السلام عليكم،
أشاروا عليّ بالكتابة لكم. المشكلة تخص ابنة أخي؛ يتيمة من الأم مذ أول يوم في حياتها، توفيت أمها وهي تلدها فعاشت مع زوجة أبيها في إهمال شديد، تعرضت لحادثة اغتصاب من أبيها وهي في الثالثة من عمرها، وأجريت لها أكثر من أربع عمليات جراحية بسبب الحادثة لكن الأطباء في الخارج أخبرونا أنها لن تستطيع التحكم بالبراز والبول بسبب الحادثة، بعدها عادت البنت للعيش مع خالتها وأبيها على أساس رعايتها، لكن بعد فترة تفاجأت وبقية إخوتي أنه -أبو البنت- ما زال يمارس معها وأنها حاولت الاستعانة بأخيها الكبير -من زوجة أبيها- لكنه حاول التحرش بها هو أيضاً، وهكذا كل إخوتها تحرشوا بها، وبعدما عرفنا بهذا أخذنا البنت أنا وإخوتي عندنا لنقوم برعايتها.
كانت تتنقل في الإقامة بين بيوتنا نحن أعمامها؛ لاحظنا أنها كانت عنيفة مع الأطفال، وتكذب علينا فقد كان أبوها يمرّ عليها في المدرسة ليمارس معها وتخفي ذلك عنّا لأنها كانت تخافه خاصة انه كان يهددها بالسلاح، وكنا نجد معها كمية كبيرة من الرصاص تهدد به الأطفال في مثل سنها! فاتبعنا معها كل أساليب التأديب لكن بلا فائدة: ضرب وحبس وحرق في جسدها حتى تتأدب إلى أن وصلنا لمنعها من المدرسة، لكن رجعت لها لأن حالتها ازدادت سوءاً.
كانت تخاف المدرسات بشدة، ولا يمكنها أن تحضر حصص المدرسين وإن دخل مدرس تدوخ في الفصل وتتشنج مذ لحظة دخوله! لكنها كانت ذكية جداً في المدرسة ودائماً تحصل على المركز الأول، حتى أنها كانت تدرس السنتين بسنة واحدة -أي تدرس ثاني ابتدائي وتترفع مباشرة إلى الرابع- وتكرر هذا الشيء عدة مرات. بعدما أكملت المدرسة بدأت تشتغل وكانت نشيطة، حصلت على منحة للخارج لأن مجموعها في الثانوية العامة كان عالياً، لكنها استنكفت عنها بسبب خوفها، فهي تخاف جداً من الليل والظلمة ولا تنام طول الليل.
حاولنا معالجتها عند أطباء نفسيين، لكن ما لا فائدة، وقد عجزوا معها لأنها كثيرة المشاكل مع الجميع: في البيت، مع صديقاتها، مع الجيران، مع الأطباء الذين عالجوها.. فكل واحد يبدأ بعلاجها تسبب له مشكلة فينسحب. أدخلناها المصحة مرتين لأنها كانت مدمنة ولا فائدة. دائماً عصبيه جداً؛ تكسر أثاث البيت، وتقول لنا دائماً أنها تنتقم منّا! حاولت عدة مرات أن تقتل من في البيت؛ مرة بتسميم الطعام، ومرة بالبوتجاز، ومرة بقنبلة وضعتها بالقرب من دبة الغاز، ومرة طعنت أخاها الكبير بخنجر، ومرة كسرت أصبع أخيها وقطعت له ثلاثة أصابع أخرى، ومرة حاولت قتل بنت أخيها وخنقتها! وحين سألناها لماذا فعلت ذلك قالت لئلا تصبح مثلها وحتى لا تتعذب في الحياة!
