اكتئاب دوري أم مقابل وسواسي؟
السلام عليكم؛
أتمنى أن تصل رسالتي هذه لكل مكتئب لعلها تغير شيئاً في حياة أحد ما. أكتب الآن وأنا في غاية السعادة على مرور 9 أيام دون إصابتي بأي نوبة اكتئاب وأتمنى أن يأخذ الجميع نصائحي على محمل الجد.
كتبت إليكم من قبل في موقع مجانين وتم تشخيصي كاكتئاب ثناقطبي وتفاعلي وجسيم الثلاثة مع بعض، لكن ما علينا المهم أني مكتئبة وأتعالج منذ 5 أشهر. في بداية العلاج كنت فاقدة للأمل في الشفاء وكنت أظن أن الطبيبة تأخذني على قد عقلي وتخدعني وكنت طوال رحلة العلاج من طبيب لطبيب وأنا فاقدة للأمل تماما لكني كنت مواظبة على العلاج حتى لا تتوقف حياتي.
آخر دواء أخذته وهو ما آخذه حتى الآن لم أشعر معه بالتحسن التام لكنه كان أفضل الموجود وتعودت عليه فلم أعد أشعر بأعراضه الجانبية. منذ فترة قرأت أنه يمكن الشفاء من الاكتئاب بممارسة الرياضة دون أخذ أي أدوية وتعجبت من هذا الكلام، كيف يمكن الخروج من كل هذا الظلام بالرياضة وحدها! لكني قررت أن أجرب لأني زهقت من الأدوية وكما ذكرت الدواء الذي آخذه لا يرجعني لطبيعتي.
طبيبتي قالت لي العبي رياضة حتى لو دقيقة واحدة، قلت لنفسي وماذا ستفعل الدقيقة، لكني قلت أي شيء أحسن من لا شيء... وبدأت في لعب الرياضة، في البداية كنت أتثاءب وأتأفف وكنت أقضي ثلاث دقائق بالعافية لكني كنت حريصة على لعب الرياضة بشكل يومي مهما كنت مكتئبة وكان أمراً في غاية الصعوبة. والآن بعد مضي ثلاثة أسابيع على بداية ممارسة الرياضة إليكم ما حدث:
- ثقتي بنفسي زادت بشكل رهيب
- وزني قل 2 كيلو مع أني آكل بلا حساب وتمكنت من لبس ملابسي القديمة التي ضاقت علي
- اختفى تماماً التلعثم والارتباك الذي كان يبدو علي عندما أتحدث مع أي شخص
- عضلاتي الصغيرة بدأت في الظهور بعدما كانت مدفونة في ظلمات الدهون المتراكمة بفعل الدواء والآن أشعر بالقوة والتميز
- أصبحت أستيقظ بنشاط وأذهب للكلية وأضحك مع زميلاتي وهذا شيء لم يحدث لي منذ بداية الدراسة
- لم تأتني أي نوبة اكتئاب منذ تسعة أيام وأنا في غاية التفاؤل أن هذه هي بداية الشفاء
- بدأت أشارك في أعمال المنزل وهذا شيء لم أفعله منذ زمن
- أنا في غاية السعادة أني فعلا بدأت أتغير وهذا طبعا راجع لعدة أسباب:
أولاً: "اصدق الله يصدقك" يعني ربنا مش هيسيب حد نفسه يخف ومش هيشفيه، أهم حاجة ربنا يشوف رغبتك الصادقة في الشفاء ورغبتك الصادقة لازم تترجم لأفعال مش بس أخذ الدواء.
ثانيا: خذ الدواء بانتظام.
ثالثاً: ممارسة الرياضة بانتظام حتى لو دقيقة واحدة، الرياضة دي سحر سحر سحر، ولازم تعلم على الأيام التي لعبت فيها رياضة في نتيجة صغيرة حتى تتابع حالتك ومدى التحسن.
رابعاً: اعمل أي حاجة تشوف نتيجتها في ساعتها مثلا لو ساعدت والدتك في تحضير السلاطة ستشعر أنك عملت شئ مفيد وسترى أنك أدخلت السرور على قلب والدتك نعم هذا عمل بسيط لكن بالنسبة لإنسان مكتئب يجاهد نفسه فهذا عمل عظيم.
