النظافة
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته؛ مشكلتي متعلقة بالنظافة الزائدة عن حدها وذلك تبعًا لما أراه من أشياء غير نظيفة، فأنا في البداية كنت عادية جدًا ومستوى النظافة لدي في حدود المعقول، لكن مع مرور الوقت ابتدأت ألاحظ أشياء تنحصر في تصرفات الأشخاص المحيطين بي سواء في المنزل أو في الدراسة.
وفعلًا دخلت في صراع مؤلم بسبب التفكير في هذا الوسواس المتعلق بالنظافة مما سبب لي مشاكل كثيرة مع أهلي، وبالرغم من مساعدتهم لي فقد زادوا لي الأمر سوءًا وتعقيدًا. فعزمت على معالجة نفسي بنفسي من خلال البحث في الحاسوب وقراءة نصائح وحلول عدة، وكذا مشاكل الحالات المشابهة لي، لكن كل هذا ليس بشيء دون إعطاء الثقة بالنفس والتحلي بالإرادة القوية.
فعلا عزمت وتغيرت الأمور بشكل تدريجي للأحسن بالنسبة للسابق رغم شكوكي في نظافة الأشياء، إلا أني تخلصت من صراع كبير ولم يبقَ إلا القليل. لكن الآن ازداد الأمر ســوءًا والأمر متعلق هنا بالحمام وقضاء الحاجة، فأصبحت أعاني ليل نهار من جراء الأوساخ وعدم نظافة الأشياء.
فمؤخرًا جاءت إحدى خالاتي لتعيش معنا وهي امرأة ذات 50 عامًا وتصرفاتها أغرب من الخيال، فلا أصدق لحد الآن أن هناك أشخاص مثلها، فعند دخولها الحمام عند قضاء الحاجة أعزكم الله، سواء الحدث الأكبر أو الأصغر فهي لا تغسل يديها، وذلك لأني لاحظتها بشكل تدريجي حتى تحققت من الأمر في يوم من الأيام كانت صابونة الحمام قد ذابت، ولما دخلت خالتي لقضاء حاجتها خرجت وقلت لها: لا يوجد صابون في الحمام، ممكن تنتظري إلى أن أذهب إلى البقال وأشتري واحدة، أجابتني ببرودة بأنها اغتسلت بالماء، والماء أحسن من الصابون، فالماء نعمة من الله تذهب بكل مرض ووسخ، ولم أستطع تحمل الموقف وتحركها داخل المنزل، فأنا الآن أتصور نفسي أني أعيش في بيت عبارة عن حمام من كثرة تنقلها بملابسها وتصرفاتها، وفوجئت عند رجوعي في يوم من الأيام من الدراسة أنها نائمة على سريري بحكم أنها تريد أن ترتاح بعيدًا عن الضوضاء... ياااااااااااااااااااااااه كم أكره هذا الموقف.
المرجو منكم أن تفهموا ما أقصده في مشكلتي هذه فهذه هي الوحيدة التي أعاني منها الآن، يعني هل المكان الذي تجلس فيه خالتي والسرير الذي نامت عليه، عندما أذهب إلى النوم لا أحس بالراحة، وأحس أنني أصبحت متسخة كثيرًا، وأشم من نفسي رائحة كريهة رغم أنه لا يوجد شيء، لكن من كثرة التفكير في الموضوع أصبحت أشك كثيرًا حتى أحس بالأمر في الواقع، وكذلك استعمال الصنبور للشرب لا أشرب حتى أغسله بالصابون في كل مرة آتي إلى الشرب فيها، والثلاجة كلما فتحتها أذهب لأغسل يدي أكثر من مرة تفوق ال20 في بعض الأحيان.
والسؤال الأخير يتعلق بكم عدد من المرات العادية التي يتوجب للشخص أن يغسل يديه عند ملامسته لأشياء قذرة جدًا وخصوصًا عند دخول المرحاض أعزكم الله؟
آسفة على الإطالة وعدم شرح المشكلة بالتفصيل، لكن المرجو الإجابة عن الأهم.
* ثم أضافت في رسالة أخرى في نفس الوقت تقريبا:
تتمة مشكلة النظافة وعلاقتها هنا بالشك الدائم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته؛
بخصوص مشكلة النظافة أصبحت أشك في أمي ولم أعد أتعامل معها بشكل عادي، أصبحت أتهرب منها، وذلك لشكي أنها تجلس مع خالتي غير النظيفة في نظري، وهكذا أصبحت تلازمها، ومنه فأمي أصبحت مثلها.
مما أدى إلى انزعاج أمي من تصرفاتي،
لكن هذا ليس بيدي فلم أعد أعرف هل أتسخ مثلهم أم ماذا؟
13/05/2011
* ثم أرسلت بعد أسبوعين مكررة نفس المشكلة مع تغيير العنوان وإضافة توقيع جديد:
حائرة ولماذا لم أتلقى إجابة منكم من قبل؟؟؟
........................................................................
مرهقة إملائيا
26/05/2011
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "آمال"...
لا شك أن الناس يتفاوتون في قضية النظافة والترتيب والأناقة، وهم كذلك منذ خلقهم الله تعالى، وفي تنوع الناس واختلافهم فوائد، كما فيه امتحان بعضهم ببعضهم الآخر....
