هنا وحجابها
أنا فتاة في المرحلة الإعدادية، متدينة إلى حد ما، ولكني محتارة وتائهة بسبب أولاد خالتي الذين هم أصغر مني سنًا. وأولاد خالتي واحد يصغرني بتسعة شهور، والآخر يصغرني بثلاثة أعوام. ولكن أنا لا أعلم هل يجب أن أرتدي الحجاب أمامهما؟
فأنا محجبة، والحجاب علي فرض، فأنا لا ألتزم أمامهما بأي شيء. أجري، وألعب وأضحك وأنام...، أنا لا أرتدي الحجاب أمامهما، وأيضًا فابن خالتي الذي هو 11 سنة، الذي يصغرني بثلاثة أعوام، يقوم بالمزاح معي باليد، وأنا بالمثل، وإحساسي يقول لي: إن هذا حرام شرعًا، ولكنهما ما زالا ليسا برجلين.
فهل يجب أن أرتدي الحجاب وألتزم به شرعًا أمامهما؟
09/06/2011
رد المستشار
أهلًا وسهلًا بك يا صغيرتي..، لَكَم سرني اهتمامك بالسؤال عن هذه المسألة وأنت في هذا العمر، وأسأل الله تعالى أن يظلك الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فأنت –بإذنه تعالى- ممن يقال عنهم: شاب نشأ في طاعة الله.
إن الله تعالى يا عزيزتي، خلق الذكر والأنثى وجعل كل منهما يميل للآخر، ليستطيعا تكوين أسرة وتحمل مسؤولياتها ومشقتها...
غير أن هذا الميل لا يكون موجودًا في الطفولة والصغر، كذلك فإن الإنسان البالغ الطبيعي لا يوجد لديه ميل للأطفال، وهذا يسهل تربية الأطفال، وييسر لعبهم مع بعضهم، ومخالطة الكبار لهم أثناء القيام بشؤونهم... فإذا قوي هذا الطفل واشتدت بنيته، واستغنى عن رعاية غيره له، وأصبح قادرًا على أن يرعى هو الآخرين، غرس الله تعالى فيه الميل للجنس المخالف له، ليتزوج وينجب الأولاد، ويرعاهم، ويتحمل مشقة مسؤوليتهم، وهكذا...
وحتى يكون هذا الميل منضبطًا، ويقوم بمهمته في الترغيب بإنشاء الأسرة، وحتى لا ينحرف بصاحبه إلى المحرمات، فيستغني بها عن الزواج، وتهدم البيوت والأسر...، شرع الله تعالى أحكام الحجاب، ومنع الاختلاط الفاحش بين الجنسين...
إذن: أحكام الحجاب والاختلاط مربوطة بذلك الميل الذي يوجد بين الجنسين (أو ما يطلق عليه: الشهوة) لينظمه ويضبطه...
فإذا كانت الفتاة صغيرة لا تُشتَهَى، أي: لا تشبه بنيتها بنية النساء، ولا يميل إليها الرجل الطبيعي، حل نظر الرجل إليها (إلى غير عورتها طبعًا) وحل لمسها...، فلو فرضنا أن رجلًا كان يجد في قلبه ميلًا تجاهها، فإننا نمنعه هو من النظر، ولا نكلفها بالحجاب...
أما إذا أصبحت هيئة الفتاة أشبه بهيئة النساء البالغات، وكان تلفت نظر الرجل الطبيعي، ويمكن أن يميل إليها، فإنها تؤمر بالحجاب وإن لم تدخل سن البلوغ...، مع ملاحظة: أن الفتاة البالغ يتوجه إليها الأمر والوجوب من الله تعالى فورًا، أما غير المكلفة، فيؤمر وليها أن يلبسها الحجاب، لأنها ليست أهلًا لتلقي الأوامر الإلهية بعد...
بالمقابل: فإن الصبي على ثلاث درجات:
1- لا يميل للنساء، ولا يحسن حتى وصفهن (كابن ثلاث أو أربع سنين): فهذا محسوب كالعدم، في نظره ومخالطته للنساء.
2- فإن كان لا يميل للنساء ولا يشتهيهن، ولكنه يحسن وصف ما رآه: فهذا يعامل كالمحرم.
3- وإن كان يحسن الوصف مع الميل للنساء، فهذا كالرجل البالغ وإن لم يبلغ فعلًا، أي يجب الاحتجاب منه كالرجال، وعدم مسه، أو اللعب معه، أو الاختلاط معه بغير ضرورة.
وهذا طبعًا يختلف من صبي إلى آخر، فقد تجدين ابن عشر أو أحد عشر عامًا لا يدرك معنى الميل بعد ولا يخطر في باله، وقد تجدين ابن تسع يفهم كالكبار...، فالأول يعامل كالمحرم، والثاني كالرجال...
والملاحظ في هذه الأيام، أن الصبية –والبنات- يدركون الميل في سن أبكر من ذي قبل، نظرًا لما يشاهدونه في وسائل الإعلام المختلفة، ونظرًا لعدم انضباط الأهل أصلًا بالأحكام والآداب التي كان أهلونا فيما مضى ينضبطون بها ويراعونها حرصًا على أخلاق أولادهم ومشاعرهم...
فأنت أعلم بحال أولاد خالتك، وهيئتهم، وما يظهر من خلال تصرفاتهم من مشاعر، كذلك فإنك إذا كنت تجدين من نفسك، فرقًا بين ملاعبتهم، وبين ملاعبة من هم أصغر منهم سنًا، فأرى أن تحتجبي لأجلك أنت، لا لأجلهم هم، وحيث قلت: أن إحساسك يقول لك: إن هذا حرام شرعًا. فدعي ما يريبك إلى ما لا يريبك، وارتدي الحجاب، وخففي من ملاعبتهم، وأجرك عند الله في هذا عظيم...
وفقك الله تعالى لطاعته، وأكرمنا جميعًا بتقواه ومحبته والثبات على دينه.
التعليق: أحمد الله على رد المستشار الرائع.
ولكن عندي جزء بسيط جدا. للأخت السائلة:
إذا كنت تسألين، وحصلت على ما تبغين. فإذا كنت مكانك لتوجهت إلي مناقشة الأمر مع أهل بيتي، لأجد ما يريح نفسي.