خيالنا وواقعنا الجنسي: محاولات إعادة إعمار
السلام عليكم أولا أشكركم على هذا الموقع الرائع والذي أتمنى أن أجد فيه العلاج الشافي لما أشعر به. أنا إنسان مسلم ملتزم دينا ومحافظ على فروضي والحمد لله متزوج من 20سنة ولدي أولاد قضيت معظم وقتي قبل الزواج في الحب والبحث عن الحب وفي الواقع كنت أبحث عن الجنس لأنني دائم التفكير فيه عموما أنا أخاف من ممارسة الجنس المحرم ولم أجربه إلا نادرا في ثورة الشباب أثناء المرحلة الجامعية مرتين أو ثلاثة ولم أحب ذلك خوفا من خالقي وتبت ولكن مارست العادة السرية كثيرا.
المهم تزوجت من إنسانة أحببتها بشدة وهي بادلتني نفس الحب وحياتنا كانت سعيدة والحمد لله إلا من بعض المشاكل الصغيرة مثل كل البيوت أما مشكلتي بدأت بسبب عدم حب زوجتي لممارسة العلاقة أكثر من مرة أو اثنتين في الأسبوع وأنا أرغب في العلاقة يوميا أو يوم ويوم على الأقل فبدأت أشعر بالملل الشديد وأرغب في التجديد بشدة فأتخيل الأفلام الجنسية التي شاهدتها كثيرا في مرحلة المراهقة ومجرد تخيل الأفلام أثار وأرغب أن تشاركني زوجتي هذه الإثارة فجعلتها تشاهد هذه الأفلام معي في بعض الأوقات فكانت إثارتها وهي تشاهد ذلك لأول مرة تجعلنا نمارس العلاقة بشكل جنوني.
المهم كان ذلك لا يحدث باستمرار ولكن نادرا ثم أصبحت زوجتي تكره ذلك لأنه حرام وتنصحني بعدم مشاهدة ذلك وامتنعت عن ذلك فعلا سنين طويلة ولكن في الفترة الأخيرة تطور حبي للرغبات الغريبة التي أسمع عنها وأشاهدها أحيانا مثل تبادل الزوجات والخيانات الزوجية التي كثرت فبدأت أطلب منها تخيل ذلك ونحن نمارس الجنس معا فكانت ترفض هذا الشذوذ ثم أقنعتها أنه لا ضير في ذلك طالما نحن معا وهذا مجرد خيال نستشعر هذه الرغبات المحمومة والغريبة جدا وكنت أطلب منها تخيلنا ونحن نتبادل الزوجات والأزواج وتسألني "ازاي تطلب مني أمارس الجنس مع رجل غيرك" وأقول لها بحب كده في الخيال وأثناء ممارستنا مع بعض فقط؛
أما بعد انتهاء الممارسة أندم بشده أنني طلبت منها ذلك وأعتذر لها ولكن أصبحت هذه الخيالات محببة إلي في أثناء الممارسة وأرجوكم لا تصفوني بأوصاف سيئة لأنني غير راضي وطبيعتي في الواقع غير في هذه الأوقات تماما، فأنا غيور جدا وبشدة على زوجتي ولا أسمح لزوجتي أو لبناتي بالخروج بأي لبس يخالف الاحتشام ولا نذهب لأفراح إلا نادرا بسبب الاختلاط يعني كل ما أشعر به يكون في الخيال ومع زوجتي أثناء العلاقة فقط وبعدها لا نتحدث في هذا إطلاقا لأنني أبقى خجول من نفسي بشدة.
المهم أنني أحب هذه الرغبة بشدة ورغم ذلك أرغب التخلص منها وبشدة علما بأنني لم أتعرض لأي صدمات وأنا صغير أو كبير وكنت محور اهتمام أسرتي فأنا الكبير ومدلل وكانت رغباتي غالبا مستجابة على قدر استطاعة والدي.