في المرة التي بعدها هتلاقي نفسك بتغسل المواعين المرة اللي بعدها بتنضف البيت المرة اللي بعدها بتخرج تجيب الحاجات هتلاقي نفسك بتتحسن وبتخرج من القوقعة وبتعمل حاجات اكتر وعمرك ما كنت تتخيل أنك ممكن تعمل الحاجات دي وأنت مكتئب، ساااااااااااااااااااااااعد الناس باللي تقدر عليه، أي حاجة بسيطة اعملها وهتلاقي نفسك شويه بشويه بتعمل حاجات أكبر بس المهم نبدأ ونعافر.
مساعدة الناس بتزود الثقة بالنفس وبتعطي شعورا بالرضا والراحة وتعطيك إحساسا بالأهمية وأن في ناس محتاجة لك وبالتالي أنت لازم تعيش عشانهم.
خامساً: فكر في الناس اللي بيحبوك وأنت بتحبهم أكيد هم يتمنون شفاءك، لم لا تفرحهم؟ لم لا تجاهد نفسك من أجلهم؟ لم لا تحاول أن تتحسن من أجل سعادتهم؟
سادساً: لازم يبقى معك مدونة أو كشكول تكتب فيه ما تشعر به وتدون ملاحظاتك لكل يوم وتكتب كيف كان مزاجك.
سابعاً: إياك إياك والتفكير السوداوي: اوعى تفكر وأنت مكتئب، في البداية لما كانت تأتيني نوبة الاكتئاب كنت أفكر أني سأموت هكذا وأني تعيسة وأني لا أرى غير سواد وأني أتمنى الموت وأني لا أمل مني ولا مستقبل لي ووووو.....، جاهد نفسك لا تفكر أبداً بهذا الشكل، اطرد هذه الافكار من دماغك، فكر أن بعد الليل صباح وأنت كما رأيت يوم وحش سيأتي بعده يوم حلو.
ثامناً: لا تستسلم لسحر السرير: في بداية العلاج كنت مستسلمة تماماً للاكتئاب وتركته يفعل بي ما يشاء ويدمر حياتي كما يشاء ويكره الناس في كما يشاء وكنت أنام في السرير طوال اليوم وأغطي نفسي حتى لا يدخل لي أي ضوء، لكن عندما قررت أن هذا يكفي وأني لن أدع لهذا المرض السخيف أن يدمر حياتي، هجرت السرير الجميل في نوبة الاكتئاب وبدأت في الجلوس في البلكونة نعم البلكونة تحت ضوء الشمس لا أفعل أي شيء فقط أنظر إلى السقف لكن يكفيني أني لست في الظلام، ثم بدأت في مشاهدة أفلام الرعب أي نعم لم أكن أبدي أي رد فعل للمشاهد البشعة التي تظهر أمامي لكني اكتسبت قدرة الجلوس بين الناس وتشغيل حاستي السمع والبصر حتى في أشد نوبات الاكتئاب.
تاسعاً: لا تعاتب نفسك أو تلومها إذا قصرت في شيء بسبب الاكتئاب، أنت معذور لكن أنت رقيب نفسك وتعلم جيداً متى تكون معذور ومتى تكون بتتدلع.
إليكم تقرير حالتي قبل وبعد الرياضة
1= مكتئبة ، 10= سعيدة ويوجد بينهما مزاج وسط
دواء فقط
5-4-1-1-6-2-6-2-1-3-10
دواء+ رياضة
1-5-5-6-6-6-2-2-7-10-3-1-5-6-5-5-7-5-5-7-8
كما ترون مزاجي توقف عن التقلب وأصبح الغالب علي هو المزاج المعتدل وإن شاء الله سأتابع مع الطبيبة حتى أشفى بإذن الله وأتخلى عن الدواء للأبد.
