بلغ مني الوسواس ما بلغ
السلام عليكم؛
أكتب هذه الرسالة وقد بلغ مني الوسواس ما بلغ... أنا أحس نفسي حسودًا، كل ما أحسست في نفسي فرحًا أو شعورًا بالسعادة أو شيئًا من القوة، سرعان ما أقول في نفسي: من أين جاء هذا الشيء؟.... فأنقلب على أعقابي فأشعر بالتعاسة أو أصاب بمرض فأدخل في حالة من الخوف الشديد...
هذا يحدث حتى لأشخاص آخرين أنا حسدتهم، هذه الحالة ليست مني وأبحث لها عن حل، لقد مللت... أفيدوني بارك الله فيكم
أعلمكم أني أعاني من وسواس الموت منذ سنين لكن الحسد لم يكن بهذه الشدة.
27/8/2011
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا tedjani؛
أعتذر بشدة على تأخري عليك في الإجابة، لانشغالي الشديد هذه الأيام، وأسأل الله تعالى أن يفرغ الصبر على من تم إرسال استشاراتهم إليّ.
أنت تعلم تمامًا أن ما تعاني منه مجرد وسواس، وأنت تعلم –كما يعلم الكل- أن الوسواس وَهْمٌ لا وجود له في الحقيقة، فما هو دليلك على أن ما يحصل بسببك فعلًا؟ ألا يوجد احتمال أن يكون ما حصل بسبب آخر غير الحسد الذي تنسبه لنفسك؟
لنفرض أنك أنت السبب، فكل ما عليك أن تفعل ما أمرك الله وتعالى ورسوله -عليه الصلاة والسلام-، قال تعالى: ((وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ)) [الكهف:39]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إذا رأى أحدكم من نفسه وأخيه ما يعجبه فَلْيَدْعُ بالبركة فإن العين حق)).
أُمِرنا جميعًا أن نذكر الله تعالى عند رؤية ما يعجبنا، فنقول: بسم الله، ما شاء الله، تبارك الله...، فإذا قلناها فلن يتضرر منا أحد... فكل ما عليك إذن أن تقولها، مرة واحدة لا أكثر، وتذكر في نفسك أن ما أعجبت به هو من فضله تعالى، وأنه يؤتي فضله من يشاء لحكمة يعلمها، ثم أهمل ما يأتيك من أفكار عن هذا بعد ذلك، ولا تكثر التدقيق والربط غير المنطقي...
قد تقول لي: لا أستطيع طرد الفكرة، وأشعر بقلق بالغ بسببها. وأقول: ليس عليك طردها ولا منع حدوثها، وإنما لا توجه انتباهك إليها، ولا تسترسل فيها ولا في التدليل عليها، اشغل نفسك بأي شيء آخر لأنك وبالتأكيد لن تؤذي نفسك ولا الآخرين إذا عملت بوصية الله ورسوله، ولن تحاسب على مجرد خطور الأفكار في ذهنك لأنها غير إرادية وغير داخلة في الوسع، وكما تعلم فإن الله تعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها.
أخيرًا ذكرت أنك موسوس من سنتين، وأن وسواسك في ازدياد، ولم تذكر أنك قمت باستشارة طبيب، ولا بدَّ لك من هذه الاستشارة، فحالتك تشتد كما ذكرت أنت، وكلما بكّرت في العلاج كان أنجح وأسهل...، أما إذا تأخرت فلن تكون عاقبتك محمودة، فلا تتوانى ولا تتباطأ عن الذهاب، عافاك الله وشفاك.