أدمر ابني وأدمر نفسي معه بالله عليكم أنقذوني..!؟
سيدي المحترم أو سيدتي المحترمة: أرجو التكرم بسرعة الرد فلقد فاض بي الكيل وأشعر أنني في مرحلة التدمير الذاتي الأخيرة
أنا سيدة أبلغ من العمر 27 عاما لدي طفل يبلغ من العمر أربعة أعوام، أنا منفصلة منذ ثلاثة أعوام مشكلتي تكمن في أنني أكره نفسي بشدة أتلذذ في تعذيبها ليس جسديا لكن روحيا
كنت أعمل وعملي يتطلب اهتماما بالمظهر الخارجي فلا أستطيع ممارسة عملي بزيادة في الوزن أجد نفسي آكل بكميات كبيرة حتي وصلت في ثلاثة شهور لزيادة ما يقرب من خمسة عشر أو عشرين كيلو
لا أخرج من البيت مطلقا إلا في أضيق الحدود للغاية يمكن خلال الستة أشهر الأخيرة لم أرَ الشارع سوى مرتين وتوقفت عن عملي
أعيش مع أبي وأمي ابني طفل شقي وعنيد وذكي لكن بعد أن ازدادت حالتي النفسية سوءًا بدأت في ضربه وبشدة بالشبشب وبالشمعة أحيانا وعلى وجهه أحيانا أخرى وأنا دائمة الصراخ بوجهه على كل صغيرة وكبيرة ثم أكره نفسي بعد ذلك وأظل أقول له أحبك وأحضنه وننام
هو يحبني جدا ومتعلق بي جدا الحمد لله لا يعاني من تبول لا إرادي أو أي شيء لكنه انطوائي بعض الشيء ويحزن لحزني لكني لم أعد أحتمل خلال السنوات الماضية تعرضت لضغوط شديدة وانحرافات شديدة في حياتي وسريعة وفجأة وجت عمري سبعة وعشرين لم أشعر بزواج أو بطلاق أو بإنسان في حياتي وحتى عملي الذي أعشقه ابتعدت عنه
لا أعرف ماذا أفعل خائفة جدا من داخلي وغاضبة على كل من حولي حتى طفلي الذي أعشقه
أشعر أني سأتسبب في أزمة كبيرة لابني لكن لا أعرف ماذا أفعل؟
23/4/2011
رد المستشار
لن أغرق معك في تفاصيل تخص الأعراض تاركةَ أصل المشكلة، فالأعراض التي تخص النهم في الطعام والاكتئاب والعلاقة التربوية رغم أنها تفاصيل حياتك التي تنغص عليك وعلى ابنك، لكن في الحقيقة هي الجزء،الظاهر "من المشكلة" وليس "الباطن" الذي هو "حقيقة" المشكلة، ويمكنك القراءة في موقعنا العزيز عن موضوعات القهم العصبي والشره في الأكل وعلاقة الجسد بالأكل وغيره مما أنار به دكتور وائل عقولنا من حقائق ودراسات بل وطرق للعلاج إن أردت، وأعود لصلب الموضوع ألا وهو "الغضب"، فلماذا أنت غاضبة؟، هل قيّمت ما مررت به من تجارب مؤلمة كتجربة الزواج والعلاقة مع الرجل عموماَ؟، كيف اخترت ولماذا اخترت، ولماذا تركت؟، تجربة الأمومة؛ كيف هي؟، وما هي؟، كيف تنجح ولماذا تنجح ولماذا تفشل؟، من المسؤول عن الانحرافات الشديدة التي مررت بها- رغم أنك بخلت علينا جدا في معرفة تلك التفاصيل التي تساعد كثيرا في المناقشة ووضع تصورات للحلول-هل ساهمت في حدوثها بشيء؟، كيف؟، ما هي؟، هل عرفتها؟