دماغي تجميع: ثمن الصمود الفلسطيني
حضرة المشرفين على هذا الموقع تحياتي لكم ومحبتي وبعد؛
سأقول مشكلتي بعدة نقاط فهذا يساعدني على التركيز أكثر
1- مع بداية الانتفاضة مررت بحالة من الحزن الشديد وعدم القدرة على التركيز وحالة من الذهول والصدمة عندما فقدت صديقات وأصدقاء من الجامعة لموتهم في الاجتياح.
2- لم أعد أهتم كثيرا بالدراسة ولم أعد قادرة أبدا على فتح أي كتاب أو القراءة أشعر في أحيان كثيرة أن دماغي يحترق ويصيبني الصداع الخفيف في حالة مثلا حاجتي للكتابة أو التركيز وحاليا وانأ اكتب لكم اشعر برغبة بالبكاء لأنني بحق أجد صعوبة بالتركيز، اشعر بان دماغي عبارة عن قطع مبعثرة هنا وهناك وبحاجة للتجميع من جديد.
3- أجد نفسي مرات غير مبالية بما حولي ولم اعد اهتم بالتعرف على الصديقات فما نفع الصداقة إذا كنا سنفقدهم غدا عندما يموتون؟ ولكن سرعان ما اطرد هذه الفكرة وأتعرف على أناس غرباء فقط لأثبت لنفسي أنني قادرة على التواجد بالمجتمع.
4- أدرك تماما أن في نفسيتي شي فيه خلل وأريد حقا معالجته ولكني عاجزة لسبب بسيط انه لا يوجد بمنطقتي اي طبيب نفسي وصعب جدا أن أتنقل من مدينة لأخرى.
5- حاولت معالجة نفسي والذاكرة بالقران أي محاولة التركيز أو حفظه وكانت النتيجة في البداية عدم قدرتي على الحفظ مشلولة تماما ولو حفظت شيئا فاني أنساه.
6- بسبب ظروف والدي الاقتصادية قررت الانسحاب من الجامعة لعدم قدرته على تامين التكاليف اللازمة للدراسة ولأنه يعاني من الديون والأزمات وهو أمر يحزنني حاول أن يقنعني بان ارجع للدراسة ولكني رفضت حتى لا اضطر لان يتحمل عبئا أضافيا وهو دراستي بالإضافة إلى أنني بدأت اشعر أنني فتاة لأترجى منها شيء.
7- بدا شعور أخر يراودني هو الخوف الشديد على إخوتي الشباب وان كنت ابكي مرات وأخفى هذا الحزن فانا أخاف أن افقدهم أو يموتوا وأتخيل مرات أن يأتي نبا استشهاد أخ من إخوتي فكيف ستكون ردة فعلي.
8- اشعر مرات بالخوف الشديد من غدا وماذا سيكون ولكن أحاول مقاومة هذه الأفكار بان أتوكل على الله ولكن الفكرة تراودني جدا.
9- الفراغ الرهيب الذي اشعر فيه يدفعني إلي النوم ومرات التحديق في شاشة التلفزيون بدون أي هدف محدد أو الإقبال على تناول المخللات والموالح بشكل خاص وتراني مرات اقبل على الأكل بشكل رهيب ومرات لا أكل أي شيء.
10- ابكي مرات واشعر بالغيرة عندما أرى فتيات يخرجن و يدرسن أو عندما أرى منظر جامعة في التلفزيون.
11- وزني بدا بالتراجع علما أن طولي هو 168 ووزني أصبح 48 وأعاني من الأرق حتى إنني مرات ابكي لعدم قدرتي على النوم.
12- شعري بدا يغزوه الشيب رغم أنني في بداية حياتي.
13- في حالة القصف التي تحدث أحيانا تجدني في الفراش أضع يدي على أذني وأحاول إغلاقهما بقوة حتى لا اسمع القصف واشعر برغبتي بالبكاء ولكن لا اقدر.
14- سيدي لطالما اعتبرت أن النفس أمانة والجسد كذلك لذلك تجدني قد كتبت لكم طالبة النصح لأنني أرى أنني اظلم جسدي وروحي وبما إنني لم أجد أحدا يساعدني هنا فإنني اطلب العون منكم بعد الله عز وجل
وسأكون متواصلة معكم في حالة أن احتجتم أي شيء.
