أذهب بشكل متكرر للاطباء النفسانيين
السلام عليكم، أول حاجة أشكركم على الموقع الرائع وجزاكم الله كل الخير وجعله في ميزان حسناتك، باختصار مشكلتي هي في تعاملي مع المجتمع حولي وهي بدأت أو بدأت أنتبه لها لما دخلت الجامعة وبدأت أتعامل مع الناس فإنها قبلها كنت قليلا ما أحتك بالناس وعدد صديقاتي قليل جدا, أنا بنت وسط 3 أولاد ترتيبي رقم2 عشت طفولة هادئة لحد ما, المهم عانيت كثيرا خلال سنين الجامعة وتألمت كثيرا لدرجة الاكتئاب أنا أرتبك جدا أمام الناس وأستطيع أني أحكي براحة فدائما في حالة تأهب قصوى وأشعر بأن معدلات الهرمونات عندي ترتفع وأتكلم قليلا لأني بحس كأن لساني معقودا، وأحيانا أشعر كأن الإشارة بين قلبي وعقلي (لحظتها) مقطوعة وإذا تكلمت بتكلم بصوت يدل على ضعف وسطحية ويظهر علي الارتباك لأني ألخبط بالكلام وأحرج جدا وأفضل أفكر أنا حاطلع من الموقف كيف وبظهر كأني دمي ثقيل (بومة) مع أني والله مع صاحباتي مرحة جدا؛
مع العلم أني لا أخاف إذا طلعت أقدم سمنار أو شيء أو ترأست موضوع أقدم بكل ثقة وأقدم بطريقة جيدة، أما في بيوت المناسبات فهي بالنسبة لي الرعب الأكبر فأنا يادوبك بقيت بواصل الناس واكتشفت العجب أني ما بقدر أدير لي حوار مع أحد إما أسكت أو أتكلم بسرعة وألخبط الكلام مع بعض أرتبك جدا وإذا رحت أعمل شيء أكسر الأشياء والحاجات بتوقع مني وما أعرف أعمل شيء بصورة جيدة دائما أدخل في مواقف محرجة جدا جدا وبتضيق الدنيا في وشي قلت يمكن عشان يا دوب بدخل الحياة الاجتماعية لكن لاحظت أنها ما بتقل بل العكس كل مناسبة أمشيها بكره نفسي زيادة.
البكـاء مشكلتي الكبرى فأنا مع نفسي أبكي بحرقة ولكن في المواقف التي أكون أمام الناس أشعر كأن قناة الدموع مسدودة تماما. مات أخي وأنا كنت في الثانوي فبكيت قليلا (وهذي البداية) مما جعل الناس ينظرون إلي على أني قاسية لم أتأثر كثيرا على الرغم من أنه مات بحادث ولكن إلى الآن لا أدري...!
في أيام الجامعة مرت على صديقاتي بعض الوفيات وكنا نذهب أرى جميع صاحباتي يبكين وأنا أحاول ولا أستطيع على الرغم من أني أكون متأثرة جدا ويضايقني ذلك جدا جدا لدرجة أني أكاد أصل لمرحلة الجنون وأدخل في دوامة اكتئاب.
مرة ذهبنا لدار رعاية الأطفال تأثرت جدا وحاولت أن أبكي فلم أستطع، وكذلك مواقف بالعائلة أنا أعرف أنه قصة مفروض أبكي ولا هذا أمر مو مهم بس البوجعني أنا ليش ماني طبيعية ليش لما تنتابني رغبة بالبكاء لا أستطيع بالرغم من أني لما أكون لوحدي ببكي وبحرقة (مع العلم أني ببكي بس في الأشياء اللي بتوجعني كإحراج أو زعل وليس المواقف التي تحنن القلب أتأثر وبس).
