استمناءٌ فاستمناءٌ فَيَمِينٌ فاستمناءْ!
السلام عليكم.
ألاحظ من متابعتي للتعليقات في موضوع العادة السرية وغيرها من الموضوعات ذات الطابع الجنسي أن تناولها يتضمن غالبا منظور ديني أو خلفية دينية. وواقع الحال يقول أن النصائح الدينية لا تكفي وربما لا تنجح في حل مثل هذه المشاكل فدافع الشهوة في أغلب الأحيان أقوى كثيرا من أي رادع ديني. وقد وجدنا في عهد الرسول من قام بالزنا برغم وجود الرسول بينهم.
كما أن مثل هذه المشاكل يواجهها الإنسان أيا كان دينه أو بلده.. بالتأكيد يوجد في أوروبا أو أمريكا من يعاني من العادة السرية أو الشذوذ مثلا ويرغب في وضع حد لمعاناته والتخلص من مرضه (طالما يعتبره مرضا). بماذا ينصحه أطباء النفس هناك؟ بالتأكيد نصائحهم بعيدة عن الدين والحرام والحلال.
لقد عشت سنوات في الغرب ورأيت شعوبا أكثر صحة (نفسيا وجسمانيا) وأكثر سعادة بشكل عام وأكثر إنتاجا وإبداعا وتفاؤلا. والعكس تماما رأيته هنا مع قليل من الاستثناءات. وهذا يدعوني للتساؤل والحيرة عما إذا كان التوجه الديني للشعوب مرتبطا عكسيا بجودة الحياة لهذه الشعوب. يؤلمني هذا الاستنتاج وأستغفر الله من همزات الشيطان.
هذا ربما يدعو المتخصصين إلى مزيد من البحث والمقارنة بين المجتمع الإسلامي ومجتمعات الغرب من حيث مدى انتشار الأمراض النفسية (خاصة ذات الطابع الجنسي) ومن حيث مدى نجاح العلاج في كل مجتمع. أعتقد أن دراسة من هذا النوع سوف تكون ذات فائدة كبيرة وتعطي مؤشرات هامة تساعد على تحديد حجم المشاكل وتوجهات الحل.
أشكركم
8/6/2010
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا تميم:
أهلًا بك وباستشارتك على موقع مجانين، وأعتذر منك –بدلًا عن الدكتور وائل- على هذا التأخير الكثير وغير المقصود في الإجابة على مشاركتك...
أنا معك أن النصائح الدينية التي تجدها على هذا الموقع –وغيره- لا تكفي لكفّ العاصي عن معصيته، لكني لست معك في أن الرادع الديني لا يكفي ولا ينجح في حل هذه المشكلات، بداية يجب علي بيان أن الرادع الديني الذي يردع عن الشهوات لا يتكون بمجرد قولنا هذا حرام وهذا حلال، ولكنه يتكون من خلال رعاية وتقوية عدد من الجوانب، بدءًا من تقوية الإيمان بالله ومراقبته، والتعريف بالحلال والحرام، والأمر بتيسير سبل الزواج، والأمر بالبعد عن المزالق بغض البصر، وضبط الاختلاط الخ....
وأما ما استدللت به من وجود الزنا في عهد النبوة فهو أكبر دليل على نجاح الدين في حل هذه المشكلات! لاحظ أننا عندما نتكلم عن الصحابة فإننا نتكلم عن بشر مثلنا لا عن ملائكة، هؤلاء البشر لم يوجد في مجتمعهم بكامله -وهم قريبو عهد بالجاهلية ومفاسدها-، لم يوجد سوى حالات لا يتجاوز عددها أصابع الكف الواحدة تاب أصحابها وأقيم عليهم الحد...
الآن أسألك: كم عدد الذين يرتكبون الفواحش في مجتمعنا الذي ابتعد عن دينه؟ ثم كم عدد الذين يرتكبون الفواحش في المجتمعات الغربية؟ هم يعترفون بل ويفخرون بالعلاقات المحرمة والشاذة، وبأنهم منذ المراهقة، بل قبلها، يقيمون علاقات غير مشروعة، أو شاذة...، إن نظرة موضوعية منصفة واحدة تبين لك زيادة نسبة هذه المعاصي مع البعد عن الدين، وأما الحالات القليلة فلا بد من وقوعها، ولو لم يكن وقوعها واردًا لما شرع الله تعالى الحدود، ولو نظرت إلى أي علاج دنيوي طبي تجد أنه لا يفلح مئة في المئة، ولا بد هناك من حالات تبقى مستعصية على العلاج..
