما لأي سبب فقد يكون هنالك مائة سبب ليحب هذا الأمر غيرنا، وهذا لا يعيب الناس الذين ينتظرون زواج ابنتهم، فهي من العادات الدارجة، ومهما كان الاعتراض على هذه العادات فهي جزء من حياة كثير من الناس، فكما يبدو لنا مساحة من الحرية لنعترض فلهم بالتأكيد المساحة من الحرية ليقبلوا ويحبوا عاداتهم.
الأخت الفاضلة، أرجو من الله العلي القدير لكِ أتم الصحة والعافية، وتذكري أن ما نقوم به هو التواصل على صفحات الورق، وهذا ما قد يجعل التواصل نصف تواصل، ولكن صدقيني أنه من المفيد مراجعة اختصاصي بالمجال بشكل مباشر، فقد يكون ذلك الأفضل للتعامل مع كثير من تفاصيل مشكلتك، رغم استعدادنا دائماً لتلبية طلبك بالمشورة، ونشجعك مرة أخرى ألا تترددي بالكتابة لنا في أي وقت، فالشبكة العربية للعلوم النفسية، ملاذ آمن، وبيت متخصص وأمين لتقديم الاستشارات، ونهاية وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى، ولك منا خالص الدعاء.
ويتبع >>>>>>>>>: مشكلتي هي الرجال ديني وقلبي وأسرتي..م1
التعليق: أشكرك جزيل الشكر على الرد وأعتقد أنه وضح أشياء كنت أحاول أن أتجنب التفكير فيها , وأجدها متمثلة أمامى الآن.
بالنسبة لمشكلة مشاهد الرجال تلك أعتقد إننى أنهيتها تماما ,, وأعتقد أن لدى القدرة على أن أتحرر من منظار والدتى وأن أحاول أن أرى الدنيا بعيونى أنا وبشكل أكثر تفاؤلا ,, سأحاول.
شكرا لك مرة أخرى وجزاك الله كل الخير.