، هل تصدقينها؟، أم أن كل الناس بما فيهم من اختارك في يوم من الأيام لتكوني شريكة حياته متواطئون عن عمد لإيلامك؟، حتى عملك لماذا تعشقينه؟، هل لتفاصيله التي تحبينها فتنجحين فيها بتميز؟، أم لأنه يحقق شعورك بأنك موجودة؟، وما هو الشيء الذي يمكن من أجله أن تفرطي فيما تحبينه كأمر وحيد في حياتك جيد لم تذكري لنا غيره؟، هل حياتك فعلاَ لا يوجد فيها أي شيء جيد أو تحبينه غير عملك؟، لماذا ابنك يرتبط بك رغم غباوتك معه وتقصيرك تجاهه؟، لماذا تكررين عليه مساء أنك تحبينه رغم أنك لسعته صباحاَ أو لطمته على وجهه أو قذفته بالشبشب؟، لماذا فشلت؟، هل فعلا فشلت؟، هل الناجحون في حياتهم لم يفشلوا أبداَ؟، ماذا نفعل حين نفشل؟
بالطبع لم أقصد أن أحول الإجابة لمجموعة أسئلة!، ولكن أنت تحتاجين أن تتحدثين مع نفسك بشكل غير ما تعودت أن تتحدث به مع نفسك، فتحتاجين أن تتعرفي على حقيقة مشاعرك وأسباب تصرفاتك الخارجية لتتعرفي على الخريطة الداخلية لنفسك فتسيرين مع نفسك مشوار التغيير والتعديل بشكل سليم بدلاَ من التخبط والوقوع في المزيد من المشكلات، ولن يكون هناك وسيلة لذلك إلا بالأسئلة التي لن يجيب عليها بصدق غيرك، وقد تتطلب الإجابات الصادقة "خبرة" لأنك لم تتحدثي مع نفسك هكذا من قبل، ولم تتعلمي كيف تتعرفين على حقيقة مشاعرك من قبل، والأفضل بالطبع التواصل مع متخصص نفسي ليقوم معك بتلك المهمة ولكن إن لم تقومي بالتواصل فلتجتهدي أن تدققي في فهم نفسك بشكل أكبر كأن تتعلمي التقصي الحقيقي مع نفسك مثلاَ : أضرب ابني لماذا؟، لأنه غلطان، لأ؛ لأنه هم وحمل عليّ وكفاية إني بقيت مسئولة عنه وأنا لا شفت جواز ولا دنيا، غير إن شكله شبه أبوه بيفكرني بيه وأنا نفسي أطول وش أبوه، ومش طايقه نفسي عشان مش طايلاه، يبقى أنا مش بضربه عشان غلطان الغلط الكبير اللي يخليني ألسعه وهو عنده بس 4 سنين، ده طفل صغير يحتاج أنه يجري ويلعب وهو وحيد من غير أطفال ولا أخوات ولا مناخ أسرة، أنا هبطل أحاسبه على مشاعر هو مالوش دعوة بيها وهعالج مشاعري دي بعيد عن تصرفاته، وهكذا، هذا كان مثال للتعامل مع نفسك عن قرب، وممكن أن تقومي بعمل جدول له خانات تكتبين فيها مشاعرك السلبية وأمامها السبب الحقيقي والسبب المزيف والنتيجة التي تصلين لها وستجدين بمرور الوقت تعاملك مع مشاعرك ومع ابنك يتغير فتتمكنين من عقابه بما يتناسب مع سنه وبما يتناسب مع أخطائه الحقيقية، وأذكرك بالتالي:
- تقييم تجاربنا بعد فترة من حدوثها أمر غاية في الأهمية؛ لأنه يجعلنا نرى بشكل أنضج وأعمق فنتعرف على أنفسنا ونتعرف على أخطائنا فنهذبها ونتعامل مع المستقبل بشكل مختلف أفضل.
