الصراحة وتوقيتها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
هذه المشكلة قد تكون من نوع جديد على الموقع وأرجو أن يتسع صدركم لها, فهي والله ليست عبثاً وإضاعة وقت ولكنها فعلا أسئلة أحتاج لمشورتكم فيها فأرجو أن تجيبوني على قدر ما يحتاجه الأمر.
كنت قد أرسلت لكم أطلب المشورة في حالة شخص به الكثير من المميزات يريد الزواج ومريض بمرض ليس بالبسيط وليس بالمعدي أيضاً وكنت أريد مشورتكم حول ما إذا كان من الواجب عليه أن يخبر الفتاة أو أهلها أم لا وإن كان فمتى يكون ذلك حتى لا يظلم الفتاة أو يظلم نفسه... وأرسلتم تطلبون المزيد من المعلومات... وها أنا ذا....
أولاً... لقد تعمدت عدم تحديد المرض لأن السؤال يتعلق بشخصين وحالتين:
1- شخص ممتاز كما ذكرت من قبل, متدين بفهم, وسيم, مثقف, محترم ومحبوب من الجميع... الخ, ولكن الله ابتلاه بمرض في القلب (لا أعرف التفاصيل لأنني مهندس ولست طبيباً) لكن الخلاصة أنه يمكن أن يعيش سنوات كثيرة جداً حياة شبه طبيعية ويموت بالشيخوخة.., ويمكن أيضاً أن يكون أول المرشحين إلى لقاء الله وهو في عز شبابه نتيجة لأزمة قلبية أو ما أشبه.
2- شخص آخر مثله تماماً من حيث الصفات الحميدة والمميزات الكثيرة لكنه هذه المرة لا ينجب (عقيم) وهو يعرف ذلك..
والسؤال الآن: كل من هذين الشابين الممتازين هل يحق له أن يتقدم لخطبة فتاة كأي شخص طبيعي أم أنه لا ينبغي له ذلك؟؟ وإن فعل,,, فهل يعلن عن مرضه للفتاة أو لأهلها, أو لكليهما؟؟
وإن أعلن,,, فمتى يكون ذلك؟؟ هل ينتظر حتى ترى الفتاة وأهلها منه مميزاته -وتتعلق به الفتاة- ويتمسك به أهلها (لأنه شخص نادر فعلاً) ثم يرمي القنبلة!!! وهل يكون بذلك أمن نفسه وظلم الفتاة, لأنه وضعها في موقف اختيار بين أمرين كلاهما مر (الزواج من شخص مريض بالقلب أو عقيم, أو التخلي عن شخص ممتاز تعلقت به) وهل في هذا الموقف منه نوع من الابتزاز العاطفي للفتاة وأهلها؟؟
أم يعلن ذلك من البداية, ويكون قد ظلم نفسه بعدم إعطائهم الفرصة ليروا مميزاته والجمال الداخلي الذي يملكه والذي يعتقد أنه سيسعد من تعيش معه؟؟
باختصار: متى يخفي الشخص عيوبه ولا يكون غاشاً للآخرين ومتى يظهرها ولا يكون ظالماً لنفسه أو لغيره؟؟
أرجوكم لا تعتبروا السؤال أعم من اللازم, فأنا متعشم فيكم الإجابة على أي حال, والموضوع موضوع رأي ومشورة وجزاكم الله خيراً.
3/3/2004
رد المستشار
الأخ السائل: من الطبيعي أن للبشر جميعا عيوبهم الشخصية والجسمانية، وكل إنسان قد يعرف عيوبه، وقد تخفى عليه أحيانا، ولما كانت الحياة الزوجية هي علاقة تحدث على أكثر من مستوى فإنه من المفيد أن يكون الاختيار فيها على أوضح بينة ممكنة، فتتكامل أجزاء صورة الطرف الآخر بأقصى وضوح ممكن فيختار لنفسه ما يتحمل مسئوليته بعد ذلك.
وكتمان العيوب أو بعض الصفات ممكن إذا لم تكن هذه الصفات أو العيوب مما يؤثر على أصل العلاقة الزوجية من حيث كونها إحساسا ومدخلا للسكن والمودة والرحمة، وفيها من قضاء الوطر، وإنجاب الذرية، ومآرب أخرى ما تعرفه ونعرفه وتعرفه الناس جميعا.
ومن حق كل إنسان أن يرى نفسه "ممتاز" و"نادرا"، وينظر في المرآة فيقول لنفسه "أنا ما حصلتش"، كما يقول المصريون.
ولكن للأسف فإن رأى الطرف الآخر هو المطلوب الأهم بصدد إقامة علاقة زواج تقوم على الإيجاب والقبول، والاقتناع والاختيار، وإن كان ديننا يحرم الغش في التجارة فيحرم على الإنسان بيع سلعة بها عيب يعرفه ويكتمه، ولا ينبه المشتري إليه، فالآحرى أن يكون نفس الوضوح في إقامة علاقة الزواج.
ولا يخلو إنسان من عيوب، ومن حق كل إنسان أن يطمح للإنصاف فيرى الناس عيوبه وسجاياه الحميدة لأن حقيقة الصورة في تكاملها ولكي يمكن أن يحدث هذا كله دون تضارب فإنني أنصحك وصديقك الشاب بأن تكون المصارحة في منتصف الطريق فلا تكون من اللقاء الأول، ولا تتأخر حتى يحدث ما يشير إلى حدوث تعلق قلبي من الطرف الآخر أو بعد السير في الإجراءات العملية الفعلية لتجهيز مستلزمات الزواج.
والتوقيت الأنسب أن تتم المصارحة بعد حصول القبول المبدئي، أو الموافقة الأولية على الشخص من جهة ظروفه وشكله، وأنا واثق أن لكل إنسان بميزاته وعيوبه له شريك مناسب يقبل به ويسعد بميزاته ويتغاضى عن عيوبه، والله الموفق.