مشكلتي الثالثة هي عدم ثقة بالنفس وعدم توكيد ذات واهتزاز في شخصيتي فأنا لا أستطيع أن أتخذ قرارا بدون تردد أو أحسم أمرا يحتاج حسما أو أرد على حد غلط علي، أتألم وبشدة وبس لأني لا أستطيع أن أتكلم بقوة ويسهل إقناعي حتى أني ما قدرت أتخذ قرارا في واحد كان متقدما لي صاحباتي كن يقنعنني أنه ما مناسب وبقتنع وبرفضو وتاني يرجع وأتردد وهكذا لمدة خمس سنوات لأني ما قدرت أعرف أنا فعلا عايزاه ولا رافضاه مع أنه فيه عيوب بس لأني لا مقتنعة بالرفض ولا بالقبول فكل صاحباتي أجمعن على أنه ما مناسب وبالمنطق كدا معناها فيه شيء بس أنا ما شايفاه تاني أرجع وأقول هم مابعرفو كويس وهو إنسان متعلق فيني جدا ووفي جدا ومن النادر ألاقي زيه خصوصا أنه أنا حظي قليل (ما جاءني غيره) بس هو قصير وأنا طويلة جدا بس هو شخصيته قوية ويحترمني جدا بس شكله هلفوت... هاد الموضوع بين لي أني هشة جدا في اتخاذ القرارات.
المشكلة الرابعة أني متصنعة لدرجة بعيدة فالتصنع في دمي بس أنا ما بكون مرتاحة وأحس أني أستهلك طاقة وأتعب جدا بس والله ما بيدي كأني مبرمجة خصوصا مع الجنس الآخر حتى أعمامي وخيلاني لدرجة أن الناس بيملو مني وهاد بكون ظاهر بس والله ما أقدر أعمل شيء حاسة أن الناس بجد بجد بتكرهني هو مش إحساس بس حقيقة والله وباين من تعاملهم معي أنا ما بعرف بعمل شنو غلط بس في شي مجمعين على أغلب الناس وهو من أول حوار بحس أن الناس بدأت تهمشني وأصعب شيء لما الناس تتعامل معي باحتقار بس ما عارفة ليه بس ناس كتير بتعاملني كدا معناها الغلط مني...
أنا في موقف حصل معي صاحبة أمي وعلاقتها معنا ممتازة جدا ولها كثير جدا من المواقف الرائعة ولها علينا جميل أمها توفت (وكالعادة ماعرفت أبكي معها) بس هون ما هادي مشكلتي مشكلتي أني تعاملت معها بطريقة غريبة جدا جدا وأنا والله ما أعرف ليش عملت هيك بس المتأكدة منه أنه أنا السبب عملت لها إيحاء بوجهي وما كنت حاسة في بس تاني ما قدرت أرجع أتعامل عادي على قدر ما هي بتحاول تتعامل معي أنا يخونني التعبير وأرتبك وأسكت فوصلها أن أنا فيه حاجة من ناحيتي تجاهها يعني كأني شايلة في قلبي منها وأنا والله ما عرفت أرجع عادي (بس هاد ما أول مرة يحصل معي يخونني التعبير والناس تفهمني غلط لدرجة أني خلاص حاسة أني بقيت لوحدي).
قصة ضعف الشخصية عند بابا كمان بس بابا ما شاء الله محقق نجاح على مستوى العمل وما مهتم بالناس كتير بس أنا بالعكس حساسة جدا لرأي الناس فيني لدرجة أني كل شيء أعمله أفكر أولا في رد فعل الناس قبل أي شيء وشو راح يقولون مع أني بعرف والله أن الناس صعب إرضاؤهم وما مفروض بالأساس أني أهتم فيهم لهذه الدرجة بس والله ما أقدر أول ما بتعامل معهم كأني مبرمجة أرتبك وأتصنع وأعطي إحساسا أني ساذجة مع أني والله ما هيك .
آخر حاجة أنا حابة أوضح أني كم مرة رحت لأطباء نفسانيين بس برضك أرتبك قدامهم وما أعرف أحكي وكمان زمنهم ما كان مناسب مع مواعيد الجامعة هم كم واحد لما أحس أني مش قادرة أواصل مع واحد لعدة أسباب (فلوسه كتير أو الزمن مو مناسب أو ما ارتحت له) أول واحد شخص أني عندي اكتئاب وأعطاني سبرالكس بس وقفته بإشراف الطبيب التاني اللي شخص أني عندي اضطرابات مزاجية ثنائية القطبية وأعطاني صوديوم فالبوريت (اورلبت) والتالت وقفه بالتدريج وبعدين سافر ما قدرت أرجع له
وأنا الآن في منطقة ريفية حيث أني خلصت الجامعة وما فيها أطباء نفسانيين
أتمني من الله أن يجعل شفائي على أيديكم وآسفة لأني طولت عليكم بس أنا حاولت أحط بين أيديكم أكبر وصف أقدر عليه.