لا شك أن استعمال الصابون أمر جيد ومطلوب صحيًا، ومسنون شرعًا، لكن قلة استعماله ليست كارثة، ولو كانت كارثة على نحو ما تظنين لكانت خالتك طريحة الفراش من الأمراض الآن....
قد كان أسلافنا لا يجدون ما يغسلون به أيديهم دائمًا....، بل كانوا لا يجدون الماء أحيانًا....، وأحيانًا نحن أنفسنا نضطر للاستغناء عن الصابون في أماكن لا نجده فيه في سفر أو حضر....، أمر لا يسرنا لكننا عندما تضطرنا الظروف، علينا أن نتأقلم....
وقد اضطرتك الظروف للعيش مع إنسانة لا تأخذ بالأفضل، وإنما تأخذ بأقل ما يجزئ في أمور النظافة، وعليك أن تتقبليها كما تحبين أن تتقبلك....، قد ترى هي أنك إنسانة مزعجة متشددة تضيقين عليها، وأنت ترينها إنسانة غير طبيعية وتقرفين منها....، وكل منكما عليه أن يتقبل الآخر ويتعايش معه....
إن من كرم الأخلاق، ومن التواضع أن تمرني نفسك على ألا تتقزز من أحد مهما كانت تصرفاته مرفوضة لديك، فكل الناس مثلنا يؤلمهم أن يروا الآخرين يحتقرونهم ويقرفون منهم....
هل ترضين أن ينظر الناس إليك كما تنظرين إلى خالتك؟ هناك أناس أشد وسوسة منك، ومن الوارد جدًا أن ينظرون إليك بقرف، وستقولين إنهم يبالغون، وإنك لا تفعلين ما يستدعي نظرتهم تلك....؛ النبي صلى الله عليه وسلم كان يخالط الأعراب الذين لا يعلمون شيئًا عن قواعد النظافة أو الطهارة، ويبتسم في وجوههم ويدعوهم إلى الله تعالى، ويشرب ويتوضأ من المكان الذي يتوضأ منه سائر المسلمين، وهم متنوعون في عنايتهم بالنظافة........
أعلم أن ما تعانين منه مرض خارج عن الإرادة، ولكن علاجه داخل في قدرتك....، وأحييك على محاولاتك في العلاج فتابعي، روضي نفسك على تقبل خالتك، وعلى مخالطتها، وخففي من قلقك باحتساب أجرك عند الله تعالى، فأنت بهذا:
1- تطيعين الله بالسعي للعلاج.
2- تقتدين برسول الله صلى الله عليه وسلم، في مخالطة جميع الناس دون تقزز منهم.
3- تروضين نفسك على التواضع ومحاسن الأخلاق.
4- تجبرين خاطر خالتك وأشباهها بتقبلها وبالمعاملة الكريمة.
5- تبرين أمك بحسن معاملتك لها ولأختها.
والآن ما عليك إلا أن تبدئي فتقتربين منها شيئًا فشيئًا، وأول شيء تبدئين به ترك غسل الصنبور بعد شربها منه، ثم انتقلي إلى ترك غسل يدك بعد فتح الثلاجة... ومهما كان هذا صعبًا في البداية فإنه سيزول إذا تركت الاستجابة للوسواس، وعلاج الوسواس في بدايته أسهل بكثير من علاجه بعد أن يستحكم ويشتد...
وإن كنت تجدين صعوبة في ذلك، فمن المفيد جدًا أن تزوري طبيبًا فقد تحتاجين إلى دواء يريحك ويساعدك بإذن الله تعالى، ولا تنسي الاستعانة الدائمة بالدعاء فالله لا يعجزه شيء. أما كم مرة يغسل الإنسان يده، فما تسألين عنه يا آمال ليس أمرًا قذرًا جدًا، فلا أحد يغسل يده بعد إمساك الصنبور الذي أمسك به شخص لم يغسل يده بالصابون، أو بعد الإمساك بالثلاجة....، والإنسان العادي لا يغسل يديه بالصابون أكثر من مرة واحدة بعد دخول المرحاض....
أعانك الله تعالى على التطبيق وعافاك من كل شر.
* ويضيف د. وائل أبو هندي الابنة الفاضلة "آمال" أهلا وسهلا بك وشكرا على إفادتك، حقيقة ليس لدي ما أضيف إلى رد المستشارة رفيف إلا الإشارة إلى طريقة التفكير السحري Magical Thinking الواضحة في صورة قانون الانتشار السحري فمجرد حدوث التلامس بين شيء وشيء أصابه ما تعتبرينه وسخا أو قذارة ينقل القذارة إلى الشيء النظيف وفي بعض الأحيان يستمر ذلك الانتقال من شيء لشيء إلى ما لا نهاية، كذلك أنبه إلى العلاقة الوطيدة بين القرف والوسواس القهري وأهمية أن ينتبه معالجك لهذا البعد .. وأن يتعامل معه، كذلك فإن سؤالك الأخير المتعلق بكم عدد من المرات العادية التي يتوجب للشخص أن يغسل يديه عند ملامسته لأشياء قذرة جدًا؟ إن دل فإنما يدل على بداية التدهور المعرفي في اتجاه فقدان الاستبصار... وبالتالي أنصحك بسرعة التوجه للطبيب النفساني طلبا للعلاج المعرفي السلوكي والدوائي وتابعينا بأخبارك.