كلامي ملخبط وغير منظم بس أحب أقول لكل مكتئب ومكتئبة لازم تعملوا ثورة وتنتفضوا
كفاية ضعف واستسلام واكتئاب
كفاية اللي راح من حياتكم
كفاية دمار
فرحوا أهلكم والناس اللي بيحبوكم بشفائكم
أنت ربنا خلقك عشان يعطيك ميزة ليست لأحد غيرك، ميزة تستطيع مساعدة الآخرين به، ابحث عنها ونمها وبلاش تخلي الاكتئاب يدفنها.... أنتج واشتغل وفد الناس وارسم ابتسامة على شفاهم.... ما تخليش الاكتئاب يفسد اللي باقي من عمرك، قل له كفاية، اقض عليه..... خذ قرارك بحزم واحسم أمرك، عايز تخف ولا لأ؟
عايز تخف يبقى لازم تعافر وتتعب شويه في الأول وبعد كده هتلاقي الأمور أسهل، عمرك ما هتخف بالدواء لوحده، لازم إرادة لازم تكافح وتجاهد نفسك وتتألم وتعمل حاجات غصباً عنك بس في النهاية الشفاء مضمون بإذن الله.
بالنسبة لعلاقتي مع ربنا قررت أني أقرب من ربنا بخطوات صغيرة جداً لأني ضعيفة وهشة ولا خلق لي لأداء أي عبادات غير الصلاة المفروضة.
الخطة:
1) صيام الاثنين والخميس: أي نعم كنت أشعر بضيق شديد بسبب العطش ومعروف أن الإنسان المكتئب تكون قدرة تحمله قليلة لكني كنت أعافر وأصر على إتمام الصيام من يدري ربما هذا العمل الذي عملته وأنا كارهة له وتحملته بصعوبة ينير لي قبري أو يخرجني من النار يوم القيامة؟
وخصوصاً أن الصيام عبادة لا تستهلك الوقت ولا تعطلك عن فعل شيء
2) التسبيح 10 مرات والحمد لله 10 مرات فقط بعد الصلاة المفروضة. طبعا كنت بعمل كده بصعوبة لأن الصلاة أصلا ثقيلة علي والجلوس بعدها لذكر الله أصعب، لكني كنت أصبر نفسي وأنا أعلم أن ما أفعله قليل لكني لن أتحسن بدونه وأن الطريق يبدأ بخطوة ويجب أن أواظب على خطوتي الصغيرة وهي ستزيد بعد ذلك من تلقاء نفسها.
3) القراءة في كتب التفسير: يوم الجمعة أقرأ ما تيسر لي وحين أشعر بالملل أترك الكتاب فوراً، هذا ما عندي، وأتمنى فعلا أن يعلن كل مريض اكتئاب تمرده على المرض ويقوم بثورة ويحرر نفسه واعلم أن الشفاء أغلى وأثمن بكثير من المعاناة التي ستجدها في بداية تنفيذ خطة الشفاء.
كل واحد يحط لنفسه خطة صغيرة يقدر ينفذها ويلتزم بيها ويتابعها ويدونها عشان يشوف نجاحه وتقدمه
وادعوا لي بقى ربنا يشفيني وأرجع لطبيعتي ثاني
ربنا يشفينا جميعاً آمين
16/4/2011
رد المستشار
الأخت الفاضلة........... "هدى"؛ بعد السلام عليكم،
كم أنا سعيد لأن الله القدير عافاك وبدأت بوضع قدميك على طريق الشفاء والسواء وذلك باتباع الآتي:
1- التداوى بالأسباب الموضوعية: بيولوجيا (بالدواء كما وصفه الطبيب) – معرفيا (بتبنى طرق إدراكية أخرى مثل محاولة تغيير نظرتك السلبية إلى إيجابية كعدم تضخيم الذنوب ومحاولة تشتيت النظرة السوداوية الآنية والنظرة المتفائلة للمستقبل بثقتك أن الشفاء آتٍ بإذن الله مع بذل بعض المجهود.... إلخ) – سلوكيا (بوضع برنامج يومي بممارسة رياضة بسيطة ولمدة بسيطة أو مساعدتك لأمك في المطبخ أو الصلاة والصيام والقراءة ومشاهدة التلفزيون والجلوس في ضوء الشمس) – ودينيا (بتحسين علاقتك مع الله مع عدم اليأس).
2- الخروج من حدود الذات والالتصاق بها إلى الواقع الموضوعى الخارجي ويتلخص (بالعطاء لمن حولك كأمك أو الآخرين سواء من لا يعانون وذلك برسم البسمة على وجوههم أو من يعانون وذلك بفيض النصائح من خلال خبرتك الشخصية).