- لو كل منا أسر نفسه في تجربة مؤلمة من التجارب العميقة في حياته فانعزل وتقوقع لما وجدت مخلوقا يسير في الشارع!، ولكننا نتعلم من تجاربنا الماضية على قسوتها كيف نكون أقوى وأفضل حتى ولو بجهد ووقت وألم.
-الهروب لا يكون حلاَ أبداَ، فهروبك من الحياة والعلاقات والعمل بالأكل والتقوقع سيجعل المشكلة تلتهمك بدلاَ من أن تلتهميها أنت، وبدلاَ من أن تكوني الوحيدة التي تدفع الثمن سيدفع معك كل من حولك الثمن خصوصاَ ابنك الذي لا ناقة له ولا جمل في قصصك.
-حين نفتقر للنضوج والتعلم بسبب ما تربينا عليه أو بسبب ما لم نتربى عليه، لا يجوز أبداَ ولن يفيد أبداَ أن "نتنصل" من مسؤوليتنا تجاه تربية وإنضاج أنفسنا بأنفسنا، ولن نحصل على ما نحتاجه من أي آخر في حياتنا سواء أشخاص أو عمل أو علاقات مادمنا نعجز عن إعطائه لأنفسنا نحن أولاَ، فلو أردنا أن يهتم بنا الآخر فعلينا أن نهتم بأنفسنا نحن أولاَ فنحصل على اهتمام من حولنا، ولو أردنا الحب ممن يحيطون بنا، فعلينا أن نحب أنفسنا، نحن أولاَ، وهكذا.
-لم أحدثك عن موضوع كرهك لنفسك لأنه غير صحيح كما تتصورينه أنت، ولكنه صحيح لأنك تهملين رعاية وحب وتهذيب وتربية نفسك فبدون تلك الأمور نكون غير محبين لأنفسنا ونحتاج لوقفة .
-أكرر أني لم أتحدث عن علاقة الاكتئاب بالأكل ولا زيادة وزنك ولا بحقائق التربية السليمة لأنها ليست الأصل في الموضوع وإن كنت أتمنى أن تقرئي فيها دون أن تنشغلي بحقيقة المشكلة وهو "تقييم" مشاعرك لتفهمي تصرفاتك وتتعلمين الصحيح من الخطأ في تفكيرك الذي هو أساس أي مشكلة تقعين فيها، ولكن أذكر لك حقيقتين خطيرتين في التربية وهما؛ أن معظم العلماء التربويين والنفسانيين أكدوا أن أهم سنين عمر الإنسان والتي تبنى فيها أساس الشخصية بما فيها من مشاعر وطريقة تفكير وغيره تتكون في أول ثلاث لخمس سنوات من عمر الإنسان، فحين نبث فيه الخوف غالباَ تظل شخصيته جبانة مترددة غير مبادرة، وحين نبث فيها الثقة غالباَ تظل مستقرة واعدة، هكذا، أما الحقيقة الثانية فهي: أن هناك احتياجات اسمها الاحتياجات الأولية والتي قدّر الله سبحانه وتعالى فيها ألا يعطيها أحد لأحد غير الأب والأم لابنهم؛ لأنهم الحضن الأول الذي سيحصل منه على ما يجعله مستقراَ سوياَ كالحب والتقبل والأمان والرعاية النفسية... إلخ، والأمانة تقتضي مني أن أقول ليس معنى ذلك أن من مر عليه أكثر من الخمس سنوات ضاع، ولكن التغيير حينها سيحتاج لجهد أكبر وكلما كبر الإنسان كلما تطلب التغيير أن يكون ذاتياَ أكثر، وكذلك تلك الاحتياجات الأولية حين نحرم من الحصول عليها نعاني ولكننا نتمكن بإرادتنا القيام بعملية"تعويض"ذاتي ومن علاقاتنا السوية الغير مرضية عن هذا الحرمان.
وأخيراَ أرجو لك الخير دوماَ.