عمري 47 حالتي المادية جيدة والحمد لله أشعر بالرضا وبنعم الله الكثيرة عليّ لذلك أرغب بشدة في التخلص من هذا الخيال الجامح الذي لن يتطور أبدا للواقع بإذن الله لسبب بسيط هو أنني أحب أجرب مشاعر هؤلاء الناس وكيف يفعلون ذلك (فقط في الخيال وليس في الواقع)، آسف للإطالة ولكني فعلا في مشكلة بحبها وأرغب في التخلص منها في نفس الوقت
أشكركم مقدما وجزاكم الله كل خير
رجاء الرد على ايميلى وشكرا.
26/3/2010
رد المستشار
أشكرك على رسالتك التي تكشف عن جانب من تفكيرنا وحياتنا العاطفية والجنسية، وأرجو أن ينتبه طاقم التحرير في موقع مجانين إلى توصيتي المكتوبة والمرفقة مع إجابتي هذه باحترام طلبك وخصوصيتك، وتجهيل بياناتك ما أمكن، ولا أرى داعيا كبيرا لشعورك الزائد بالحرج مما تصفه لنا، بينما أرى فائدة ونفعا من نشر رسالتك وإجابتي عليها، والله ولي التوفيق.
أخي الكريم: تجول في رأسك أفكار وأساطير شائعة سأحاول الإشارة إليها دون تفصيل لأن الحديث يطول حول ما يعلق بالأذهان من رواسب تربية تحسب نفسها ناجحة ومحافظة وملتزمة، بينما هي مجرد تربية غافلة ناقصة ومسكينة تسلمنا إلى ما ترى ونرى، وتعيش ونعيش، تعالى نبدأ:
1ـ لدينا أسطورة أو أفكار غير سليمة تفصل بين الحب والجنس، ومن تجلياتها قولهم أن المرأة تمنح الجنس لكي تحصل على الحب، بينما يضطر الرجل إلى أن يمنح بعض الحب ليحصل على هدفه الذي يبحث عنه، وهو الجنس، وهذا كلام جاهل، ولكنه شائع، لأن الإنسان رجلا كان أو امرأة يحتاج إلى الحب العاطفي، ويحتاج إلى الجنس، ويمكن ببساطة أن نقول أن الجنس يبدو نتيجة طبيعية ومتصلة، وتعبيرا جسديا وروحيا عن الرغبة في التوحد، التي هي ذروة عاطفة الحب الرومانسي، والجنس ـ لمن لا يعرفه، وأغلبنا يجهله ـ هو نشاط روحي ووجداني مثلما هو تلامس وتداخل جسدي سواءاً بسواء، ولكن أفكارنا حول الحب والجنس تشوهت وما تزال بتأثيرات متنوعة لا مجال للتفصيل فيها هنا، والنتيجة أن يقول مثلك، ويفصل متصورا أنه كان يبحث عن الجنس لا الحب، بينما كان، أو كنت تبحث عنهما معا، وما تزال، ولكن تصوراتك عن نفسك وعن الحب وعن الجنس ملوثة ومختلة كما أغلبنا.
2ـ المعتاد عند زوجتك أنها لا تحب المعاشرة أكثر من مرة أو اثنين أسبوعيا، فهل سألت نفسك، وتأملت في معدل رغبتها هذه، رغم أنها تعرف وتلمس أنك تحب، وربما تطلب أكثر؟!!
لاحظ أن رغبتها أو معدل رغبتها ربما قد زاد في فترة مشاهدتكما للأفلام الجنسية، بل حتى تغيرت الكيفية كما تفضلت وشرحت لنا، فما الذي تغير مع الأفلام؟! هل سألت نفسك؟!
