الاسترجاز والانتظار: محبتنا الرائعة مشاركة
استرجاز وانتظار: محبتنا.. نقد وحوار
الأستاذ الفاضل د. أحمد عبد الله
تحيه طيبه لك ولجميع مستشاري مجانين، أعانكم الله ووفقكم لما يحبه ويرضاه وجعله في ميزان حسناتكم بإذن الله... ليتني أستطيع أن أساعد من يحتاج ولو بجزء ضئيل مثلما تفعلون...
مع احترامي الشديد لرد "سمر" على ما أجبتم سلمى به، ولكني لم أشعر بما شعر به سمر من الرد. نعم لقد كان ر دا قوياً، قاسياً، جافاً بعض الشيء. ولكن قوته تلك تنبع من الإيمان بالتغيير للأفضل.
وقسوته ليست بالمعنى الدارج لدينا؛ ولكننا أحيانا نحتاج لمن يقسو علينا بعض الشيء حتى نفيق من غفلتنا وتمادينا في الخطأ، فنحتاج لصوت يستفز مشاعرنا، يستفز الجانب الجميل بداخلنا حتى يستيقظ ويفيق من سباته، فإن كان الرد قاسيا بعض الشيء فإنما القسوة لصالح سلمى وليس لقسوة المستشار.
أما عن جفاف الرد، فليس لأنها تخطأ، وليس لأن خطأها قاسي، ولكني أعتقد بأنه ينبع من أب رأي الكثير والكثير من أحوالنا، يحزن كلما رأى من على شكيلتها، ويحزن أكثر عندما يجد أنها المشكلة الأكثر عدداً مما يصله من مشاكل.
رداً جافاً لكثرة ما قيل عن ذلك وما زلنا نخطئ.. إلى متى سنفيق؟ إلى متى ستظل رؤوسنا في الرمال كالنعام؟ متى سنتغلب على شيطاننا؟ متى سنهزمه؟ لماذا ليست لدينا القدرة على أن نقول له: لا؛ أنا أقوى منك ومن أفكارك الشيطانية، لن تهزمني، ولن تنتصر علي، فقد منحني الله تعالى خالقي وخالقك عقلاً أفكر به لأميز بين الصواب والخطأ، وأنت خطأ ولن أعصي ربي لإرضاء غرورك أيها الشيطان.. اسمحوا لي أذكر لكم منذ أن سمعتها لا أنساها أبدا.
ذهب حرامي ليسرق منزلاً وقد كان معتاد السرقة، وكان صاحب المنزل على سجاده الصلاة فبعد أن فرغ من صلاته ظل مكانه يقرأ كتاب الله سبحانه وتعالى وكان صوته مرتفعاً بعض الشيء، وبينما الحرامي يتسلل لسرقه البيت إذا به يقرأ قوله سبحانه وتعالى ويقول: بسم الله الرحمن الرحيم "أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ....."(الحديد:16) صدق الله العظيم. فرد الحرامي قائلاً: بلى قد آن، بلى قد آن.... فلولا أن سمع ذلك العابد يقرأ تلك الآية ترى ماذا كان فاعل؟ كان سيستمر في عصيانه لربه، ولكنه سبحانه وتعالى يسبب الأسباب.. فقد كانت سرقته لذلك المنزل في ذلك الوقت تحديداً سبباً لهدايته.... وأنا هنا أقول لكل من يعصي ربه بأي شكل من الأشكال وبأي طريقه:
بسم الله الرحمن الرحيم "أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ....."(الحديد:16) صدق الله العظيم.
أعتذر عن الإطالة
ولكن قد أكون استفززت بعض الشيء من كثر الحديث عن ذلك الأمر ومن كثرة انتشاره بين الشباب من الجنسين ومن تمكن الشيطان منهم وعدم مقدرتهم على هزيمته.
30/4/2010
رد المستشار
وما الذي يمنعك من الانضمام إلينا لتقومي بجزء مما نقوم به؟!
وما الذي يمنع كل متخصص في علم النفس، أو الاجتماع، أو علم الإنسان "الأنثربولوجي" أن يضع يده في أيدينا نحو فهم أفضل، ومن ثقافتنا كما تنبع من انفتاحنا على المعارف والتجارب، وحصاد الكلمة في الدنيا كلها، والتاريخ كله؟!!
أعجب من أمة يبلغ عدد من يحملون حرف الدال فيها عشرات الآلاف، أي من حملة الشهادات العليا في علوم النفس والإنسان والمجتمع والفلسفة والتاريخ، ودراسة الحضارات والأفكار، وأسأل نفسي: أين هؤلاء؟!
اتصلت بي إحداهن شاكية من مستوى وتوجهات بعض ما ينشر على مجانين من ردود وآراء، وقالت إن بعض هذه الردود يبدو متخلفا عن حركة الواقع المضطرب الذي نعيشه، وقد تبدو ردود أخرى مثالية أو غير منطقية، أو أحيانا هجومية، غير موضوعية، وأحيانا سطحية، وغير متعمقة!!!