ومرة حاولت قتل ابني الصغير فسألتها لماذا فقالت لأنها لا تريد مجرمين أكثر مما هناك على وجه الأرض، وأننا الرجال مجرمون! ولها محاولات كثيرة في الانتحار وننقذها في اللحظة الأخيرة، عدا عن إيذائها الجسدي لنفسها فتجرح نفسها في أماكن مختلفة من جسمها الرجل واليد وغيره. كما أنها شكاكة جداً نحو تصرفات الآخرين وعندها وسوسة شديدة في النظافة والصلاة والدعاء؛ كل شيء تعمله أكثر من مئة مرة، وحين تخرج إلى الشارع تعد كل أبواب المحلات وكل الأنوار، وكم لون أصفر وكم أزرق، ويجب أن تسير بخط مستقيم وتعد بلاط الأرض، وأسئلتها غريبة جداً وتصرفاتها غريبة جداً!
فمثلاً: حين تشحن الهاتف فإنها تدفئه ببطانية معللة ذلك بالبرد!! وتصرفات أخرى كثيرة وغريبة. أيضاً، هروبها المتكرر من البيت وغيابها لفترات طويلة لا نعرف طريقها، تظل تبكي ليلاً، والآن رفضت العمل تماماً ونحن عاجزون عن إقناعها بالعودة إليه.
هي معاقة سمعياً وبصرياً؛ لديها إعاقة سمعية كاملة بسبب حمى شوكية قبل ثلاث سنوات، وإعاقة بصرية جزئية بسبب الضرب الذي كانت تلقاه من أبيها، فهي فاقدة للبصر تماماً في إحدى عينيها، والعين الثانية ضعيفة جداً... بعد فقدها سمعها زادت مشاكلها وعصبيتها أكثر بكثير من ذي قبل.
أتمنى أن تساعدونا في قضيتها لأنها تعيش معي في البيت وسببت لي الكثير من المشاكل، قال لي الطبيب المعالج أن عندها الشخصية الحدية، فأطلب منكم توضيح كيفية التعامل معها لأنها تسببت في مشكلة معه فتوقف عن علاجها، وبالرغم من ذكائها إلا أنها وقت الغضب تتصرف تصرفات جنونية وكأنها مجنونة تماماً.
أتمنى الإجابة بأسرع وقت، فقد طفح الكيل ولا ندري كيف نتعامل معها مطلقاً، فأحياناً تكون مرتاحة وفجأة تنقلب إلى النقيض تماماً.
وشكراً لموقعكم الجميل، والسلام عليكم.
05/05/2010
رد المستشار
أهلا وسهلاً بالأخ الكريم،
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
قصة هذه البنت كما رويتها لنا مليئة بالمآسي والصدمات التي لا تقل شدتها ووقعها على نفسيتها عن أحداث سبتمبر على العالم مضروباً بمائة أو بألف!!.
سألت نفسي هل بنت أخيك هي المريضة، أم المجتمع حولها هم المرضى؟! أي أب هذا؟! هل ينتمي لجنسنا؟! هل هو من البشر؟! ولِمَ لم يخضع للتقييم النفسي أو العقاب القانوني هو ومن اغتصبها من أولاده حتى الآن؟؟!!.
الخطوات وملامح الحل:
هذه الفتاة باختصار تحتاج لتغيير مجتمعها إلى مجتمع آخر بعيد عن أهلها، فعلاج حالتها اجتماعي بالدرجة الأولى بإيجاد مجتمع تعيش فيه يحقق لها الأمن والدعم ويمثل نسبة 80 بالمائة من علاجها، ثم تخضع لعلاج نفسي معرفي وسلوكي في جلسات مطوّلة معها وهذا يمثل 15 بالمائة من علاجها، ثم دوائي ويمثل 5 بالمائة.
ادخل على الروابط التالية:
اضطراب شخصية حدية كامل المعالم
نانا تعاني... الشخصية الحدية
رويدة والشخصية البينية (الحدية)
الشخصية البينية (الحدية): هل هذا هو النموذج؟
تابعنا بأخبارك.. أتركك وتلك المبتلاة في أمان الله وحفظه.
التعليق: شكرا لهذا الرد يا دكتور ملهم
وكان الله في عونها وعون من أرسل الاستشارة
وأرجو ألا يتخلى عنها أبدا .