زوجتك غالبا مثلك ومثل أغلبنا، قد ترى أن الجنس، والرغبة فيه، ليس هو دور المرأة ولا طموحها، ولا هدفها المفترض من العلاقة الزوجية، لأن الدور المحجوز لها في العلاقة ـ كما في الأساطير الشائعة بيننا ـ هو دور العاطفة والحب، وتربية الأولاد تربية صالحة، وبالتالي فهي طبقا للمعمول به، والسائد بيننا تبحث عن الحب، بينما أنت، وللأسف الشديد (لا أدري هل أضحك أم أعبس) لأنك تتصور أنك تبحث عن الجنس، بينما أنت حقيقة مجرد إنسان طبيعي يبحث عن التواصل مع زوجته، ولكنك ـ مثل الأغلبية ـ لم تتعلم كيف تتواصل إلا بطرق محددة، منها المعاشرة الجنسية!!!
3ـ ربما تكون زوجتك طامحة ـ تدري هي أو لا تدري ـ إلى تواصل مختلف في شكله وطعمه وطقوسه ومقدماته، وربما تحتاج هي أيضا إلى أن تفهم وتشعر أن رغباتها الجنسية ومبادراتها وخيالاتها وكينونتها الجنسية هي شيء وكائن مرحب به، وأن بداخل كل منا ذات جنسية فطرها الله لتعيش وتنمو وتمتع وتستمتع، بل وتحتل صدارة المشهد، مشهد الأداء الإنساني كله في اللحظات أو الأوقات المناسبة، ومع الشخص المناسب، ووجود هذه الذات لا يتعارض ولا يتناقض مع بقية الأدوار، أو الكيانات، أو الذوات الأخرى لها، كونها زوجة فاضلة، وأما راعية، وربما امرأة عاملة (إذا كانت تعمل)، ولا يتعارض بل يتكامل ويتناغم مع إيمانها، وصلاتها، وسائر حياتها.
زوجتك لا تفهم ما أقوله هنا، لأنها لا تفهم نفسها، ولا تعرف عن الحب ولا الجنس إلا ما يشيع حولها وحولنا، وحين انطلقت ذاتها الجنسية تلك، ورأت نفسها تمارس العلاقة الجنسية بشكل تصفه أنت بالجنون، خافت على نفسها، ومن نفسها، وجموحها، أو تصورته بالأحرى جموحا، وعادت للعقل، والممارسة كل أسبوع مرة!!
زوجتك لا تفهم يا عزيزي، وأنت لا تفهم أيضا، وأغلبنا لا يفهم، ولذلك نتعثر!!!
4ـ أضحك أنا، وأنت تريد أن تتخلص من الخيال الذي تسميه جامحا، والخيال هو أجمل، أو من أجمل وأهم طاقات العقل والوجدان كما فطرنا الله، ولكنك حبسته كما نحبسه، ووضعته في إطار أو مسار محدد، هو أشد بؤسا من محاولاتك للتخلص منه، ومن شأن احترام نعمة الله بالخيال، أن تطلقه حرا وترى أين سيذهب بك، لا أن تصطادك صورة واحدة تلف فيها وتدور، وتحاول أن تصطحب زوجتك إلى هذه المساحة التي أنت متردد فيها أصلا، ثم كأنك تلومها لأنها لا تأتي معك، وأنت أصلا حائر متلعثم بين رغبات محمومة وغريبة (هكذا تسميها)، وما تظنه تناقضا بين كونك غيور وملتزم، وبين خيالك الجنسي الذي تغالبه فيغلبك، وتعتذر بعدها، أو تغلبه فتشعر بالإحباط الجنسي، وعدم التجدد، وزوجتك حائرة أيضا بسبب ترددك هذا، وبسبب الجهل الشائع المتداول حول كل جزئية نتكلم عنها هنا يا عزيزي!!
5ـ ما زلت أضحك بشدة على أمة أحبها، وأراها أمامي تخطو وتتعثر في أفخاخ وضعتها في طريقها بجهل، أو بسوء تقدير، أو بكلام تردده تحسبه فقها أو شرعا، وهو مجرد حكايات وأساطير أخطات في فهم مقاصد الدين، وفاتها التوفيق في إدراك أو فرز الصحيح من الغث، وأغلقت على نفسها أبواب المعرفة الهادية، وأسلمت قيادها إلى أنصاف الفقهاء، ومتواضعي المواهب، وضعاف العقول فقادوها إلى متاهات تلف فيها منهكة، وتشتكي الحيرة!! اللهم اهدنا الصراط المستقيم.
