السلام عليكم؛
أستاذي كتبت الرسالة للأستاذة رفيف وكلي خوف من أن يزيد ردها "الشرعي" من معاناتي.
أنا طبيبة أبلغ من العمر 33 سنة، بدأت معاناتي مع الوسواس القهري منذ كنت في المرحلة الثانوية، وكانت بداية الأمر بالأفكار الكفرية القهرية، ثم وساوس الوضوء والصلاة وما شابهها، وبعد رحلة طويلة مع الطب النفسي والتي انتهت إلى العلاج المعرفي السلوكي مع طبيب بارع (وبقراءة مقالات حضرتك القيمة حول التأصيل الفقهي للوسواس القهري)، استطعت بفضل الله أن أتخلص أو على الأقل أن تقل حدة الوسوسة في أمور الصلاة والطهارة إلا في أمرين لا أستطيع التغلب على الوسوسة فيهما:
الأمر الأول: هو أنني إذا توضأت للصلاة أظل أشعر بمدافعة ريح وبول، ولا أستطيع التركيز في أي عمل إلا إذا قررت نقض الوضوء، ولا يرتبط ذلك بكوني سأصلي بهذا الوضوء أم لا. فمثلا: لو توضأت قبل خروجي من المنزل للعمل، أظل طيلة الوقت أفكر في أنني متوضئة، ولا أستطيع التركيز في العمل إلا إذا قررت نقض الوضوء.
قد تقولين أن ذلك لأنني أريد الاحتفاظ بهذا الوضوء للصلاة المقبلة، لكن الأمر ليس كذلك بل إنني يكون الحل الأسهل بالنسبة لي هو نقض الوضوء ثم الوضوء لكل صلاة، ولا أعرف ما هو العلاج المعرفي السلوكي لهذا الوسواس.
الأمر الثاني: هو وسواس صار يزعجني من كثرة تصفحي للمشكلات على مجانين، وخاصة بعد قراءتي أن هناك وسواس النظر إلى عورات الآخرين، ومن وقتها والفكرة تلح على ذهني بلا انقطاع بأنني كلما رأيت أحدًا سأتجه بنظري إلى عورته (لكنني لا أفعل ذلك وإنما شعور بأنني سأفعل)، وهو ما يوترني كثيرًا عند التعامل مع الناس، وكل مشكلتي هو الخوف من أن أنظر إلى تلك العورات فيؤدي ذلك إلى نزول مذي ينجس ملابسي ويضطرني للوضوء.
كما أنني صرت لا أستطيع النظر باتجاه أخي الشاب، لأنني ما أن أنظر إليه حتى تراودني الوساوس بأنه يمارس شيئا من الشذوذات التي قرأت عنها في مجانين، ثم أشعر أن هذا التفكير قد أدى إلى نزول مذي يضطرني لإعادة الوضوء لكنني أمنع نفسي من التأكد من نزول المذي أو عدم نزوله (مع العلم أنني في الأوقات التي أتوقف فيها عن الصلاة لعذر شرعي لا أجد شيئًا من هذه الأفكار أو الوساوس).
7/6/2011
رد المستشار
الأخت الدكتورة الغالية، أهلًا وسهلًا بك على مجانين؛
تأملت في كلامك فوجدت أنك تركزين على خوفك من نقض الوضوء، ولكن كون هذه الوساوس تفارقك أيام العذر يدل على أن هذا الأمر له ارتباط بالصلاة ولو بوجه من الوجوه، رغم أنك تنفين ارتباط هذا الخوف بها....
قد تسألينني: ولماذا أجد من المريح لي نقض الوضوء إذن؟ وأجيبك: لأنك بعد أن تنقضيه يزول قلقك وخوفك من نقضه، فهو قد انتقض وانتهى الموضوع، وبما أنه انتقض فلا داعي للتفكير فيه والوسوسة بشأنه!!
وأسألك: ما الذي يجري لو أن وضوءك انتقض؟ لا شيء!! تتوضئين مرة أخرى عند الصلاة...، جربي أن ترددي هذا السؤال وجوابه في نفسك بهدوء واسترخاء، كلما استبد بك القلق وخفت من نقض الوضوء: (ما الذي يجري لو أن وضوئي انتقض فعلَا؟ لا شيء! أتوضأ مرة أخرى عندما أحتاج).....، ثم ركزي على عملك وتابعيه...، قد ترجع الوساوس بعد مدة وجيزة، فكرري العملية مرة أخرى، وتابعي عملك...، وأرجو أن توافينني بالنتائج بعد المثابرة الجادة لمدة أسبوعين.
حتى خوفك من النظر للعورات، ومن النظر لأخيك، مرده في النهاية إلى الخوف من نقض الوضوء، فاستخدمي معه نفس الطريقة.....
بالإضافة إلى استشعار نعمة الله تعالى والسرور عند ورود وسواس النظر، وذلك لأن غيرك تأتيه هذه الأفكار فيزل ويطبقها ويعصي الله تعالى، أما أنت فإنك تخافين الله سبحانه فلا تقومين بالمعاصي، وتكسبين الأجر العظيم كلما جاءت الفكرة فلم تعملي بها، لهذا ينبغي أن تفرحي كلما جاءتك وتُسرّي بها أيما سرور، وترحبي بقدومها فهي تكسبك الأجر الكبير.....
أما بالنسبة لأخيك، فذكري نفسك عند ورود الفكرة بأن الأصل براءة الإنسان من المعاصي والشذوذات، فحاذري من تجنب النظر إليه، وتكلفي تذكر شيء آخر عندما ترينه، مثلًا كلما رأيته تكلفي تذكر آخر رحلة جميلة خرجتما معًا فيها.....، أو شيئًا آخر من هذا القبيل..، وعيشي هذه الذكرى بكل تفاصيلها الجميلة.....، وإن خِفْتِ من انتقاض الوضوء، فعالجيه بالسؤال والجواب الذي نصحتك به أولًا.....
أرجو أن يكرمك الله تعالى بالشفاء العاجل وطمئنينا عنك دائمًا...