وجزاكم الله عنا كل خير
16/09/2011
رد المستشار
ابنتي.... لديك مشكلة رئيسية ومشكلتان فرعيتان بنيا عليها؛ فالمشكلة الرئيسية هي كما تشعرين وكما ذكرت وهو ضعف في شخصيتك وهشاشة في بنائها، وهو يرجع بالأصل في عدم تغذية نفسك بالثقة من جانبك ومن قبل من جانب من قام بالتنشئة منذ صغرك، واهتزاز الثقة بالنفس وهشاشة بنيانها ينتج عنه التردد، والصمت، والارتباك، والتيه.... إلخ، قد يكون هناك جزءٌ موروثًٌ من جانب الوالد ولكنه قام بآلية دفاع نفسي تجعله يتحمل هذا الضعف بتقوية الجانب العملي لأنها من المساحات التي يتمكن منها مقابل الهروب من مواجهة التواصل الاجتماعي الذي يكشف هذا الضعف، ويبرر هذا بأن الناس ليسوا أصحاب وزن لديه، أما أنت فقد قمت بآلية دفاع نفسية أخرى لمواجهة تلك المعاناة وهي ما تعرف باسم "التأجيل"؛ حيث يقوم الشخص تجنباً للمواجهة لأمر يصعب عليه مواجهته كموت أخيك وما شابه بأن "يؤجل" رد فعله للحدث لوقت آخر قد يطول لسنوات حفاظاً على سلامة جهازه النفسي الآن لأنه يعلم أنه لن يتمكن من ذلك؛ فنحن نمر بثلاث أمور حين يحدث أمرٌ ما؛ أولها ندرك أو نستوعب هذا الحدث، ثم نتعامل مع الحدث، ثم نقوم برد فعل لهذا الحدث، فأنت تستخدمين تلك الآلية قبل الوصول لرد الفعل لأنك لن تتحمليه وهذه إحدى المشكلتين الفرعيتين.
أما المشكلة الفرعية الثانية فهي ما يعرف بالرهاب الاجتماعي Social Phobia الذي تعانين منه وتظهر أعراضه فيما تحدثت عنه من زيادة الهرمونات والوصلة بين العقل والقلب فهو وصف غير دقيق علمياً لكنه يشير لأعراض لهذا الرهاب، وسببه الرئيسي هو فقدان الثقة بالنفس، وما يحدث من قوة أثناء القيام بتقديم مشروع أو غيره فأنت تتمكنين منه؛ لأنه بعيد عن مواطن الضعف التي تتعلق بمهارت التواصل الاجتماعي مع الآخرين فحينها أنت تتحدثين علمياً عن أمر ما وتقومين بشرحه بعد أن تتمكني من فهمه تماماً ولكنك لا تتعرضين بشكل مباشر لمتطلبات مهارات اجتماعية في العلاقات، لذا أود أن أترك لك تلك النقاط لتعملي عليها:
* تأكدي أن الثقة بالنفس يمكن اكتسابها بالتكرار والتدرج على التدريب عليها؛ وسيكون ذلك بداية بتغيير "اللغة" التي تتحدثين بها مع نفسك وعن نفسك مع نفسك ومع الآخرين، فماذا تنتظرين من نفسك إلا الارتباك والتردد وبؤس التصرف حين يكون حوارك لها دوماً بأنها ضعيفة، غير طبيعية، فاشلة؟ فلتتدربي على أن يتحول حوارك للشكل الإيجابي الذي يبني ولا يهدم بالتحفيز، والعمل على المواجهة بتدريب عملي لك يشجعك على المزيد من التقدم فيما يخص تلك الفوبيا، ولتبدئي ببدايات بسيطة تتدرج حتى تصلي لما ترضينه لنفسك؛ كأن تبدئي بالثبات في اجتماع عائلي والعمل على الحديث فيه ولو بسؤال عام مفتوح غير محدد لشخص ما في أي قضية مشتركة، وسيساعدك في عدم الارتباك أن تتدربي على مهارة التركيز فيما تقولين فعقد لسانك يرجع بالأساس كونك تركزين على رد فعل الآخرين، وعلى كيف ستبدو كلماتك، وكيف ستثبت ملامح وجهك فتفقدين التركيز فيما تتحدثين فيخرج حديثك غير مركز أو تفضلين الصمت، وأعلم أن ذلك التدريب ليس سهلاً ولكن تتدرجي فيه وستجدين فرقاً كبيراً.