أختكم فجر
رد المستشار
الأخت الكريمة: كنت قد أجبت على أخ سائل من فلسطين أرسل على موقع إسلام أون لاين يشكو من أعراض مشابهة لما تذكرينه في رسالتك عن حالتك، وفي إجابتي عليه وعنوانها بدائيون لم نزل ثمن الصمود الفلسطيني ذكرت له أشياء كثيرة، وأرجو أن تعودي لتلك الإجابة بحيث لا أكرر ما سبق وكتبته.
ما تعانين منه هو ببساطة نموذجا واضحا لأعراض اضطراب الكرب التالي للرضح (أو اضطراب ما بعد الصدمة PTSD Post Traumatic Stress Disorder )، وقد أسألك لاستكمال التشخيص هل تحدث لك نوبات استرجاع لمشاهد القصف، فيمر عقلك وتعيش ذاكرتك خبرة تشبه الفلاش باك كما في الأفلام السينمائية عندما تتداعى الذكريات مكررة بعد مقاطع من الماضي، وكأن ما حدث في الواقع يتكرر ويعاد على شاشة الخيال والذاكرة مرات ومرات؟!!!
وكثيرا ما طالبت إخواني وأخواتي من المتخصصين بالصحة النفسية بالتفكير الجدي باستحداث تشخيص ننفرد به بين العالمين يستبدل حالة ال "ما بعد" بما هو موجود ومستمر بحيث يصبح التشخيص: اضطراب الكرب الرضحي المستمر Continuous Traumatic Stress Disorder" CTSD".
وفي هذه الحالة يا ابنتي تحتاجين إلى تدخل علاجي، وأخشى أن أضايقك بالقول بأنك تسرعت بترك الجامعة رغم دوافعك النبيلة من وراء هذا القرار، وإضافة إلى ما سيضيفه الدكتور وائل أبو هندي، لك وللقراء من روابط ومعلومات عن حالتك، فإنني أقترح عليه أن نبدأ على مجانين برنامجا للعلاج وإعادة التأهيل لحالات الاكتئاب والقلق واضطرابات الكرب لأهلنا في فلسطين، وربما في العراق أيضا.
إذا كنا في موقعنا مجانين قد أصبحنا بالفعل هدفا لهجمات الصهاينة مما عطل موقعنا طوال الفترة الماضية فليس أقل من أن نكون عونا لإخواننا وأهلنا في فلسطين فهذا أبسط ما نستطيع تقديمه لهم دعما لصمودهم اليومي البطولي، والله الموفق لا رب سواه.
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الابنة العزيزة، أهلا وسهلا بك، وبكل أهلنا في فلسطين، لا أظن رسالةً أثرت فيَّ وفي أخي الدكتور أحمدعبدالله، مثل رسالتك هذي من يوم ما بدأنا العمل في موقعنا هذا، ورأينا أن علينا أن نقدم من خلال هذا الموقع جزءًا من جهادنا المدني، نخص به أهلنا المحاصرين المهددين بالقتل في كل لحظة، كم كانت كلماتك محفزةً، حتى قررنا أن نصمم صفحة على موقعنا نسميها: فلسطين يد بيد، وفيها سنحاول تقديم العون الإرشادي لكم خاصةً،
إضافة إلى محاولة إتاحة سبيل للاتصال بينكم داخل فلسطين من خلال النت، وكان كل هذا قبل تلقي النبأ لأليم لذي تلقيناه صباح اليوم، رحم الله شيخنا أحمد ياسين، وقد أرسلت لي أختي الدكتورة فيروز عمر، رسالة موبيل تقول فيها: شيخ قعيدٌ أيقظ الأمة، ونال الشهادة، فمتى يتحرك صحيح البدن قعيد الهمة؟؟ ونحن إن شاء الله كلنا لن تقعد لنا همة بعد اليوم، نحن معكم، فادعو الله أن يرفع عنا ابتلاءه جميعا.
وأهلا وسهلا بك، وتابعينا دائما.
ويتبع>>>>>: دماغي.محتاجة تجميع:. ثمن الصمود الفلسطيني م