بر الأبناء... أحاديث مرفوضة في زحمة الاستبداد
"بروا أبناءكم تبركم أبناؤكم"
حديث شريف قاله أشرف المرسلين منذ 1400سنة, لقد كان يقرر قاعدة ذهبية موجودة في مبادئ علم النفس وعلم الاجتماع وهي:
لا تتوقع أن يأتيك خير من إنسان تعطيه الشر... وهو بذلك يقرر أمرا مهما جدا جدا جدا وهو "فعلا قد يكون هناك آباء غير بارين بأبنائهم"......
وهذا ما يرفضه الكثيرون في مجتمعنا ويعتبرون أن من حق الأم والأب ممارسة أي ضغوط يريدونها على أبنائهم وما يعطيهم هذا الحق وبالذات الأم هو كونها أم وتوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأم3مرات..... وكأن الأم أخذت حصانة إلهية, فإن طغت واستكبرت وتجبرت وأهانت وحقرت وكذبت وأوقعت بين الأب وأبنائه بالكذب فهذا كله لأن لها موانة, الشرع أحصنها بها وإن قلنا لها لا يحق لك ذلك بدليل حديث "ملعون من استعق ولده" قالت هذا حديث موضوع وإن كانت لا تفهم أي شيء عن علم الحديث... وقالت إن لي على أولادي حق الحمل وحق الإرضاع وحق الولادة...
فإن قلنا لها وأين التربية الفاضلة قالت هذا لم يذكره الشرع ولست أعني يا أساتذتي الأفاضل بالتربية الفاضلة هي التعليم والأدب والأكل والشرب بل أعني بها الكف عن الصراخ في وجه الابن منذ أن يكون في اللفة حتى يصبح في الثلاثين وأما الناس يتم تحقيره وإهانته, وأعني به أن من حق الابن أن يعيش مطمئنا في كنف أمه وأبيه بدل أن يعيش خائفا مترقبا كل لحظة أن ينزل عليه سيل من الشتائم والنظرات القاسية ربما لأنه نسي ارتداء قميصه, وأن يعيش آمنا من كذب الأم للأب لتوقع بينه وبين أبنائه فيصدقها الأب وتبدأ سلسلة جديدة من الإهانات والتعذيب النفسي القذر...
وبعد كل هذا وذاك يثور الطفل أو المراهق أو الشاب أو الطفلة والمراهقة والشابة... فتصبح هي العاقة ويأتي الجميع من الأقرباء والمعارف يتسابقون لردهم وزجرهم واتهامهم بأنهم لو لم يكونوا هم السيئون لما تعامل أهلهم هكذا معهم ويضاف إلى ظلم الأهل ظلم المجتمع, فإن كان الأولاد من عائلة غنية ويفشلون في حياتهم, اتُهموا بالترف والرفس لنعم أهلهم ولا أحد يصدق أن الأهل يكذبون ويبررون وأن الأبناء يعيشون معاناة قاسية تمنعهم من النجاح في حياتهم وإنما ينزلون في سلم الفشل حتى يصلوا إلى أحط الدرجات.....
ويُنبذ هؤلاء الأبناء بتهمة العقوق..... وتُرفض أحاديث رسول الله التي تعزز حقوقهم بتهمة الوضع, فأما الشاب فيثور ويترك المنزل ويهاجر إلى أرض الله الواسعة وأما الفتاة فتسكت وتجلس وإن لم ترض كانت نهبا للأمراض وإن رضيت فقد أذلت كرامتها وخسرت حريتها وعاشت أتفه حياة وتجرعت كؤوس الظلم الواحد تلو الآخر حتى تموت كمدا أو تقرر يوما ما أنها هي أيضا تريد أن تهاجر وتترك البلد وتذهب فإما تكون واعية للحياة جيدا أو تكون كالنعجة الصغيرة يتلقفها ذئاب يلبسون جلود النعاج, وتتكرر المأساة وكل ذلك لأن الأهل يعتقدون أنفسهم أن لهم حصانة إلهية, ولأنهم فارغون وأن لهم الحق قي استعباد أولادهم......... وأين هم من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لاعبه سبعا وأدبه سبعا وصادقه سبعا ثم اترك له الحبل على الغارب"
أعزائي منذ سنتين وأنا أنادي على مواقعكم هذه بضرورة الثورة على واقع الآباء ويا حبذا لو أصبح العلماء يتكلمون عن بر الأبناء... ورغم عدم قناعة بعضكم بحقيقة ما يحدث إلا أنني لن أصمت وسأكافح في هذا الطريق حتى تنعدل الأحوال, لأن ما أراه وما أعيشه أقوى من أي قناعة تنفي ذلك..... صدقوني لن يستقيم حال الشباب حتى يستقيم حال أهلهم معهم..... إن من يتجرع كؤوس الظلم يعرف معنى القهر والألم حقا.....
أتمنى حقا أن أكون وفقت في إيصال الصورة الحقيقية لمعاناة الأبناء المريعة في ظل آبائهم المستبدين, ولن أعاود صرخات الاستنجاد بل سأصرخ ليحيا العدل وكفانا ظلما يدمي القلوب, ويهدر طاقاتنا نحن الشباب في أمور ستزيد الأمة موتا.......