وحتى لا أطيل عليك ولا أعمم، أقول أنك تحتاج كما يحتاج أغلبنا إلى فك ترسانة الجهل الذي يملأ عقولنا وحياتنا، ونحن نحسبه علما وفقها ومعرفة، ولا نجاة لنا إلا بالسؤال، والبحث الحقيقي عن حقائق الأشياء لا ترهات الرأي، والقول بالهوى، وحكايات قبل النوم!!
وإجمالا أنصحك بما يلي (رغم أنني لا أحب النصائح، ولا أؤمن كثيرا بجدواها):
٠ تحدث إلى زوجتك بانفتاح: عن رغبتها الجنسية كما وكيفا، ما تحبه في لقاءكما، وما لا تحبه، ما تعتبره عاطفيا أو جنسيا مفضلا، وما لا تعتبره كذلك، وأرجو أن تراقب سلوكها وسلوكك جيدا لتقارن بين ما ستقوله لك (وهو رأيها)، وما تطبقه فعلا (وهو وعيها)، ولا يوجد كثير تطابق بين هذا وذاك لدينا!!!
٠ حرر خيالك يا رجل ليحلق في آفاق التواصل العاطفي والجنسي الممتع، وكلما يحط بك خيالك في كوكب خذ زوجتك معك إلى هذا الكوكب، خذها برفق ومودة، وذكاء ورقة، وثقة أنك تفعل شيئا يسعدك ويسعدها، ولا جريمة في الخيال مهما كان، ولا حرام في الممارسة إلا الحيضة والدبر.
٠ توقف عن مشاهدة الأفلام والمقاطع الجنسية فإن هذا تخريب لخيالك الجنسي التلقائي بصور مصطنعة، وتجارة وصناعة ساقطة منحطة تزري بالمروءة والفطرة، وخيالك سيأخذك إلى مساحات أجمل، شريطة أن تدربه، وتحلق معه، وسيستغرق هذا منك بعض الوقت والجهد، لأننا قتلنا الخيال وشوهناه مبكرا يا صديقي!!! وتعلم طرق مختلفة للتعبير والتواصل العاطفي مع زوجتك.
٠ افهم واشرح لزوجتك أن بداخل كل منا ذوات متعددة، وأن بداخلها ضمن الذوات ذاتا جنسيا تحتاج إلى الاعتراف والاعتبار والتقدير، ومن واجبها، ومن حقها أن تسمح لهذه الذات بالخروج والأداء بكل ثقة وقوة، وحين يحصل هذا سترى عجبا، أنت وهي، وستكتشف هي نفسها ما لم تكن تظنه، وأرجو عندها أن تحترم أنت ذلك، وتحتفي به، وألا تفعل مثل أغلبنا ممن يرتعون في مراعي الجهل السائد حين ينزعجون، وهم يرون زوجاتهم في لحظة تجلي لذواتهن الجنسية!!! والموضوع كبير، لكن يكفي هذا اليوم!!!
التعليق: أشكر لك أيها السائل سؤالك الذي أخرج لنا هذه الإجابة الشجاعة في الطرح والأصولية المنشأ والعلمية الأساس من د. أحمد عبد الله -زاده الله علما-
ولا أخفيك سرا أنني يا د.أحمد كدت أختلف معك في بداية القراءة ولكني وجدتني عند الانتهاء منها أدعو لك
ومشاركة بسيطة مني أرجو أن تقبلوها
ما أحسن ما قاله القائل (راقب أفكارك فإنها ستصبح أفعالك، وراقب أفعالك فإنها ستصبح عاداتك، وراقب عاداتك فإنها ستصبح طباعك فحينئذ يصعب التحول عنها ) فتحرر من الخيال المفروض عليك في هذه الأفلام التي صنعتها أيدي أعدائنا بإحكام خبيث، إلى الخيال الحر الذي أنعم الله به علينا