* يمكنك كذلك القراءة في الثقة بالنفس وتدريباتها بشكل أكثر تفصيلي بعد تلك البدايات التي ذكرتها لك، ويمكنك عمل تدريب "ذهني" يساعدك على مواجهة التوتر الذي تشعرين به حين تتواجدين في مناسبات، وهذا التدريب يجب أن يؤخذ بجدية ويتم القيام به مرتين على الأقل في اليوم في وقت مناسب لا تشويش فيه؛ وهو أن تغمضي عينيك وتنتقلي بنفسك وروحك وكيانك وكل حواسك لمشهد تتخيلينه فيه ما يزعجك كأن يكون مناسبة ترين في هذا المشهد المكان بشكل تفصيلي، الأثاث، الألوان، الناس، ملابسك، ملابس الآخرين، صوت المكان.... إلخ ثم تبدئي في التعامل مع الموقف فستجدي نفسك توترت فاخرجي حينها من المشهد وعودي إليه من جديد مع زيادة المشهد بتصرف أو كلام أو غيره وكلما شعرت بتوتر خرجت وعدت للموقف ثانية بعد أن تهدئي مع زيادة لقطة أو تعامل وتظلين هكذا حتى تنتهي من المشهد كاملاً بالنهاية التي تتمنيها لنفسك؛ أي كأنك تتخيلين فيلماً أنت بطلته تتصرفين فيه حتى يكتمل على ما تريدين ومن ثم ستجدين نفسك بالتكرار تتدرجين من نقل التخيلات للواقع بإذن الله.
* لدى الإنسان الكثير من الذكاءات المتعددة لكل منا منها نصيب؛ فقد تكون كبيرة في ذكاء وتكون ضعيفة في آخر فنحن مختلفون، ومن ضمن تلك الذكاءات ما يعرف "بالذكاء الاجتماعي"، و"الذكاء الوجداني"، ولأن الحديث عنهما يطول ويطول فأقترح أن تقرئي فيهما، وأن تلتحقي بدورات تؤهل للمهارات الاجتماعية والتواصل الجيد حيث تبدأ مع الشخص من أول شكله الخارجي، مروراً بالمهارات المطلوبة والتعرف عليها والتدريب عليها، انتهاءً بالتعرف على مفاتيح الشخصيات والتعرف عليها لتتمكني من تحصيل تلك الخبرة الهامة التي تنقصك.
* من الطبيعي حدوث درجة أو درجات من الاكتئاب نتيجة ما تشعرين به من معاناة، لذا تشخيص طبيبك على وجود الاكتئاب لم يكن بعيداً، وإن كان من المهم أن نبدأ بقصة الثقة أولاً.
أعلم أني لم أتحدث مع في أمور كثيرة ولكن حدثتك عن الأساس فيها وكيف تبدئين والله معك، هيا لا تتأخري.
التعليق: أخت صفاء ، أتفهم معاناتك لأني أعلم أذى وصعوبة هذا الشعور، وأسأل الله أن يخفف عنك كل ما بك ويرقى بدرجاتك في الدنيا والآخرة.
أنصحك بإعادة صلتك مع الله بمعنى :
عندما تشعرين باهتزاز ثقتك بنفسك أو محاولة التصنع أمام الآخرين أو الشعور بأنك ضعيفة الشخصية فلتأخذي نفسا عميقا، ولتواجهي الأمر على أنه وسوسة من الشيطان، ولتجهزي نفسك لمواجهته ومحاربته، إذن أنت في "حرب" ضد أفكارك السلبية ووساوس الشيطان وإليك بعض الوسائل لتربحي المعركة :
* عندما تحدثك نفسك أنك أقل من الآخرين أو أنهم يراقبون حركاتك ويعلمون ضعفك، تذكري أنك تخافين من وهم إذ أنهم تراب لا يقدرون أن ينفعوك أو يضروك إلا بإذن الله، أرأيت إذ يخاف إنسان من عبيد بدلا من الملك؟!
* عليك أن تدربي نفسك في البداية على تحمل هذا الشعور السيء لأنه بالتدرج سوف يزول
* أن تعرفي ذاتك وتصقلي شخصيتك
* استعيني بالله ولا تعجزي
ولا تنسونا من صالح دعائكم