وتقبلوا فائق تقديري واحترامي.
05/03/2004
رد المستشار
حبيبتي الغالية: أوافقك على كل كلمة قلتيها، أوافقك على أن هناك من الآباء من يعقون أولادهم وأوافقك على أن حال الشباب لن يستقيم إلا إذا انصلحت أحوال الوالدين، وقد قلت هذه الكلمات مسبقا في استشارات عدة سابقة، ومعك ومن هذا المنبر أقول أنني قد أكون أكثر منك ثورة وحماسة لتغيير هذه الأوضاع.
ولكن تعال نتساءل: كيف يمكن أن يحدث هذا؟
أنت حسب أقوالك تصرخين على مواقعنا منذ سنتين، فهل تجدين مردودا لصرخاتك هذه؟!!!! أم أن كل ما تتلقينه هو عبارة عن صدى لصرخاتك ينطلق من حناجر من يوافقونك الرأي سواء كانوا شبابا مثلك أو كانوا ممن عركتهم الحياة مثلي وأدركوا حقيقة دور الوالدين وأدركوا صعوبة معنى كلمة تربية؟!!!!
ثم ما هو النتاج الذي تتوقعينه من صرخات تذهب أدراج الرياح؟ هل تتوقعين أن تغير قناعات وتعدل سلوكيات وتضبط نفوسا هي في الأصل نفوس مريضة لأنها أيضا نتاج تربية خاطئة وخضعت لسلسة لا متناهية من القهر المجتمعي الذي افرز هذا الإفراز وهذا النتاج.
وأرجو ألا يفهم من كلامي هذا أنني يائسة من تغيير الأوضاع للأفضل أو أنني أعمل على بث روح اليأس في نفسك ونفس كل شاب ثائر على الأوضاع، وكل ما هنالك أنني أومن أن الصراخ لن يغير سلوكيات ولن يعدل ويقوم نفسيات، وأن الأمر يحتاج لما هو أكثر من ذلك، يحتاج أن نتجاوز مرحلة الصراخ ونحتاج أن نتجاوز مرحلة الألم المعيق عن العمل إلى المرحلة التي نتعايش فيها مع ألم عميق يدفعنا للمزيد والمزيد من التفكير والمزيد والمزيد من العمل وبذل الجهد لتغيير الواقع الذي نعيش فيه.
ويتطلب الأمر منا أن نتجاوز الجانب الشخصي من مشكلتنا، وذلك لأن نتاج العمل لن يكون سريعا ولا يمكننا أن نتوقع أن نشارك نحن في الغرس ثم نجني الثمار؛ فثمار هذا الغرس سيجنيها من يأتون بعدنا ويكفينا فخرا أننا أشعلنا شمعات مضيئة في ليال حالكة الظلمة، وأننا استمتعنا بلحظات السعادة والرضا عن النفس ونحن نشاهد الأجيال التالية تعيش حياة أفضل من حياتنا.. تعيش حياة بدون قهر أو استبداد أسري.
الأمر يحتاج أن تضافر جهود كل من يهتمون بشأن التربية لبذل كل جهد ممكن لتعليم الوالدين من الشباب أصول الوالدية السليمة، ولتوضع مناهج الإعداد التي تعين على تحقيق هذا الهدف السامي، وأحسب أنه يمكن أن يكون لك ولمن هم مثلك دور رائد في هذا المجال وأحسب أن الانترنت تتيح مجالات للفعل ولتبادل الخبرات، وبدون هذا الجهد فصرخاتنا تذهب أدراج الرياح، فلتكوني أنت استشهادية ولكنها لا ترضى ولا تقبل أن تفجر نفسها في لحظة كمدا وغيظا مما يفعله الوالدين ومن بني جلدتها ولكنها ترضى أن تكون الشمعة المضيئة التي تنبعث من وسط الظلام الدامس، ودمتم جميعا سالمين.
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي: الأخت السائلة أهلا وسهلا بك على صفحتنا استشارات مجانين، ونأسف لتأخرنا في الرد عليك فقد كان لظروف خارجة عن إرادتنا، والحقيقة أن الأخت الزميلة د.سحر طلعت قد أحاطت في تعليقها على مشكلتك بمعظم وأهم جوانب المشكلة، لكنني أود فقط أن أحيل متصفحي استشارات مجانين الجدد إلى عدة ردود سابقة على صفحتنا كأمثلة على الموضوع لعل فيها ما يفيدك ويسليك إن شاء الله:
ابني حائر بين والديه : لكنه رجل قبل الأوان !
الابنةُ المضطهدةُ ودبلوماسية العائلة
الابنةُ المضطهدةُ ودبلوماسية العائلة مشاركة
أمي سبب بلائي وشقائي
أبى خائن..أصبحت أكرهه
السير على حد السيف واستراتيجية ترقيق القلوب
دبلوماسية العائلة والندم حيث لا ينفع الندم
الحضن المفقود : والجماعة الاجتماعية الغائبة
فشي شعرك وتعالي لأخواتك !
لا أب ولا وطن: قلوب تنكر نبضها
وأهلا وسهلا بك دائنا فتابعينا بأخبارك وشاركينا بآرائك.