قلت لها: أنت أستاذة جامعية، فلماذا لا تبحثين معنا عن بدلاء من المتخصصين يحلون محل من ترينهم دون المستوى؟!!
أغلب الظن أن السواد الأعظم من هؤلاء لا يرون أنفسهم مسئولين عن المشاركة في المجال العام بصخبه ومشكلاته، ووظيفة العلم عندهم، وعند أغلبنا أن يكون الإنسان موظفا في مكان محترم يحمل لقبا وشهادة، ولا وجود بعد ذلك لأي دور للعلم في إدارة شئون حياتنا بسبب جهلنا بجهلنا، وبسبب عدم احترام العلم الحقيقي، وبسبب هذا العجز والانسحاب البائس لأصحاب الشهادات العلمية، ولا أقول العلماء، لأن العالم الحقيقي يستدعي أو ينتدب نفسه، ويبذل علمه في سبيل خير أمته، وخير الإنسانية كلها!!!
أرجو أن تعتبري وأن يعتبر كل قارئ أو قارئة لهذه السطور كلامي هذا تحريضا صريحا ومباشرا على أن نؤدي دورنا كل في مجال معرفته، وبحسب رغبته في أن يكون عند الله من المقبولين، ولمسئولياته من المؤدين، بدلا من تبادل اللوم، وإلقاء التهم والتقصير على الآخرين دون أن يقوم كل منا بما ينبغي القيام به، وما يمكنه، وهو كثير، وصفحات مجانين مفتوحة للمبادرات أما مسألة العادة السرية فهي ضرورة بائسة يلجأ إليها المضطر ذكرا كان أو كانت أنثى في محاولة لتسكين الشهوة، وتصبير الرغبة حتى يحصل الزواج، وأنا ببساطة أرى أن ممارسة العادة ليست حلا، ولكنها مشكلة كبيرة، وبخاصة مع طول الممارسة، ولكن هذا تلقائيا يطرح على القائل به أن يقدم بديلا، أو اختيارا غيرها، وببساطة أيضا لا يوجد بديل أقل سوءا، وقد ذهبت الشهوة، وضغط الرغبات مع تأخر الإشباع بنا بعيدا في انتعاش سوق الدعارة، واستهلاك متزايد للمنتجات الجنسية، وعنف تتصاعد معدلاته بشكل ملفت، ولا أحد يضع حلولا من أولي الأمر، ولا أحد يفهم من أصحاب المشكلات كيف يمكن إطلاق حلول، أو حتى طرق أخرى للفهم والتعامل مع الوضع القائم!!
المشهد عبارة عن هبل وتشويش وصراخ، وتعتيم وسخافة وخفة واستخفاف في التعامل مع الشأن الجنسي كله، ومع نفوس البشر ومصائر الناس بشكل عام، ولا أتخيل نفسي، ولا أحب لها أن أكون جزءا من هذا الخبل السائد، وأجتهد أن اشرح تفاصيل نغمات عزفي، وإن بدا منفردا!!!
المسألة يا فاضلة تتجاوز ثنائية القسوة/ اللين كما تصورت "سمر"، وكما تتصورين، وكما يمكن أن يتصور غيركما، وكذلك فإنها تتجاوز وسوسة الشيطان الضعيف الذي يمكننا أن نقهره لو ذكرنا أحد بقوتنا ولو ببعض القسوة في الكلام!!!
ولم يدر بخلدي أن أقسو على "سلمى" لأوقظها ضد شيطانها، ولا أتصور أن ممارسة العادة السرية هي المرض، أو هي السؤال، ولا أتصور أن الإجابة هي من قبيل: كخ أو عيب أو حرام... متعملوش كده يا ولاد عشان مترحوش النار!! ولا أعتقد سلمى ولا سمر ولا أنت ولا أي قارئ يجهل أن "كيد الشيطان كان ضعيفا" ولا أرى ذلك التقسيم الساذج للأمور إلى صواب وخطأ ثم وصف الحل بأن نفعل الصواب، ونترك الخطأ!!
لا أرى هذه السذاجة أوصلتنا إلى شيء، ولن توصلنا إلى شيء!! ولا أرى الصراخ في الناس بالمواعظ أن أفيقوا، وآن لكم أن تخشع قلوبكم لذكر الله، لا أرى هذا النهج قد أوصلنا إلى شيء، وهو لن يوصلنا إلى شيء يذكر، ولو بقينا نعيد ونزيد فيه ألف عام!!!
إنما نحتاج إلى تغيير كامل في الاستراتيجية والتكتيك، ولن يحصل هذا دون أن نفهم أصلا كيف يعمل الإيمان في النفوس والمجتمعات؟!
وأتحدى أن تجدي إجابة متماسكة لهذه القضية الخطيرة، وهذا التساؤل الأساسي!! غير الكلام العام المكرر، والكليشيهات المعتادة .