ولكن اعلمي أن الشفاء مسؤولية (وهي ضريبة السواء):
- فلا تجعلي من فرحك مثلا يحتذى به لكل الحالات والأحوال (فتصبحين كطفل أعطوا له آلة حادة فيقطع بها الرقاب بدلا من تقشير الفاكهة).
- ولا تتسرعي بالتصريح (كتبت إليكم من قبل في موقع مجانين وتم تشخيصي كاكتئاب ثنائي القطبية وتفاعلي وجسيم الثلاثة مع بعض لكن ما علينا المهم أني مكتئبة وأتعالج منذ 5 أشهر).... لأن تشخيص الداء هو البداية الصحيحة لوضع خطة العلاج فاعلمي أن لكل داء دواء ولايوجد دواء واحد لكل داء. واعلمي أن حالتك ليست كغيرك فلكل حالة حال ولكل قول مقال.
- واحذري بالكلمات الإنشائية والتعبيرية مثل: (كلامي ملخبط وغير منظم بس أحب أقول لكل مكتئب ومكتئبة لازم تعملوا ثورة وتنتفضوا..... كفاية ضعف واستسلام واكتئاب..... كفاية اللي راح من حياتكم..... كفاية دمار.... فرحوا أهلكم والناس اللي بيحبوكم بشفائكم..... أنت ربنا خلقك عشان يعطيك ميزة ليست لأحد غيرك، ميزة تستطيع مساعدة الآخرين به، ابحث عنها ونمها وبلاش تخلي الاكتئاب يدفنها..... أنتج واشتغل وفد الناس وارسم ابتسامة على شفاهم..... ما تخليش الاكتئاب يفسد اللي باقي من عمرك، قل له كفاية، اقض عليه........ خذ قرارك بحزم واحسم أمرك، عايز تخف ولا لأ؟؟)..... فكما قلت لك أن هذا كلام مثل حد السكين وكأنك لم تمري بخبرة الاكتئاب فهناك من الناس فعلا من لا يريدون الشفاء (لأسباب كثيرة) بل أن بعضهم يفضل الموت ولكن يلجأ إلى قتل نفسه (الانتحار) نفسيا وجسديا وذلك لفشله في إيجاد الطريق وفي هذه الحالات نحتاج إلى المساعدة برفق بدون كلمات رنانة للأخذ بيده.
وأما ما أدعوك إليه:
الاستمرار (فيما بدأتِ به) والإصرار (على عدم العودة إلى الخلف) والاستزادة (من رصيد العلم الديني على يد المشايخ والدنيوي على يد العلماء) والتفكر (قبل النصح -فهو قمة المسؤولية-) والإبداع (في رسم طريق جديد لك ولغيرك) والصبر (على تحمل آلام الولادة الجديدة والنضج).
بسم الله الرحمن الرحيم
(والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات * وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) صدق الله العظيم سورة العصر- سورة 103
وأتمنى لك الرضا والسعادة في الدارين...... وإلى اللقاء.
ويتبع >>>>>>>>>>>>>: هدى والإصرار على تحدي بيولوجية المرض م1
التعليق: أشعر بفرحتك بالشفاء لكن أصدقك القول يا هدى أنه فى بعض الأحيان يستحيل ممارسة الرياضة ويكون من الصعب جدآ فعل أبسط الأشياء ويكون التفكير الغلب في هذه المرحلة هو الموت وليس غيره...فدور العلاج ضرورى جدآ وطبعآ مع تنفيذ كلام المعالج و إذا شعر المريض أن كلام المعالج صعب تنفيذه فينبغي أن يخبره بذلك لإيجاد بديل...أهنئك على الشفاء من كل أعماق قلبي فما أجمل الراحة بعد التعب ولكن أنبهك بأن تكوني حذرة لأي أفكار سلبية تطرأ على بالك في بداية هجومها ولا تسترسلي معها ولا تنتظري من نفسك الآن كل شيء ولكن واحدة واحدة ولا تلتفتي لأي نقد سلبي من أحد ولا تحبطي من نفسك ولا من الأطباء ولا من الدواء ولا من الدنيا إذا هاجمتك الأعراض مرة أخرى ويا رب لا يحدث ذلك ولكن إن حدث لا تضطربي وإذهبي لطبيبتك وقبل كل ذلك استعيني بالله...أهنئك مرة أخرى أدام الله عليك نعمة العافية