هذا بالنسبة للأوامر الدينية الصريحة في هذا الموضوع، أضف إليها الأمر العام بالاستفادة من خبرات المختصين المشروعة للعلاج، تجد أن الدين أحاط بجميع سبل العلاج المتاحة لتلك المشكلات...
أما الغرب فقد وضع بعض الطرق للعلاج لكنه عندما فشل لعدم الاستعانة بالثوابت الأخلاقية والدينية، وجد أفضل حل أن يعترف بهذه المعاصي والشذوذات على أنها حق طبيعي للإنسان، وجعل لها قوانين وتشريعات تعترف بها، فبرأيك ماذا يقول الطبيب النفسي الغربي لمن يأتي إليه في هذه الحالة؟
ومؤخرًا قرأت في إحدى المجلات الألمانية بحثًا عن أشكال الأسر في ألمانيا، وذكر من تلك الأشكال: شكل الأسرة الطبيعي، وعلاقات الصداقة، والمثلية (أي رجلا يعيشان في بيت واحد كذكر وأنثى)، ثم العلاقات المتعددة بين المرأة وأكثر من رجل (كلهم يعيشون في بيت واحد)...الخ...، كان بحثًا يشعر بالقرف إذ يعترف بكل هذا على أنه شكل من أشكال الأسر المقبولة في ألمانيا!!! فأين هو العلاج الغربي الناجح -البعيد عن الدين- لهذه المشكلات؟
أما تساؤلك عما إذا كان التوجه الديني للشعوب مرتبطًا عكسيًا بجودة الحياة لهذه الشعوب: فإنه -على التسليم بأن الغربيين أكثر سعادة وتفاؤلًا- لا يمكننا لصق المشكلة بالدين ما لم يوضع المسلمون وغيرهم في ظروف متماثلة تمامًا ثم تجرى عليهم دراسة موحدة لنرى نسبة الأمراض والمشكلات النفسية عند الطرفين، وإلا فإنه من المحتمل جدًا –وحال مجتمعاتنا كما ترى- أن يكون سبب قلة السعادة والإبداع أمر آخر سوى الدين...، فلا يمكننا الحكم إذن ولا تبني أي رأي ما لم تجرى دراسة وافية عن هذا الأمر، وإلا فالملاحظة ليست دليلًا كافيًا أبدًا...، وليس عندي علم فيما إذا كان هناك دراسات بشروطها العلمية حول هذا، وإن كانت ضرورية جدًا وهامة كما تفضلت أنت...
أظن أن الضغوط التي تحيط بالمتدينين –على مستوى العالم- لو أحاطت بغيرهم لما وجدوا غير الانتحار سبيلًا للخلاص منها...، ومع كل وسائل الرفاهية في الغرب تجد عدد المنتحرين أكثر بكثير من مجتمعاتنا، ويمكنك مراجعة الإحصاءات الموجودة على صفحات الإنترنت وفي المجلات للتأكد من هذا.
أرجو أن أكون أجبتك عن تساؤلاتك بهذا، ولك مني التحية...
واقرأ على مجانين:
دواء لمنع الاستمناء! يرحمك الله مشاركتان
عود على بدء: أضرار الاستمناء
التعليق: أجمل باسمك"تميم"، وما أجمل ملاحظتك، عندما أقرأ ملاحظة مثل ملاحظتك أشعر بالسعادة،
وكلامك يذكرني عندما كنت أتحدث مع أستاذي د/ وائل حينما ذكر لي أن المتدينين لكي يحافظوا على تدينهم يتعبون كثيرا، فيعيشون وكل ما يشغلهم هو الحفاظ على التدين وبما يشغلهم عن دورهم الرئيسي في الحياة،
وأعجبني كثيرا كلام أ. رفيف "أظن أن الضغوط التي تحيط بالمتدينين –على مستوى العالم- لو أحاطت بغيرهم لما وجدوا غير الانتحار سبيلًا للخلاص منها" وأذكر أني قرأت على مجانين أن حل المشكلات التي من هذا النوع لابد لها من تضافر جهود اجتماعية ودينية وسياسية واقتصادية،
وكما يقول لي صاحبي، لو أن هناك بيت مال للمسلمين لتزوج الشباب مثلما حدث في عهد سيدنا عمر بن الخطاب، وكنا اهتممنا بجودة حياتنا.
الأهم أننا بتواصلنا نصنع المستحيل. أهلا بك.