الإيمان يا ناس لا يعمل في النفوس على طريقة تلاوة الأوراد والمواعظ وإعادتها وتكرارها وهكذا، ولا يعمل على طريقة أطفال الروضة بتقسيم العالم بسذاجة إلى أشرار وطيبين، ولا بتقسيم الأشياء إلى صواب وخطأ، لأن الحياة للأسف أكثر تعقيدا من هذا، ودين الله وهديه أكثر تركيبا من هذا أيضا، وما جاء الدين إلا للحياة!!
إنما يعمل الإيمان عبر تحريك المشاعر والوجدان فتشجع القلوب، وتعمل العقول إنشاء أنظمة فردية وجماعية تكفل لمقتضيات هذا الإيمان، ومقاصد وأهداف وتصورات ومقترحات هذا النهج أن تنفذ، وهذا من معاني تكرار قوله سبحانه: الذين آمنوا، وعملوا الصالحات.
إذن في موضوع العادة السرية لا يوجد جدوى في أن نصرخ في وجوه الممارسين والممارسات لها، ولا أن نحنو عليهم وعليهن، لا الطبطبة تنفع، ولا القسوة، إنما أن تعمل عقولنا معا في البحث عن إجراءات وخطط وأنظمة لتغيير المشهد الفردي الحالي البائس والجماعي، وفي هذا الإطار جاء ردي إلى سمر وسلمى، وفي نفس الإطار يأتي ردي هذا عليك منتهزا فرصة كل رسالة وصلت من كل واحدة منكن لأحكي هذه الحكاية كل مرة بشكل مختلف، لعل وعسى!!!
سئمت يا أختي الكريمة.. سئمت من وضع الكلام في حوارتنا أو حشره داخل أطر بلهاء من التشاؤم والتفاؤل، والقسوة والحنية، فأنا أتصور أننا في أمس الحاجة إلى تشريح مشكلاتنا، والبحث عن حلول لها عبر صوار متواصل، وبحث دؤوب.
أنا هنا في "مجانين" أفعل ذلك، ولا أهدف ولا يسعدني ولا يدور بخلدي أن أقسو على أحد، أو أهاجم أحدا، إنما غاية ما أريده أن تتحرك العقول من رقادها، وأن نجلو عنها الصدأ من قلة الاستخدام، وأن نجرب سويا روعة السؤال، وجمال التواصل بالحوار، وعظمة الشورى للوصول إلى سبيل.
وقد كتبت سابقا منذ سنوات برنامجا عمليا للتخلص من العادة، ونبهت في إجابات لاحقة على أهمية استثمار طاقاتنا المبددة في تكوين عقولنا وأجسادنا، وتغيير أحوالنا، وحتى يحصل هذا فتكون لدينا مساحات من الفهم لأبسط الاحتياجات الإنسانية، وحتى تدرك القطعان السائرة إلى حتفها أن الطريقة التي نعيش بها لا تصلح، وينبغي تغييرها، حتى يحصل هذا، سيظل الشباب يمارسون العادة السرية، وكذلك البنات كضرورة سيئة تخفف من أوجاع الحرمان الجنسي حتى نحل مشكلته، وليخرجوا مما يدخلون أنفسهم فيه من إثارة بالصورة والصوت، وطالما بقيت العقول جامدة، والقلوب زائغة عن إدراك الواقع، والشعور بمعاناة بعضنا البعض، ستبقى العادة السرية الحل أو الاختيار السيئ، أو الأقل سؤا بين اختيارات أخرى أسوأ مثل: الشذوذ الجنسي، أو الاكتئاب، أو وهم الاستغناء عن الجنس، أو التحرش بالمحارم، أو العنف بأشكاله!!
ويفيد أن يذكر لنا أولئك الذين لا يمارسون العادة السرية كيف يتعاملون مع شهواتهم الجنسية، وما هو النظام الذي يتبعونه؟!
وكم يصمد في التطبيق؟!
كيف ينجح البعض في عبور مرحلة الشباب دون مشكلات جنسية؟
يا أختي الكريمة: أريد أن نتداول خبرات، ومقترحات ببرامج وخطط، وخطوات تنفيذية مجربة من واقع تطبيق ما ينصحنا بما يفعله هو فعلا، أما المواعظ فيستطيعها كل أحد، ولا يبخل بها، وتجدينها في مترو الأنفاق، والقنوات الفضائية، والجرائد، وأحاديث المجالس.
أما أنا فطموحي مختلف: أحاول أن أفهم، وأشرح لغيري أن يفهم، وننتقد معا لنصل معا إلى سبب أفضل للتغيير، دون أن أطلق أحكاما على أحد، ولا أقسو، ولا أطبطب، ولا تشاؤم ولا تفاؤل، إنما تحليل وتفسير، وحوار وتقليب، وتواصي وتنقيب، وبحث وتدريب، ونهج علمي يوظف العلم بكل تخصصاته في سبيل الفهم السليم والتغيير الصحيح العميق، ولك تحياتي الخاصة.